الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احتجوا بقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (1) وبقوله تعالى: {أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (2) والأثقل لا يكون خيراً ولا مِثْلاً ولا يُسْراً (3) .
والجواب عن الأول: قد يكون الأثقل أفضل للمكلف وخيراً له باعتبار ثوابه واستصلاحه في أخلاقه ومعاده (4) ومعاشه (5) . وعن الثاني: أنه محمول على اليسر في الآخرة حتى لا يتطرق إليه تخصيصات غير محصورة (6) ، فإن في الشريعة مَشَاقَّ (7) كثيرة (8) .
أنواع النسخ في القرآن وأحكامها
ص: ونسخ التلاوة دون الحكم (9) كنسخ: ((الشَّيْخُ والشَّيْخَة إذا زنيا
(1) البقرة، من الآية:106. وهذا الدليل الأول.
(2)
البقرة، من الآية:185. وهذا الدليل الثاني.
(3)
انظر حجج المانعين في: إحكام الفصول ص 402، التمهيد لأبي الخطاب 2 / 352، المحصول للرازي
3 / 321، الإبهاج 2 / 263.
(4)
ساقطة من ن.
(5)
انظر: إحكام الفصول ص 402، الوصول لابن برهان 2 / 26. وانظر وجهاً آخر من الجواب للمصنف في: نفائس الأصول 6 / 2463.
(6)
في ق: ((محظورة)) وهو تحريف.
(7)
في س، ن:((مشاقاً)) وهو خطأ نحوي على المشهور؛ لأنها يجب أن تمنع من الصرف لِعلَّة كونها صيغة منتهى الجموع على وزن " مفاعل ". لكن أجاز قوم صرف صيغة منتهى الجموع إختياراً، وزعم قومٌ أن صرف مالا ينصرف لغة. انظر: شرح الأشموني على ألفية ابن مالك بحاشية الصبَّان 3 / 403.
(8)
لكن المصنف لم يرتضِ تخصيص اليسر بالآخرة في النفائس (6 / 2463) إذ قال: ((بل يبقى على عمومه، والمراد باليسر ما يُسمى يُسراً لغة وعادة، وهو ما يستطيعه الإنسان، والله تعالى لم يكلفنا بغير المقدور، بل بما هو مقدور، والمقدور يسمى يسراً، ومنه قوله تعالى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] أي ما قدرتم عليه
…
ثم قال: فلا تخصيص حينئذٍ، ولا حَجْر للخصم فيه، ولم يقع النسخ بالأثقل الذي ليس بمقدور، بل بالمقدور)) . وانظر ردود ابن حزم القوية على حجج المانعين في الإحكام 1/506 - 512.
(9)
أي: ويجوز نسخ التلاوة دون الحكم، وهكذا يجوز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخهما معاً. هذا مذهب جماهير العلماء، بل حكى بعض الأصوليين الإجماع والاتفاق على ذلك إلا ما نقل عن بعض المعتزلة وشواذهم. انظر المسألة وما قيل فيها في: المعتمد 1 / 386، الإحكام لابن حزم 1 / 477، إحكام الفصول ص 403، شرح اللمع للشيرازي 1 / 495، البرهان للجويني 2 / 855، أصول السرخسي 2 / 78، المحصول لابن العربي ص 587، روضة الناظر 1 / 294، الإحكام للآمدي 3 / 141، التقرير والتحبير 3 / 87، التوضيح لحلولو ص 262، شرح الكوكب المنير 3 / 553، الآيات المنسوخة في القرآن د. عبد الله الشنقيطي ص 74.
فارجموهما ألبتَّة نكالاً من الله)) (1)
مع بقاء الرجم.
والحكم دون التلاوة كما تقدَّم في الجهاد (2) .
وهما معاً لاستلزام [إمكان المفردات](3) إمكان المركب* (4) .
الشرح
لأن التلاوة والحكم عبادتان منفصلتان (5) ، فلا يبعد في العقل أن يصيرا معاً
(1) هذه تسمى: " آية الرجم ". قال ابن العربي: ((نسِخ هذا اللفظ كله إجماعاً، ويبقى حكمه إجماعاً)) المحصول له ص (588) . وقد ورد ذكر " آية الرجم " في الصحيحين عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد بعث محمداً بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه " آية الرجم " فقرأناها ووعيناها، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أوكان الحَبَل أو الاعتراف)) رواه البخاري (6830) ، ومسلم (1691)، وزاد الإسماعيلي - بعد قوله: أو الاعتراف - وقد قرأناها: ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)) فتح الباري لابن حجر 12 / 173..وانظر هذه الآية في: سنن ابن ماجة (2553) ، وسنن البيهقي 8 / 367، وموافقة الخُبْر الخَبَر لابن حجر 2 / 303، الناسخ والمنسوخ للنحاس 1 / 435، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 46. وهذه الآية كانت من سورة الأحزاب. انظر: هامش (2) ص (76) .
(2)
الآية المنسوخة حكماً لا تلاوة هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ
…
} [الأنفال: 66] . انظر هامش (2) ص (62) .
(3)
ساقط من س.
(4)
معنى هذه العبارة: أن ما يُمْكن في المفردات يلزم منه أن يُمْكن في المركبات التي تركَّب من المفردات، فالنسخ لما جاز في حالة إفراد التلاوة دون الحكم، وفي حالة إفراد الحكم دون التلاوة جاز نسخهما معاً في حالة تركيبهما واجتماعهما. انظر: رفع النقاب القسم 2 / 408.
(5)
في ق: ((مستقلتان)) .
مفسدةً (1) في وقتٍ أو إحداهما دون الآخرى (2) ،
وتكون الفائدة في بقاء التلاوة دون الحكم ما يحصل من العلم بأن الله تعالى أنزل مثل [هذا الحكم](3) رحمة منه بعباده (4) . وعن أنس نزل (5) في قتلى بئر مَعُوْنة (6) : ((بلِّغوا إخواننا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنَّا وأرضانا)) (7) .
وعن أبي بكر رضي الله عنه كنا نقرأ من القرآن: ((لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْرٌ بكم)) (8) ومثال التلاوة والحكم معاً: ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت (9) : ((كان فيما أنْزل الله تعالى: عَشْرُ رَضَعَاتٍ، فنُسِخْنَ بخَمْسٍ)) (10) ، وروي أن سورة (11)
(1) في ن: ((مفيدة)) وهو تحريف يقلب المعنى.
(2)
انظر: إحكام الفصول ص 403، الضروري من أصول الفقه لابن رشد ص 86، أصول السرخسي
2 / 80، التمهيد لأبي الخطاب 2 / 368.
(3)
في ن: ((هذه الأحكام)) .
(4)
في س، ن:((على عباده)) . ومن فوائد بقاء التلاوة دون الحكم أيضاً: التعبد بحروف الآية، وبقاء الإعجاز والتحدي بالإتيان بمثله، ومعرفة أسرار التشريع والتدرج في أحكام الشرع.
(5)
في ن: ((أنزل)) .
(6)
في س: ((معاوية)) وهو تحريف. وبئر معونة: هي بئر لبني سليم بين مكة والمدينة، وقيل: لبني عامر كانت عندها قصة الرجيع الوَقْعة المعروفة. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي 1 / 358.
(7)
هذا مثال نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، والحديث عن أنس رضي الله عنه أن رعْلاً وذكْوان وعُصَيَّة وبني لِحْيَان استمدُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدوٍّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القُرَّاء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويُصَلُّون بالليل، حتى كانوا ببئر مَعُونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقَنَتَ شهراً يدعو في الصبح على أحياء العرب على رعْل وذكْوان وعُصَية وبني لِحْيَان. قال أنس: فقرأنا فيهم قرآناً ثم إنَّ ذلك رُفع: ((بلِّغوا عنَّا قومنا أنَّا لقينا ربنَّا فرضي عنَّا وأرضانا)) رواه البخاري واللفظ له برقم
(
4090) ، ومسلم (677) . وانظر القصة في: السيرة النبوية لابن هشام 3 / 260.
(8)
حديث أبي بكر رضي الله عنه أورده السيوطي في مسند الصديق من كتابه: جمع الجوامع ص (65) . وأخرج البخاري (6830) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال - في خطبته الطويلة التي فيها آية الرجم -: ((ثم إنَّا كنَّا نقرأ من كتاب الله أن: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائكم - أو - إن كُفْراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم)) .
(9)
ساقطة من ق.
(10)
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان فيما أنْزل من القرآن عَشْرُ رضعاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ ثم نسِخْنَ بخمس معلومات، فتوفي رسول الله وهُنَّ فيما يُقرأ من القرآن)) رواه مسلم (1452) . يستدل في هذا الحديث بالعشر على نسخ الحكم والتلاوة معاً اتفاقاً، ويستدل بالخمس على نسخ التلاوة دون الحكم عند الشافعي ومن معه، أما عند مالك ومن معه فالخمس أيضاً نسِختْ تلاوةً وحكماً بالمصَّة والمصَّتين. انظر: نيل السول على مرتقى الوصول لمحمد يحيى الولاتي ص 140.
(11)
في ق: ((صورة)) وهو تحريف.