الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على المقيد. ولقوله تعالى في الآية الأخرى {ممن ترضون من الشهداء} (1) وإذا اشْتُرِطتْ العدالة في الشهادة المتعلقة بأمر جزئي لا يتعداه الحكم المشهود به فأولى الرواية، لأنها (2) تُثْبتُ حكماً عاماً على الخلق إلى يوم القيامة، ولأن الدليل ينفي العمل بالظن خالفناه في حق العدل (3)، فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل. ولقوله تعالى:{إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} (4) دل على عدم قبول قول الفاسق فلابد من العلم بعدم الفسق حتى يتغيَّر حكم التوقف (5) وذلك هو ثبوت العدالة، وهو المطلوب.
تعريف الصحابي وعدالته
ومعنى قول العلماء: "الصحابة رضوان الله عليهم عدول (6)
" أي: الذين كانوا ملازمين له والمهتدين بهديه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو أحد التفاسير للصحابة (7) . وقيل: الصحابة من رآه ولو مرةً، وقيل: من كان في زمانه (8) ،
وهذان القسمان
(1) البقرة، من الآية:282.
(2)
في ن: ((التي)) وهي سائغة، وفي س:((لا)) وهي خطأ إلا أن يكون قد سقط مها جزء الكلمة ((نها)) .
(3)
في ق: ((العدول)) .
(4)
الحجرات، من الآية:6.
(5)
الإضافة هنا بيانية، والمعنى حتى يتغير الحكم الذي هو التوقف. والتوقف يكون عند عدم العلم بالعدالة.
(6)
اختلف في عدالة الصحابة على مذاهب شتى، منها:
1-
…
الصحابة كلهم عدول مطلقاً، وهو مذهب أهل السنة ومن وافقهم، وهو الحق الذي تؤيده أدلة الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
2-
…
سلب العدالة عن الصحابة إلا قلة منهم، وهو مذهب الرافضة عليهم من الله ما يستحقون.
3-
…
كلهم عدول إلا من قاتل علياً رضي الله عنه أو لابس الفتنة، وهو للمعتزلة.
4-
…
إنما تثبت العدالة لمن لازم النبي صلى الله عليه وسلم دون من رآه أو زاره أو وفد عليه مدة يسيره.
5-
…
الصحابة كغيرهم من المسلمين، فيهم العدل وغيره. وهذه الأقوال ما خلا الأول جرأة على الصحابة رضي الله عنهم. انظر: إحكام الفصول ص374، المستصفى 1/307، الموافقات للشاطبي 4/446، شرح الكوكب المنير 2/273، فواتح الرحموت 2/198، الباعث الحثيث 2/498، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 1/162، ظفر الأماني ص539، تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة للعلائي ص71.
(7)
ساقطة من ق.
(8)
الصحابي لغة: نسبة إلى الصحابة، والصحابة في الأصل مصدر ثم صارت جمعاً، مفرده: صاحِب، ولم يُجمع فاعِل على فَعَالهَ إلا هذا، وصَاحَبَه: عَاشَرَه. انظر: مختار الصحاح، القاموس المحيط كلاهما مادة "صحب".
وأما اصطلاحاً: فالخلاف قائم بين المحدثين والأصوليين في تعريفه. قال ابن السمعاني: "وأما اسم الصحابي فهو من حيث اللغة والظاهر يقع على من طالته صحبته مع النبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته، وينبغي أن يطيل المكث معه على طريقة السمع له والأخذ عنه ـ ثم قال ـ وهذا الذي ذكرناه طريق الأصوليين. وأما عند أصحاب الحديث فيطلقون اسم الصحابي على كل من روى عنه حديثاً أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدوُّن من رآه رؤيةً من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا الكل ممن يراه حكم الصحبة. قواطع الأدلة 2 / 486 - 489. وقال ابن حجر: "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي هو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام ـ ثم قال ـ هذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل، ومن تبعهما، ووراء ذلك أقوال شاذة، كقول من قال: لا يُعدُّ صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا، أو استشهد بين يديه
…
" الإصابة في تمييز الصحابة 1 / 158 ـ 159. ثم إن ثمرة الخلاف تظهر في تعديل الصحابة، جاء في تيسير التحرير (3 / 67) " وينبني عليه ـ أي على الخلاف في حقيقة الصحابي ـ ثبوت عدالة غير الملازم وعدم ثبوتها، فلا يحتاج إلى التزكية كما هو قول المحدثين وبعض الأصوليين، أو يحتاج إلى التزكية كما هو قول جمهور الأصوليين " انظر المسألة في: العدة لأبي يعلى 3 / 987، الإحكام للآمدي 2 / 92، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/67، جمع الجوامع بشرح المحلي وحاشية البناني 2/166، البحر المحيط للزركشي 6/190، رفع النقاب القسم 2/639، فواتح الرحموت 2/202، علوم الحديث لابن الصلاح ص292، شرح المواهب اللدنية للقسطلاني 7/24، اليواقيت الدرر للمناوي 2/503، ظفر الأماني للكنوي ص925، تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة للعلائي ص 33 وما بعدها.
لا تلزم فيهما العدالة مطلقاً، بل فيهم العَدْل وغيره، بخلاف الملازمين له عليه السلام، وفَاضَتْ عليهم (1) أنواره، وظهرتْ فيهم بركاته وآثاره، وهو المراد بقوله عليه السلام "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"(2) .
وقولي: "عند قيام المعارض": حَذَراً (3) من زنا مَاعِزٍ (4) والغَامِدِيَّة (5) وغير ذلك مما
(1) ساقطة من ن.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
في ن: ((احترازاً)) .
(4)
هو ماعز بن مالك الأسلمي. قال ابن حبَّان: له صحبة، وهو الذي رُجم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت ذكره في الصحيحين وغيرهما، ويقال: اسمه غريب، وماعزٌ لقب. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 5/521، أُسْد الغابة لابن الأثير 5 / 8. وحديث رجمه في البخاري (6814، 6824) ، مسلم (1692، 1695) .
(5)
في ن: ((العامرية)) وهو تحريف، ولم أجد لها ترجمة، ولكن ذكر النووي في شرح مسلم (11/167) أنَّ غامد بَطْنٌ من جُهَينة من الأزدِ. وحديث رجمها في مسلم (1695، 1696) . وجاء في: المستفاد من مُبهمات المتن والإسناد لأبي زرعة العراقي (2 / 1124) بأن اسمها: سُبيعة، وقيل: أمية بنت فرج، وقيل: أبية.
جرى في زمن عمر في قصة أبي بَكَرة (1) وما (2)
فيها من القذف والجلد؛ القصة المشهورة (3) ،
فمع (4) قيام أسباب الردِّ لا تثبت العدالة، غير أنها هي (5) الأصلُ فيهم من غيرِ عصمةٍ (6) ، وغيرُهم الأصلُ
(1) في س، ن:((أبي بَكْرٍ)) وهو تحريف. وترجمته هو: نفيع بن الحارث بك كِلْدة الثقفي، يقال: ابن مسروح، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي جليل كبير القدر، من فضلاء الصحابة، سُمِّي بأبي بَكْرة لأنه تدلَّى من حِصْن الطائف ببَكْرة. سكن البصرة، وأنجب أولاداً لهم شهرة، توفي عام 51هـ. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة 6/369، البداية والنهاية 8/59.
(2)
في س، ن زيادة:((وما جرى)) وهي غير مثبتة في جميع النسخ..
(3)
فحوى القصة أن أبا بكرة ومعه ثلاثة شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا، وكان ولَاّه عمر على البصرة، وكانت بينهما منافرة. فكتب أبوبكرة لعمر بذلك، فعزله عمر وولَّى أبا موسى الأشعري بدله. ثم لما جاء الشهود والمغيرة إلى المدينة تلكَّأ أحدهم في الشهادة، فجلد عمر الثلاثة حدّ الفِرْية، ثم استتابهم فتابوا إلا أبا بكرة. وقال المغيرة: يا أمير المؤمنين اشْفِني من هذا العبد، وكان عبداً ثم أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهره عمر وقال له: اسكت، لو كملتْ الشهادة لرجمتُك بأحجارك. انظر القصة بوقائعها المثيرة في البداية والنهاية لابن كثير 7/83، 8/59، الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 159. قال ابن حجر في فتح الباري (5/321) "وأخرج القصة الطبراني في ترجمة شِبْل بن مَعْبد، والبيهقي من رواية أبي عثمان النهدي أنه شاهد ذلك عند عمر وإسناده صحيح. ثم انظر توجيه الشيرازي بأن هذا المعارض لا يجوِّز ردَّ أخبارهم في: شرح اللمع (2/638) . اقتصر البخاري على إيراد موضع الشهادة من القصة أورده معلقاً في صحيحه في كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف والسارق والزاني. قال وجلد عمر أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعاً بقذف المغيرة، ثم استتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (7/384) ، والبيهقي في سننه الكبرى (8/235) ، (10/152) وجمع الألباني طرق هذا الحديث في إرواء الغليل (8/28) وصححه. وأورد الحاكم القصة كاملة في مستدركه (3/448) وسكت عنه الذهبي. أورد ابن حجر في فتح الباري (5/321) استشكالاً في إخراج البخاري هذه القصة واحتجاجه بها في عدم قبول شهادة غير التائب من القذف، ومع ذلك احتج البخاري بحديث أبي بكرة في عدة مواضع، فكان الجواب بالفرق بين الشهادة والرواية، وأن الشهادة يُطْلب فيها مزيد تثبُّتٍ خلافاً للرواية..قال ابن حزم في المحلى (9/431، 433)"ما سمعنا أن مسلماً فسَّق أبا بكرة ولا امتنع من قبول شهادته على النبي صلى الله عليه وسلم في أحكام الدين".
(4)
في ق: ((ومع)) .
(5)
ساقطة من ن.
(6)
قال الأبياري: ((وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم واستحالة المعصية، وإنما المراد قبول رواياتهم من غير تكلُّف بحثٍ عن أسباب العدالة وطلب التزكية إلا من ثبت عليه ارتكاب قادح ولم يثبت ذلك والحمد لله، فنحن على استصحاب ما كانوا عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يثبت خلافه. ولا الْتِفَاتٌ إلى ما يذكره أهل السِّيَر، فإن أكثره ضعيف، وما صحَّ فله تأويل صحيح". التحقيق والبيان في شرح البرهان (رسالة جامعية) ص 839.