الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في حقيقته
(1)
ص: وهو (2) اتفاق أهل الحلِّ والعَقْد من هذه الأمة في أمرٍ من الأمور (3) .
ونعني بالاتفاق: الاشتراك إما في القول أو (4) الفعل أو (5) الاعتقاد.
وبأهل الحَلِّ والعَقْدِ: المجتهدين في الأحكام الشرعية (6) . وبأمرٍ من الأمور:
(1) لحقيقة الإجماع اللغوية عدة معانٍ منها:
1 -
العزم والتصميم. تقول: أجمعت على السفر، أي: عَزَمْت عليه وأزمَعْته.
2 ـ الاتفاق. تقول: أجمع القوم على كذا. أي: اتفقوا عليه.
3 -
الصيرورة إلى الجمع، تقول: أجمع الرجل؛ إذا صار ذا جَمْع. مثل: ألْبَن وأتْمَر إذا صار ذا لبن وذا تمر وسيذكر المصنف هذا المعنى في آخر شرحه لهذا المتن. انظر: لسان العرب، تاج العروس كلاهما مادة " جمع ".
(2)
في متن هـ: ((وهي)) ويكون مرجعه إلى: حقيقة.
(3)
هذا تعريف الرازي وسار عليه المصنف والبيضاوي. انظر: المحصول 4/19، شرح البدخشي 2/377.
وفي هذا التعريف نظر، إذ ينبغي أن يزاد فيه قيدان، الأول: في عصر من العصور. لأن قوله: " اتفاق " اسم جنس أضيف إلى أهل الحل والعقد، فيعمُّ جميعهم إلى يوم القيامة، وهو باطل. والمصنف استدرك هذا القيد على الرازي في النفائس (6 / 2544) ولم يذكره هنا. القيد الثاني: بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن أكثر العلماء على أن الإجماع لا يكون حجة في عصره صلى الله عليه وسلم، لأنه إن وافقهم كان قوله هو الحجة لاستقلاله بإفادة الحكم، وإن خالفهم لم ينعقد الإجماع بدونه. انظر: هامش (3) ص (97) . وانظر تعريفات أخرى للإجماع في: جمع الجوامع بشرح المحلي وحاشية البناني 2/ 176، الإحكام للآمدي 1/195، منتهى السول والأمل ص 52، نهاية الوصول للهندي 6/2422، كشف الأسرار للبخاري 3/424، المختصر في أصول الفقه لابن اللحَّام ص 74، نشر البنود 2/75، حُجِيَّة الإجماع د. محمد فرغلي ص22.
(4)
في ن زيادة: ((في)) .
(5)
في ن زيادة: ((في)) .
(6)
قال حلولو: ((عبَّر المصنف عن المجتهدين بأهل الحل والعقد، والأول أخص في العبارة، وأفيد للمعنى المقصود، فإن أهل الحل والعقد قد لا يكونون مجتهدين)) التوضيح شرح التنقيح ص274.
الشَّرْعِيَّات (1) والعَقْلِيَّات (2) والعُرْفِيَّات (3) .
الشرح
قال إمام الحرمين في " البرهان "(4) : ((لا أثر للإجماع في العقليات (5) ،
فإن المعتبر فيها الأدلة القاطعة، فإذا انتصبت لم يعارضْها شِقَاقٌ ولم يَعْضُدْها وفَاقٌ، وإنما يعتبر الإجماع في السمعيات)) .
((وإذا أجمعوا على فعلٍ نحو: أكلهم الطعام دلَّ إجماعهم على إباحته، كما يدل أكله عليه الصلاة والسلام على الإباحة، ما لم تقم (6) قرينة دالة على الندب أو (7) الوجوب)) (8) . فهذا تفصيل حسن.
(1) كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم الخنزير وحل البيع.
(2)
كنفي الشريك عن الله تعالى وحدوث العالم وجواز رؤية الله تعالى.
(3)
وهي العاديات كإباحة الأغذية النافعة كالخبز، وتحريم الأغذية الضارَّة كالسُّم. والذي في المحصول (4/21) : اللُّغَويَّات بدلاً من العرفيات، ولم يذكرها المصنف، والإجماع في اللغويات نحو: اتفاقهم على أن الفاء للترتيب والتعقيب. وكذلك يقع الإجماع في الدنيويات كالآراء والحروب وتدبير أمور الرعية. واعتبار الإجماع واقعاً في كل هذه الأمور ـ عند من لم يخصصه بالشرعيات فقط ـ إنما كان لأن تلك الأمور العقلية واللغوية والعرفية والدنيوية راجعة إلى الشرع، لأنها قد تترتب عليها أحكام شرعية، فيكون الإجماع فيها حجةً باعتبار ما يترتب عليها لا باعتبار ذاتها. أما مسألة شمول الإجماع للشرعيات واللغويات فمحلّ إجماع، وأما انعقاده في العقليات والدنيويات والعرفيات فمحل خلاف. انظر: ميزان الأصول للسمرقندي ص 765، الإبهاج للسبكي وابنه 2/349، الآيات البينات للعبادي 3/390، التوضيح لصدر الشريعة مع التلويح للتفتازاني 2 / 95، منهج التحقيق والتوضيح لمحمد جعيط 2/120، الجواهر الثمينة للمشاط ص 190.
(4)
انظر: البرهان 1 / 458. وانظر: التلخيص لإمام الحرمين أيضاً 3 / 52.
(5)
مسألة انعقاد الإجماع في العقليات محل خلافٍ، وسيبحثها المصنف في الفصل الخامس: في المجمع عليه
ص (182) . لكن يقال هنا: كون الدليل القاطع فيه كفايةٌ في إفادة العلم في العقليات لا يقتضي عدم حجية الإجماع في بعض المسائل العقلية. ولا مانع من تعدد الأدلة في إفادة مدلولٍ واحدٍ. انظر: سلم الوصول للمطيعي 3 / 238.
(6)
في ق: ((يقم)) والمثبت أرجح. انظر: هامش (11) ص 27.
(7)
في ن: ((و)) وهو خطأ، لأن القرينة لا تكون دالة على الندب والوجوب في آنٍ واحدٍ.
(8)
هذه العبارة على مسألة أخرى، وهي: اتفاق أهل الإجماع على فعلٍ أو عمل، وهي في البرهان للجويني 1/456 ـ 457 الفقرات 660، 661، 662. وقد اختصرها المصنف هنا اختصاراً شديداً وبتصرف.
قال القاضي عبد الوهاب في " الملخص "(1) : اُخْتُلف في انعقاد الإجماع في العقليات، فقيل: لا يُعْلم بالإجماع عقلي؛ لأن العلوم العقلية (2) يجب تقديمها على السمعيات التي هي أصل الإجماع.
وقال القاضي أبو بكر رحمه الله (3) : ((العقليات قسمان: ما يُخِلُّ الجهلُ به بصحة الإجماع والعلم به كالتوحيد والنبوة ونحوهما، فلا يثبت بالإجماع (4) ، وإلا جاز ثبوته بالإجماع، كجواز رؤية الله تعالى، وجواز (5) العفو عن الكبائر، والتعبد بخبر الواحد، والقياس ونحو ذلك)) . (6) وقال أبو الحسين في " المعتمد " (7) :((لا يجوز اتفاقهم على القول والفعل والرضا ويخبرون (8) عن (9) الرضا في أنفسهم، فيدل على حسن ما رضوا به، وقد يجمعون (10) على ترك القول [وترك](11) الفعل فيدل (12) على أنه غير واجب، ويجوز أن يكون ما تركوه مندوباً إليه، لأن تركه غير محظور)) . فهذه التفاصيل أولى من التعميم الأول (13) وهو قول الإمام فخر الدين في " المحصول "(14) .
(1) لم اهتد إلى توثيق هذا النقل في سائر كتب الأصول.
(2)
في س: ((العلقلية)) وهو تحريف.
(3)
انظر قوله هذا في البحر المحيط للزركشي 6 / 492.
(4)
انظر بحث هذه المسألة في الفصل الخامس ص (182) .
(5)
ساقطة من ق.
(6)
هذا شرح المصنف على قوله في المتن: ((ونعني بالاتفاق: الاشتراك، إما في القول أو الفعل أو الاعتقاد)) .
(7)
انظر: المعتمد 2 / 23 بمعناه.
(8)
في ن: ((ويخبروا)) ولا وجه له لعدم الجازم أو الناصب، ولكن من النحاة من أجاز نصب الفعل على تقدير " أن " المحذوفة، وذكروا شواهد على ذلك. ونقل السيوطي عن أبي حيان: أن الصحيح قصره على السماع، فلا ينبغي أن يُجعل ذلك قانوناً كُلياً يقاس عليه. انظر: همع الهوامع 2 / 323، وانظر: شرح المفصّل لابن يعيش 7 / 8، 52.
(9)
ساقطة من س.
(10)
في ن: ((يجمعوا)) انظر: التعليق في الهامش قبل السابق، وفي ق:((وإن أجمعوا)) بدلاً من قوله:
((وقد يجمعون)) .
(11)
في ق: ((أو)) .
(12)
في ق: ((دل)) .
(13)
ساقطة من ن.
(14)
وهو قوله: ((ونعنى بالاتفاق: الاشتراك، إما في القول أو الفعل أو الاعتقاد)) . انظر: المحصول للرازي 4 / 20.