الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثالثها: أن الحظر يُخْرج الإنسان عن عهدته وإن لم يشعر به (1) ، فهو أهون (2) وأقرب للأصول، بخلاف الوجوب ونحوه لابد فيه من الشعور حتى يخرج عن العهدة، فهذه ترجيحاتٌ غير تلك الأصول المتقدمة.
تعدد أقوال المجتهد في المسألة الواحدة
ص: وإذا نُقل عن مجتهدٍ قولان (3) ، فإن كانا في موضعين وعُلم التاريخ عُدَّ الثاني رجوعاً عن الأول (4) . وإن لم يُعلم حُكي عنه القولان (5) ، ولا (6) يُحكم عليه برجوعٍ (7) ، وإن كانا (8)
في موضع* واحد بأن يقول: في المسألة قولان (9) ، فإن أشار
(1) أي: إذا قدَّم المكلف الدليل الحاظر في العمل على دليل الإباحة أو الوجوب، فإن ذمته تبرأ من التأثم، ولو كان تركه للحرام بلا نية ولا شعور منه لغفلته.
(2)
لأن ترك الفعل فيه ترك للمشقة، إذ الفعل يتضمن مشقة الحركة.
(3)
مناسبة ذكر المصنف لهذه المسألة عقب التي قبلها؛ لأن تعارض قولي المجتهد في حقَّ من قلَّده بمثابة تعارض أدلة الشرع.
(4)
وحينئذٍ لا يجوز نسبة القول المتقدم إليه، وهذا قول جمهور العلماء. انظر: المحصول للرازي 5/391، روضة الناظر 3/1013، الإحكام للآمدي 4/201، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2/299، التوضيح لحلولو ص371، تيسير التحرير 4/232.
(5)
في ن: ((قولان)) .
(6)
في ن: ((فلم)) .
(7)
هذه صورة أخرى لتعارض قولي المجتهد ولم يُعلم المتقدم منهما، ولا يمكن الجمع بينهما. فالمصنف نقل فيها قولاً واحداً، وهو أن يُنسب إليه القولان ولا يحكم برجوعه عن أحدهما بعينه، وهو اختيار الرازي في المحصول 5/391. وانظر: تقريب الوصول ص (424) . وفي المسألة مذهبان آخران، أحدهما: أن مذهب المجتهد هو الأشبه بأصوله وقواعده، الأقوى دلالة، الأقرب إلى ظاهر الكتاب والسنة، وأما القول الآخر للمجتهد فنكون شاكّين في نسبته إليه، وهو اختيار أبي الخطاب في التمهيد (4/370)، وابن الصلاح في كتابه: أدب الفتوى ص (86)، وابن حمدان في كتابه: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص (87)، والشريف التلمساني على تفصيلٍ عنده في مفتاح الوصول ص (207) القسم الدراسي. وثانيهما: أنه يجب اعتقاد نسبة أحد القولين إليه من غير تعيين، واعتقادُ أنه رجع عن واحدٍ غير معين، فيمتنع العمل بأحدهما تقليداً إلا بعد معرفة التاريخ، وهو مذهب الآمدي في الإحكام (4/200) . وانظر بحثاً نفيساً في المسألة في كتاب: تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال لفضيلة الشيخ د. عياض السلمي ص 82-86.
(8)
في س: ((كان)) وهو تحريف..
(9)
في ن: ((قولين)) وهو جائز على أنه مفعول به. والمثبت على أنه مبتدأ مؤخر وخبره " في المسألة ".
إلى تقوية أحدهما فهو قوله، [وإن لم] (1) يعلم فقيل (2) : يتخيَّر السامع بينهما (3) .
الشرح
إذا عُلِم الرجوع عن الأول [لم يجز](4) الفتيا به، ولا تقليده فيه، ولا بقي (5) يُعَدُّ (6) من الشريعة، بل هو كالنص المنسوخ من نصوص (7) صاحب الشريعة (8)[لم يبق (9) منها](10) .
فإن قلتَ: لأيِّ شيءٍ جَمَع الفقهاء الأقوال كلها السابقة واللاحقة في كتب الفقه، بل كان ينبغي ألاّ يُثْبَت (11) لكل إمام إلا قوله الذي لم يَرْجع عنه؟
قلتُ: ما ذكرتموه أقرب للضبط، غير أنهم قصدوا معنى آخر، وهو الاطلاع على المدارك واختلاف الآراء، وأنَّ مِثْل هذا قد صار إليه المجتهد في وقت، فيكون ذلك أقرب للترقي لرتبة (12) الاجتهاد. وهو مطلب عظيم أهم من تيسير الضبط، فلذلك جُمِعت الأقوال في المذاهب.
وإذا لم يُعْلم التاريخ ولم يُحْكم عليه برجوع ينبغي ألاّ يعمل بأحدهما، فإنا نجزم بأن أحدهما مرجوع عنه منسوخ، وإذا اختلط الناسخ بالمنسوخ (13) حَرُم العمل بهما، كاختلاط المذكَّاة بالميتة، وأختِ الرَّضاع بالأجنبية، فإن المنسوخ لا يجوز الفتيا به
(1) في س: ((وإلا)) .
(2)
ساقطة من متن هـ.
(3)
وقيل: يتساقطان، ويكون كمن لا قول له في المسألة. انظر: التمهيد لأبي الخطاب 4/359، المحصول للرازي 5/391، الإحكام للآمدي 4/201
(4)
في س: ((لا تجوز)) ، وفي ن:((لا يجوز)) وكلُّه جائز.
(5)
في ق: ((يبقى)) ، وفي ن:((يقرّ)) .
(6)
في ق: ((بَعْد)) .
(7)
تحرَّفت في ن إلى: ((خصوص)) .
(8)
لكن غلَّط الشريف التلمساني من اعتقد من الأصوليين أن القول الثاني من إمام المذهب حكمه حكم الناسخ من قول الشارع، وجوَّز الأخذ بالاجتهاد الأول ما لم يكن نصٌّ قاطع يُرجع إليه. كما أنه فرَّق بين نص المجتهد ونص الشارع. انظر: مقدمة محقق كتاب: مفتاح الوصول للتلمساني تحقيق محمد علي فركوس ص 207-214، وانظر: المعيار المعرب 11/364-371.
(9)
في ق: ((يُنْفَ)) وهو تحريف
(10)
ساقط من س
(11)
في ق: ((يوضع)) .
(12)
في س: ((لدرجة)) .
(13)
في س، ن:((والمنسوخ)) وهو صحيح أيضاً.
فذلك (1) كله من باب اختلاط الجائز بالممنوع (2) فتحرم (3) الفتيا حينئذٍ بتلك الأقوال حتى يتعيَّن (4) المتأخر منها (5) ، أو يعلم (6) أنها محمولة على أحوال مختلفة أو أقسام متباينة، فيحمل [كلُّ قولٍ](7) على حالةٍ أو قِسْمٍ، ولا تكون (8) حينئذٍ أقوال (9) في مسألة واحدة، بل كل مسألة فيها قول.
وأما القولان في الموطن الواحد إذا لم يُشِرْ إلى تقوية أحدهما توجَّه (10) التخيير بينهما قياساً على تعارض الأمارتين، فإن نصوص المجتهد بالنسبة إلى المقلد كنسبة نصوص صاحب الشرع للمجتهد (11) ، ولذلك (12) يُحمل عامُّ (13) المجتهد على خاصِّهِ، ومطلقُه على مقيَّدِه، وناسخُه على منسوخه، وصريحُه على مُحْتَمله (14) ، كما [يُعمل ذلك في نصوص صاحب الشرع](15) . وأما كيف يُتصَوَّر أن يقول المجتهد في المسألة قولان، مع أنه لا يُتصوَّر عنده (16) الرجحان إلا في أحدهما؟ فقيل معناه: أنه أشار إلى أنهما قولان للعلماء (17) وأنهما احتمالان يمكن أن يقول بكل واحد منهما عالم لتقاربهما من الحق، وأما أنه جازم بهما فمحال ضرورة (18) .
(1) في س: ((فكذلك)) وهو تحريف.
(2)
في س، ن:((والممنوع)) .
(3)
في ن: ((يحرم)) وهي غير مناسبة للسياق.
(4)
في ق: ((يعلم)) .
(5)
في ن: ((عنها)) وهي غير مناسبة للسياق.
(6)
في ق: ((نعلم)) .
(7)
ساقط من س
(8)
في س: ((يكون)) .
(9)
في ق: ((أقوالاً)) وهو سائغ باعتبار كلمة " تكون " ناقصة
(10)
في ن: ((فوُجِّه)) ، وفي س:((فوجب)) .
(11)
انظر: الموافقات للشاطبي 5/68، 76.
(12)
في ن: ((وكذلك)) .
(13)
في س: ((على)) وهو تحريف
(14)
في ق: ((مجمله)) .
(15)
ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((كما فعل بنصوص الشرع)) .
(16)
في ق، ن:((عند)) سقط منها الضمير المتصل
(17)
ساقطة من س
(18)
انظر: شرح اللمع 2 / 1077، التلخيص 3 / 411، قواطع الأدلة 5 / 62، الإبهاج 3 / 202، فواتح الرحموت 2 / 439، تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال ص 72 - 73.