الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأيضاً فالصحابة رضوان الله عليهم يقتضي حالهم أنهم لا يُقِرُّون بين أظهرهم إلا ما يكون شرعاً، فيكون ذلك شرعاً.
مراتب رواية غير الصحابي
ص: وأما غير الصحابي: فأعلى مراتبه أن يقول: حدَّثني أو أخْبَرني [أو سمعتُه (1) ، وللسامع منه أن يقول حدثني أو أخبرني أو سمعته يحدّث عن فلان، إن قصد إسماعه خاصةً أو في جماعة، وإلا فيقول](2) : سمعته يحدث (3) .
الشرح
إذا حدَّث جماعةً هو أحدُهم صَدَق لغةً أن يقول: حدثني وأخبرني، وأما إذا لم يقصِدْ إسماعَه ولا إسماع جماعةٍ هو فيهم لا يصْدُق أنه حدَّثه ولا أخبره، بل يصدق أنه
سمع فقط، فإن سماعه (4) لا يتوقف على [قصد إسماعه](5) .
ص: وثانيها (6) : أن يقول له (7) : أسمعت هذا من فلان؟ فيقول (8) : نعم، أو يقول (9) بعد الفراغ (10) : الأمر كما قُرِيء (11) ، فالحكم مثل الأول في وجوب العمل ورواية
(1) في ن: ((سمعت)) .
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
(3)
هذه المرتبة يصطلح عليها المحدثون بالسماع من الشيخ سواء من صدره أو سطره. ويسمّيها الأصوليون: قراءة الشيخ، وفي كون هذه المرتبة أعلى من التي تليها وهي: القرآءة على الشيخ خلافٌ، مع الاتفاق بكونهما أعلى المراتب. انظر: المستصفى 1/309، المحصول للرازي 4/450، شرح مختصر الروضة للطوفي 2/203 كشف الأسرار للبخاري 3/78، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/69، البحر المحيط للزركشي 6/309، التوضيح لحلولو ص323، شرح الكوكب المنير 2/490 فواتح الرحموت 2/210، علوم الحديث لابن الصلاح ص132، فتح المغيث للسخاوي 2/151، ظفر الأماني للكنوي ص504.
(4)
هنا زيادة: ((هو)) في ن، س.
(5)
في س: ((قصده سماعاً)) والمثبت أوضح في المراد.
(6)
في س: ((وثالثها)) وهو تحريف. والمرتبة الأولى هي المذكورة في المتن السابق.
(7)
أي: أن يقول الراوي لشيخه بعد القراءة.
(8)
أي: الشيخ.
(9)
أي: الشيخ.
(10)
أي: بعد فراغ التلميذ من القراءة.
(11)
تسمَّى هذه المرتبة بالقراءة على الشيخ أو العرض أو عرض القراءة. انظر المراجع السالفة في هامش (3) في هذه الصفحة.
السامع (1) .
الشرح
لأن لفظة ((نعم)) في لغة العرب تقتضي إعادة الكلام الأول وتقريره، فإذا قلْتَ لغيرك: أقام زيد؟ فيقول: نعم، تقديره: نعم قام زيد، فإذا قيل له: أسمعت هذا؟ فقال (2) : نعم؛ [تقديره: نعم](3) سمعته.
وقوله الأمر كما قُرِيء المراد بالأمر مسموعه وما ضَبَطه، تقديره الذي سمعْتُه وضبطْتُه (4) مثلُ الذي قُرِيء، فيكون عين المسموع له، لأنا (5) لا نعني بعينه إلا ذلك، فإن اللفظ إذا أعيد بعينه كان الثاني مثل الأول قطعاً، وكلما كرَّر الإنسان (6) الفاتحة كانت أصواته الثانية مِثْلَ أصواته الأولى (7) لا عَيْنَها، بل هي أمثالٌ تُكَرَّرُ.
(1) قال الشوشاوي في " رفع النقاب " القسم 2/726 ((أما كون هذا القسم مثل القسم الأول في
وجوب العمل فهو أمر متفق عليه. أما كونه مثل الأول في رواية السامع فهو مختلَفٌ فيه، فجرى
كلام المؤلف على قولٍ، إذ فيه للمحدَّثين ثلاثة أقوال؛ قيل: قراءة الشيخ على الطالب أصح، وهو
مذهب الجمهور. وقيل: قراءة الطالب على الشيخ أصح على عكس الأول، وهو مذهب
مالكٍ رضي الله عنه. وقيل: هما سواء، وهو مذهب أهل المدينة قديماً وحديثاً
…
)) ثم ذكر مأخذ كل قول.
وانظر: التوضيح لحلولو ص324، الكفاية في علم الرواية ص 262، تدريب الراوي للسيوطي 1/426، الباعث الحثيث 1/330.
* لكن اختلفوا في كيفية أداء السامع لما تحمَّله قراءةً على شيخه، فقيل: له أن يقول: حدثني وأخبرني وسمعته، وقيل: بل لابد من تقييد ذلك بالقراءة، وقيل: ليس له أن يقول إلا أخبرني وأخبرنا، بناء على التفريق بينها وبين حدثني وحدثنا، وقيل غير ذلك. انظر: إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص123، توضيح الأفكار للصنعاني 2/188، توجيه النظر للجزائري 2/712.
(2)
في ق: ((فيقول)) .
(3)
ساقطة من س.
(4)
في ق: ((وما ضبطته)) .
(5)
ساقطة من ن.
(6)
في ق: ((إنسان)) .
(7)
في ق: ((الأُوَل)) .
ص: وثالثها: أن يكتب (1) إلى غيره سماعه (2) ، فللمكتوب إليه [أن يعمل
بكتابه] (3) إذا تحقّقه أو ظنه (4)، ولا يقول: سمعتُ ولا حدثني (5)، ويقول: أخبرني (6) .
الشرح
قد تقدَّم أن (7) الاعتماد على الخط والكتابة جوَّزه في الرواية كثيرٌ ممن منعه في الشهادة، وتقدَّم الفرق بينهما، وتوجيهُ الخلاف في ذلك (8)، وكونُ المكتوب إليه يقول:((أخبرني)) معناه: أعلمني، والإعلام والإخبار يصدق لغةً (9) بالرسائل (10) ، وفي التحقيق
(1) أي: أن يكتب الشيخ إلى الطالب شيئاً من حديثه.
(2)
في ق: ((بسماعه)) ، وفي ن:((سماعاً)) .
(3)
ما بين المعقوفين في ق هكذا ((العمل بكتابته)) .
(4)
هذه هي المرتبة الخامسة عند المحدثين، وتسمَّى: بالكتابة أو المكاتبة، وهي: أن يكتب الشيخ للطالب الذي يريد الرواية عنه شيئاً من مروياته (مسموعاته) ، أو يأذن لغيره أن يكتب عنه للطالب، سواء كان الطالب حاضراً مجلس الشيخ أم غير حاضر. وهي نوعان، الأول: كتابة مقرونة بالإجازة، كأن يقول له في آخر الكتاب:((ارْوِ عنّي ما في الكتاب)) أو يقول: ((هذا سماعي وأجزتك أن ترويه عني)) . وحكمه: جواز الرواية بها اتفاقاً. الثاني: كتابة مجردة عن الإجازة، وحكمه: منع قوم الرواية بها، والأكثرون على جواز الاحتجاج بها. انظر: الإحكام للآمدي 2/101، نهاية الوصول للهندي 7/3011، رفع النقاب القسم 2/729، شرح الكوكب المنير 2/509، تيسير التحرير 3/92، المُحدِّث الفاصل للرامهرمزي ص 441، 452، الكفاية في علم الرواية ص336، الإلماع للقاضي عياض ص83، تدريب الراوي 1/480.
(5)
لأن الكتابة ليست مما يُسمع، ولا هي من الحديث. انظر: رفع النقاب القسم 2/730.
(6)
نُقل عن الليث بن سعد وغيره جواز إطلاق: حدثنا وأخبرنا. وجوّز آخرون: أخبرنا دون حدثنا. وقال الصنعاني في توضيح الأفكار 2/209 ((والمختار الصحيح اللائق بمذهب أهل التحرّي والنزاهة أن يقيد ـ عند الرواية ـ ذلك فيقول: أخبرنا كتابةً، أو كتب إليّ، أو نحو ذلك تحرزاً من اللبس والإيهام)) وانظر: البحر المحيط للزركشي 6/322، علوم الحديث لابن الصلاح ص173.
(7)
ساقطة من ن.
(8)
انظر ص 251 وما بعدها.
(9)
ساقطة من ن.
(10)
قال ابن فارس: ((الخاء، والباء، والراء، أصلان، فالأول: العلم
…
)) معجم المقاييس في اللغة، مادة "خبر" وجاء في لسان العرب ((قولهم: لأخْبُرَنَّ خُبْرَك، أي: لأعْلَمَنَّ عِلْمك)) انظر مادة " خبر ". وانظر الفرق بين الإخبار والإعلام في كتاب: الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ص104.
هو مجاز لغوي حقيقة اصطلاحية (1) ، فإن الإخبار لغةً إنما هو في اللفظ، وتسمية الكتابة (2) إخباراً أو خَبَراً؛ لأنها تدل على ما يدل عليه الإخبار، والحروف الكتابية موضوعة للدلالة على الحروف اللسانية، فلذلك سميت خبراً أو إخباراً من باب تسمية الدليل باسم المدلول.
ص: ورابعها: أن يقال له: هل سمعْتَ هذا (3) ، فيشير برأسه أو بأصبعه، فيجب العمل به (4) ،
ولا يقول المشار إليه: أخبرني ولا حدثني ولا سمعته (5) .
الشرح
هذه الإشارة قائمة في اللغة والعُرْف مقام قوله: نعم، فتفيد غلبة الظن أنه معتقِدٌ صحةَ ما قيل له، والعمل بالظن واجب في [هذا الباب](6) ، ولا تسمى هذه
الإشارة خبراً ولا إخباراً ولا حديثاً، ولا هي شيء يسمع (7)، فلا يقول: سمعته (8) ،
(1) الحقيقة قد تكون مجازاً، والمجاز قد يصير حقيقةً، والذي يَعْنِينا هو الثاني؛ وهو صيرورة المجاز حقيقةً عرفية، لأن المجاز إذا كثر استعماله صار حقيقةً عرفية وهُجِرتْ حقيقته اللغوية، فصار مجازاً لغوياً، مثل الغائط؛ كان مجازاً في قضاء الحاجة، وحقيقته في المكان المُطْمَئِن من الأرض، ثم تعُوُرف هذا المجاز، وكثر استعماله حتى صار حقيقةً سابقة إلى الفهم. انظر: الطراز ليحيى العلوي اليمني ص49، وانظر كلام المصنف في ذلك: ص44 (المطبوع) .
(2)
ساقطة من ن، وفي ق:((الكتاب)) .
(3)
في ق: ((كذا)) .
(4)
ساقطة من س، ق، متن هـ.
هذه المرتبة وكذا المرتبتان التاليتان؛ الخامسة السادسة تلتحق بالمرتبة الثانية عند المحدثين، وهي القراءة على الشيخ، سواء أقرَّ بالمسموع أو أشار أو سكت انظر: المستصفى 1 / 309، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/69، الكفاية في علم الرواية ص 259، تدريب الراوي 1/434. وحكم هذه المرتبة: وجوب العمل بها عند جماهير المحدثين والفقهاء، وخالف بعض الظاهرية وبعض الشافعية إذ شرطوا نطق الشيخ وإقراره تصريحاً. انظر: البحر المحيط للزركشي 6/317، علوم الحديث لابن الصلاح ص141، توضيح الأفكار للصنعاني 2/191.
(5)
في ق، ن:((سمعت)) . وهذا أحد الأقوال، إذ لابد من التقييد بالقراءة، وقيل: يجوز مطلقاً، وقيل: يجوز في ((أخبرني)) دون الباقي. انظر: شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/69، الكفاية في علم الرواية
ص 296، توضيح الأفكار للصنعاني 2 / 191.
(6)
في ن: ((الشرع)) .
(7)
في س: ((تسمع)) .
(8)
لأنها من المُبْصَرات لا من المسموعات.
ويُحْتاج (1) في هذا المقام إلى الفرق بينها وبين الكتابة، فإنَّ كليهما فعل، وكلاهما لا يصدق عليه الإخبار حقيقةً لغويةً، فيقع الفرق من وجهين (2)، أحدهما: أن الكتابة أمسُّ بالإخبار في كثرة الاستعمال، فلما اطَّرد* ذلك صار كأنه موضوع للإخبار، والإشارة أقل من الكتابة في ذلك، وتداولُ المُكاتَبات بين الناس أكثر من تداول الإشارات (3) ، ولذلك امتلأت الخزائن من الكتب، والدول من الدواوين كلها بطريق الكتابة. وثانيهما في الفرق: أن الكتابة فيها وضع اصطلاحي بخلاف الإشارة.
ص: وخامسها: أن يقرأ عليه، فلا ينكره* بإشارة ولا عبارة، ولا يعترف، فإن غلب على الظن اعترافهُ لزم العمل (4) ، وعامة الفقهاء جوّزوا روايته، وأنكرها (5) المتكلمون، وقال بعض المحدثين: ليس له أن يقول إلا أخبرني قراءة عليه (6) .
وكذلك الخلاف لو قال القاريء للراوي بعد قراءة الحديث: أأرويه (7) عنك؟ فقال: نعم، وهو السادس (8) ، وفي مثل هذا اصطلاحُ المحدِّثين (9) وهو من مجاز
(1) في ن: ((ولا يحتاج)) بزيادة ((لا)) النافية وهو خطأ؛ لأنه خلاف المقصود.
(2)
في س: ((جهتين)) .
(3)
في ن، ق:((الإشارة)) .
(4)
أي: أن يقرأ الطالب على الشيخ فيقول الطالب لشيخه: هل حدّثك فلان بهذا؟ فيسكت دون إنكار أو إقرار أو إشارة. وهذه المرتبة ـ كما أسلفت ـ داخلة في مرتبة القرآءة على الشيخ عند المحدثين وبعض الأصوليين، والحكم عليها واحد. انظر: المستصفى 1/ 309، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/69، البحر المحيط للزركشي 6/317، الكفاية في علم الرواية ص 280، علوم الحيث لابن الصلاح ص141، توضيح الأفكار للصنعاني 2/191.
(5)
في ق: ((وأنكره)) .
(6)
انظر الخلاف في جواز الرواية بهذا الطريق في: شرح اللُّمع للشيرازي 2/651، المحصول للرازي 4/451، شرح مختصر الروضة للطوفي 2/203، كشف الأسرار للبخاري 3/78، البحر المحيط للزركشي 6/419، إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص124، فتح المغيث للسخاوي 2/184.
(7)
في ن متن هـ: ((أرويه)) .
(8)
يعني أن الخلاف المذكور في المرتبة الخامسة هو أيضاً كذلك يجري في المرتبة السادسة، وهي، أن يقول القاريء للشيخ بعد الفراغ من قرآءة الحديث: أأرويه عنك؟ فيقول الشيخ: نعم. انظر: رفع النقاب للشوشاوي القسم 2/735.
(9)
أي: أن المحدثين لا يفرِّقون في الحكم على الرواية بين سكوت الشيخ أو نطقه، فالكل تصحُّ الرواية به. انظر هامش (4) ص (279) .
التشبيه (1)(2) ، شُبِّه (3) السكوت بالإخبار (4) .
الشرح
إذا غلب على (5) الظن اعترافه لزم العمل به؛ لأن العمل بالظن واجب، غير أن هاهنا إشكالاً (6) : وهو أن مطلق الظن كيف كان لم يعتبره صاحب الشرع، بل [ظنٌ خاصٌّ](7)[عند سببٍ خاصٍّ](8)، فما ضابط هذا الظن الحاصل (9) هاهنا؟. فإن قلنا: يكفي مطلق الظن ضَعُف من حيث القواعد، وإن قلنا: المطلوب ظن خاص ضعف ضبطه (10) .
ووجه تجويز الرواية أمران، أحدهما: قياساً على العمل به (11)، وثانيهما: أن الظن حصل باعترافه فتجوز الرواية، كما لو قال: نعم.
(1) في ق: ((الشبيه)) ، وفي س:((الشبه)) .
(2)
المجاز: ضد الحقيقة، وإنما يقع المجاز ويعُدل إليه عن الحقيقة لمعانٍ ثلاثة: التوسع، والتوكيد، والتشبيه، فإذا انعدمت هذه المعاني تعينَّت الحقيقة. كما أن للمجاز عدة أقسام وأنواع، كمجاز الحذف، والزيادة، والتضاد وغيرها، ومجاز التشبيه أحد هذه الأقسام. انظر: الخصائص لابن جني 2/442، المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي 1 / 356.
(3)
في س: ((يشبه)) وهو تحريف.
(4)
هذا عجيب من المصنف، لأنه إذا وقع تشبيه السكوت بالإخبار فتشبيه الإشارة بالإخبار أولى بالوقوع منه. ومع ذلك منع المصنف هناك ـ في المرتبة الرابعة ـ أن يقول المشار إليه: أخبرني أو حدثني أو سمعته، وهنا نقل الخلاف في الرواية في حال السكوت، فنقْلُ الخلاف في الرواية حال الإشارة أولى وأظهر، وهذا ما فعله المحدثون وبعض الأصوليين. انظر المراجع المذكورة في هامش (5) ص 279، وهامش (6) ص 280. وانظر حكاية التعجب في: نهاية الوصول للهندي 7/3011، البحر المحيط للزركشي 6/311، 321.
(5)
في س: ((عن)) .
(6)
في س: ((إشكالان)) وهو تحريف لأنه إشكالٌ، وخطأ نحوي؛ لأن اسم " إن " منصوب.
(7)
في ق: ((ظناً خاصاً)) وهو جائز على أن ((بل)) عاطفة على الضمير المفعول به في قوله ((يعتبره)) .
(8)
ساقط من س.
(9)
ساقط من ن.
(10)
ماذا لو قيل في ضبطه بالنظر إلى قرائن الأحوال الظاهرة من تيقُّظِ الشيخ التام عند الإقراء عليه، وفهمه لما يقرأ، وإصغائه الدقيق مع عزوفه عن الصوارف القاطعة عن المتابعة، وكونه لا يقرُّ على خطأ أو وَهْم، بل يحرص على التصحيح والتصويب؟. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص141، توضيح الأفكار للصنعاني 2/191.
(11)
ساقطة من ق، ن.
حجة المنع: أن الرواية هي التحمُّل والنقل، وهو لم يأذن في شيء فيتحمَّل عنه، والتحمل بغير سماع ولا ما يقوم مقام السماع لا يجوز (1) .
وقوله: ((أخبرني قراءةً عليه)) : معناه أن إخباره لم يكن بإسماعي (2) لفظاً (3)[من قِبَله](4) ، لأنه ساكت بل إخباري قراءةً عليه، فكأنه فسَّر* الإخبار بأنه قرأ عليه، فإن
((قراءةً)) منصوب على التمييز والتمييز مُفسِّر (5) .
وأما قوله: ((نعم)) فهو أقوى من الأول لوجود التصريح بالجواب من حيث الجملة (6) .
ص: وسابعها: إذا قال له: حدِّثْ عني ما في هذا الكتاب، ولم يقل له (7) : سمعتُه، فإنه لا يكون محدِّثاً له به، وإنما أذِن له في التحديث (8) عنه (9) .
(1) لكن أجيب بمنع الثاني؛ لأن هاهنا ما يقوم مقام السماع، وهو غلبة الظن باعترافه. انظر: رفع النقاب القسم 2/734.
(2)
في ق: ((بسماعي)) وهو تحريف، وفي ن:((سماعياً)) وهو سائغ.
(3)
في ن: ((لفظياً)) .
(4)
ساقط من ق.
(5)
التمييز عند النحاة: هو اسمٌ فَضْلةٌ نكرةٌ جامدٌ، مفسِّرٌ لما انبهم من الذوات. شرح قطر الندى لابن هشام ص 223. شرح الحدود النحوية للفاكهي ص 171.
(6)
إذا كان الأمر كذلك كان الأولى تقديم المرتبة السادسة على المرتبة الخامسة التي ليس فيها إلا السكوت فقط.
(7)
ساقط من ن.
(8)
في ق، ن:((التحدث)) وهكذا في سائر نسخ المتن ما عدا نسخة متن د، ونسخة س. والمثبت أقعد؛ لأن ((حدَّث)) مصدرها ((التحديث)) . انظر: لسان العرب مادة " حدث ".
(9)
هذه المرتبة تسمى: بالمناولة: وهي إعطاء الشيخ للطالب شيئاً ـ ككتابٍ ونحوه ـ من مروياته، سواء كان الإعطاء تمليكاً أو هبةً أو بيعاً أو إجارة أو إعارة. انظر: ظفر الأماني للكنوي ص (519) . وهي نوعان، الأول: مناولة مقرونة بالإجازة، ولها صور منها، أن يقول الشيخ: خُذْ هذا الكتاب فهو سماعي وروايتي، فارْوِهِ عنَّي، أو أجزتُ لك روايته عني. أو يجيء الطالب إلى الشيخ بكتابٍ أو جزءٍ من حديثه فيَعْرِضه عليه ليتأملَّه، وهو عارف يَقِظ، فيقول الشيخ: وقفْتُ عليه، وهو سماعي، فارْوِ عني، وتسمَّى هذه الصورة عَرْضاً أو عَرْض المناولة للتفريق بينها وبين عرض القرآءة. وحكم هذا النوع: هو الاتفاق على صحة الرواية بها. الثاني: مناولة مجردة عن الإجازة، بأن يدفع الشيخ الكتاب، ويقول: هذا حديثي أو سماعي، ولا يقول له: ارْوِه عني، أو أجزت لك روايته عني. حكمها: أنها مناولة مختلَّة، لا تجوز الرواية بها، وحُكي عن طائفة جواز الرواية بها. انظر: المحصول للرازي 4/453، نهاية الوصول للهندي 7 / 3012، البحر المحيط للزركشي 6 / 324، التوضيح لحلولو ص 324، رفع النقاب القسم 2 / 737، شرح الكوكب المنير 2 / 503، فواتح الرحموت 2/211، الكفاية في علم الرواية ص 326، علوم الحديث لابن الصلاح ص165، توضيح الأفكار للصنعاني 2/204، تدريب الراوي 1/467.
وثامنها: الإجازة (1)
تقتضي أن الشيخ أباح له أن يحدث به، وذلك إباحة للكذب، ولكنه في عُرْف المحدثين (2) معناه: أن ما صحَّ عندك أني سمعته فارْوه عني. [والعمل عندنا (3) بالإجازة جائزٌ (4) خلافاً لأهل الظاهر (5) في اشتراطهم المناولة، وكذلك إذا كتب إليه أن الكتاب الفلاني رويتُه فارْوه عني إن (6) صح عندك، فإذا صح عنده جازت له الرواية، وكذلك إذا قال له مشافهةً: ما صح عندك من حديثي فارْوه
عني] (7) .
(1) ينبغي أن يلاحظ أن ما ذكره المصنف هنا هو: مناولة مقرونة بالإجازة، لكن دخلها الخلل من جهة عدم تصريح الشيخ بالسماع، ومعلوم أن شرط الرواية السماع، لأجل ذلك لم تَجُزْ الرواية بها عنه. والمصنف ـ عفا الله عنه ـ اجتزأ كلام الرازي في المحصول (4/453) ، فأتى بهذه العبارة هنا دون عبارة المحصول السابقة لها التي هي أصلٌ لهذه.
() الإجازة، لغة: العبور، والانتقال، والإباحة القسيمة للوجوب والتحريم. انظر: لسان العرب مادة
" جوز "، وانظر: فتح المغيث للسخاوي 2/214، توضيح الأفكار للصنعاني 2/193.
واصطلاحاً: الإذن في الرواية لفظاً أو كتابة. انظر: شرح شرح نخبة الفكر للقاري ص (677) ، ظفر الأماني للكنوي ص (512) . والإجازة أنواع وضروب، أطنب المحدثون في أوصافها. انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص151، الإلماع للقاضي عياض ص88، توجيه النظر للجزائري 1/479.
لو ذكر المصنف صورة الإجازة هنا ثم ذكر نوعيها من الإجازة المطلقة، والمقيدة، ثم حكم عليهما، كما ذكرهما في الشرح لكان أولى. انظر: المحصول للرازي 4 / 454.
(2)
انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص151، الإلماع للقاضي عياض ص88، فتح المغيث للسخاوي 2/217، توضيح الأفكار للصنعاني 2/193.
(3)
في ن: ((عنده)) والمثبت أوضح.
(4)
هذا رأي جمهور الأصوليين والمحدثين، والمحكي عنهم الوجوب، فلعلَّ المصنف أصدر الحكم بالجواز في مقابلة قول الرأي الآخر في أنه غير جائز. انظر المعتمد 2/171، العدة لأبي يعلى 3 / 983، إحكام الفصول 382، الإبهاج 2/335، كشف الأسرار للبخاري 3 / 88، علوم الحديث لابن الصلاح ص 153، الإلماع للقاضي عياض ص 88.
(5)
وهو رواية عن الشافعي. انظر: الإحكام لابن حزم 1/273، التلخيص للجويني 2/391، البحر المحيط للزركشي 6/328، الكفاية في علم الرواية ص316، تدريب الراوي 1 / 449.
(6)
في متن هـ ((إذا)) وهو مقبول أيضًا. انظر هامش (7) ص 16.
(7)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
الشرح
إيضاح للمرتبة السابعة وحكمها
لا يمكنه أن يسند الرواية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقل له (1) : سمعْتُه، فإنه لم يُثْبِتْ أصْلَ نفسه، فيبطل (2) العمل به.
إيضاح المرتبة الثامنة وهي الإجازة
والإجازة تقتضي بظاهرها الكذب؛ لأن لفظها أجزْتُ لك أن تروي عني كل شيء، أو أجزْتُ لك الرواية عني مطلقاً (3) ، فهذا يقتضي أنه يروي* عنه كل شيء، وهو إباحة الكذب، [أما لو قُيِّدتْ بقوله (4) : أجزت لك أن تروي عني (5) ما صح عندك أني أرويه (6) لم تكن إباحةً للكذب] (7)، وكذلك إذا (8) قال له (9) المجيز: لك (10) ذلك بشرطه شرعاً (11) أو بشرطه المعتبر عند أهل الأثر، فهذا كله مقيد، وليس فيه إباحة كذب.
والعمل بالإجازة جائز، معناه إذا صح عنده أن مجيزه روى (12) هذا بطريق صحيح، فيرويه (13) هو عنه بمقتضى الإجازة، فيتصل السند وإذا اتصل السند جاز العمل.
(1) ساقطة من ن. والمعنى المقصود هنا: إذا لم يقل الشيخ للتلميذ.
(2)
في ن: ((فبطل)) .
(3)
تسمى هذه بالإجازة المطلقة، وهي التي ظاهرها يقتضي إباحة الكذب؛ لأنه أباح له أن يحدِّث بما لم يحدثه به.
(4)
في ق: ((نحو)) .
(5)
ساقطة من ق.
(6)
هذه تُسمَّى بالإجازة المقيدة، وهي التي أشار إليها المصنف في المتن بقوله:((في عرف المحدثين)) سواء كانت مشافهةً أو مناولةً أو مكاتبةً، كما ذكر المصنف صورها في المتن.
(7)
ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(8)
في ق: ((لو)) .
(9)
ساقطة من س، ن.
(10)
في س، ن:((له)) .
(11)
في ن: ((الشرعي)) .
(12)
في قي: ((يروي)) .
(13)
في ق: ((فيروي)) ، وفي س:((ويرويه)) .
قال القاضي عبد الوهاب (1) : اختلف أهل العلم (2)(3) في الإجازة، وهي: أن يقول الراوي لغيره قد أجزْتُ لك أن تروي هذا الكتاب عني أو يكتب إليه بذلك فمنعها (4)
مالك وأشهب (5) وعليه أكثر الفقهاء، واختلفوا فيما يقول المُجَاز إذا أجزْنا (6) ذلك، فقيل: يقول ((أخبرني إجازة)) ولا يقول ((أخبرني مطلقاً، ولا حدثني)) . وقيل: يقول ((كتب إليّ (7) وأجازني)) فقط (8) .
(1) انظر قوله في: رفع النقاب للشوشاوي القسم 2/740، وأشار إليه السيوطي في تدريب الراوي 1/449.
(2)
في ن: ((المذهب)) .
(3)
هنا زيادة: ((وأهل الحديث)) في ن.
(4)
هكذا في أكثر النسخ ولا سيما العريقة منها. أما في النسخ ز، م، ش، ففيها ((فقبلها)) والمثبت أولى؛ لأن الثابت عن أشهب هو المنع. انظر: فتح المغيث (2 / 218) ، ولأنه نقل عن الإمام مالك المنع، قال ابن قاسم: سألت مالكاً عن الإجازة، فقال: لا أراها، إنما يريد أحدهم أن يقيم المقام اليسير ويحمل العلم الكثير. وبنحوه نقل عنه ابن وهب. انظر: الكفاية في علم الرواية ص (316) ، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/1159) ، فتح المغيث للسخاوي (2/219) . ومع ذلك قال الخطيب البغدادي ((ثبت عن مالك رحمه الله أنه كان يحكم بصحة الرواية لأحاديث الإجازة. فأما الذي حكيناه عنه آنفاً فإنما قاله على وجه الكراهة أنْ يجيز العلم لمن ليس من أهله
…
)) الكفاية في علم الرواية ص (317) . وقال الأبياري: ((اختلف قول مالك في إسناد الرواية إلى الإجازة، والصحيح عندي ما قدمته فيها)) وهو عدم الجواز. التحقيق والبيان (رسالة جامعية) ص 848، وفي نشر البنود (2/69) حكى المنع عن مالك. وقال القاضي عياض ((وروى الوجهان عن مالك، والجواز عنه أشهر، وهو مذهب أصحابه من أهل الحديث وغيرهم، وظاهر رواية الكراهة عنه لمن لا يستحقها لا لنفسها)) . إكمال المعلم بفوائد مسلم (1 / 190) . وحكى ابن عاشور بأن لمالك ثلاثة أقوال: الإباحة، والمنع، والكراهة. انظر: حاشية التوضيح والتصحيح 2 / 148..
(5)
هو أشْهَب بن عبد العزيز بن داود القيسي الجَعْدي، اسمه: مسكين، وأشهب لقب، روى عن مالك والليث والفضيل بن عياض وغيرهم، انتهت إليه الرئاسة في مصر بعد ابن القاسم. قال الشافعي عنه: ما رأيت أفقه من أشهب. توفي عام 204هـ. انظر: ترتيب المدارك 2/447، وفيات الأعيان 1/238، الديباج المذهب ص162.
(6)
في ن: ((جوزنا)) وهي بنفس المعنى.
(7)
في ق "أو".
(8)
وقيل يجوز بأي لفظٍ مِنْ: حدثنا وأخبرنا ونحوهما مطلقاً. وقيل: يقول: أنبأنا. انظر هذه الأقوال في: إحكام الفصول ص382، شرح اللمع 2/651، المسودة ص288، كشف الأسرار للبخاري 3/90، الكفاية في علم الرواية ص 330، إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص 136، فتح المغيث للسخاوي 2/305.
حجة أهل الظاهر: أن خصوص هذا الكتاب الذي وجده الآن لم يسمعه من شيخه، فلم يتصل السند فيه، فلا يجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز العمل به.
وجوابهم: أن السند متصل بالطريق الذي بيَّناه. وقد صح عنده (1) رواية مجيزه له فاتصل السند، ولا حاجة للمناولة؛ لأنه إذا ثبت أن مجيزه يرويه، فهذا (2) الطريق (3) يقوم (4) مقام المناولة، والمقصود حصول اتصال السند بطريق صحيح كيف كان.
ومعنى قوله: ((إن الكتاب الفلاني رويته فاروه عني إذا صح عندك)) معناه: إذا صحَّ عندك [أن النسخة التي معك هي](5) النسخة التي رويتُها أنا، أو هي مُقابَلةٌ (6) عليها مُقَابَلةً لا يُشك أن هذه مثلَ تلك من غير زيادة ولا نقص. أما صحة أصل الرواية في ذلك الديوان من حيث الجملة لا تبيح له إباحة جميع نُسَخه كيف كانت؛ لاحتمال الزيادة أو النقص، فلا تجوز الرواية ولا العمل (7) ،
وفي الأول تجوز الرواية والعمل، ومعنى جواز العمل: أنه يجوز للمجتهد أن يجعله مستنده في الفتيا بحكم الله تعالى، أما
(1) في ن: ((عند)) وهو تحريف.
(2)
في ق: ((فهذه)) ، وفي س:((هذه)) وهو مقبول، لأن ((الطريق)) تذكر وتؤنث، والتذكير فيه أكثر وأجود. انظر: المذكر والمؤنث للفراء ص 87، لسان العرب مادة " طرق ".
(3)
في ق: ((الطريقة)) .
(4)
في ن، ق:((تقوم)) وهو متَّجه؛ لما ذكر في هامش (2) من هذه الصفحة.
(5)
ساقط من ن.
(6)
ساقطة من س.
والمقابلة في اللغة من قابل الشيء بالشيء مقابلةً وقِبالاً، أي: عارضه. ومقابلة الكتاب بالكتاب أي معارضته، إذا جعلت ما في أحدهما مثل ما في الآخر. انظر: لسان العرب مادة " قبل "، فتح المغيث للسخاوي 3/75.
وفي الاصطلاح: أن يقابل الناسخ نسخته أو ما نقله بأصل شيخه أو بأصل موثوق به، وإصلاح ما يوجد من فروق أو تصحيف أو تحريف أو زيادة أو نقص. انظر: الكفاية في علم الرواية ص239، فتح المغيث للسخاوي 3/78، توثيق النصوص وضبطها عند المحدثين د. موفق بن عبد الله ص125.
(7)
قال الخطيب البغدادي: ((يجب على من كتب نسخةً من أصل بعض الشيوخ أن يُعارض نسخته بالأصل. فإن ذلك شرط في صحة الرواية من الكتاب المسموع)) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/428.
وقال القاضي عياض: ((وأما مقابلة النسخة بأصل السماع ومعارضتها به فمتعيّنة لابد منها. ولا يحلُّ للمسلم التقّي الروايةُ ما لم يُقَابِل بأصل شيخه أو نسخةٍ تحقّق ووَثِق بمقابلتها بالأصل
…
)) الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع ص 158 - 159.
من ليس بمجتهد فلا يجوز له العمل بمقتضى حديثٍ وإن صحَّ عنده سنده، لاحتمال نسخه وتقييده وتخصيصه وغير ذلك من عوارضه التي (1) لا يضبطها إلا المجتهدون (2) ، وكذلك لا يجوز للعامي الاعتماد على آيات الكتاب العزيز لما تقدَّم، بل الواجب على العامي تقليدُ مجتهدٍ مُعْتَبرٍ ليس إلا، لا يُخلِّصه من (3) الله تعالى إلا ذلك، كما أنه لا يخلِّص المجتهدَ التقليدُ، بل يؤدي إليه اجتهادُه بعد بذل جهده بشرطه.
(1) في س، ن:((الذي)) .
(2)
في ن: ((المجتهدين)) وهو خطأ نحوي، لأن موقعها الإعرابي فاعل مرفوع بالواو؛ لأنه جمع مذكر سالم.
(3)
في ق: ((مع)) .