الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في الدالِّ على كذب الخبر
(1)
وهو خمسة: منافاته لما علم بالضرورة، أو النظر، أو الدليل القاطع، أو فيما (2) شأنه أن يكون متواتراً [ولم يتواتر] (3) : كسقوط المؤذن (4) يوم الجمعة ولم يخبر به إلا واحد، وكقواعد (5) الشرع (6) ، أو لهما (7) جميعاً كالمعجزات، أو طُلِب في (8) صدور الرواة أو كتبهم بعد استقراء (9) الأحاديث فلم يوجد.
الشرح
قول القائل: "الواحد ليس نصف الاثنين" مخالف لما علم بالضرورة (10)(11)
(1) المسألة في: المستصفى 1/ 267، المحصول للرازي 4/291، البحر المحيط للزركشي 6/123، شرح الكوكب المنير 2/318.
(2)
ساقطة من ن.
(3)
ساقطة من س.
(4)
لو قال المصنف ((الخطيب)) لكان أوجه، إذ المؤذن قد يسقط دون أن يعلم به أحدٌ خلافاً للخطيب. ولعله سَبْقُ قَلمِ المصنفِ أو الناسخِ بقرينة قوله بعد ذلك: يوم الجمعة.
(5)
في ن: ((وقواعد)) ، وفي متن هـ:((أو لقواعد)) .
(6)
ساقطة من ن، وفي ق:((الشرائع)) .
(7)
في س: ((هما)) . وضمير التثنية المذكور هنا يعود على: الغرابة كسقوط المؤذن، والشرف كقواعد الشرع، ويدل على ذلك سياق الكلام، وإن لم يتقدم لهما ذكر، نظير هذا في قوله تعالى:{كل من عليها فان} [الرحمن: 26] أي الأرض. وتقدير كلام المصنف: أو فيما شأنه أن يتواتر لغرابته كسقوط المؤذن، أو لشرفه كقواعد الشرع، أولهما جميعاً كالمعجزات، يعضد هذا التقدير ذكر المصنف لهما في الشرح. وانظر: رفع النقاب القسم 2/609.
(8)
في ن: ((من الفرع)) وهي لا معنى لها هنا ألبتة.
(9)
هكذا في أغلب نسخ الشرح والمتن حاشا ن، ق، ومتن د، ومتن الأزهرية أ، فإن فيها "استقرار" وهي تعطي معنىً مُتَّجِهًا بضميمة الاستقراء، فإن الأخبار النبوية استقرَّت في الدواوين فإذا فُتِّش فيها ولم يوجد، ولا في صدور الرواة دل على كذبه. وشرح المصنف قابلٌ لكلا اللفظين.
(10)
ساقطة من ن.
(11)
هذا الدال الأول.
ومثال الثاني (1) : الواحد ليس سُدُسَ عُشْرِ (2) الستين، ومثال الدليل القاطع (3) : أن (4) الشمس ليست طالعة ونحن نشاهدها طالعة (5) . وقواعد الشرائع (6) نحو: وجوب الصلاة والزكاة أو تحريم الخمر ونحو ذلك مما هو من قواعد الدين، فإن شأن هذا أن يتواتر لتوفر الدواعي على نقله، فسقوط المؤذن شأنه أن يتواتر لغرابته، وقواعد الدين شأنها أن تتواتر (7)
لشرفها، والمعجزات جمعت بين: الغرابةِ لكونها من خوارق العادات والشرفِ لأنها أصل النبوات، فإذا لم يتواتر شيء من ذلك ولم ينقله إلا واحد دل على كذب الخبر (8) إن كان قد حضره جمع عظيم (9) ولم يَقُمْ غيرُه مقامه في حصول المقصود منه (10) ،
فالقيد الأول احتراز (11) من انشقاق (12) القمر، فإنه كان ليلاً ولم يحضره عدد
(1) هذا الدال الثاني.
(2)
في ن: ((عُشْر سدس)) وهو قَلْبٌ حَميْد، لأنه غير مُخِلٍّ بالمعنى.
(3)
هذا الدال الثالث.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
فهذا الخبر كذب لمنافاته الدليل القاطع وهو الحس والمشاهدة. انظر: رفع النقاب القسم (2/606) . لكن الذي عناه الغزالي في المستصفى (1/267) وقريب منه الرازي في المحصول (4/291) بمنافاة الدليل القاطع أي: النص القاطع من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع. وهو الأَسَدُّ، فتمثيل المصنف بطلوع الشمس يندرج تحت ما علم منافاته بالضرورة ولو حساً وهو الدال الأول، يعضد هذا أن ابن الحاجب في منتهى السول والأمل ص (67) اختصر ما يدل على كذب الخبر بقوله "وأما ما يعلم كذبه فما كان مخالفاً لما عُلم صدقه" وقد عَلِمْتَ أن مما يُعلم صدقُه خبرَ الله تعالى وخبرَ رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، فأين ضدّه عند المصنف؟! والله أعلم.
(6)
هذا الدال الرابع، وهو ما شأنه أن يتواتر ولم يتواتر، وهو على ثلاثة أقسام؛ الأول: أن يكون الخبر فيه غرابة كسقوط الخطيب من المنبر يوم جمعة. الثاني: أن يكون شريفاً يتعلق بقواعد الشرائع والدين كوجوب الصلاة أو النص على إمامة علي رضي الله عنه. الثالث: أن يجمع الخبر بين الغرابة والشرف كالمعجزات.
(7)
في ن: ((يتواتر)) وهو تصحيف..
(8)
في ن: ((المُخبِر)) وهو جائز، لأن علاقة المُخْبِر بالخبر كعلاقة اللازم بالملزوم، والدال بالمدلول.
(9)
في ن: ((كثير)) .
(10)
معنى ما سبق: أن الدال على المخبر يكون كاذباً إذا لم يتواتر الخبر وهو مما تتوفر الدواعي على نقله لغرابته أو لشرفه أو لهما معاً بعيدين: القيد الأول: أن يحضره جمع عظيم، القيد الثاني: ألا يقوم غير هذا الخبر مقامه في حصول المقصود منه. وسيأتي تمثيل المصنف له.
(11)
في ن: ((احترازاً)) وقد سبق الكلام عنه.
(12)
في ق: ((اشتقاق)) وهو تحريف.
التواتر (1)، والقيد الثاني احتراز (2) عن بقية معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام: كنبع الماء من بين أصابعه (3) ، وإشباع العدد العظيم من الطعام القليل (4) ،
فإنه حضره الجمع العظيم، غير أن الأمة اكتفت بنقل القرآن وإعجازه عن غيره من المعجزات، فنُقلتْ آحاداً (5) مع أن شأنها أن تكون متواترة.
وأما الأحاديث (6) فلها حالتان: أول الإسلام قبل أن تُدوَّن وتُضْبط، فهذه الحالة إذا طُلب حديث ولم يوجد ثُمَّ وجد لا يدل على كذبه، فإن (7) السنة كانت متفرِّقة في الأرض في صدور الحفظة.
(1) انشقاق القمر معجزة حسية من معجزاته صلى الله عليه وسلم، جاء في ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى:{اقتربت الساعة وانشقّ القمر} [القمر:1] ، كما جاء خبرها في كتب الصحاح والسنن ودلائل النبوة، انظر مثلاً: البخاري (3636) وصحيح مسلم (2800) ودلائل النبوة لأبي نعيم الأصفهاني ص 1 / 279، ودلائل النبوة للبيهقي 2/262. قال القاضي عياض:"أجمع المفسرون وأهل السنة على وقوعه" الشفا لتعريف حقوق المصطفى (1/543) . والحديث جاء في نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني ص (222) . وبهذا يعلم أن التمثيل بانشقاق القمر في هذا الموضع محل نظر. ولهذا قال ابن حجر "أما انشقاق القمر فنُوزِع في التمثيل به" موافقة الخُبر الخَبر (1/201) . وأشار ابن السبكي (2 / 322) بأن الانشقاق متواتر منصوص عليه في القرآن، ومروي في الصحيحين وغيرهما من طرق، وقال:((وله طرق أُخَر شتى بحيث لا يمتري في تواتره محدِّث)) .
(2)
في ن: ((احترازاً)) قد سبق الكلام عنه.
(3)
نبع الماء من بين أصابعه الشريفة جاء في أحاديث كثيرة منها: البخاري (3571) ، مسلم (2279) ، دلائل النبوة لأبي نعيم 2 / 405، دلائل النبوة للبيهقي 4 / 115، نظم المتناثر ص224.
(4)
تكثير الطعام القليل ببركته صلى الله عليه وسلم وإشباع العدد العظيم أيضاً جاء فيه أحاديث كثيرة منها: البخاري (3578، 4101) ، مسلم (2039، 2280) ، دلائل النبوة لأبي نعيم 2 / 415، دلائل النبوة للبيهقي 3 / 422، نظم المتناثر ص224.
تنبيه: هذان المثالان أيضاً مما نوزع فيه المصنف، لأنهما متواتران. قال النووي في شرح صحيح مسلم (15/31)"هذه الأحاديث في نبع الماء من بين أصابعه، وتكثيره وتكثير الطعام، هذه كلها معجزات ظاهرات وجدت من رسول الله في مواطن مختلفة وعلى أحوال متغايرة، وبلغ مجموعها التواتر". وقال القاضي عياض في الشِّفا (1/496) "وكذلك قصة نبع الماء وتكثير الطعام رواها الثقات والعدد الكثير عن الجمَّاء الغفير عن العدد الكثير من الصحابة
…
" وقال أيضاً في (1/498) ((وما عندي أوجبَ قولَ القائل: إن هذه القصص المشهورة من باب خبر الواحد، إلا قلةُ مطالعته للأخبار وروايتها، وشغلُه بغير ذلك من المعارف، وإلا من اعتنى بطرق النقل، وطالع الأحاديث والسير، لم يَرْتَبْ في صحة هذه القصص المشهورة على الوجه الذي ذكرناه
…
".
(5)
في ن، س:((آحاد)) وهو خطأ نحوي، لأنها حالٌ.
(6)
هذا الدال الخامس على كذب الخبر.
(7)
في ن: ((لأن)) .
والحالة الثانية: بعد الضبط التام وتحصيلها، إذا طُلب حديثٌ فلم يوجد في شيء من دواوين الحديث ولا عند رواته (1) دل ذلك على عدم صحته، غير أنه يشترط استيعاب الاستقراء (2) بحيث لا يبقى ديوان ولا راوٍ إلا (3) كُشِف (4) أمره في جميع [أقطار الأرض](5) ، وهو عَسِرٌ أو متعذِّر (6) . وأما الكشف في البعض فلا يحصل القطع بكذبه لاحتمال أن يكون في البعض الآخر. وقد ذكر أبو حازم (7) في مجلس هارون الرشيد حديثاً وحضره ابن شهاب الزهري (8)
فقال ابن شهاب: لا أعرف هذا الحديث [فقال له (9) أبو حازم](10) أكلّ سنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَرَفْتَه (11) ؟ فقال: لا، فقال
(1) في س: ((رواية)) وهو تحريف.
(2)
في س: ((الإقراء)) وهو تحريف.
(3)
في س: ((وإلا)) وهو تحريف.
(4)
في ق: ((وكشف)) بزيادة واو الحال، وفي ن:((وقد كشف)) بزيادة الواو وقد، وكلُّه له وجه في اللغة، بيد أن المثبت أقعد إذ قاعدة الجملة الفعلية الحالية إذا سُبق فعلها الماضي بـ "إلا" وقد تضمنت الجملة ضميراً يرجع إلى صاحب الحال فالأرجح حذف الواو و"قد" معاً انظر: شرح كافية ابن الحاجب للرضي 2 / 83 حاشية الصبان على شرح الأشموني 2/285.
(5)
في ق: ((الأقطار)) .
(6)
هذا توهين من المصنف للدال الخامس لتعذر الإحاطة، وهو حق. والله أعلم.
(7)
في س "أبوحاتم" وهو تحريف. وأبوحازم هو سلمة بن دينار المدني الشهير بأبي حازم الأعرج، الإمام الزاهد الواعظ، وحديثه في الكتب الستة، وهو ثقة، روى عن الصحابي سَهْل بن سعد الساعدي وعن كبار التابعين، وأخذ عنه خلق كثير. له موقف مهيب مع الخليفة سليمان بن عبد الملك. ت 135 هـ وقيل: 140 هـ. انظر: حلية الأولياء 3 / 229، سير أعلام النبلاء 6/96، تهذيب التهذيب 2/373.
(8)
هو أبوبكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، نسبةً إلى قبيلة زهرة بن كلاب. من مشاهير التابعين، أخذ عن عدد من الصحابة وعن فقهاء المدينة السبعة. وعنه أخذ مالك بن أنس وعمرو بن دينار وعطاء وخلق كثير. كان آية في الحفظ والضبط. ت125هـ..انظر: سير أعلام النبلاء 5/326 تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 108، تهذيب التهذيب 5/284.
(9)
ساقطة من ن.
(10)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
(11)
في س، ن:((عرفتها)) وهو جائر؛ لأن مرجع الضمير هو ((كلّ)) ، وقد اكتسب التأنيث بسبب إضافتها إلى المؤنث. وأما المثبت ((عرفته)) فالضمير فيه مراعاةً للفظ ((كل)) المذكَّر. قال ابن مالك:
ورُبَّما اكْسَبْ ثانٍ أوَّلا تأنيثاً إنْ كان لحذفٍ مُوْهِلا
انظر: شرح ابن عقيل 1 / 343.
له (1) : أثُلُثَيْها؟ فقال: لا، فقال له (2) : أنصفها؟ فسكت، فقال له (3) : اجعل هذا من (4) النصف الذي لم (5) تعرفه (6) ، [وهذا هو](7) ابن شهاب الزهري [شيخ مالك](8) ، فما ظنك بغيره؟!
(1) ساقطة من ن، س.
(2)
ساقطة من ن، س
(3)
ساقطة من ن
(4)
في س: ((في)) .
(5)
في س: ((لا)) .
(6)
نقل حلولو في التوضيح شرح التنقيح ص (305) عن العراقي اعتراضه على القرافي في إيراد هذه القصة، قال: إنهما ماتا قبل مجيء الدولة العباسية، وإنما كان اجتماعهما في مجلس سليمان بن عبد الملك". وهو حقٌّ لما علم من تاريخ وفياتهم.
(7)
في ق: ((هذا وهو)) وهو مما انفردت به دون سائر النسخ.
(8)
ساقطة من ن.