الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل العاشر
في مسائل شتى
(1)
حجية الحديث المرسل
ص: فالأولى (2) : المراسيل (3)
عند مالك وأبي حنيفة وجمهور المعتزلة حجة (4) ،
(1) أي: في بيان مسائل متفرقة مختلفة، لم تجتمع في جنسٍ واحد، ولا ينظمها عِقْد واحد. وهي ثلاث مسائل، الأولى: في حجية الحديث المرسل. والثانية: في حكم رواية الحديث بالمعنى. والثالثة: في حكم زيادة الثقة.
(2)
في ق: ((الأولى)) وفي س، ن:((فالأول)) والمثبت من ز، م، ش ومتن ر، ومتن أ.
(3)
جمع مُرسل، لغة: المُطْلق، والمُهْمَل، وهو اسم مفعول من أرسل. انظر: لسان العرب مادة " رسل ".
واصطلاحاً: اختلفت عبارات الأصوليين والمُحدِّثين، والأقدمين منهم والمتأخرين في تعريف المرسل، ومردُّ اختلافهم إلى الاختلاف في موقع السقط من الإسناد. فالحديث المرسل عند المتقدمين: هو ما سقط من سنده رجل واحد، سواء كان المُرسِل تابعياً أو من بعده. فعلى هذا الاصطلاح يكون الحديث المرسل والمنقطع سواء. والمُرسل عند أهل الأصول: ما رواه العدل من غير إسناد متصل، أو هو قول العدل غير الصحابي ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) . والحديث المرسل الذي استقرَّ عليه اصطلاح المتأخرين: هو ما سقط من آخر إسناده مَنْ بَعد التابعي. وصورته: أن يقول التابعي ـ سواء كان صغيراً أو كبيراً ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا أو فُعِل بحضرته كذا ونحو ذلك. انظر اصطلاح الأصوليين للمرسل في: الرسالة للشافعي ص461، المعتمد 2/143، منتهى السول والأمل 87، البحر المحيط للزركشي 6/338، التوضيح لحلولو ص326، شرح الكوكب المنير 2/574، فواتح الرحموت 2 / 222. وانظر اصطلاح المحدثين للمرسل في: معرفة علوم الحديث للحاكم ص32، الكفاية في علم الرواية ص 384، جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي ص16. فتح المغيث للسخاوي 1/156، شرح شرح نخبة الفكر للقاري ص 399.
(4)
وهو أيضاً رواية عن أحمد وبعض المحدثين، واشترطوا العدالة في المُرْسِل. والأحناف قيدوا الحجية بمراسيل أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة. انظر: المقدمة في الأصول لابن القصار ص 71، المعتمد 2 / 143 العدة لأبي يعلى 3/906، 917، إحكام الفصول ص349، أصول السرخسي 1/360، الواضح في أصول الفقه لابن عقيل 4 / 421، الإحكام للآمدي 2/123، المسودة ص250، كشف الأسرار للبخاري 3/7، الضياء اللامع 2 / 209، نشر البنود 2/56 جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي ص27، 92، فتح المغيث للسخاوي 1/161، تدريب الراوي للسيوطي 1/223، ظفر الأماني للكنوي ص351.
خلافاً للشافعي (1) ؛ لأنه إنما أرسل حيث جزم بالعدالة [فيكون حجة](2) .
الشرح
حجة الشافعي رضي الله عنه: أنه إذا سكت عن الراوي جاز أن يكون إذا اطلعنا نحن عليه
لا نقبل (3) روايته، ولم نُكلَّف نحن بحسن ظن المُرْسِل (4) فيه، فحصول الظن لنا إذا كشفنا حاله أقوى من حصوله إذا قلدناه فيه وجهلناه، والدليل ينفي العمل بالظن (5) كما تقدَّم (6) ، خالفناه إذا عُلِمتْ عدالة الراوي بالبحث والمباشرة، فيبقى على مقتضى الدليل فيما عداه.
حجة الجواز: أن سكوته عنه مع [عدالة الساكت](7) وعلمِهِ أن روايته يترتَّب عليها شرع عام، فيقتضي ذلك أنه ما سكت عنه إلا وقد جزم بعدالته، فسكوته كإخباره بعدالته، وهو لو زكَّاه عندنا قبلنا تزكيته وقبلنا روايته، فكذلك سكوته عنه، حتى قال بعضهم: إن المُرْسَل أقوى من المُسْند (8)
بهذا (9) الطريق، وهو أن المُرْسِل قد
(1) وهو أيضاً مذهب جماهير المحدثين، وأهل الظاهر، وبعض الأصوليين، ورواية أخرى عن أحمد. انظر: المراجع السابقة، وانظر أيضاً: الرسالة للشافعي ص461ـ465 الإحكام لابن حزم 1/145، التبصرة ص326، المستصفى 1/318، التمهيد لأبي الخطاب 3/131، نهاية الوصول للهندي 7/2976، التمهيد لابن عبد البر 1/51، علوم الحديث لابن الصلاح ص54، توجيه النظر للجزائري 2/559.
وقداختلفت الروايات عن الإمام الشافعي في قبول المرسل، هل يردُّه مطلقاً أم يقبله بشروط؟ وسيأتي في الشرح ذكرها.
(2)
ساقط من ق.
(3)
في ن: ((لا تقبل)) .
(4)
في ن: ((المراسل)) والمثبت هو الصواب؛ لأنه الموافق للاصطلاح.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
انظر: ص 221.
(7)
ما بين المعقوفين في ق: ((عدالته)) .
(8)
قال به عيسى بن أبان، وهو رأي لبعض الحنفية وبعض المالكية. قال ابن عبد البر: ((وقالت طائفة من أصحابنا: مراسيل الثقات أولى من المسندات، واعتلُّوا بأن من أسند لك فقد أحالك بالبحث عن أحوال من سمَّاه لك. ومن أرسل من الأئمة حديثاً مع علمه ودينه وثقته، فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر
…
)) التمهيد له (1/3) . وانظر: الفصول في الأصول للجصاص 3 / 146، أصول السرخسي 1/361، قواطع الأدلة 3 / 41، كشف الأسرار للبخاري 3 / 13، التقرير والتحبير 2/385.
لكن اعتبر العلائي تقديم المرسل على المسند غلواً، وذكر أقوالاً في أرجحية أحدهما على الآخر ولا سيما عند التعارض. انظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص29.
(9)
في ن: ((لهذا)) والخطب سهل؛ لأن اللام كما تكون للتعليل فكذا الباء السببية.