الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
فيما يُعْرف به النسخ
ص: يُعْرف بالنصِّ على الرَّفْع (1) أو على ثبوت النقيض أو الضدِّ (2) ،
ويُعْلَم التاريخ (3) : بالنص على التأخير، أو السَّنَة، أو الغزوة، أو الهجرة، ويُعْلَم نسبة ذلك إلى زمان الحكم، أو برواية من مات قبل رواية الحكم الآخر (4) .
قال القاضي عبد الجبار (5) : قولُ الصحابي في الخبرين المتواترين هذا قَبْل ذلك مقبول (6) ، وإن لم يُقْبَل قوله في نسخ (7) المعلوم (8) ، كثبوت
(1) هذا هو الطريق الأول من طرق معرفة الناسخ والمنسوخ؛ أن ينص الشارع على النسخ كما في قوله تعالى في آية المصابرة: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ} [الأنفال: 166]، أو قوله عليه الصلاة والسلام:
((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها
…
)) رواه مسلم (977) .
(2)
الفرق بين الضِّدَّيْن والنقيضين أن الضدَّيْن وصفان وجوديان يتعاقبان موضعاً واحداً يستحيل اجتماعهما، ولكن قد يرتفعان، كالسواد والبياض لا يجتمعان في مكانٍ واحدٍ لكن يمكن أن يكون الشيء لا أسود ولا أبيض بل أخضر مثلاً. أما النقيضان فيستحيل اجتماعهما وارتفاعهما كالعدم والوجود والحركة
والسكون. انظر: التعريفات للجرجاني ص 179 مادة " ضدان ".
(3)
ساقطة من ن. وهذا هو الطريق الثاني، وهو: أن يأتي نص بنقيض الحكم الأول أو بضده ويعلم التاريخ، ولم يمكن الجمع بينهما. مثال النقيض: في آيتي المصابرة من الأنفال 165 - 166، نسِخ ثباتُ الواحد للعشرة، فالتخفيف نقيض للثقل، ووقوف الواحد للاثنين نقيض وقوفه للعشرة. ومثال الضد: تحويل القبلة من جهةٍ إلى أخرى، فالتوجه إلى الكعبة ضد التوجه إلى بيت المقدس. انظر: المحصول للرازي 3 / 377، رفع النقاب القسم 2 / 462. ثم إن معرفة التاريخ تكون بأمور، ذكر المصنف منها ستة.
(4)
وتوضيح هذه العبارة هو: أن يروي أحدَ الحكمين رجلٌ متقدِّم الصحبة، ويروي الآخرَ رجلٌ متأخِّر الصحبة، فتنقطع صحبة الأول - بموتٍ مثلاً - عند ابتداء الآخر بصحبته، فهذا يقتضي أن يكون خبر الأول متقدِّماً. أما لو دامت صحبة الأول مع الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصح هذا الاستدلال. انظر: المعتمد
1 / 417، المحصول 3 / 378، شرح مختصر الروضة للطوفي 2 / 344.
(5)
انظر قوله في: المعتمد 1 / 417، المحصول 3 / 379، البحر المحيط للزركشي 5 / 320.
(6)
قال غيره: لا يقبل، لأنه يقتضي نسخ المتواتر بخبر الواحد. انظر: الإحكام للآمدي 3 / 181، رفع النقاب القسم 2 / 468.
(7)
ساقطة في س.
(8)
في س: ((العموم)) وهو تحريف.
الإحْصان (1) بشهادة اثنين بخلاف الرجم وكشهادة النساء في الولادة دون
النسب (2) .
وقال الإمام فخر الدين (3) : قول الصحابي ((هذا منسوخ)) لا يُقْبل؛ لجواز أن يكون اجتهاداً منه، وقال الكَرْخي: إنْ قال ((ذا (4) نسخ ذاك)) لم يُقْبَل (5) ،
وإنْ قال: ((هذا منسوخ)) قُبل؛ لأنه لم يُخَلِّ للاجتهاد مجالاً فيكون قاطعاً به (6) ، وضعَّفه الإمام (7) .
(1) الإحْصَان: مصدر أحْصَن، تقول: أحْصَن الرجلُ إذا تزوّج، والفقهاء يزيدون على هذا: مَنْ وَطِئ في نكاحٍ صحيحٍ، فهذا مُحْصِن ومُحْصَن. وأصل الإحْصَان: المنع، وله معانٍ منها: الإحصان المُوْجب رَجْمَ الزاني، والعفة، والحرية، والتزويج، والإسلام. انظر: المصباح المنير مادة " حصن "، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص 323، الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي لابن المبرد الحنبلي 3/ 746.
(2)
هذا تنظيرٌ للمسألة، كأنَّ سائلاً يقول: كيف قبلتم قوله في نسخ أحد المتواترين للآخر وقوله آحاد؟ . فالجواب: لا جَرَمَ في قبول شهادة شاهدين لإثبات الإحصان مع أنه يترتب عليه الرجم، ولا تقبل شهادتهما في إثبات الرجم نفسه، وكذلك يقبل قول القابلة في نسبة الولد لإحدى المرأتين ويترتب عليه ثبوت النسب لصاحب الفراش، مع أن شهادة المرأة لا تقبل ابتداء في ثبوت النسب.
قال المصنف في النفائس 6 / 2535: ((التقدم شرط النسخ، والإحصان شرط اعتبار الرجم، والولادة شرط ثبوت النسب، فقاس أحدهما على الآخر)) .
(3)
انظر المحصول 3 / 379.
(4)
في س: ((هذا)) .
(5)
أي: إذا عيَّن الراوي النَّاسخَ لم يُقْبل؛ لأنه يجوز أن يكون قاله اجتهاداً. انظر: المحصول للرازي
3 / 381، التوضيح لحلولو ص 273.
(6)
هذه مسألة: قول الصحابي: هذا منسوخ، أو هذا نسخ هذا، هل يقع به النسخ؟ فيها ثلاثة أقوال، الأول: يقع مطلقاً وهو للحنفية. الثاني: لا يقع مطلقاً وهو للأكثرين. الثالث: التفصيل، إذا عيّن الناسخ لم يقبل وإلا قُبل، وهو للكرخي. انظر: المعتمد 1 / 418، العدة لأبي يعلى 3 / 835، إحكام الفصول ص 427، نهاية الوصول للهندي 6 / 2417، التقرير والتحبير 3 / 78، تيسير3 / 222.
(7)
وجه تضعيفه كما قال: لعلّه قاله - أي الصحابي - لقوة ظنّه في أن الأمر كذلك، وإن كان قد أخطأ فيه. انظر: المحصول 3 / 381، نهاية الوصول للهندي 6 / 2416.
الشرح
متى ثبت نقيضُ الشيء أو ضدُّه انتفى، فكان ذلك دليل الرفع. وأما النص
على السَّنَة (1) بأن يقول: كان (2) هذا التحريم سَنَةَ خَمْسٍ، ونعلم (3) أن الإباحة سَنَةَ
سَبْعٍ، فتكون الإباحة ناسخة لتأخُر تاريخها، وإن قال: في غزوة كذا، كان (4)
ذلك كتعيين السَّنَة، فإن الغزوات معلومة السنين، وينظر نسبة ذلك لزمان الحكم فينسخ المتأخر المتقدم، وكذلك إذا قال قبل الهجرة أو بعدها تتبيّن السَّنَة أيضاً.
ونظيرُ قولِهِ: [هذا منسوخ فيقبل](5) لأنه لم يُخَلِّ للاجتهاد مجالاً قولُهم في الخبر المُرْسَل (6) : هو أقوى من المُسْند (7) عند بعضهم (8) ، لأنه إذا بيَّن (9) السند ورجاله (10) فقد جعل ذلك مجالاً في الاجتهاد في عدالتهم، أما إذا سكت عنه فقد التزمه في ذِمَّتِهِ، فهو أقوى في العدالة ممن لم يلتزم (11) .
(1) في س: ((النسبة)) وهو تحريف.
(2)
ساقطة من ق.
(3)
في ن: ((يُعْلم)) .
(4)
في ق: ((فإن)) .
(5)
ساقط من ق.
(6)
انظر تعريفه في هامش (3) ص (288) .
(7)
المُسْند لغة: المرفوع اسم مفعول من أسند بمعنى: رفع. انظر: لسان العرب مادة " سند ". اصطلاحاً: هو ما اتصل سَنَدُه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: الباعث الحثيث لأحمد شاكر 1 / 144، تدريب الراوي للسيوطي 1 / 199.
(8)
انظر بحث كون المرسل أقوى من المسند في: هامش (8) ص (289) .
(9)
في ق: ((تبيّن)) .
(10)
ساقطة من ق.
(11)
هناك طرق أخرى يعرف بها النسخ، وطرق ملغاة في اعتبار الناسخية لم يتعرَّض لها المصنف فانظرها في: الإحكام لابن حزم 1 / 497، شرح اللمع للشيرازي 1 / 516، الإحكام للآمدي 3 / 181، تقريب الوصول لابن جزي ص 317، التوضيح شرح التنقيح لحلولو ص 273، شرح الكوكب المنير
3 / 563، تيسير التحرير 3 / 222، فواتح الرحموت 2 / 119.