الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في شرائطه
(1)
ص: وهي: (2) أن يكون عالماً بمعاني الألفاظ وعوارضِها من التخصيص والنسخ وأصول الفقه، ومن كتاب الله تعالى ما يتضمن الأحكامَ، وهي (3) خمسمائة آيةٍ، ولا يشترط الحفظ بل العلم بمواضعها (4) لينظرها عند الحاجة إليها، ومن السنة مواضع أحاديث الأحكام دون حفظها، ومواضع الإجماع (5) والاختلاف، والبراءة الأصلية، وشرائط الحدِّ والبرهان، والنحو واللغة والتصريف، وأحوال الرواة، ويقلِّد مَنْ تقدَّم في ذلك (6) .
تجزُّؤ الاجتهاد:
ولا يشترط عموم النظر، بل يجوز أن تَحْصُل صفة الاجتهاد في فَنٍّ دون فَنٍّ، وفي مسألة دون مسألة، خلافاً لبعضهم (7) .
(1) انظر شروط الاجتهاد في: المعتمد 2/357، العدة لأبي يعلى 5/1594، إحكام الفصول ص 722، شرح اللمع للشيرازي 2/1033، قواطع الأدلة 5/4، الإحكام للآمدي 4/162، تقريب الوصول ص 427، جمع الجوامع بحاشية البناني 2/383، التقرير والتحبير 3/389، التوضيح لحلولو ص 390، فتح الغفار لابن نجيم 3/34، شرح الكوكب المنير 4/459
(2)
في س، ن:((وهو)) . والمثبت أظهر لعوده على " شرائطه ".
(3)
في ق، متن هـ:((وهو)) ووجهه عود الضمير على لفظ: ((ما)) .
(4)
في ن: ((بمواضعه)) ولعلها تحريف؛ لأن مرجع الضمير إلى الآيات الخمسمائة.
(5)
في ن، س، متن هـ:((الاجتماع)) .
(6)
ساقطة من ق.
(7)
هذه مسألة تجزؤ الاجتهاد، بمعنى هل يصحّ أن يُجتهد في بعض الفنون أو الأبواب أو المسائل دون البعض الآخر أو لابد أن يكون المجتهد مطلقاً لديه القدرة على استنباط الأحكام في جميع أبواب الفقه؟. وقد اختلفوا في تحرير محل النزاع، والأقوال في المسألة أربعة. الجواز وهو للجمهور، عدم الجواز، الجواز في مسائل الميراث وحدها؛ لأنها منفصلة عن غيرها، التوقف. انظر: المحصول للرازي 6/25، شرح مختصر الروضة للطوفي 2/585، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/416، البحر المحيط للزركشي 8/242، التوضيح لحلولو ص 392 تيسير التحرير 4/182، فواتح الرحموت 2/416، نشر البنود 2/318، إعلام الموقعين 4/190، أصول الفتوى وتطبيق الأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين لشيخنا د. علي الحكمي ص 34 - 37، الاجتهاد الجماعي ودور المجامع الفقهية لشيخنا د. شعبان محمد إسماعيل ص 49 - 53.
الشرح
حَصْر المتعيِّن في خمسمائة آيةٍ قاله الإمام فخر الدين (1) وغيره (2) ، ولم يَحْصُر غيرهم ذلك، وهو الصحيح (3) ، فإن استنباط الأحكام إذا حُقِّق لا يكاد تَعْرَى (4) عنه آية، فإن القصَص أبعدُ الأشياء عن ذلك، والمقصودُ منها (5) الاتِّعاظ والأمْرُ به، وكلُّ آيةٍ وقع فيها ذِكْرُ عذابٍ أو ذَمٍّ على فعلٍ كان (6)[ذلك دليلَ](7) تحريمِ ذلك (8) الفعل، أو [مدح أو ثواب](9) على فِعْلٍ، فذلك دليل طَلَبِ ذلك الفعل وجوباً أو ندباً، وكذلك ذِكْرُ صفاتِ الله عز وجل والثناءِ عليه المقصودُ به الأمرُ بتعظيم ما عظَّمه الله تعالى وأن نثني عليه بذلك، فلا [تكاد تجد](10) آيةً إلا وفيها حُكْم، وحَصْرُها في خمسمائة آية بعيد (11) .
وشرائط الحَدِّ: حتى يتحقق له الضوابطُ، فيعلم ما خرج عنها [فلا يعتبره](12) ، وما اندرج فيها أَجْرَى عليه أحكام تلك الحقيقة. وشرائط البرهان مقررة في علم المنطق (13) .
(1) انظر: المحصول 6/23.
(2)
منهم الغزالي في المستصفى 2/383، وابن رشد (الحفيد) في الضروري في أصول الفقه ص 137، والنسفي في كشف الأسرار 2/302، ونُسِب إلى ابن العربي كما في البحر المحيط للزركشي 8/230
(3)
انظر: نفائس الأصول 9/3829-3832، شرح مختصر الروضة للطوفي 3/573، شرح الكوكب المنير 4/460.
(4)
في ق: ((يعري)) وهو جائز. انظر هامش (11) ص (27) .
(5)
في ق: ((عنها)) وهو تحريف.
(6)
ساقطة من ق.
(7)
في ن: ((دليلاً على)) .
(8)
ساقطة من س.
(9)
في س، ن:((مدحاً أو ثواباً)) وربَّما كان وجهة العطف على محلِّ عذاب في قوله: ((ذكر عذاب)) فإنها
مجرورة لفظاَ ومنصوبة محلاً. والمثبت أبْين، لأنه معطوف على فاعل " وَقَع " أو على المضاف إليه " عذاب "
(10)
في س: ((يكاد توجد)) .
(11)
في ق: ((تعبد)) وهو تحريف
(12)
ساقط من س
(13)
أجلى المصنف وجه احتياج المجتهد لشرائط الحدِّ وشرائط البرهان في كتابه: نفائس الأصول (9/3835 - 3836)، فذكر من شرائط الحد: الاطراد والانعكاس، والجمع والمنع، وألا يُحدَّ بالأخفى، ولا بالمساوي في الخفاء، ولا بما لا يُعرف المحدود إلا بعد معرفته وهو الدور، وألا يأتي بلفظٍ مجمل أو بمجاز بعيد، وأن يقدِّم الأعم على الأخص. وأما شرائط البرهان فكتقديم المقدمة الصغرى على الكبرى ثم النتيجة، وأن يعلم المُنْتِج والعقيم.. إلخ وانظر في هذا: معيار المعلم في فن المنطق للغزالي ص 98 - 114، 192 - 205، آداب البحث والمناظرة للشنقيطي 1/42، 72 وما بعدهما.
وأما النحو والتصريف واللغة: فلأن الحكم يتبع الإعراب، كما قال عليه الصلاة والسلام ((ما تركنا صدقةٌ)) (1)
بالرَّفْع (2) ، فرواه الرافضة بالنَّصْب (3) أي لا يُورث
ما تركناه (4) وَقْفاً، ومفهومه: أنهم يُورَثون في غيره. وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام ((اقتدوا باللَّذَيْن من بعدي أبي (5) بكر وعمر)) (6)
(1) أما اشتراط المعرفة بعلم المنطق على المجتهد، فمن العلماء من أنكره، لأن أفضل هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم ويُكمِّل علمهم دون حاجة إلى منطق اليونان. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 9/172، جامع الأسرار للكاكي 4/1072، الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي ص (153) . لكن حاول الطوفي أن يوازن بين الفريقين، فانظر كلامه في: شرح مختصر الروضة 3/583
(
) رواه البخاري (4033، 6727)، ومسلم (1759) بلفظ:((لا نُوْرث، ما تركنا صدقةٌ)) والحديث من رواية ثلاثةَ عشر صحابياً بينهم ثمانية من العشرة المبشَّرين بالجنة، ولهذا عدَّه السيوطي من الأحاديث المتواترة. انظر: قَطْف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ص (273) وانظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني ص 227
(2)
على أن ((صدقة)) خبرٌ مبتدؤه "ما" الموصولة، والمعنى: المتروك عنَّا صدقةٌ. انظر: فتح الباري 12/6، عون المعبود للعظيم أبادي 8/129
(3)
فتكون ((صدقة)) حالاً. وممن أشار إلى رواية الرافضة هذه: أبو جعفر أحمد الطبري في كتابة: الرياض النَّضِرة في مناقب العشرة 2/126، وابن كثير في: البداية والنهاية 5/254، وابن حجر في: فتح الباري 12/6، والباجي في: المنتقي 7/317 - 318،، وذكر مناظرةً طريفةً بين سُنِّي جاهلٍ بالنحو وإمَامِيٍّ رافضيّ عالمٍ بالنحو، وقد خَصَمه السُّنِّي. وانظر: نفائس الأصول 9/3834.
(4)
في ق: ((تركناها)) وهو تحريف
(5)
في س، ن:((أبو)) وهي مطابقة لما جاءت في مسند الإمام أحمد 5/382 والتاريخ الكبير للبخاري 8/209، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 2/249.
(6)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/382، 399، 402) ، والترمذي (3662) ، وابن ماجة (97) ، وابن حبان في صحيحه بترتيب ابن بلبان 15/327، والحاكم في مستدركه (3/75) من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وغيره. قال العقيلي:((وهذا يروى عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد ثابت)) الضعفاء (4/94) ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/233) ، برقم (1233) .
رواه الشيعة (1)((أبا بكر وعمر))
[فانعكس المعنى، أي: يا أبا بكرٍ وعمرُ](2) فيكونان مُقْتَدِيَيْن (3) لا مُقْتَدَىً بهما، وهو كثير (4) ، واسم الفاعل من المفعول إنما يُعْلم من جهة التصريف.
وإنما قُلِّد من مضى في أحوال الرواة: لبُعْد (5) أحوالهم عنَّا، فتعيَّن التقليد لمن اطَّلع
[على حالهم](6) ، لتعذِّر ذلك علينا.
حجة عدم اشتراط عموم النظر: أن المقصود البعد عن الخطأ بتحصيل شرائط الاجتهاد، فإذا حصل ذلك في فَنٍّ واحدٍ كان كحصوله في جميع الفنون.
حجة المنع: أن العلوم والفنون يمدُّ بعضُها بعضاً (7) ، فمن غاب عنه فَنٌّ (8) فقد غاب عنه نورٌ فيما (9) هو (10) يعلمه، وحينئذٍ لا يكمل النظر إلا بالشمولِ، ولذلك أنَّ النحوي الذي لا يُحْسِن الفقه ولا المعقولات تجده قاصراً في نَحْوِه بالنسبة (11) لمن يعلم ذلك، وكذلك جميع الفنون.
(1) لم أقف عليه في كتبهم، لكن انظر: نفائس الأصول 9/3835
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من ق
(3)
في س، ن:((مقتديان)) وهو خطأ نحوي، لأن اسم كان منصوب
(4)
انظر مزيداً من الأمثلة في: شرح مختصر الروضة للطوفي 3/581
(5)
في ن: ((لبعض)) وهو تحريف
(6)
في س: ((عليهم)) .
(7)
ساقطة من س
(8)
ساقطة من س، ن
(9)
في ق: ((مما)) .
(10)
ساقطة من ن
(11)
ساقطة من ن