الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدم تقريره] (1)(2) .
حكم الإجماع على أحد القولين بعد الاتفاق على القول بهما
ص: ويجوز حصول الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد (3) خلافاً للصيرفي (4)
(1) ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(2)
انظر: ص 132. وانظر الفرق بينهما في: اللمع للشيرازي ص 192، نفائس الأصول 6/2659، الإبهاج 2/372، نشر البنود 2 / 88. لكن من العلماء - كالآمدي وابن الحاجب - من جعلهما مسألة واحدة، ولم يفرق بينهما لتقاربهما في المعنى. انظر: الإحكام للآمدي 1/268، منتهى السول والأمل ص61، منهج التحقيق والتوضيح لجعيط 2/125.
(3)
هذه المسألة الأولى في هذا المتن، وصورتها: إذا اختلف أهل العصر الواحد في مسألةٍ على قولين. فهل يجوز لهم -بعد ذلك -أن يجمعوا على أحدهما؟ ينبغي- عند تحرير النزاع فيها -أن يُفرَّق بين حالة استقرار الخلاف وثبوته، وحالة عدم استقرار الخلاف وأنهم مازالوا في مهلة النظر والبحث.
أما الحالة الأولى: وهي اتفاقهم قبل استقرار الخلاف، أو كما عبَّر الشيرازي في اللمع ص (190)
قبل أن يبرد الخلاف ويستقر، ففيها قولان، القول الأول: يجوز، وتصير المسألة إجماعية، وهو مذهب الجمهور. القول الثاني: لا يجوز.
أما الحالة الثانية: وهي اتفاقهم بعد استقرار الخلاف ففيها ثلاثة أقوال، الأول: لا يكون حجةً مطلقاً. الثاني: يكون حجةً وإجماعاً مطلقاً. الثالث: التفصيل، يكون حجة إذا كان مستند كلٍ منهم ظنيّاً كالقياس والاجتهاد، ولايجوز إذا كان مستندهم قطعياً حذراً من إلغاء القاطع. والمصنف-رحمه الله لم يذكر الفرق بين حصول الاتفاق قبل خلافٍ مستقرٍ أو بعده، مع أنه ذكر ذلك في نفائس الأصول (6 / 2675) ، وكذلك الرازي في المحصول (4/135، 145) جَعَل لكل واحدةٍ منها مسألةً مستقلة. انظر المسألة في: الحدود للباجي ص63، شرح اللمع للشيرازي 2 / 734، شرح جمع الجوامع بحاشية البناني 2 / 185، التوضيح لحلولو ص281، شرح الكوكب المنير 3 / 276.
(4)
…
هو أبو بكر محمد بن عبد الله البغدادي الصيرفي، نسبةً إلى صِرَافة الدراهم والدنانير. أحد أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي. من شيوخه: ابن سُريج، قال القفال عنه: بأنه أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي، من مؤلفاته: شرح الرسالة للشافعي، كتابٌ في الإجماع، كتابٌ في الشروط وغير ذلك. ت 330هـ.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 3/186، وفيات الأعيان 4/199.
(1)
.
وفي العصر الثاني (2)
لنا (3) وللشافعية (4) والحنفية (5) فيه قولان (6) مبنيَّان على أن إجماعهم على الخلاف (7) يقتضي أنه الحق، فيمتنع الاتفاق أو هو مشروط بعدم الاتفاق، وهو الصحيح.
(1)
…
ممن نقل هذا المذهب عن الصيرفي الإمامُ الرازي في المحصول (4/135) ، والهندي في نهاية الوصول
(6/2540) ، وفي هذه الحكاية عنه نَظَرٌ إن كان في حالة الاتفاق قبل استقرار الخلاف، قال الزركشي في البحر المحيط (6 / 503)((ولم أره في كتابه، بل ظاهر كلامه يشعر بالوفاق في هذه المسألة)) . ويعضد هذا أن الشيرازي في اللمع ص (190) نفى أن يكون في هذه المسألة خلاف. وإن كان هذا النقل عنه بعد استقرار الخلاف، فقال الزركشي في البحر المحيط (6/505) ((ومنهم من نقل هاهنا عن الصيرفي: أنَّا إذا لم نشترط انقراض العصر لا يكون إجماعاً، لتقدُّم الإجماع منهم على تسويغ الخلاف)) . أما مذهب الصيرفي في المسألة الثانية وهي اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول بعد خلافٍ مستقرٍ فقد نقل الآمدي في الإحكام (1 / 278) عنه المنع. وانظر أيضاً: الكاشف عن المحصول 5 / 459.
(2)
…
هذه هي المسألة الثانية، وصورتها: إذا اختلف أهل عصرٍ في مسألة على قولين، فهل يجوز للعصر الثاني أن يجمعوا على أحدهما؟ ، للحكم عليها حالتان:
الأولى: الاتفاق قبل استقرار الخلاف، فالجمهور على جوازه. الحالة الثانية: الاتفاق بعد خلافٍ مستقرٍّ. فكل من قال باشتراط انقراض العصر في الإجماع جوّز قطعاً حصول الاتفاق وجعله إجماعاً. ومن لم يعتبر انقراض العصر اختلفوا على ثلاثة مذاهب: الجواز مطلقاً، المنع مطلقاً، التفصيل: إن كان مستند إجماعهم القياس والاجتهاد لا دليلاً قاطعاً جاز حصول الاتفاق وإلا فلا. انظر: المراجع السابقة المذكورة في المسألة الأولى هامش (3) ص (136)، وانظر أيضاً: المستصفى1/369، والإحكام للآمدي1/278.
(3)
رأي أكثر المالكية هو: جواز انعقاد الإجماع وارتفاع الخلاف السابق. ومنهم من يرى بقاء الخلاف السابق وعدم انقطاعه كالأبهري والباقلاني وابن خويز منداد. انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار
ص 159، إحكام الفصول ص492، لباب المحصول لابن رشيق ص 360، مفتاح الوصول ص 750، التوضيح لحلولو ص281.
(4)
عامة الشافعية على امتناع الاتفاق، وبعضهم يجوّز حصول الاتفاق. انظر: التبصرة ص 378، البرهان للجويني 1 / 456، الوصول لابن بَرْهان 2/102.
(5)
رأي أكثر الأحناف جواز انعقاد الإجماع على أحد القولين وارتفاع الخلاف، لكن هذا الإجماع عندهم بمنزلة خبر الواحد في كونه موجباً للعمل غير موجبٍ للعلم. انظر: أصول السرخسي 1/319، كشف الأسرار للبخاري 3 /456، التقرير والتحبير 3 / 88.
أما مذهب الحنابلة فأكثرهم على أن اتفاق أهل العصر الثاني علىأحد قولي العصر الأول بعد استقرار الخلاف لا يكون إجماعاً، ويجوز الأخذ بالقول الآخر. وخالفهم أبو الخطاب وغيره. انظر: العدة لأبي يعلى 4 / 1105، التمهيد لأبي الخطاب 3 / 297، أصول الفقه لابن مفلح 2 / 445.
(6)
ساقطة من س.
(7)
هنا زيادة: ((هل)) في ن.
الشرح
لنا: أن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في أمر الإمامة ثم اتفقوا عليها (1) ، فدلَّ على ما قلناه.
وأما المسألة الثانية: فصورتها أن يكون لأهل (2) العصر (3) الأول قولان، ثم يتفق أهل العصر الثاني على أحد ذَيْنِك القولين.
لنا: أنَّ هذا القول قد صار قولَ كلِّ (4) الأمة، لأن أهل العصر الثاني (5) هم كل الأمة، فالصواب لا يفوتهم فيتعيَّن قولهم هذا (6) حقاً وما عداه باطلاً (7) .
حجة المخالف: أن أهل العصر الأول قد اتفقوا على جواز الأخذ بكل واحدٍ من القولين بدلاً عن الآخر، فالقول بحصر الحق في [هذا القول](8) خلاف الإجماع (9) .
ولقوله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (10) وهذا حكم وقع فيه النزاع في العصر الأول، فوجب رده إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تنحسم مادة النظر فيه لظاهر الآية (11) . ولقوله عليه الصلاة والسلام:
(1) هذا دليل المصنف على جواز الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد. فقد وقع ذلك في عصر الصحابة في مسألة إمامة أبي بكر رضي الله عنه. والوقوع دليل الجواز. وأما مسألة اختلاف مبايعة بعض الصحابة لأبي بكر رضي الله عنه ثم اتفاقهم عليها انظرها في: صحيح البخاري (6830) ، مسند الإمام أحمد 1/55، مسند أبي بكر رضي الله عنه للسيوطي ص 88، الطبقات الكبرى لابن سعد 3/182، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) للذهبي 5 ـ 14.
(2)
ساقطة من ن، س.
(3)
في س: ((للعصر)) .
(4)
في ن: ((أكثر)) وهو خطأ، لأن الإجماع لا ينعقد إلا بكل الأمة، وسياق الكلام بعد ذلك يدلُّ عليه.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
ساقطة من ق.
(7)
في ن: ((باطل)) خلافاً لجميع النسخ، ووجهه أنه خبرٌ للمبتدأ " ما " الموصولة باعتبار أن الواو مستأنفة.
(8)
في ق: ((واحد)) وهي صحيحة، لكنها ليست في سائر النسخ.
(9)
هذا الدليل الأول للمخالفين.
(10)
النساء، من الآية:59.
(11)
هذا الدليل الثاني للمخالفين ومعنى العبارة الأخيرة: أنه لا يمكن حسم الخلاف الواقع في العصر الأول بمجرد إجماع أهل العصر الثاني على أحد القولين، لأن ظاهر الآية أوجب الرَّد إلى الكتاب والسنة فقط. والله أعلم. انظر: نفائس الأصول 6/2670.
((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) (1) وهذا عام سواء حصل بعدهم إجماع أو لا، ووجب إذا قال قائل بذلك القول المتروك (2)(3) أن يكون حقاً لظاهر الحديث (4) .
والجواب عن الأول: أن تجويز الأخذ بكلا القولين مشروط بألَاّ يحدث إجماع.
فإن قُلْتَ: يلزمك ذلك في الإجماع على القول الواحد أن يكون مشروطاً بعدم طريان الخلاف.
قُلْتُ: قد (5) تقدَّم الجواب عنه (6) .
وعن الثاني: أن موجب الرد هو التنازع، وقد ذهب بحصول (7) الاتفاق فينتفي الرد (8) .
(1) رواه عَبْد بن حميد في " المنتخب من المسند " برقم (782)، وابن حزم في:" الإحكام " وأنكر معناه 2/61، 251، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/923 ـ 925، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 3/1057، وجلُّ المحققين والنقاد من أهل الحديث على تضعيفه أو تكذيبه. ولا تتقوى طرقه بعضها ببعض، لأنها لا تخلو من وضّاع أو انقطاع أو مجهول أو متروك
…
إلخ. انظر: تحفة الطالب لابن كثير ص 137، تخريج أحاديث مختصر المنهاج للعراقي ص 23، المعتبر للزركشي ص80، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني 1/ 78 - 85.
(2)
لكن ورد من حديث مسلم (2531) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((النجوم أَمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما تُوعدون، وأنا أمَنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبْتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) قال ابن حجرـ بتصرِّفٍ ـ هذا الحديث يؤدي صحة تشبيه الصحابة بالنجوم خاصةً، أما في الاقتداء فلا يظهر، نعم يمكن أن يُتَلمَّح ذلك في معنى الاهتداء بالنجوم..وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة، من طَمْسِ السنن، وظهور البدع، وفشو الفجور في أقطار الأرض. والله المستعان. انظر تلخيص الحبير 4/ 191.
() في ن: ((المتواتر)) وهو تحريف.
(3)
هنا زيادة: ((وجب)) في ق، ز وهي زيادة حسنة يمكن إيرادها إذا طال الفصل بين العامل ومعموله، يشهد لذلك ما جاء في التنزيل في قوله تعالى:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 110] .
(4)
هذا الدليل الثالث للمخالفين.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
انظر ص 130.
(7)
في ق: ((لحصول)) .
(8)
وكذلك يمكن أن يجاب عنه بأن التعلّق بالإجماع يكون ردّاً إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. انظر: المحصول 4/141.