الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في الدال على العلة
(1)
ص: وهو ثمانية (2) :
النص، والإيماء، والمناسبة، والشَّبَه، والدوران، والسَّبْر، والطَّرْد، وتنقيح المناط (3) .
المسلك الأول: النص
فالأول (4) : النص على العلة، وهو ظاهر.
المسلك الثاني: الإيماء
والثاني (5) : الإيماء (6)، وهو خمسة: الفاء (7) نحو قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
(1) العلة لغةً: المرض، واعتلَّ إذا تمسك بحجةٍ، وتُطلق على سبب الشيء والداعي إليه. والعَلَل: تكرار
الشرب. انظر: مادة ((علل)) في لسان العرب، القاموس المحيط، المصباح المنير.
وأما اصطلاحاً: فاختلفت عبارات الأصوليين تبعاً لمواقفهم من تعليل أفعال الله تعالى. فمنهم من عرَّفها بقوله: هي الوصف المُعرِّف للحكم، ومنهم من قال: هي الباعث على شرع الحكم، وقيل: هي الوصف المؤثر في الحكم بجعل الشارع لا بذاته. وعرفها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بأنها: ((الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم)) مذكرة أصول الفقه ص 474، وانظر: المغني لعبد الجبار 17 / 285 - 330، ميزان الأصول للسمرقندي 2 / 827، المحصول للرازي 5 / 127، الكاشف عن المحصول للأصفهاني 6 / 289، البحر المحيط للزركشي 7 / 143، الضياء اللامع لحلولو 2 / 308، شرح الكوكب المنير 4 / 39، الحدود للباجي ص 72.
(2)
أوصلها الإمام الرازي إلى عشرة مسالك، ونبه أخيراً على طرقٍ أخرى لكنها فاسدة. انظر المحصول 5 / 137 - 234.
(3)
أغفل المصنف مسلكاً مهماً وهو: الإجماع، مع أن الرازي ذكره في المحصول (5 / 137) ولم يشرحه. انظر: الإحكام للآمدي 3 / 251، البحر المحيط للزركشي 7 / 234، تشنيف المسامع 3 / 257، التوضيح لحلولو ص 338، شرح الكوكب المنير 4 / 114، فواتح الرحموت 2 / 356، دراسات حول الإجماع والقياس لشيخنا د. شعبان محمد إسماعيل ص 285.
(4)
مثبتة من نسخة ز، وقد خلتْ جميع النسخ منها.
(5)
مثبتة من ز، م، وعَرَتْ عنها جميع النسخ.
(6)
الإيماء لغة: الإشارة، مصدر أومأ. انظر: لسان العرب مادة ((ومأ)) واصطلاحاً: هو اقتران الحكم بوصفٍ على وجهٍ لو لم يكن هو أو نظيره صالحاً للعلية لكان الكلام معيباً عند العقلاء. من العلماء من جعله قسماً من النص، ومنهم من جعله قسيماً له. انظر: نهاية السول 4 / 64، بيان المختصر للأصفهاني 3 /92، التوضيح لحلولو 338، شرح الكوكب المنير 4 / 125، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي 443.
(7)
هذا الأول من أنواع الإيماء، ومراده: ترتيب الحكم على الوصف بالفاء في أحدهما. انظر: التمهيد لأبي الخطاب 4 / 11، المحصول للرازي 5 / 143، التلويح للتفتازاني 2 / 157، نشر البنود 2 / 150.
فَاجْلِدُوا} (1) . وترتيب (2) الحكم على الوصف (3)، نحو: ترتيب الكفارة
على قوله: ((واقعتُ أهلي في شهر (4) رمضان)) (5) . قال الإمام: سواء كان مناسباً أو لا (6) . وسؤاله عليه الصلاة والسلام عن وصف المحكوم عليه (7)
نحو قوله صلى الله عليه وسلم ((أينْقُصُ الرُّطَبُ إذا جَفَّ)) (8) . أو تفريق الشارع بين شيئين في الحكم (9) ، نحو قوله صلى الله عليه وسلم ((القاتل لا يرث)) (10) . أو ورود (11) النهي عن فعلٍ
(1) سورة النور، من الآية:2.
(2)
في س: ((ترتب)) . وهذا هو النوع الثاني من أنواع الإيماء.
(3)
أي: أن يُثْبِتَ الشارع حُكْماً عقيب علمه بصفة المحكوم عليه. انظر: بذل النظر ص 618، نهاية الوصول للهندي 8 / 3271، شرح مختصر الروضة للطوفي 3 / 368، مفتاح الوصول ص 695.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
انظر: المحصول 5 / 145.
(7)
هذا النوع الثالث عند المصنف من الأنواع الخمسة للإيماء. أما في المحصول (5 / 149) فالنوع الثالث هو: ((أن يذكر الشارع في الحكم وَصْفاً لو لم يكن مُوجِباً لذلك الحكم لم يكن لذكره فائدة)) ، وجعل تحته أربعة أقسام. القسم الثالث منها هو ما ذكره المصنف هنا على أنه نوع ثالث. انظر: منهج التحقيق والتوضيح لمحمد جعيط 2 / 156، وانظر: المستصفى 2 / 300، التمهيد لأبي الخطاب
4 / 13، المحصول لابن العربي ص 537، الإبهاج 3 / 50.
(8)
رواه الأربعة، أبو داود (3359) ، النسائي (4559) ، الترمذي (1225) ، ابن ماجه (2264) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بلفظ ((أينقص الرطب إذا يبس؟)) . ولفظ المصنف عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 4 / 6، والحديث صحيح. انظر: إرواء الغليل للألباني 5 / 199.
(9)
هذا النوع الرابع من أنواع الإيماء. وقد ذكر المحصول (5 / 152) له ضَرْبين، الأول: أن لا يكون حكم أحدهما (أي أحد الشيئين) مذكوراً في الخطاب، ومثَّل له بحديث ((القاتل لا يرث)) وهذا ذكره المصنف. والثاني: أن يكون حكمهما مذكوراً في الخطاب، وهو على خمسة أوجهٍ، وعدَّها. وانظر: المعتمد 2 / 253، الإحكام للآمدي 3 / 259، التوضيح لحلولو 339، شرح الكوكب المنير 4 / 135، فواتح الرحموت 2 / 358.
(10)
رواه الترمذي (2109) ، وابن ماجه (2645، 2735) عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه البيهقي في سننه الكبرى (6 / 220) وقال: ((فيه إسحاق، وله شواهد تقويه)) . وأخرجه مالك في الموطأ
(2 / 867) بلفظ ((ليس لقاتلٍ شيء)) . وصححه الألباني لطرقه، انظر: إرواء الغليل 6 / 117.
(11)
في ق، ن:((ورد)) .
يَمْنَع ما تقدَّم وجوبُه (1) .
الشرح
النص على العلة: نحو قوله (2) : العلة كذا (3) أو فعلْتُه (4) لأجل كذا، فهذا نصٌّ في التعليل.
والفاء تدخل على المعلول (5) نحو ما تقدَّم (6) ، فإن الجَلْد معلول الزنا، وتدخل (7) على العلة نحو قوله عليه الصلاة والسلام ((لا تمِسُّوه بطيبٍ فإنه يُبعث يوم القيامة مُحْرِماً)) (8) فالإحرام هو (9) علة المنع من الطيب. ومعنى قول الإمام فخر الدين:
((سواء كان مناسباً أو لا)) : يشير إلى أن المناسبة مستقِلَّة بالدلالة على العليَّة (10) ، وكذلك الترتيب (11)، فإن القائل لو قال: أكْرِمِ الجُهَّال وأهِنِ العلماء، أنكر السامعون هذا القول وعابوه، ومدرك الاستقباح أنهم فهموا أنه جعل الجهل علة الإكرام والعلم علة الإهانة، وليس لهم مستند في اعتقاد التعليل إلا ترتيب الحكم على الوصف لا
(1) عبر ابن قدامة عن هذا النوع الخامس من أنواع الإيماء بقوله: ((أن يذكر في سياق الكلام شيئاً لو لم يُعلل به صار الكلام غير منتظم)) روضة الناظر 3 / 845، وانظر: المعتمد 2 / 254، بذل النظر ص 619، المحصول للرازي 5 / 154، الإحكام للآمدي 3 / 260، التوضيح لحلولو ص 339.
(2)
ساقطة من ق.
(3)
هذا على سبيل التقدير والفَرْض، ومثله أيضاً: الموجب كذا، والسبب كذا، والأصوليون لم يجدوا لها أمثلة في الكتاب والسنة. والله أعلم. انظر: نشر البنود 2 / 194.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
في س: ((المعلق)) وهو تحريف.
(6)
كما في المتن في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] .
(7)
ساقطة من ق وفي س: ((ويدخل)) وهي صحيحة، لأن التذكير على معنى الحرف، والتأنيث على معنى الكلمة، والتأنيث أرجح. انظر: المذكر والمؤنث للأنباري ص 449.
(8)
قطعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرجل المحرم الذي وقصته دابته، أخرجه البخاري
(1267)
، ومسلم (1206) ، وسياق المصنف هنا هو لفظ النسائي في سننه الصغرى (1903) .
(9)
ساقطة من ق.
(10)
في س: ((العلة)) .
(11)
في ن: ((الرتيب)) وهو تحريف.
المناسبة، فإن المناسبة مفقودة ها هنا، فدل ذلك على أن الترتيب (1) يدل على العلية (2) وإن فُقِدتْ المناسبة (3) .
وما سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن (4) نقصان الرُّطَب إذا جَفَّ لأنه لا يعلم ذلك بل ليعرف (5) به (6) السامعون، فيكون ذلك (7) تنبيهاً على علة المنع، فيكون السامع مستحضراً لعلة الحكم حالة وروده عليه، فيكون ذلك أقرب لقبوله الحكم، بخلاف إذا غابت العلة عن السامع ربما (8) صَعُب عليه تَلقِّي الحكم واحتاج لنفسه من المجاهدة ما لا يحتاجها إذا علم العلة وحضرتْ له.
ومعنى التفريق بين الشيئين: أن الآية وردت [بتوريث الأبناء](9) مطلقاً بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (10) فلما قال عليه السلام ((القاتل لا يرث)) (11) علم أن ذلك [لأجل علة](12) القتل، مع أن هذا أيضاً فيه (13) ترتيب الحكم على الوصف.
ومثال النهي عن الفعل الذي يمنع ما تقدَّم وجوبُه: قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(1) هنا زيادة ((حكم)) في ن، ولا حاجة لها.
(2)
في س: ((العلة)) .
(3)
اختلف في اشتراط المناسبة في الوصف المومأ إليه على مذاهب. انظرها في: شفاء الغليل للغزالي ص 47، منتهى السول والأمل ص 180، شرح مختصر الروضة للطوفي 3 / 364، جمع الجوامع بحاشية البناني 2 / 271، البحر المحيط للزركشي 7 / 258، التوضيح لحلولو ص 339، فواتح الرحموت 2 / 359.
(4)
في ق: ((على)) .
(5)
في ق: ((ليعترف)) وهي غير مناسبة.
(6)
ساقطة من س.
(7)
ساقطة من س.
(8)
في س، ن:((وربما)) بزيادة الواو، ولا داعي لها.
(9)
في س: ((بثبوت الأولاد)) أي في الإرث.
(10)
سورة النساء، من الآية:11.
(11)
سبق تخريجه.
(12)
في ق: ((لعلة)) .
(13)
ساقطة من س.