الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في ترجيح الأقيسة
(1)
ص: قال الباجي: يترجَّح أحد القياسين على الآخر بالنص [على عِلَّتِهِ](2) ، أو لا يعود على أصله بالتخصيص، أو علته مطَّردة منعكسة (3) ،
أو شهد لها أصول كثيرة، أو يكون [أحدُ القياسين فَرْعُه](4) من جنس أصله، أو علته متعدِّية، أو تعمُّ فروعَها، أو هي أعم، أو هي (5) مُنْتَزَعة من أصلٍ منصوصٍ عليه، أو أقلُّ أوصافاً والقياس الآخر ليس كذلك (6) .
الشرح
النصُّ على العلة يدل على العلية أكثر من الاستنباط، فإن اجتهادنا يحتمل الخطأ،
[والنص صواب جزماً](7) .
ومثال ما يعود على أصله بالتخصيص: جَعْلُنا علة منع بيع الحيوان باللحم (8)
(1) قد يتعارض قياسان أو أكثر في حكم حادثةٍ، ويتردد الفرع بين أصلين يصحّ حمله على أحدهما بعلَّةٍ مستنبطة منه، ويصحّ حمله على الثاني بعلةٍ مستنبطةٍ منه، فيحتاج الناظر إلى ترجيح إحدى العلتين على الأخرى. انظر: الإشارة في معرفة الأصول للباجي ص 342. وانظر مسألة التراجيح بين الأقيسة في: المعتمد 2/300، 457، شرح اللمع للشيرازي 2/950، قواطع الأدلة 4/428، التمهيد لأبي الخطاب 4/226، المحصول للرازي 5/444، شرح مختصر الروضة للطوفي 3/713، تقريب الوصول ص 486، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/316، تشنيف المسامع 3/538، التوضيح لحلولو ص 379، تيسير التحرير 4/87، فواتح الرحموت 2/387.
(2)
في س: ((عليه)) وليس هو المراد.
(3)
العلة المطردة المنعكسة هي التي توصف بالطرد والعكس. والطرد: وجود الحكم لوجود العلة،
والعكس: عدم الحكم لعدم العلة. الحدود للباجي ص 74، 75.
(4)
ما بين المعقوفين في ق: ((فرع أحد القياسين)) .
(5)
ساقطة من س
(6)
انظر: إحكام الفصول للباجي ص (757 - 766)، فقد ذكر اثني عشر مرجِّحاً بأمثلتها. وانظر أيضاً كتابيه: المنهاج في ترتيب الحجاج ص (234 - 237) ، الإشارة في معرفة الأصول ص (342 - 347)
(7)
ما بين المعقوفين في ق: ((بخلاف النص)) .
(8)
نقل ابن عبد البر عن الإمام مالك في معنى النهي عن بيع الحيوان باللحم أنه تحريم التفاضل في الجنس الواحد حيوانِهِ بلحمه، لما فيه من المزابنة والغرر والقمار؛ لأنه لا يُدرى: هل في الحيوان مثل اللَّحم الذي أُعطي أو أقل أو أكثر، فهو بيع لحم مغيَّبٍ في جِلْدِه بلحمٍ. انظر: الاستذكار 20/106.
معلَّلاً بالمزابنة (1)
- وهي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه (2) - فاقتضى ذلك حمل الحديث على الحيوان الذي يقصد لِلَّحمْ، فخرج (3) بسبب هذه العلة أكثر الحيوانات، وبطل حكم النهي فيها.
وكذلك تعليل منع بيع الحاضر للبادي (4) ، بأن الأعيان على أهل البادية تُقوَّم بغير مالٍ كالحَطَب والسَّمْن وغيرهما (5) ، فاقتضى هذا التعليل أن تَخْرُج (6) الأعيان التي (7) اشتراها البدوي، وأنَّ نُصْحَه فيها متعيَّن أو إعانته، بخلاف القسم الأول (8)[يترك فيه](9) مع الحضري ولا ينصح، فالعلة التي لا تعود (10) على أصلها بالبطلان
أولى.
والعلة المتعدية أولى من القاصرة (11) ، غير أن هذا لا يستقيم من جهة أن القاصرة
(1) في ن: ((المزاعة)) وهو تحريف. والمُزابنة لغة: مفاعلة من الزَّبْن وهو: الدَّفْع، كأن كل واحد من المتبايعين يَزبن صاحبه عن حقِّه بما يزداد منه، وإنما نهى عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة. انظر مادة
" زبن " في: النهاية في غريب الحديث والأثر، لسان العرب.
(2)
انظر تعريفها اصطلاحاً عند المالكية في: شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع 1/347، حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 5/135، وبعض كتب المالكية تعبِّر عن المزابنة بأنها: بيع مجهول بمعلوم أو مجهول بمجهول من جنسه انظر: مختصر خليل بشرح الزرقاني 5/80
(3)
في س، ق:((فيخرج)) .
(4)
عرَّفه بعض المالكية بأنه: أن يتولَّى الحاضر العقد أو يقف مع ربِّ السلعة ليزهَّده في البيع ويعلمه أن السلعة لم تبلغ ثمنها ونحو ذلك. انظر: مواهب الجليل (6/250) . وعرَّفه بعضهم: بأن يبيع حاضر سِلَعاً لعموديٍّ (بدوي) قَدِمَ بها الحاضرةَ ولا يعرف ثمنها، وكان البيع لحاضرٍ. انظر: الشرح الكبير للدردير 3 / 69 فاللَاّم في ((البادي)) للتعليل لا للتعدية، ويكون الحاضر سمسرياً أو مرشداً. انظر: حاشية التوضيح لابن عاشور 2 / 198.
(5)
في ن: ((وغيرها)) والمثبت أولى لعود الضمير على اثنين: الحطب والسمن.
(6)
في س: ((يخرج)) وهو جائز. انظر هامش (11) ص 67.
(7)
في ن: ((الذي)) وهو خطأ؛ لأن الموصوف وهو ((الأعيان)) مؤنث، والصفة تتبع الموصوف.
(8)
وهو أن يكون البدويُّ بائعاً والثمن غير مالٍ كالحطب والسمن. والقسم الثاني: أن يكون البدوي مشترياً.
(9)
ما بين المعقوفين في ن، س:((التحامل عليه فيه)) .
(10)
في س، ق:((تعكِّر)) .
(11)
هذا مذهب الجمهور، ووجهه أن النص يغني عن القاصرة. والمذهب الثاني: تقديم القاصرة على المتعدية، ووجهه أن النص يقوّيها. والمذهب الثالث: هما سواء، لتعارض المدركين. انظر: البرهان للجويني 2/822، المحصول للرازي 5/467، المسودة ص378، كشف الأسرار للبخاري 4/172، البحر المحيط للزركشي 8/210
لا قياس فيها، والكلام [إنما هو](1) في ترجيح الأقيسة، فإن كان في ترجيح العلل من غير قياس صح (2) .
والعلل التي تعمُّ فروعها متقدِّمةٌ بسبب أنها إذا لم تعم تكون بقية الفروع معللةً بعلة أخرى، وتعليل الأحكام المستوية بالعلل (3) المختلفة مُخْتَلفٌ (4) فيه، والمتفق عليه
أولى.
والتي هي أعم تكون فائدتها أكثر، فتُقدَّم.
والمُنْتَزَعةُ من أصلٍ منصوصٍ عليه مقدَّمةٌ على ما أُخِذ من أصلٍ (5) اتفق عليه الخصمان فقط.
والعلة إذا قلَّت أوصافها أو كانت ذاتَ (6) وصفٍ* واحدٍ [كانت مقدَّمةً](7) ؛ لأن المركَّب يُسْرِع (8) إليه العَدَمُ بطريقين، من جهة عدم كل واحد من أوصافه، وما كثرت شروطه كان مرجوحاً (9) .
(1) ساقط من ق
(2)
أجاب الزركشي عن هذا بأن نتيجة الترجيح بين القاصرة والمتعدية ينبني عليها إمكان القياس وعدمه. مثاله: الثمنية والوزن في النقدين، فمن رجَّح الوزن رتَّب على ترجيحه إمكان القياس، ومن رجَّح الثمنية رتَّب على ترجيحه امتناع القياس، وهذه فائدة. انظر: البحر المحيط 8/212. وانظر توجيهاً آخر للمصنف في: نفائس الأصول 9/3779
(3)
في س: ((بالعلة)) وهي غير مناسبة مع السياق.
(4)
ساقطة من ن
(5)
في س: ((الأصل الذي)) .
(6)
في ن: ((ذا)) وهو خطأ؛ لأن الموصوف وهو ((العلة)) مؤنث.
(7)
في ق: ((قُدِّمتْ)) .
(8)
في س: ((يشرع)) وهو تصحيف
(9)
ما ذكره المصنف من تقديم العلَّة قليلة الأوصاف على كثيرتها هو قول الجمهور. والقول الثاني: ترجيح العلة الأكثر أوصافاً؛ لأنها أكثر مشابهةً للأصل. والقول الثالث: هما سواء؛ لأنهما سواء في إثبات الحكم. انظر: إحكام الفصول ص 763، شرح اللمع للشيرازي 2/957، نفائس الأصول 9/3748، المسودة ص378، 381 كشف الأسرار للبخاري 4/173.
ص: قال الإمام رحمه الله: أو يكون أحد القياسين متفقاً (1) على علته، أو أقلَّ خلافاً، أو بعضُ مقدماته يقينية، أو علَّتُه وصفٌ حقيقي. ويترجَّح (2) التعليل بالحكمة على العدم والإضافيِّ والحكمِ الشرعيِّ والتقديريِّ، والتعليل* بالعدم أولى من التقديري، وتعليلُ الحكم الوجودي [بالوصف الوجودي](3) أولى من العدمي بالعدمي (4) ومن العدمي بالوجودي و [من](5) الوجودي بالعدمي؛ لأن التعليل بالعدم يستدعي تقدير الوجود، وبالحكم الشرعي أولى من التقديري (6) ؛ [لكون التقدير](7) على خلاف الأصل. والقياس الذي يكون ثبوت الحكم في أصله أقوى (8) أو بالإجماع أو بالتواتر أقوى مما ليس كذلك (9) .
الشرح
الوصف الحقيقي كالإسكار، والعدمي كقولنا: غير مستحقّ أو عدوان، فإنه سلب محض، والإضافي (10) نحو قولنا: البنوة مقدَّمة على الأبوة، وهما علة الميراث، وهما إضافيتان ذهنيتان لا وجود لهما في الأعيان (11) . وتقدَّم (12) أن الحكمة هي [علة علية العلة](13) ، كإتلاف المال في السرقة، واختلاط الأنساب في الزنا، فهي أولى من
(1) في ن: ((متفق)) وهو خطأ نحوي؛ لأن خبر "كان " منصوب.
(2)
في ن: ((ترجح)) .
(3)
ساقط من س
(4)
ساقطة من ق
(5)
ساقطة من جميع النسخ ما عدا النسخ: ص، و، ش
(6)
سبق تعريف هذه المصطلحات بأمثلة.
(7)
ساقط من ق
(8)
هنا زيادة ((بالنص)) في س، وكان الأولى أن تأتي قبل الكلمة التي سبقتها ليستقيم سياق العبارة.
(9)
انظر هذه المرجحات عند الإمام الرازي في: المحصول 5/445 - 448، 462 وانظر: الإبهاج 3/237، نهاية السول للإسنوي 4/ 510، التوضيح لحلولو ص 381. وهناك أمثلة توضيحية لهذه المرجحات، انظرها في: رفع النقاب للشوشاوي القسم 2/1031- 1040.
(10)
سبق تعريف الإضافي.
(11)
راجع هامش (5) ص 373.
(12)
انظر: ص 369.
(13)
في ق: ((علية العلية)) وهو غير مناسب، ولو قال ((علة العلة)) لكان أسدّ
العدم الصِّرْف، والحكم الشرعي كتعليل منع البيع بالنجاسة (1) ، والتقديري كتعليل ثبوت الولاء للمُعْتَق عنه بتقدير الملك له (2) ، وتوريث الدِّيَة في الخطأ بتقدير ثبوت الملك للمقتول قبل موته في الزمن الفَرْد، فإنه حي لا يستحقها، وما لا يملكه لا يُورث عنه، والمِلْك بعد الموت محال، فيتعين تقدير الملك قبل الزهوق بالزمن الفَرْد.
وقُدِّم العَدَم على التقديري (3) ؛ [لأن التقدير](4) : هو إعطاء الموجود حكم المعدوم أو المعدوم حكم الموجود، ووضع المعلوم (5) على خلاف ما هو عليه خلاف الأصل، والعدم هو على وضعه (6) لم يُخَالَف فيه أصلٌ فكان مقدَّماً.
وإنما استدعى العدم تقدير الوجود؛ لأن العلة العدميَّة (7) لابد أن تكون عدماً مضافاً لشيء معينٍ كقولنا: عدم الأسكار علة (8) إباحة الخمر ونحو ذلك، فلابد أن نقدِّر (9) معنىً هذا عدمه (10) .
والحكم الشرعي حقيقي، بخلاف التقديري فيه مخالفة الأصل كما تقدَّم.
(1) انظر: ص 374.
(2)
انظر: ص 382.
(3)
في ن: ((التقدير)) والمثبت أولى تمشياً مع عبارة المتن.
(4)
ساقط من ن
(5)
في ق: ((المعلول)) وهو تحريف
(6)
في ق: ((أصله)) .
(7)
في ق: ((بالعدمية)) ويكون المراد: لأن التعليل بالعلة العدمية
(8)
ساقطة من س
(9)
في ق: ((يُقدَّر)) .
(10)
ساقطة من ن.