الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشترط في الخبر إرادة الإخبار
؟
واختلفوا في اشتراط الإرادة في حقيقة كونه خبراً (1) ، فعند (2) أبي علي وأبي هاشم الخبريةُ معلَّلةٌ بتلك الإرادة (3) ، وأنكره الإمام (4) لخفائها، فكان (5) يلزم أن لا يُعْلم خبرٌ (6) ألبتَّة، ولاستحالة (7) قيام الخبرية بمجموع (8) الحروف لعدمه، ولا ببعضه وإلا لكان خبراً (9) ،
وليس فليس (10) .
الشرح
الخلاف في هذه المسألة مثلُ مسألة الأمر (11) .
قالوا (12) : الخبر قد يكون دعاءً نحو (13) : غفر الله لنا، وتهديداً (14) نحو قوله تعالى:{سَنَفْرُغُ لكم أيُّها الثَّقَلان} (15) وأمراً (16) نحو قوله تعالى: {والوالداتُ
(1) في س ((كذباً)) وهو شذوذ لا توافقها عليه سائر النسخ.
(2)
أطبقت نسخ المتن والشرح على إثبات كلمة ((وعند)) ما خلا نسختي ص، م ففيهما ((فعند)) وهو الأليق لكون الفاء فصيحةً، أفصحت عن جواب شرطٍ مقدّر تقديره: إذا أردت معرفة من اشترط الإرادة في الخبرية فأقول لك: عند أبي علي.. الخ
(3)
معناه: أن الإرادة هي التي أوجبت كون اللفظ خبراً. انظر المسألة هذه في: المعتمد 2/73، شرح اللمع للشيرازي 2/567، المسودة ص232، شرح الكوكب المنير 2/298.
(4)
أي: أنكر الإمام الرازي اشتراط الإرادة في الصيغة الخبرية لخفاء الإرادة، لأنها أمر باطني لا يُطَّلع عليه. انظر: المحصول 2/29، 4/223.
(5)
في ق: ((وقال)) .
(6)
في ن: ((الخبر)) .
(7)
في ن متن هـ: ((والاستحالة)) وهو تحريف.
(8)
في ن ((لمجموع)) .
(9)
هذا جواب عن قول الجُبَّائيَيْن بأن الخبرية معللة بالإرادة، وسيشرحه المصنف.
(10)
أي: وليس بعض الحروف خبراً، فليس الخبر معللاً بالإرادة. والله أعلم.
(11)
انظرها في: مبحث الأمر من هذا الكتاب (المطبوع) ص138.
(12)
هذه حجة المعتزلة على اشتراط الإرادة. انظر: المعتمد 2/73، المحصول للرازي 4/223، شرح الكوكب المنير 2/298.
(13)
في ن: ((مثل قَدْ)) .
(14)
في ن، س ((تهديد)) وهو خطأ نحوي؛ لأنه معطوف على خبر كان، فوجب فيه النصب.
(15)
الرحمن، من الآية:31.
(16)
في ن، س:((أمر)) وهو خطأ نحوي، لأن المعطوف على خبر كان منصوب.
يُرْضِعْنَ أولادَهُنَّ حَوْلَين} (1) وإذا [اختلفت موارد](2) استعماله لا يتعيَّن للخبر إلا بالإرادة، كما قالوا لا تتعين صيغة الأمر للطلب إلا بالإرادة.
والجواب واحد: وهو أن الصيغة حقيقة في الخبر، فتنصرف لمدلولها بالوضع لا بالإرادة، وإذا فرَّعنا على هذه الإرادة (3) فهي علة عند أبي هاشمٍ للخبرية وهي كون اللفظ خبراً، وفَهِم عنهم الإمامُ (4) أن الخبرية أمر وجودي، فقال تلك الخبرية الموجودة لا يمكن أن يكون محلُّها مجموعَ الحروف؛ [لأن مجموع الحروف](5) لا يوجد (6) ، بل يستحيل أن يوجد من الحروف دائماً إلا حرفٌ واحدٌ، لأن الكلام من المصادر السيَّالة، والمعدوم لا يكون محلاً للموجود (7) ، ولا يمكن أن يكون محلها بعض الحروف، لأن المحل يجب اتصافه بما قام به (8) فإذا (9) قام السَّوَاد بمحلٍّ يجب أن يكون [أسود، أو العلمُ (يجب أن) (10) يكون](11) عالماً، كذلك إذا قامت الخبرية ببعض الحروف يجب أن يكون خبراً، ولكن بعض الحروف لا يكون خبراً إجماعاً (12)
(1) البقرة، من الآية:233.
(2)
في س ((اختلف مراد)) .
(3)
أي: إذا سلمنا اشتراط الإرادة، فهل هي علة الخبرية؟
(4)
انظر: المحصول 2 / 29، وانظر نهاية الوصول للهندي 3 / 840.
(5)
في ق: ((لأنه)) .
(6)
أي: لا يوجد هذا المجموع دفْعةً واحدةً في آنٍ واحد.
(7)
في ق، ن:((للوجود)) ، والمراد من العبارة: أن المعدوم - وهو اجتماع الحروف دفعة واحدة لتكوين الخبرية - لا يكون محلاً للموجود الذي هو الخبرية.
(8)
ساقطة من س.
(9)
في س: ((فإن)) وهو سائغ.
(10)
ما بين القوسين ساقط من ق.
(11)
ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(12)
أوضح الشوشاوي الكلام السالف الذكر بعبارةٍ أسلس فقال: "إنّ ما قالته المعتزلة من كون الإرادة علةً للخبرية محال. وبيان استحالته: أن هذه الخبرية المعللة بالإرادة لا تخلو إما أن تقوم بمجموع حروف الخبر، وإما أن تقوم ببعض الحروف دون البعض، والكل باطل لأنه محال..فلا يصح قيامها بمجموع الحروف لعدم المجموع، لأن الكلام من المصادر السيَّالة كالماء يأتي بعض الحروف ويذهب بعضها، فلا يوجد منه أبداً إلا حرف واحد، فلا يمكن اجتماعها في حالةٍ واحدة من النطق، والإرادةُ تكون في دفعة واحدة فلا يصح قيامها بالمجموع لعدم المجموع، إذْ لو قلنا: قامت الخبرية بمجموع الحروف لأدَّى إلى قيام المعنى الوجودي بالأمر العدمي وذلك محال. ولا يصح أيضاً قيامها ببعض الحروف خاصة دون البعض، لأنه يلزم منه أن يكون ذلك البعض الذي قامت به خبراً، والبعض الآخر ليس بخبر، وذلك محال وهو خلال الإجماع" رفع النقاب القسم 2/580.