الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (1) فهذا وجوبٌ للجمعة، فقوله تعالى بعد ذلك {وَذَرُوا الْبَيْعَ} (2) نهي عن البيع؛ لأنه يمنع من فعل الجمعة بالتشاغل بالبيع، فيكون هذا إيماءً؛ لأن العلة في تحريم البيع هي التشاغل عن فعل الجمعة.
المسلك الثالث: المناسب
ص: والثالث (3) : المناسب (4)
ما تضمَّن (5) تحصيلَ مصلحةٍ (6) أو دَرْءَ مفسدةٍ،
فالأول كالغِنَى علة (7) لوجوب الزكاة، والثاني كالإسكار علة لتحريم
الخمر، والمناسب ينقسم (8) إلى [ما هو في محل الضرورات (9) ،
(1) سورة الجمعة، من الآية:9.
(2)
سورة الجمعة، من الآية:9.
(3)
ساقطة من جميع النسخ ما عدا ز، م.
(4)
قال الزركشي: ((وهي من الطرق المعقولة، ويُعبَّر عن المناسة " بالإخالة "، و " بالمصلحة "،
و" بالاستدلال "، و " برعاية المقاصد ". ويسمى استخراجها:" بتخريج المناط "؛ لأنه إبداء مناط الحكم، وهي عمدة كتاب القياس وغمرته ومحل غموضه ووضوحه
…
)) . البحر المحيط 7 / 262. والمناسب لغة: الملائم والمقَارب. انظر: لسان العرب، المعجم الوسيط كلاهما مادة ((نسب)) . واصطلاحاً: هو وصفٌ ظاهرٌ منضبطٌ يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من حصول مصلحة أو دفع مفسدة. انظر: شفاء الغليل للغزالي ص 142، نهاية الوصول للهندي 8 / 3287، شرح مختصر الروضة 3 / 382، كشف الأسرار للبخاري 3 / 623، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 239، التوضيح لحلولو ص 340، نثر الورود 2 / 493.
(5)
في ن: ((يتضمن)) ، وفي س:((ما تقدم وجوبه)) وهي خطأ بلا شك وقع فيها الناسخ بسبب أن آخر كلمتين في المتن السابق هما: ((ما تقدم وجوبه)) فوقع الغلط من هذا.
(6)
في س: ((منفعة)) .
(7)
في س: ((لعلة)) وهو تحريف.
(8)
للمناسب تقسيمات ثلاثة باعتبارات مختلفة. ذكر المصنف هنا نوعاً واحداً من أحد هذه التقسيمات
الثلاثة. انظرها في: شفاء الغليل ص 144 - 177، المحصول للرازي 5 / 159 - 167، الإحكام للآمدي 3 / 271، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 240، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/ 281، التقرير والتحبير 3 / 191، التوضيح لحلولو ص 340، نبراس العقول ص 276.
(9)
الضرورات: هي المصالح التي تتضمن حفظ مقصودٍ من المقاصد الخمسة: الدين، النفس، العقل،
النسب، المال. انظر: المستصفى 1 / 417، المحصول للرازي 5 / 159، الإبهاج 3 / 55.
وعرفها الشاطبي بأنها: ((مالابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فُقِدت لم تَجْرِ مصالح الدنيا على استقامةٍ، بل على فسادٍ وتهارجٍ وفوت حياةٍ، وفي الأخرى: فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين)) . الموافقات 2 / 17. وانظر: رفع النقاب القسم 2 / 815.
وإلى] (1) ما هو في محل الحاجات (2) ، وإلى ما هو في محل التَّتِمَّات (3) ، فيُقدَّم الأول على الثاني، والثاني على الثالث عند التعارض، فالأول: نحو الكليَّات الخمس: وهي حفظ النفوس والأديان والأنساب والعقول والأموال، وقيل: والأعراض، والثاني: مثل تزويج الوليِّ الصغيرةَ، فإن النكاح غير ضروري، لكن الحاجة تدعو إليه* في تحصيل الكفء لئلا يفوت، والثالث: ما كان حَثّاً على مكارم الأخلاق، كتحريم تناول القاذورات وسَلْب أهلية الشهادات عن الأرقاء* (4) ونحو الكتابات (5)(6)
ونفقات القرابات.
وتقع أوصافٌ متردِّدة بين هذه المراتب كقطع الأيدي باليد الواحدة، فإن شرعيته ضرورية صوناً للأطراف (7)(8) وأمكن أن يقال ليس منه؛ لأنه يحتاج
(1) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(2)
الحاجيات: هي ما كان مُفْتَقَراً إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين - في الجملة - الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة. انظر: الموافقات 2 / 21. وقال الشوشاوي: ((الحاجي: هو الذي يُحْتاج إليه في بعض الأحوال)) رفع النقاب القسم 2 / 815.
(3)
التتمات أو التحسينات أو المكمِّلات، قال الغزالي هي:((مالا يرجع إلى ضرورةٍ ولا إلى حاجة، ولكن يقع موقع التحسين والتزيين والتوسعة والتيسير للمزايا والمراتب ورعاية أحسن المناهج في العبادات والمعاملات والحمل على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات)) شفاء الغليل ص 169، وانظر: الموافقات
2 / 22.
(4)
قال الشوشاوي: ((ترتب منع الشهادة على هذا الوصف - الذي هو الخِسة - لمصلحةٍ هي: مكارم الأخلاق، لأن الشهادة منصب فلا يناسبه العبد لخِسته، وليس سلبُ ذلك بضروري ولا حاجي
…
)) رفع النقاب القسم 2 / 827.
(5)
في س: ((الكتاب)) .
(6)
الكتابة لغةً: الضمُّ والجمع؛ لأن فيها ضَمَّ نَجْمٍ إلى نجمٍ، والنَّجْم يطلق على الوقت الذي يحل فيه
مال الكتابة. انظر: المصباح المنير مادة ((كتب)) ، وانظر: مغني المحتاج 6 / 483. واصطلاحاً: قال ابن عرفة: ((هي عِتْقٌ على مالٍ مؤجَّلٍ من العبد موقوفٍ على أدائه)) شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع
2/676.
(7)
في س، متن هـ:((للأعضاء)) .
(8)
إذ لو قلنا بعدم قطع الأيدي باليد الواحدة لأدَّى ذلك إلى عدم صيانة الأعضاء، ولكان كل من أراد قطع عضو إنسان استعان بغيره، فينتفي القِصاص ويختلُّ الضروري.
الجاني فيه إلى الاستعانة بالغير وقد يتعذَّر (1) .
ومثال اجتماعها كلها في وصف واحد: أن نفقة النفس ضرورية، والزوجات حاجية، والأقارب* تتمة، واشتراط العدالة في الشهادة (2) ضروري [صوناً
للنفوس] (3) والأموالِ، وفي الإمامة - على الخلاف (4) - حاجية؛ لأنها شفاعة، والحاجة (5) داعية لإصلاح حال الشفيع (6) ، وفي النكاح تتمة لأن الولي قريب يزعه (7) طَبْعه عن الوقوع في العار والسعي في الإضرار، وقيل: حاجية (8) على الخلاف، ولا تشترط (9) في الإقرار (10) ؛ لقوة الوازع الطبعي ودفع المشقة عن النفوس مصلحة ولو أفضتْ إلى مخالفة (11) القواعد. وهي ضرورية مؤثرة في الترخيص (12) كالبلد الذي
(1) انظر: البرهان 2 / 604 - 605، الإبهاج 3 / 59.
(2)
هذا مثال آخر على اجتماع المراتب الثلاثة، وهو العدالة، فهي ضرورية في الشهادة، وحاجية في الإمامة، وتحسينية في ولي النكاح.
(3)
في ن: ((في النفوس)) وهو مستقيم أيضاً.
(4)
المراد بالإمامة هنا: الإمامة الصغرى، إمامة الصلاة. واشتراط العدالة فيها هو مذهب مالك، وأصح الروايتين عن أحمد، خلافاً للشافعية والحنفية. انظر: الذخيرة 2 / 238، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23 / 353، 358، معونة أولي النُهى 2 / 150، بدائع الصنائع 1 / 666، المجموع شرح المهذب 4 / 150.
(5)
في ق: ((والشفاعة)) وهي لا تفي بالمطلوب.
(6)
انظر: الفروق 4 / 35، ترتيب الفروق للبقوري 2 / 309.
(7)
يَزَعُه: يمنعه ويكفُّه. والوَزْع: كف النفس عن هواها. انظر: مادة " وزع " في: لسان العرب.
(8)
في س، متن هـ:((حاجة)) .
(9)
في ن، متن هـ:((يشترط)) وهو خطأ؛ لأن الفاعل ضمير عائد إلى " العدالة " راجع هامش (6)
ص (109) .
(10)
الإقرار لغة: الاعتراف والإذعان للحق. انظر: مادة ((قرر)) في القاموس المحيط، مختار الصحاح. واصطلاحاً: عرَّفه ابن عرفة بأنه: خبرٌ يوجب حُكْمَ صِدْقِه على قائله فقط بلفظه أو لفظ نائبه. شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2 / 443.
(11)
في ق: ((خلاف)) .
(12)
هكذا بينما في س: ((الرخص)) ، وفي ق:((الترخُّص)) وهما صالحتان.
يتعذَّر فيه العدول (1) ،
قال ابن أبي زيد (2) في " النوادر "(3) :
تقبل شهادة أمْثَلِهم* حالاً؛ لأنها ضرورة، وكذلك يلزم في القضاة وولاة الأمور (4) ، وحاجية (5) على الخلاف في الأوصياء في عدم اشتراط العدالة، وتماميَّة في السَّلَم (6) والمُسَاقاة (7) وبيع الغائب، فإن في مَنْعِها مشقةً على الناس وهي من تتمات معايشهم.
(1) عقد ابن فرحون باباً واسعاً: في القضاء بشهادة غير العدول للضرورة، فانظره في كتابه: تبصرة الحكام
2 / 21.
(2)
هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن القيرواني، عالم أهل المغرب، وإمام المالكية في وقته. لُقِّب بمالكٍ الصغير. توفي عام 386 هـ من تآليفه: الرسالة (ط) وقد كُتبت بأسلوب سهل واضح وذاعت وشاعت وتكاثر عليها الشُّراح. وله كتاب: الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ (ط) . انظر: ترتيب المدارك 2 / 492، الديباج المذهب ص 222، سير أعلام النبلاء 17 / 10.
(3)
في س: ((النادر)) وهو تحريف.
واسم كتاب النوادر هو: " النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات " ويقع في أزيد
من مائة جزء، ويعتبر بمثابة تلخيصٍ للكتب الفقهية المهمة للمذهب المالكي حتى ذلك الوقت.
والكتاب موسوعة يفوق المدونة حجماً ومسائل، وفيه مقارنة فقهية داخل المذهب، وفيه أقوال مالك في العقيدة وفيه أخبارٌ وسِيَرٌ. وله مخطوطات ذكر مواطنها صاحب كتاب: دراسات في مصادر الفقه المالكي ص 72 - 99. وانظر: اصطلاح المذهب عند المالكية (دور التطور) د. محمد إبراهيم أحمد علي. مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد (22) عام 1415 هـ.
(4)
لم أقف على كتاب النوادر لابن أبي زيد - لكن هذا النقل موجود في: الذخيرة 5 / 244، رفع النقاب للشوشاوي القسم 2 / 835. وجاء في كتاب " نهاية المحتاج " للرملي (7 / 409) :((إذا تعذر العدل واضطرت الأمة إلى ولاية الفاسق، قُدِّم أقلُّهم فسقاً إذ لا سبيل إلى جعل الناس فوضى)) . وانظر: الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 20، الغياثي للجويني ص 88، 98، 327، إكليل الكرامة في بيان مقاصد الإمامة لصديق حسن خان ص 115.
(5)
في ق، متن هـ:((حاجة)) .
(6)
السَّلم لغة: هو السَّلَف وزناً ومعنىً، تقول: أسْلمتُ إليه، بمعنى أسلفْتُ إليه. انظر: المصباح المنير مادة ((سلم)) . واصطلاحاً: عرفه ابن عرفة بقوله: ((عَقْد معاوضةٍ يوجب عِمارة ذمّةٍ بغير عين ولا منفعة غيرَ متماثل العِوَضين)) شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2 / 395. وعُرِّف أيضاً بأنه: عقْدٌ على موصوفٍ في الذِّمة مؤجلٍ بثمنٍ مقبوضٍ في مجلس العقد. الدر النقي لابن المبرد الحنبلي ص 480.
(7)
المساقاة لغة: مفاعلة من السقي يقال: ساقى فلان فلاناً نخله إذا دفعه إليه ليسقيه. انظر: لسان العرب مادة ((سقى)) . واصطلاحاً: قال ابن عرفة: ((عقدٌ على عمل مُؤْنةِ النبات بقَدْرٍ - لا من غَلَّته - لا بلفظ بيعٍ أو إجارةٍ أو جُعْلٍ)) شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2 / 508. وعُرِّف أيضاً بأنه: دَفْع الرجلِ شَجَرَه لمن يقوم بسقيه بجزءٍ معلوم من ثمره. انظر: الدر النقي لابن المبرد ص 531.