الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجة اشتراط العدد في الجميع:
أن التجريح والتعديل [صفتان فيحتاجان](1) إلى عَدْلين فصاعداً كالترشد والتسفيه والكفاءة وغيرها.
حجة القاضي أبي بكر: أن الرواية يكفي فيها الواحد على الصحيح فأصلها كذلك، والشهادة لا يكفي فيها الواحد، فلا يكفي في أصلها (2) الواحد تسويةً بين البابين والفروع والأصول (3) ، وأما إبداء أسباب التجريح و (4) التعديل (5) فالفقه (6) فيه أن المُجرِّح والمُعدِّل إذا كان (7) عالماً مبرزاً (8) اكتفى الحاكم بعلمه عن سؤاله، فإن العالم لا يجرِّح إلا بما لو صرَّح به للحاكم (9) كان جرحاً، وكذلك التعديل.
وأما اختلاف المذاهب (10) : فالعالم المُتْقِن لا يجرح بأمرٍ مُخْتَلف فيه يمكن أن يصح التقليد فيه، ولا يُفسِّق بذلك إلا جاهل، فما من مذهب إلا وفيه أمور ينكرها أهل المذهب الآخر، ولا سبيل إلى التفسيق بذلك، وإلا لفسَّقتْ كلُّ طائفةٍ الطائفةَ (11) الأخرى، فتفْسُق جميع الأمة، وهو خلاف الاجماع، بل كل من قلَّد تقليداً صحيحاً فهو مطيع لله تعالى، وإن كان غيره من المذاهب يخالفه (12) في ذلك.
(1) في س: ((صنفان محتاجان)) .
(2)
ساقطة من ن.
(3)
قد علمت أن هذا ليس مذهباً للقاضي أبي بكر، بل هو ما اختاره الرازي وغيره. فعلى هذا تكون حجة القاضي في الاكتفاء بمزكٍّ واحدٍ في الرواية والشهادة هي: أن إخبار المعدِّل عن عدالة الراوي أو الشاهد من قبيل الأخبار، ولهذا لا يشترط فيها لفظ الشهادة، فتزكيته لا تجري مجرى الشهادات. انظر: التلخيص للجويني 2/362.
(4)
في ق: ((دون)) بدلاً من الواو، وهو خطأ بيّن، يتناقض بما جاء بعده.
(5)
مراد المصنف هنا إيراد حجة القاضي أبي بكر في نفي اشتراط إبداء أسباب التجريح والتعديل، لأنه ذكر حجة الشارطين لإبداء سبب التجريح دون التعديل وذكر حجة الشارطين لإبداء سبب التعديل دون التجريح، ولم يذكر حجة النافين فيهما، فكان من الأولى للمصنف أن يقول هنا "وأما عدم إبداء أسباب التجريح والتعديل
…
" أمْناً للبّسْ. والله أعلم.
(6)
في س: ((والفقه)) وهو خطأ لوجوب اقتران جواب ((أما)) الشرطية بالفاء.
(7)
في ق: ((كانا)) وهو تصحيف بقرينة ما بعدها.
(8)
في ن: ((ممَّيزاً)) .
(9)
في ق: ((الحاكم)) وهو تحريف.
(10)
هذا جواب عمن اشترط إبداء سبب التجريح دون التعديل لاختلاف المذاهب، فقد يَجْرح بأمرٍ يسع فيه الخلاف فلا يكون جرحاً.
(11)
ساقطة من ن.
(12)
في ن: ((مخالفاً)) ، وفي س:((مخالفه)) .
وأما الاكتفاء بالظاهر (1) ؛ فهو (2) شأن الجهلةِ (3) الأغبياءِ (4) الضعفاءِ الحزم (5) والعزم ومثل هؤلاء لا ينبغي للحاكم الاعتماد على قولهم في التزكية. وكل من كان يغلب عليه حسْنُ الظن بالناس لا ينبغي أن يكون مزكِّياً ولا حاكماً لبعده من الحزم (6) . وقد قال صلى الله عليه وسلم "الحزْمُ سوءُ الظن"(7)
فمن ضيع سوء
(1) هذا جواب عمن اشترط إبداء سبب التعديل دون التجريح، وذلك لأن الناس يكتفون بالظاهر في العدالة، وهو لا يكفي.
(2)
في س: ((هو)) وهو خطأ لأن جواب ((أما)) الشرطية يجب اقترانه بالفاء.
(3)
هنا زيادة: ((و)) في ن.
(4)
هنا زيادة: ((من)) في ق.
(5)
في ق: ((الجزم)) وهو بمعنى العزم، والمثبت هو الصواب للحديث الآتي، ولأن التأسيس أولى من التأكيد.
(6)
في س، ق:((الجزم)) راجع هامش قبل السابق.
(7)
روى هذا الحديث مرفوعاً وموقوفاً. فأما المرفوع فأخرجه القُضاعي في "مسند الشهاب"(1/48) عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه مرسلاً، وأورده العلائي في "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" ص (223) على أنه مرسل. وقال الألباني عنه في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" برقم (1151)"ضعيف جداً"، وضعَّفه ابن الدبيغ في "تمييز الطيب من الخبيث" ص (70) . وأما الموقوف فقال السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة " ص112:"رواه أبو الشيخ بسندٍ واه جداً عن علي موقوفاً". ويُروى مَثَلاً كما في "شعب الإيمان" للبيهقي (8/543) و"روضة العقلاء" لابن حبان ص (22) عن جرير عن الحكم بن عبد الله قال: "كانت العرب تقول: العقل التجارب، والحزم سوء الظن" وانظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/208، 214) . وللحديث شواهد، منها: حديث "احترسوا من الناس بسوء الظن". روُي مرفوعاً ومقطوعاً..فأما المرفوع فأخرجه الطبراني في "الأوسط" بتحقيق محمود الطحان برقم (602) ، وابن عدي في الكامل (6/403) ، وتمَّام في فوائده بتحقيق حمدي السلفي (1/692)، وقال الألباني عنه في: سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم (156)"ضعيف جداً". وأما المقطوع فله طريقان؛ الأول: من قول التابعي مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، وصححه ابن حجر في "فتح الباري" (10/650) . والثاني: من قول الحسن البصري وصححه الألباني في: سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم (156)، وقال السخاوي عن هذين الحديثين في "المقاصد الحسنة" ص (43) : "وكلها ضعيفة، وبعضها يتقوى ببعض، وقد أفردْتُه في جزء، وأوردتُ الجمع بينها وبين قوله تعالى:{اجتنبوا كثيراً من الظن} [الحجرات:12] وما أشبهها مما هو في الحديث
…
". قال المناوي في "فيض القدير" (1/235) "ولا يعارض هذا خبر ((إياكم وسوء الظن" لأنه فيمن تحقق حسن سريرته وأمانته، والأول فيمن ظهر منه الخداع والمكر وخُلْف الوعد والخيانة، والقرينة تُغلِّب أحد الطرفين، فمن ظهرت عليه قرينةُ سوءٍ يُسْتعمل معه سوء الظن وخلافه خلافه، وفي إشعاره تحذيرٌ من التغفُّل وإشارةٌ إلى استعمال الفطنة". وقال البغوي في "شرح السنة" (13/111) . "فأما استعمال سوء الظن إذا كان على وجه الحذر وطلب السلامة من شر الناس فلا يأثم الرجل". وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/35)"قال أحمد بن سنان: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: "خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن: الحكم، والحديث. يعني لا يُسْتعمل حسن الظن في قبول الرواية عمن ليس بمَرْضي". وانظر:"روضة العقلاء" لابن حبان ص (127) .