الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
فيما يتوهم (1) أنه ناسخ
حكم الزيادة على النص
ص: زيادة صلاةٍ على الصلوات أو عبادةٍ على العبادات ليست نسخاً وفاقاً (2) ،
(1) عبّر المصنف هنا: ((بالتوهم)) بينما تعبير الرازي في محصوله (3 / 363) هو: ((فيما يظن أنه ناسخ وليس كذلك)) ، والظن والوهم متباينان، فالظن يستعمل في الراجح، والوهم في المرجوح، وبينهما الشك وهو في الاحتمالين المتساويين. والجواب عن ذلك بأن الإمام نَظَر إلى من أثبت النسخ في هذه المسائل فعبّر بالظن، والمصنف نظر إلى من منعه فعبّر بالوهم. انظر: رفع النقاب القسم 2 / 436. وانظر تعريفات: الظن، والشك، والوهم في: الكليات للكفوي ص 528.
(2)
هذه المسألة تعرف بمسألة: الزيادة على النص، هل تكون نسخاً؟
والمراد بالزيادة على النص: أن يوجد نص شرعي يفيد حكماً ثم يأتي نص آخر يزيد على الأول زيادة لم يتضمنها، ويسمى النص الأول: المزيد عليه، والثاني: المزيد. انظر كتاب: الزيادة على النص لفضيلة أستاذنا الدكتور عمر بن عبد العزيز ص 26.
ولحكم الزيادة على النص حالات؛ بحسب الزيادة، فهي: إما أن تكون مستقلة بنفسها عن النص المزيد عليه، أو لا تكون. فإن كانت مستقلة، فإما أن تكون من غير جنس المزيد عليه، أو تكون من جنسه فإن كانت من غير جنسه كزيادة الحج على الصلاة والزكاة، فهذه لا تكون نسخاً إجماعاً لعدم التنافي بين الزيادة والمزيد عليه، وممن حكى الإجماع والاتفاق على هذا: الجويني في التلخيص 2 / 105، والغزالي في المنخول ص 299، والرازي في المحصول 3 / 363، والطوفي في شرح مختصر الروضة2 / 291، والكاكي في جامع الأسرار 3 / 888، الضياء اللامع 2 / 111.
وإن كانت الزيادة المستقلة من جنس المزيد عليه، كزيادة صلاة على الصلوات الخمس، فقد قال جماهير العلماء - وهو الأصح عند الحنفية - أنها ليست بنسخ، وقال بعض العراقيين من الحنفية بأنها
نسخ. انظر: كشف الأسرار للبخاري 3 / 361، تيسير التحرير 3 / 220، فواتح الرحموت
2 / 113، بدائع الصنائع للكاساني 2 / 222 - 225. قال فضيلة الشيخ الدكتور عمر بن
عبد العزيز: ((غير أن المنقول (عن بعض العراقيين) لا يُعكِّر الاتفاق، ولا يمسُّه بالخَرْق، لأن العلماء تصدَّوا له بالإجابة عنه، وزيَّفُوه من أربعة أوجه
…
إلخ)) الزيادة على النص ص 31.
أما الزيادة غير المستقلة فسيأتي حكمها بعد قليل في عبارة المتن القادمة ص (104) .
انظر هذه المسألة في: المعتمد 1 / 405، إحكام الفصول ص 411، أصول السرخسي 2 / 82، المستصفى للغزالي 1 / 222، التمهيد لأبي الخطاب 2 / 398، الإحكام للآمدي 3 / 170، شرح المعالم في أصول الفقه لابن التلمساني 2 / 41، المغني في أصول الفقه للخبازي ص 259، التوضيح شرح التنقيح لحلولو ص 269 - 272.
وإنما جعل أهل العراق (1) الوتر ناسخاً لما فيه من رفع قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2) فإن المحافظة على الوسطى تذهب لصيرورتها غير وسطى.
الشرح
زيادة الحج على العبادات في آخر الإسلام ليس نسخاً لما تقدَّمه من العبادات، لعدم المنافاة، ومن شرط النسخ التنافي. وأما زيادة الوتر لما اعتقد الحنفية أنه واجب (3) صارت الصلوات عندهم ستاً، وكلُّ عددِ زوجٍ لا توسُّط فيه، إنما يمكن التوسُّط في عددِ الفرد، كالخمسة اثنان واثنان وواحدٌ بينهما، أما الستة ثلاثة (4) وثلاثة، [لا يبقى شيء يتوسط](5) بينهما، فارتفع الطلب المتعلِّق بالوسطى لزوال الوصف، والطلب لذلك حكم شرعي، فقد ارتفع حكم شرعي، فيكون نسخاً (6) .
(1) المراد بهم بعض مشايخ الحنفية من أهل العراق، ولم أقف على أسمائهم. انظر: ميزان الوصول للسمرقندي 2 / 1013، كشف الأسرار للبخاري 3 / 361، التقرير والتحبير 3 / 102.
(2)
البقرة، من الآية:238.
(3)
صلاة الوتر عند أكثر الحنفية واجبة، وعند بعضهم وغيرهم من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية سنة مؤكدة. انظر: شرح فتح القدير لابن الهمام 1 / 436، رد المحتار (حاشية ابن عابدين) 2 / 438، الذخيرة للقرافي 2 / 392، مواهب الجليل للحطاب 2 / 384، مغني المحتاج للشربيني 1 / 451، معونة أولي النهى لابن النجار الفتوحي 2 / 8، المحلَّى لابن حزم 2 / 226.
(4)
هكذا في جميع النسخ، والصواب أن يقال:((فثلاثة)) بأن تقْرن الفاء في جواب أمَّا الشرطية، انظر هامش (2) ص (79) .
(5)
في ق: ((ولا وسط)) بدلاً عما بين المعقوفين.
(6)
ترَدُّ هذا الحجة بأن النسخ إنما يكون لحكم شرعي، وكون العبادة وسطى أمر حقيقي ليس بحكم شرعي. ثم إن وجوب المحافظة عليها قد ثبت بقوله تعالى:{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] والتصريح بها ثانياً موصوفةً بهذه الصفة إظهارٌ لزيادة الاهتمام بشأنها من حيث هي هي، والصفة لمجرد التعريف. انظر: الإحكام للآمدي 3 / 170، كشف الأسرار للبخاري 3 / 361، شرح البدخشي
2 / 263.