الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسموع عملاً بكاف التشبيه، والمسموع في الحقيقة إنما هو اللفظ وسماع المعنى تَبَعٌ له، والتشبيه وقع بالمسموع فلا يشبهه (1) حينئذٍ إلا مسموع (2) ، أما المعنى فلا، وذلك يقتضي أنه عليه السلام أوجب نَقْلَ مثل ما سمعه لا خلافَه، وهو المطلوب (3) .
حكم زيادة الثقة
ص: وإذا زادتْ إحدى الروايتين على الأخرى - والمجلسُ مختلفٌ - قُبِلتْ، وإن كان واحداً - ويتأتَّى (4) الذُّهُول عن تلك الزيادة - قُبِلتْ، وإلا لم تقبل (5) .
(1) في ن، س:((يشبه)) .
(2)
في س: ((مسموعاً)) وهو صحيح بالنسبة لما سبقها وهو ((يشبه)) .
(3)
والجواب عنه أنه صلى الله عليه وسلم أوجب ذلك على غير الفقيه دون الفقيه، وإلا فلا فائدة من هذا التعليل. ثم إن هذا الحديث بعينه قد رُوي بالمعنى، فروى بعضهم ((نضرَّ الله)) ، وبعضهم ((رحم الله)) ، وغير ذلك من الألفاظ. انظر: إحكام الفصول ص385، المستصفى 1/317.
* لعل هنا نكتة في إيراد المصنف الحديث باللفظين، وإلا فقد سبق له إيراده بلفظ واحد كما في
ص (259) . والله أعلم.
(4)
في ق: ((وتأتى)) .
(5)
هذه مسألة ((زيادة الثقة)) . والمراد بزيادة الثقة: ما تفرد به الراوي الثقة من زيادة في الحديث عن بقية الرواة الثقات عن شيخ لهم. انظر الباعث الحثيث (1/190) . وأما حكم هذه الزيادة من حيث القبولُ والردُّ فينظر أولاً إلى أحوال مجلس الرواية، وهي ثلاثة أحوال؛ الأولى: أن يُعْلم تعدُّدُه فتقبل قطعاً، وهذا قد حكاه المصنف. الثانية: أن يُشْكل الحال، فلا يُعلم تعدُّدُه أو اتحاده، فمن العلماء من جزم بقبولها، ومنهم من رجح القبول، ومنه من توقف حتى يوجد المرجِّح. الثالثة: أن يُعلم اتحادُ المجلس، ففي هذه الحالة اختلف العلماء على مذاهب؛ منها: قبولها مطلقاً سواء تعلق بها حكم شرعي أم لا، وسواء غيرَّتْ الحكم أم لا، وثانيها: عدم قبولها مطلقاً، وثالثها: الوقف، ورابعها: إن كان غيره لا يتأتى منه الذهول لم تقبل وإلا قبلت، وهذا حكاه المصنف، وخامسها: إن كانت الزيادة تُغيِّر إعراب الباقي كما لو رَوَى راوٍ: في أربعين شاةً شاةٌ، وروى الآخر: نصف شاة، لم تقبل ويتعارضان فلابد من الترجيح، وسادسها: لا تقبل إلا إذا أفادتْ حكماً شرعياً، ذكره المصنف في الشرح. وسابعها: عكسه. وقيل غير ذلك. انظر هذه المذاهب وحججها في: المعتمد 2/128 الإحكام لابن حزم 1/223، أصول السرخسي 2/25، قواطع الأدلة 3/13، المحصول للرازي 4/473، الإحكام للآمدي 2/108 المسودة ص 299، نهاية الوصول للهندي 7/2949، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/72، البحر المحيط للزركشي 6/232 ـ 246، التقرير والتحبير 2/391، التوضيح لحلولو ص329، شرح الكوكب المنير 2/541، فواتح الرحموت 2/221، نشر البنود 2/36، النكت على ابن الصلاح لابن حجر 2/686، فتح المغيث للسخاوي 1/245 تدريب الراوي 1/285..
الشرح
قال القاضي عبد الوهاب (1) في " الملخص ": إذا انفرد بعض رواة الحديث بزيادة وخالفه بقية الرواة، فعند (2) مالك (3) وأبي الفرج (4) من أصحابنا تقبل (5) إن كان ثقة ضابطاً (6) . وقال الشيخ أبوبكر الأبهري (7) وغيره لا تقبل (8) ، ونفوا الزيادة المروية في حديث عدي بن حاتم* ((وإن أكَل فلا تأكل)) (9)
وبالأول قال الشافعية.
حجة الجواز: أن انفراده بالزيادة كانفراده بحديثٍ آخر، فتقبل كما يقبل
الحديث الأجنبي، وأما ما يُفرق به [من أن](10) انفراده بالزيادة يُوجِب [فيه
وَهْناً] (11) بخلاف الحديث الأجنبي، فمدفوع بأنه قد يسمع ولا يسمعون، ويذكر
(1) انظر: رفع النقاب القسم 2/768. وإلى مذهبه أشار الزركشي في البحر المحيط 6/235، 236.
(2)
في ن: ((فعن)) والمثبت أنسب للسياق.
(3)
انظر مذهبه في: المقدمة في الأصول لابن القصار ص92، الضياء اللامع لحلولو 2/171، نشر البنود 2/36.
(4)
هو عمرو بن محمد بن عمرو الليثي البغدادي، ولي قضاء طرسوس وأنطاكية والثغور، أخذ عنه أبوبكر الأبهري، كان فصيحاً فقيهاً. من مؤلفاته: الحاوي في مذهب مالك، اللمع في أصول الفقه. توفي عام 331هـ انظر: الديباج المذهب ص309، شجرة النور الزكية 1/79.
(5)
في ن، ق:((يقبل)) والصواب المثبت؛ لأن مرجع الضمير مؤنث. انظر: هامش (6) ص 109.
(6)
وهو ما ذهب إليه الباجي في: الإشارة ص251، وابن العربي في: محصوله ص508، وغيرهما.
(7)
انظر الضياء اللامع لحلولو 2/171.
(8)
في س: ((لا يقبل)) والمثبت هو الصواب، لأن مرجع الضمير مؤنث. انظر: هامش (6) ص 109.
(9)
روى عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((إذا أرسلت كَلْبكَ المُعَلَّم فقتل فكُلْ، وإذا أكل فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه
…
)) الحديث رواه البخاري (175) وبنحوه مسلم برقم عام (1929) وخاص (2) في كتاب الصيد.
قال ابن رشد في المقدمات الممهدات (1/418) : ((وما روى شعبة عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أكل الكلب فلا تأكل)) [بنحوه البخاري برقم (5487) لكن عن الشعبي لا شعبة] قد خالفه فيه همَّام ولم يذكر هذه الزيادة [حديث همام عن عدي عند البخاري برقم (5477) ] . واللفظة إذا جاءت في الحديث زائدة لم تقبل إذا كانت مخالفة للأصول. وقد روى ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ما تشهد الأصول بصحته، وهو أنه قال:((إذا أكل فكل)) )) . [رواية ابن عمرو عن أبي ثعلبة الخشني عند أبي داود برقم (2852) ]، لكن ابن حجر في فتح الباري (9/752) قال:((وسلك بعض المالكية الترجيح، فقال: هذه اللفظة ذكرها الشعبي ولم يذكرها همام، وعارضها حديث أبي ثعلبة، وهذا ترجيح مردود)) .
(10)
في س، ن:((بأن)) .
(11)
في ن: ((وَهْيٌ)) لو قال: ((وَهْياً)) لكانت صحيحة لانتصابها على المفعولية. والوَهْيُ: الضَعْف. انظر مادة " وهي " في: مختار الصحاح.
وينسون، وعدالته وضبطه يوجب (1) قبول قوله مطلقاً، وقد يكون المجلس (2) واحداً (3) ، ويَلْحَق بعضَهم ما يشغله عن سماع جميع الكلام.
حجة المنع: أن روايةَ جميع الحفاظ (4) - غيرَ هذا الراوي - عدمَ الزيادة [في روايتهم تقوم (5) مقام تصريحهم](6) بعدمها، وتصريحهم مقدَّم على روايته هو.
والجواب: أنه ليس كالتصريح بل يتعين حمله على الذهول الشاغل، جمعاً بين ظاهر عدالة راوي الزيادة وعدالة التاركين لها.
قال القاضي (7) : ((واختلف في صفة (8) الزيادة المعتبرة، فقيل: الاعتبار بالزيادة اللفظية فقط المفيدة لحكم شرعي، ولا تكون (9) تأكيداً ولا قصة (10) لا يتعلق بها حكم شرعي، كقولهم في مُحْرِمٍ وَقَصَتْ (11)
به ناقته في أُخَاقِيق جُرْذان (12) فإنَّ ذِكْر الموضعِ لا يتعلق به
(1) في ن: ((توجب)) .
(2)
في س: ((الملجس)) وهو تحريف.
(3)
في ق: ((واحد)) وهو خطأ نحوي، لأن خبر كان حقه النصب.
(4)
في س، ق:((الحافظ)) .
(5)
في س، ن:((يقوم)) والمثبت من و، ص وهو الصواب. انظر: هامش (6) ص 109.
(6)
ما بين المعوقفين في ق هكذا: ((فذلك كتصريحهم)) .
(7)
جرت عادة المصنف إطلاق لفظ ((القاضي)) على القاضي أبي بكر الباقلاني. غير أن المراد بالقاضي هنا القاضي عبد الوهاب الذي مرَّ ذكره قريباً، يؤيد ذلك أن الزركشي في البحر المحيط (6/238) حكى هذا القول عن القاضي عبد الوهاب. والله أعلم.
(8)
ساقطة من س.
(9)
في ق: ((ولا يكون)) وهو خطأ. انظر: هامش (6) ص 109.
(10)
في ن: ((ولا قضية)) .
(11)
قال ابن الأثير: ((وفي حديث المحرم ((فوقصت به ناقته فمات)) . الوَقْص: كسر العنق. وَقَصْتُ عنقه أقِصُها وَقْصَاً، ووَقَصَتْ به راحلته، كقولك: خُذِ الخطام، وخُذْ بالخطام. ولا يقال: وقَصَتْ العنقُ نفسها، ولكن يقال وُقِصَ الرجل فهو موقوص)) . النهاية في غريب الحديث والأثر. مادة " وقص ".
وقد جاء حديث المحرم الذي وقصته دابته في: البخاري (1265) ، ومسلم (1206) وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما من غير ذكرٍ لـ" أخَاقيق جُرْذان ".
(12)
جاءت هذه اللفظة في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، وفيه: ((فوقعت يَدُ بَكْرِهِ - الإبل الفتي - في أخَاقيق الجُرْذان، فاندقَّتْ عنقه
…
فمات)) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. (2/362) برقم (2329) . وفي رواية عند الإمام أحمد في مسنده (4/359) ((ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جُرْذان
حكم شرعي، وكذلك الناقة دون الفرس. وأما الزيادة في المعنى فلا عبرة بها، بل يجب الأخذ بالزيادة اللفظية وإن أدَّتْ إلى نقصانٍ من جهة المعنى، ولا يُعتدّ بزيادة المعنى في باب الترجيح؛ لأن الزيادة إنما تكون في النقل، والنقل إنما يكون في اللفظ، ويصير (1)
ذلك كخبرٍ مفيدٍ مبتديءٍ.
(1) فهوى بعيره، وهوى الرجل، فوقع على هامته فمات)) . وفي رواية عنده أيضاً ((وقعت يدُ بَكْره في بعض تلك التي تَحْفِرُ الجُرذان)) . وفي روايةٍ عنده (4/357)((فدخل خُفُّ بعيره في جحر يَرْبوع فوقصه بعيره فمات)) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/42)((رواها كلها أحمد والطبراني، وفي إسناده أبوجناب وهو مدلس وقد عنعنه. والله أعلم)) .
?
…
أما معنى ((أُخَاقيق جُرذان)) فالأخاقيق: شقوق الأرض كالأخاديد، واحدها: أُخْقُوق. يقال: خَقَّ في الأرض وخّدَّ بمعنىً. وقيل: إنما هي: لخُاقيق، واحدها: لُخْقُوق. والأول أصح. والخُقّ: الجُحرْ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة: خفق، وكذلك لسان العرب. وأما الجُرْذان: جمع الجُرَذ، وهو الذكَر الكبير من الفأر، وقيل: هو ضَرْب من الفأر، أعظم من اليربوع أكْدَر، في ذَنَبه سواد. انظر: النهاية لابن الأثير 1/249، لسان العرب مادة " جُرد ".
وأنبه هنا بأني لم أجد في كل ما وقفت عليه من روايات الحديث السالف الذكر أن هذا الرجل كان مُحرماً، ولا أنه كان في عرفة؛ فعلهما واقعتان منفصلتان، وحينئذٍ لا يصلح التمثيل به، وربما كان منشأ اللَّبس اشتراك الرجلين في كونهما وقصَتْ بهما دابتهما. والله أعلم.
() في ن: ((ويكون)) .