الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترك (1) الألفاظ في العقود (2) مخالفاً لتقوى الله تعالى وليس (3) كذلك.
قاعدة (4) : انعقد الإجماع على أنَّ من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير حَجْرٍ (5) . وأجمع الصحابة (6)
رضوان الله عليهم على أنَّ من استفتى أبا بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما وقلَّدهما فله أن يستفتي أبا هريرةَ ومعاذَ بن جبل وغيرهما، ويعمل بقولهم (7) من غير نكيرٍ. فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل.
الفرع الثالث:
هل يؤثم المكلف إذا فعل فعلاً مخْتَلَفاً في تحريمه غيرَ مقلدٍ لأحدٍ؟
الثالث: إذا (8) فَعَل المكلَّف فِعْلاً (9) مخَتَلفاً في تحريمه غير مقلِّد لأحدٍ، فهل نؤثمه بناءً على القول (10) بالتحريم، أو لا نؤثمه بناءً على القول بالتحليل، مع أنه ليس إضافته إلى أحد المذهبين أولى من الآخر، ولم يَسْألنا عن مذهبنا فنجيبه؟. ولم أرَ
[لأحدٍ من أصحابنا فيه نقلاً](11) .
(1) في س: ((وتلك)) وهو تحريف.
(2)
نحو انعقاد البيع في المعاوضة من غير قول. انظر: مواهب الجليل 6/13، رفع النقاب القسم 2/1102
(3)
في ن: ((فليس)) والفاء هنا غير مناسبة للسياق.
(4)
في ن: ((فائدة)) وهو موافق لما جاء في نفائس الأصول 9/3963
(5)
في س: ((حجة)) والمثبت أظهر في المراد.
(6)
حكى المصنف هذين الإجماعين عن شيخه العز بن عبد السلام، كما صرح بذلك في: نفائس الأصول (9/3963) . لكن في ادعائها نظر، بدليل أن المصنف ذكر خلافاً في هذه المسألة في الفصل الثامن
ص (480 - 481) عند تعدد المفتين، هل يتخيّر المقلد من بينهم من شاء أو يتحرَّى الأعلم الأورع؟
…
ثم إن ما قرره هنا تحت هذه القاعدة مناقض لما تقدم قريباً في قوله ((ولا يقلده رمياً في عماية))
ص (447) وقوله في أول هذا الفصل ص (441) ((يجب على العوام تقليد المجتهدين في الأحكام، ويجب عليهم الاجتهاد في أعيان المجتهدين
…
)) . وقد حاول الشوشاوي الاعتذار عن المصنف بأن كلامه هنا محمول على من أسلم وضاق عليه الوقت ولم يمهله الوقت إلى استفحاص أحوال العلماء. انظر: رفع النقاب القسم 2/1104، 1169.
(7)
في ن، س متن هـ:((بقولهما)) والمثبت أصحُّ، لعود الضمير على أكثر من اثنين.
(8)
في س: ((إن)) انظر هامش (7) ص (16) .
(9)
ساقطة من ق.
(10)
ساقط من س.
(11)
في س، متن هـ:((لأصحابنا فيه نصاً)) .
وكان الشيخ الإمام عِزُّ الدين بن عبد السلام (1) قدّس الله روحه من الشافعية يقول في هذا الفرع: إنه آثمٌ من جهة [أن كل واحد يجب عليه](2) ألَاّ يُقْدِم على فعلٍ حتى يعلم حكم الله تعالى فيه، وهذا أَقْدَم غير عالم، فهو آثم بترك التعلُّم (3) ، وأما تأثيمه بالفعل نفسه، فإن كان مما عُلِم من الشرع قُبْحُه أثَّمْنَاه وإلا فلا (4) .
وكان يُمثِّلهُ بما اشْتَهر قُبْحه كتلقي الرُّكْبَان (5) وهو من الفساد على الناس ونحو ذلك.
الصورة الثانية وما بعدها من الصور المستثناة من تحريم التقليد
ص: الثانية: قال ابن القصار: يُقلَّد القائِفُ (6) العَدْل عند مالك رحمه الله، ورُوِى لابدَّ من اثنين (7) .
(1) هو عبد العزيز بن عبد السلام بن القاسم بن الحسن السُّلَمي الشافعي، المشهور بالعز بن عبد السلام، وسلطان العلماء، الفقيه الأصولي المحدِّث، درس الأصول على الفخر الرازي وسيف الدين الآمدي، والحديث على ابن عساكر، تولَّى قضاء مصر عدة مرات وكان يُعزل أو يعزل نفسه، وكان صارماً على الولاة لا تأخذه في الله لوم لائم. من مؤلفاته: قواعد الأحكام في مصالح الأنام (ط)، الإمام في بيان أدلة الأحكام (ط) وغيرهما. ت سنة 660 هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى 8 / 248، النجوم الزاهرة 7 / 208.
(2)
ن، ق:((أنه يجب على كل أحدٍ)) .
(3)
في ق: ((التعليم)) وهو تحريف، لأن المراد أن يكوم متعلماً:((لامعلَماً)) .
(4)
قال الشوشاوي: ((أما تأثيمه من جهة نفسه، فالأولى ألَاّ يؤثم - وإن كان مما عُلم في الشرع قبحه - إذا كان الفاعل غير عالم؛ لأن التكليف مع عدم العلم تكليف بما لا يطاق، فالأولى تفويض ذلك إلى الله حتى يدل الدليل القاطع على التأثيم)) . رفع النقاب القسم 2/1105.
(5)
تلقي الرُّكْبان هو تلقي السِّلَع من القادمين بها فيُبْتاع منهم قبل ورود أسواقها ومواضع بيعها. انظر: المنتقي للباجي 5/101
(6)
القائف لغة: اسم فاعل من قاف يقوف قيافةً، وهو الذي يتتبع الآثار ويعرف شَبَه الرَّجِل بأخيه وأبيه. انظر مادة "قوف " في: النهاية في غريب الحديث والأثر، لسان العرب. واصطلاحاً القيافة: اعتبار الشبه في إلحاق النسب. حاشية البناني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 6/110.
(7)
وانظر: المقدمة في الأصول ص 14 - 15، وانظر: تقريب الوصول ص451، التوضيح لحلولو ص 388.
الشرح
اخْتُلف في مدرك هذه* المسألة، فقال أصحابنا: إنه كالرواية فيكفي الواحد، أو الشهادة فلابد من اثنين، وقال الشافعية: المدرك أنه حاكم، والحاكم (1) يكفي (2) واحد، أو شهادة فلابد من اثنين (3) .
ص: الثالثة (4) : قال: يجوز عنده (5) تقليد التاجر في قيم المُتْلَفات إلا أن تتعلق القيمة بحدٍّ من حدود الله تعالى، فلابد من اثنين لدُرَبْة التاجر بالقيم (6) ، ورُوِي عنه أنه لابد من اثنين في كل موضع.
الشرح
يريد بالقيمة التي يتعلق بها حَدٌّ، كتقويم العَرَض المسروق، هل (7) وصلتْ قيمته إلى نصاب السرقة أم لا؟ فهذه الصورة لابد فيها من اثنين؛ لأن الحدود تُدْرأ بالشبهات، ولأنه عضو يُبَان فيُحتاط فيه لشرفه (8) .
ص: الرابعة: قال: ويجوز عنده (9) تقليد القَاسِم (10)
(1) ساقطة من ق
(2)
في ق: ((فيكفي)) .
(3)
اشتراط التعدد في القائف هو رواية عند مالك، وقول لأحمد، وقول عند الشافعية في مقابل الأصح. انظر: المنتقي للباجي 6/14، المغني 8/376، تبصرة الحكام لابن فرحون 1/247، 2/99، نهاية المحتاج للرملي 8/351، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحَّام ص 245. لكن المصنف في كتابه: الفروق (1/8-9) غلَّب مدرك الشهادة على الرواية، وأثبت أن اعتبار قول القائف شهادة أقوى من اعتباره روايةً.
(4)
في ن: ((الثالث)) وهو خطأ نحوي؛ لأن العدد إذا كان اسم فاعل فإنه يوافق معدوده، والمعدود هنا مؤنث وهو: صورة أو مسألة. انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص 291
(5)
في ن: ((عند الناس)) وهو غير مراد هنا، بل المراد عند الإمام مالك رحمه الله
(6)
هذا تعليلٌ لجواز تقليد التاجر، أما تعليل اشتراط الاثنين فسيذكره في الشرح.
(7)
في س: ((مثل)) وهو تحريف.
(8)
انظر: تبصرة الحكام 1 / 247، الفروق 1 / 9.
(9)
ساقطة من ن، متن هـ.
(10)
القاسم: اسم فاعل من القِسْمة، وهي: تصْيِيْرُ مُشاعٍ من مملوكِ مالِكَيْن مُعيَّناً - ولو باختصاص تصرُّفٍ
فيه - بقرعةٍ أو تراضٍ. شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع 2/492
[بين اثنين](1) ، وابن القاسم (2) لا يقبل قول القاسم؛ لأنه شاهِدٌ على فعل* نفسه (3) .
الشرح
مالكٌ يُجْرِيه مُجرَى الحاكم أو نائب الحاكم يخبره بما ثبت عنده.
ص: الخامسة: قال: ويجوز تقليد المقوِّم (4) لأَرْش (5) الجنايات عنده (6) .
السادسة: قال: [يجوز تقليد](7) الخارص (8) الواحد فيما يَخْرُصه عند مالك (9) رحمه الله.
(1) ساقط من ن.
(2)
هو: أبوعبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العُتَقِيّ - نسبة إلى قبيلة العتقيين - المصري، من أعلم تلاميذ مالك بفقهه وله "المدوَّنة"(ط) التي جمع فيها أقوال مالك. جمع بين الزهد والصلاح، وله آراء يخالف فيها مالكاً. ولد عام 132هـ، توفي في عام 191هـ انظر: ترتيب المدارك 1/433، الديباج المذهب ص239، سير أعلام النبلاء 9/120
(3)
صنيع المصنف هنا وفي الفروق (1 / 10) أن القول بعدم قبول قول القاسم منسوب لابن القاسم. لكن الذي في " المقدمة في الأصول " لابن القصار ص 16 - 17 أنهما روايتان عن مالك، الأولى برواية ابن نافع، والثانية برواية ابن القاسم. وانظر المسألة في الذخيرة 10 / 276.
(4)
في س: ((المقدم)) وهو تحريف
(5)
الأرش: هو جزء من الثمن نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليماً إلى تمام القيمة.
وسمي أرْشاً، لأنه من أسباب النزاع، يقال: أَرَشْتُ بين القوم، إذا أوقع بينهم وحرَّش. والأَرْش في الجنايات:
أن يقوَّم العبد سليماً صحيحاً ثم تقوَّم الجناية، فيؤخذ الفرق من قيمته. انظر مادة "أرش " في: النهاية غريب
الحديث والأثر، لسان العرب، القاموس الفقهي لسعدي أبو جيب.
(6)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 17. ويجرى هنا الخلاف السابق، هل يكتفي فيه بالوحد أم لا؟ انظر: الفروق 1/9، رفع النقاب القسم 2/1112
(7)
في س متن هـ: ((لا يقلَّد)) .
(8)
الخارص: اسم فاعل من خَرَص يخرُص خَرْصاً. والخَرصْ: هو الحَرْز والقول بالظن والكذب. انظر: مادة "خرص " في: لسان العرب. والخرص عند الفقهاء: هو حَرْز ما على النخل من الرُّطّب تمراً، وما على الكَرْم من العنب زبيباً، أي هو: حَرْزُ للثمار قبل الجذاذ من غير وزن ولا كيل. انظر: مادة "خرص " في عمدة الحفاظ، معجم لغة الفقهاء للدكتور محمد رواس قلعجي، القاموس الفقهي.
(9)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص18، وانظر: تقريب الوصول ص 452، الذخيرة 3/90، القواعد للمقرَّي 2/524، تبصرة الحكَّام 1/247.
السابعة: قال يُقلَّد عنده الراوي فيما يرويه (1) .
الثامنة: قال يُقلَّد عنده الطبيب فيما يدَّعيه. (2)
التاسعة: قال يُقلَّد المَلَاّح (3) في القبلة إذا خَفِيَتْ أدلتها وكان عَدْلاً دَرِيّاً بالسير في البحر، وكذلك كل من كانت صناعته في الصحراء وهو عَدْل. (4)
العاشرة: قال: ولا يجوز عنده أن يقلِّد عاميٌّ عامياً إلا في رؤية الهلال لضبط (5) التاريخ دون العبادة (6) .
الحادية (7) عشرة (8) : قال: يجوز عنده (9) تقليد الصبي والأنثى والكافر والواحد في الهدية والاستئذان (10) .
الشرح
قال الشافعية: هذه الصورة ونحوها احتَفَّتْ بها (11) القرائن فنابت عن العدد والإسلام، وربما حصل العلم (12) .
(1) انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 19، تبصرة الحكام 1/248. وانظر باب الخبر، الفصل السابع من هذا الكتاب ص 254.
(2)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 19، تبصرة الحكام لابن فرحون 1/248.
(3)
الملَاّح: هو السَّفَّان صاحب السفينة، وحِرْفته: المِلاحة والمَلَاّحِيَّة. وسمي بذلك إما لملازمته الماء المالح بإجراء السفن فيها، أو من الريح المِلاح التي تجري بها السفينة. انظر مادة "ملح " في: لسان العرب.
(4)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 19، وانظر الفروق 1/10، 13
(5)
في ن: ((لربط وهو تحريف
(6)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 23، تبصرة الحكام لابن فرحون 1/248، ويُلاحظ هنا أنَّ علم التاريخ وضبط الأيام والشهور يكفي فيها الواحد؛ لأن بابه باب إخبار، وأما أبواب العبادة من صوم وحج ونحوهما مما يترتب عليه فرض العبادة فلابد من شاهدين عدلين عند مالك. انظر: المدونة 1/174، الفروق 1/12
(7)
في متن هـ: ((الحادي)) وهو خطأ نحوي. انظر هامش (3) ص (58) .
(8)
هكذا في متن هـ، ومتن د، وهو الصواب. وفي سائر النسخ:((عشر)) وهو خطأ نحوي. انظر هامش (4) ص (441) .
(9)
ساقطة من س.
(10)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 24، تبصرة الحكام لابن فرحون 1/248.
(11)
في ق: ((فيها)) والمثبت أظهر.
(12)
الصحيح عند الشافعية عدم اشتراط احتفاف القرائن. انظر: مغني المحتاج 3/234، الأشباه والنظائر لابن السبكي 2/165. وانظر: الفروق 1/14
ص: الثانية عشرة: (1) قال: يُقلَّد القَصَّاب (2) في الذكاة ذكراً كان أو أنثى، مسلماً أو كتابياً، ومَنْ مِثْلُه يَذْبح. (3)
الثالثة عشرة: (4)[قال: تُقلَّد](5) محاريبُ البلاد العامرة التي تتكرر الصلاة فيها (6) ، ويُعلم أن إمام المسلمين بناها ونَصَبَها أو اجتمع أهل البَلْدة (7) على بنائها، قال: لأنه قد عُلِم أنها لم تُنْصب إلا بعد اجتهاد العلماء في ذلك، ويقلِّدها العالم والجاهل، وأما غير ذلك (8) فعلى العالم الاجتهاد، فإن تعذَّرت عليه الأدلة صَلَّى إلى المحراب إذا كان البلد عامراً؛ لأنه أقوى من الاجتهاد بغير دليل، وأما العامي فيُصلِّي في سائر المساجد. (9)
الشرح
قلت: وهذا بشرط أن لا يشتهر الطعن (10) فيها كمحاريب القرى (11) وغيرها بالديار المصرية، فإن أكثرها ما زال العلماء قديماً وحديثاً ينبِّهون (12) على فسادها، وللزَّيْن الدِّمْياطي (13)
في ذلك
(1) هكذا في متن هـ، وهو الصواب. وفي س، ق، ن:((عشر)) وهو خطأ نحوي. انظر هامش (4) ص (441)
(2)
القصَّاب: اسم منسوب إلى القصابة، وهي: الجِزَارة يقال: قَصَب الجزَّارُ الشاةَ يَقْصِبها قَصْباً بمعنى: قَطَّعها عضواً عضواً. انظر: لسان العرب مادة: ((قصب)) .
(3)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 24، تقريب الوصول ص 453، تبصرة الحكام لابن فرحون 1/248. وللمصنف تعليق مفيد حول هذه المسألة في كتابه: الفروق (1/15) وانظر معه تعقيب ابن الشاط بحاشيته.
(4)
هكذا في متن هـ، وهو الصواب. وفي س، ق، ن:((عشر)) وهو خطأ نحوي. انظر هامش (4)
ص (441) .
(5)
في ن: ((تقليد)) ولا خبر لها.
(6)
ساقطة من س.
(7)
في ن: ((البلد)) .
(8)
في ق: ((تلك)) والَخْطب سهل، فهو بحسب التقدير
(9)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 28، الذخيرة 2/123، المعيار المعرب للونشريشي 1/22
(10)
في ن: ((الظن)) فهو بمعنى الشك هنا.
(11)
في س: ((الغرباء)) .
(12)
في س، ق:((يشهدون)) .
(13)
هو الحسين بن الحسن بن منصور القاضي زين الدين أبوعبد الله السَّعْدي، المقدسي الأصل، الدمياطي
- نسبة إلى دمياط بمصر - كان صالحاً زاهداً، وهو شيخ الحافظ شرف الدين الدمياطي، له تصنيف في البدع والحوادث. توفي بصعيد مصر سنة 648هـ. انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/131.
كتابٌ (1) ولغيره (2) ، وقد قصد الشيخ عِزُّ الدين بن عبد السلام تغيير (3) محراب قبة (4) الشافعي رضي الله عنه والمدرسة (5) [
ومصلَّى خَوْلان] (6) ، فعاجله ما منعه من ذلك، وهو قضيَّته (7) مع بني الشيخ وإسقاطه (8) معين الدين (9) ، وعَزَل نَفْسَه عقيب ذلك (10) ،
(1) لعله الكتاب المذكور في ترجمته السالفة، وهو:"درر المباحث في أحكام البدع والحوادث ". انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/749
(2)
كالمقريزي في خططه، المعروف بـ:"المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، فإنه قسَّم محاريب ديار مصر إلى أربعة محاريب بحسب اتجاهها نحو القبلة، وزيَّف كثيراً من محاريب مساجد القرافة والفُسْطاط، وبيَّن أسباب اختلاف هذه المحاريب. فانظره في "خططه " 3/126 - 139 مطبعة دار التحرير للطبع والنشر. وانظر: كلام المصنف عن هذه المحاريب في الذخيرة: 2/124- 125
(3)
في س: ((يُغيِّر)) .
(4)
ساقطة من ن
(5)
قبة الشافعي: أنشأها الملك الكامل محمد بن الملك العادل الأيُّوُبي سنة 608هـ على قبر الشافعي رحمه الله عندما دَفَن بجواره ولده، ثم بُني جامع الشافعي عندها في القرافة (بالقاهرة) . انظر: خطط المقريزي 3/453، عجائب الآثار للجبرتي 1/28. وانظر ما قيل في القبة والجامع في: الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة وبلادها القديمة والشهيرة، تأليف: علي باشا مبارك (5/22) . مع أن هذا الفعل بدعة في الدين محدثة لا تجوز.
أما المدرسة فلعلها المدرسة الناصرية التي بناها السلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي بالقرافة الصغرى بالقاهرة بجوار قبر الإمام الشافعي رحمه الله. انظر: خطط المقريزي 3/197، 377
(6)
ساقط من ق. ومصلَّى خَوْلان: يقع في القرافة، وفيها عدة مصلَّيات ومحاريب. وعُرف "مصلّى خولان " بهذا نسبةً إلى طائفة من العرب الذين شهدوا فتح مصر، يقال لهم: خولان، وهم من قبائل اليمن. انظر: خطط المقريزي 3/468.
(7)
في ق: ((قصته)) .
(8)
في ق: ((إسقاط)) .
(9)
هو معين الدين الحسن بن شيخ الشيوخ. كان وزيراً للملك الصالح نجم الدين أيوب (ت 647هـ) ، وكان نائباً له في دمشق، توفي بدمشق سنة 643هـ انظر: البداية والنهاية لابن كثير 13/182، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي 6/352
(10)
خلاصة القصة أن معين الدين بنى بيتاً على سطح مسجدٍ بمصر، وجعل فيه دار لهوٍ وغناءٍ، فأنكر ذلك العز ابن عبد السلام، ومضى بأبنائه وجماعته وهدم البنيان، ولما علم أن السلطان والوزير يغضبان من ذلك، أسقط عدالة الوزير، وعَزَل نفسه عن القضاء، وهي المرة الأخيرة، وكانت هذه الحادثة سنة640هـ. انظر: فوات الوفيات والذيل عليها لمحمد بن شاكر الكتبي 2/351، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 8/210
وكذلك محاريب (1) الَمَحلَّة مدينة الغربية (2) ،
والفَيُّوم (3) ، ومُنيْة ابن خُصَيْب (4) ، وهي لا تُعدُّ، ولا تُحْصى لا يجوز أن يقلدها عالم ولا عامي.
ص: [الرابعة عشرة](5) : قال: يُقلَّد العامي في ترجمة الفتوى باللسان العربي أو العجمي وفي قراءتها أيضاً (6) ، ولا يجوز لعالمٍ (7) ولا لجاهلٍ التقليد في زوال الشمس لأنه مُشَاهد (8) .
(1) في ق، ن:((محراب)) .
(2)
لعلَّها المحلّة الكبرى سمّيت بهذا لأنها أكبر البلاد المسماة بالمحلَّة، فإن هذا الاسم يطلق على نحو 100 قرية ببلاد مصر. والمحلَّة هي قاعدة محافظة الغربية، تقع غربي فرع النيل بين القاهرة ودمياط..انظر: الانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق ص57، محافظات الجمهورية العربية المتحدة وآثارها الباقية في العصر الإسلامي للدكتورة سعاد ماهر ص 90
(3)
الفَيُّوم: مدينة مصرية قديمة سيق إليها نهر النيل، وهي قاعدة محافظة الفيوم، تقع في الجنوب الغربي للقاهرة انظر: الخطط التوفيقية الجديدة 14/84، محافظات الجمهورية العربية المتحدة ص 68
(4)
مُنْية ابن خُصيب: مدينة كبيرة في مصر على شاطيء النيل من بلاد الصعيد وهي المسماة الآن "بالمِنيْا" تقع في منتصف الطريق بين بني سُويف وأسيوط. وسميت بذلك نسبة إلى الخُصَيْب بن عبد الحميد صاحب خراج مصر من قِبَل هارون الرشيد، ويقال: إنه أنشأها لابنه، وفي معجم البلدان (8/188) هي: مُنية أبي الخُصيب، وهي موافقة لنسخة ز. انظر: خطط المقريزي 1/385، وصف أفريقيا لابن الوزان الفاسي 2/235، رحلة ابن بطوطة 1/224.
(5)
في س: ((الرابع عشر)) ، وفي ن:((الرابعة عشر)) وكلاهما خطأ نحوي. انظر هامش (4) ص (441)
(6)
لكن هل يكفي واحد؟. به قال مالك؛ لأنه أَشْبَه الرواية لعموم الناس، وقيل: لابد من اثنين. انظر: الفروق 1/8.
(7)
في س: ((لعامي)) وهو خطأ، للتكرار بما بعده، وهو غير مراد.
(8)
انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 38، تبصرة الحكام 1/248. لكن قال حلولو في مسألة عدم التقليد في زوال الشمس ((فيه نظر فإن من الناس من لا يُحْسن ذلك
…
)) التوضيح ص 388 وانظر الذخيرة 2/80، الفروق 4/458، مواهب الجليل 2/16.
الفصل الثالث
فيمن يتعيَّن (1) عليه الاجتهاد
ص: أفتى أصحابنا رضي الله عنهم بأن العلم على قسمين: فَرْض عينٍ، وفَرْض كفايةٍ (2) .
وحكى الشافعي رضي الله عنه في " رسالته "(3) والغزالي في " أحياء علوم الدين "(4) الإجماعَ على ذلك (5) ، ففْرض العين الواجبُ (6) على كل أحد [هو علمه](7)
بحالته التي هو فيها، مثاله: رجل أسلم، ودخل عليه (8) وقت الصلاة، فيجب عليه أن يتعلم الوضوء والصلاة، فإن أراد أن يشتري طعاماً لغذائه قلنا له (9) : يجب عليك أن تتعلم ما تعتمده في ذلك، [وإن أراد الزواج وجب عليه أن يتعلم ما يعتمده (في ذلك)(10) ،
(1) في س: ((تعيّن)) .
(2)
انظر: كتاب الفروق للمصنف (1/116) لمعرفة ضابط الفرق بين فرض العين، وفرض الكفاية، وانظر مبحثهما من هذا الكتاب: ص 155 (المطبوع) .
(3)
انظره في: ص (357) وما بعدها، ص (478) وما بعدها. "والرسالة" أول مصنف دُوِّن في أصول الفقه، جمع فيها قواعده الكلية، وشهرتها تغني عن التعريف بها. حققها شيخ المحققين أحمد محمد شاكر، وعليها شروحات لكنها مفقودة. انظر: مقدمة الرسالة، الفكر الأصولي د. عبد الوهاب أبو سليمان ص 67-89
(4)
انظره في: 1/29. وهو كتاب شهير جداً في الوعظ والرقائق، له طبعات متعددة مع تخريج أحاديثه للزين العراقي، وعليه شرح كبير وهو: اتحاف السادة المتقين للمرتضى الزبيدي، وهو مطبوع. وله عدة اختصارات منها: منهاج القاصدين لابن الجوزي (المطبوع مختصره) ، وموعظة المؤمنين للقاسمي (ط) . وقد طال الجدل في الحكم على الكتاب ما بين قادح ومادح، والإنصاف أن يقال بأنه يحتوي علي فوائد كثيرة نفيسة، ولكن فيه موادُّ مذمومة من كلام الفلاسفة وشطحات الصوفية وأحاديث موضوعة. انظر: مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية 10/ 551، رسالة بعنوان: كتاب إحياء علوم الدين في ميزان العلماء والمؤرخين بقلم: علي حسن علي عبد الحميد. دار ابن الجوزي بالدمام.
(5)
وممن حكى الإجماع أيضاً ابن عبد البر في كتابه: جامع بيان العلم وفضله 1/56، وانظر: الذخيرة 6/28
(6)
ساقطة من ق
(7)
في س: ((وهو علم)) ، وفي ق:((عمله)) وهو تحريف..
(8)
ساقطة من ق، وفي س، ن:((في)) وهكذا باقي النسخ ماعدا النسختين ز، م فالمثبت منهما، وهو الأنسب لكثرة إسناد الدخول إلى الوقت.
(9)
ساقطة من ق، ن.
(10)
ساقط من ن.
وإن أراد أن يؤدي شهادة وجب (1) عليه أن يتعلم (2) شروط التحمل والأداء، وإن أراد أن يصرف ذهباً وجب عليه أن يتعلم حكم الصَّرْف (3) ] (4) ، فكل حالة يتصف بها يجب (5) عليه [أن يعلم](6) حكم الله تعالى فيها، فعلى هذا لا ينحصر فرض العين في العبادات، ولا في (7) باب من أبواب الفقه، كما يعتقده كثير من الأغبياء (8) ،
وعلى هذا القسم يُحمل قوله عليه الصلاة والسلام ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) (9) فمن توجَّهت عليه حالة فعلم وعمل بمقتضى علمه فقد أطاع الله طاعتين، ومن (10) لم يعلم ولم يعمل* فقد عصى الله معصيتين، ومن (11) علم ولم يعمل فقد أطاع الله طاعة وعصاه معصية، ففي هذا المقام يكون العالم خيراً (12) من الجاهل، والمقام
(1) في متن هـ: ((فيجب)) .
(2)
في ن: ((يتحمل)) وهو لا يؤدي الغرض؛ لأن المقام مقام تعلَّم.
(3)
الصرف، لغة: ردُّ الشيء عن وجهه. انظر: لسان العرب مادة: ((صرف)) . واصطلاحاً: هو بيع الذهب بالفضة أو أحدهما بفلوس. شرح حدود ابن عرفة 1/37
(4)
ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((وإن أراد الزواج أو الشهادة أو الصرف وجب عليه أن يتعلم أحكامها)) .
(5)
في ن: ((وجب)) .
(6)
ساقط من ن
(7)
ساقطة من ن، س، متن هـ.
(8)
في ق: ((الأغنياء)) . والظاهر أنها غير مرادة هنا..
(9)
الحديث مشهور، وله طرق متعددة، ممن أخرجه ابن ماجه (224) ، والطبراني في المعجم الصغير (1/16) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/23-53) ولا تخلو هذه الطرق من طعن وعلة، قال ابن عبد البر ((كلها معلولة ولا حجة فيها من حيث الإسناد)) وقال البيهقي في كتابه: المدخل إلى السنن الكبرى ص 242، ((هذا حديث متنه مشهور وأسانيده ضعيفة
…
)) وقال السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ص (137)((رُوي من حديث أنس وجابر وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعلي وأبي سعيد، وفي كل طرقه مقال - ثم قال - فالحديث حسنٌ)) . وجمع من العلماء صححه أو حسنه، إما لاعتضاد طرقه أو لشواهده، منهم: المِزِّي، والزركشي، والألباني. انظر: التذكرة في الأحاديث المشتهرة للزركشي ص 40، المقاصد الحسنة للسخاوي ص 328، تخريج أحاديث مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام للألباني ص 48.
(10)
في ق: ((وإن)) .
(11)
في ق: ((وإن)) .
(12)
في س: ((خير)) وهو خطأ نحوي، لأن خبر "كان " منصوب.
الذي يكون الجاهل فيه خيراً (1) من العالم مَنْ شَرِب خمراً [يعلمها، وشربها](2) آخر يجهلها (3) ، فإنَّ العالم (4) آثم (5)
بخلاف الجاهل، وهو أحسن حالاً من العالم وكذلك من اتَّسَع في العلم باعُه تعظُم مؤاخذته؛ لعلوِّ منزلته، بخلاف الجاهل فهو أسعد حالاً من العالم في هذين الوجهين (6) .
وأما فرض الكفاية: فهو العلم الذي لا يتعلق بحالة الإنسان، فيجب على الأمة أن تكون منهم طائفة يتفقهون (7) في الدين، ليكونوا قدوة للمسلمين حفظاً للشرع من (8) الضياع، والذي يتعيَّن لهذا (9) من الناس من جاد حِفْظُه، وحَسُن إدراكُه، وطابت سجيته وسريرته، ومن لا فلا.
الشرح
لأن من لا يكون كذلك لا يحصل منه المقصود، [إمَّا لتعذره كسيِّيء الفهم
يتعذر عليه أن يصل لرتبة الاقتداء، أو لسوء الظن به، فينفر الناس عنه، فلا يحصل منه (10) مقصودُ] (11) الاقتداء (12) .
(1) في ن، س، ق:((خير)) وهو خطأ نحوي؛ لأن خبر كان منصوب.
(2)
في ن، س:((يعلمه وشربه)) وهو صحيح أيضاً؛ لأن الخمر تذكر وتؤنث، والتأنيث أغلب عليها. انظر: المذكر والمؤنث للأنباري ص 337
(3)
في س، ن:((يجهله)) وهو جائز للعلة السابقة.
(4)
هنا زيادة: ((بها)) في س
(5)
في متن هـ: ((يأثم)) ..
(6)
انظر: الذخيرة للمصنف 6/28-29
(7)
في س: ((يتفقَّهوا)) وقد سبق التعليق على مثلها.
(8)
في ن: ((عن)) .
(9)
في ق: ((لهذه)) وربما كان وجهه الإشارة إلى ((حالة)) .
(10)
ساقطة من ق
(11)
ما بين المعقوفين ساقط من ن
(12)
في ن: ((والاقتداء)) .