الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصلحة المرسلة
ص: المصلحة المرسلة (1) ،
والمصالح بالإضافة إلى شهادة الشرع لها بالاعتبار على ثلاثة أقسام (2) : ما شَهِد الشرع باعتباره، وهو القياس الذي تقدَّم (3) ، وما شهد الشرع بعدم (4) اعتباره، نحو: المنع من زراعة العنب لئلا يعصر (5) خمراً (6) ، وما لم يشهد له الشرع (7) باعتبارٍ (8) ولا بإلغاءٍ (9) وهو المصلحة المرسلة، وهي (10) عند مالك رحمه الله حجة (11) .
وقال الغزالي (12) : إن وقعت في محل (13) الحاجة [أو التتمة](14) فلا (15) تعتبر،
(1) المصلحة لغة: ضد المفسدة، وهي كالمنفعة وزناً ومعنى. انظر: مادة " صلح " في: لسان العرب، المصباح المنير، المعجم الوسيط. والمرسلة لغة: المُطْلقة، إذ الإرسال هو الإطلاق والإهمال. انظر مادة " رسل " في لسان العرب. واصطلاحاً: هي الوصف الذي يلائم تصرفات الشارع ومقاصده، لكن لم يشهد له دليلٌ معيّن خاص من الشرع باعتبارٍ ولا بإلغاءٍ، ولكن يحصل من ربط الحكم به جلب مصلحة أو دفع مفسدة. وتسمّى بالاستصلاح، وبالمناسب المرسل. انظر: المستصفى 1 / 416، الموافقات
1 / 32، التوضيح لحلولو ص 344، الاستصلاح والمصالح المرسلة في الشريعة الإسلامية د. مصطفى الزرقا ص 37.
(2)
سبق ذكر هذا التقسيم.
(3)
وهو المسلك الثالث من مسالك العلة، وهو المناسب. انظر: ص 324.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
هنا زيادة: ((منها)) في ن.
(6)
في ن، س، متن هـ:((الخمر)) .
(7)
ساقطة من ق، متن هـ.
(8)
هنا زيادة: ((ولا عدم)) في ن، ولا داعي لها، لأنها تكرار لما بعدها.
(9)
في ق: ((بإلغائه)) .
(10)
ساقطة من متن هـ.
(11)
لم يختلف الأصوليون في نسبة القول بحجية المصلحة المرسلة إلى الإمام مالك، وأنه في طليعة الآخذين بها، وأنه يعوِّل عليها كثيراً في استنباط الأحكام. انظر: منتهى السول والأمل ص 183، 208، تقريب الوصول ص 410، الاعتصام للشاطبي 2 / 135، التوضيح لحلولو ص 401، نيل السول ص 191، نثر الورود 2 / 505، الجواهر الثمينة للمشاط ص 249.
(12)
هذا النقل بمعناه في: المستصفى 1 / 420 - 422.
(13)
في ن، ق:((موضع)) .
(14)
ساقط من ق.
(15)
في ق: ((لم)) .
وإن وقعت في محل (1) الضرورة فيجوز أن يؤدِّي إليها اجتهادُ مجتهدٍ، ومثاله: تَتَرُّس (2) الكفار بجماعةٍ (3)[من المسلمين](4) ، فلو كَفَفْنا عنهم لصَدَمُونا (5)
[واستولوا علينا](6) وقتلوا كافة المسلمين، ولو رميناهم لقتلنا التُّرْس (7) معهم (8)، قال: فيُشْترط في هذه المصلحة (9) أن تكون كليةً* قطعيةً ضروريةً، فالكليَّة: احتراز (10) عما إذا تترّسوا في قلعة (11) بمسلمين، فلا يَحِلُّ رمي المسلمين إذ لا يلزم من ترك تلك القلعة (12)[فساد عام](13)(14)، والقطعية: احتراز (15) عما إذا لم يُقطع
(1) في ن، ق:((موضع)) .
(2)
التَّتَرُّس لغة: التستر بالتُّرس، والترس: صفحة من الفولاذ تُحمل في اليد للوقاية من السيف ونحوه. انظر مادة " ترس " في: لسان العرب، تاج العروس.
(3)
في ق: ((بالمسلمين)) .
(4)
ساقط من س، ق.
(5)
الصَّدْم: الضَّرْب بالجسم، والجيشان يتصادمان: إذا أصاب كلُّ واحدٍ الآخر بثِقْله وحِدَّته. انظر مادة
" صدم " في: لسان العرب، المصباح المنير.
(6)
ساقط من ق.
(7)
في ق: ((أكثر من)) .
(8)
انظر تفصيل الفقهاء في أحكام التترُّس في أبواب الجهاد في: بدائع الصنائع 9 / 394، الحاوي 14/187، المغني 13 / 141، الذخيرة 3 / 408.
(9)
في ن: ((المسألة)) .
(10)
في ن: ((احترازاً)) سبق توجيهه.
(11)
في ق: ((قطعة)) وهي ليست مناسبة هنا.
(12)
في ق: ((قطعة)) وهي ليست مناسبة هنا.
(13)
في س: ((فساداً عاماً)) ، وهو خطأ نحوي؛ لأنه فاعل للفعل:((يلزم)) .
(14)
هذا الاحتراز جعله الغزالي احترازاً بالضرورية لا بالكُليِّة. وعبارته: ((وليس في معناها ما لو تترَّس الكفار في قلعةٍ بمسلم، إذ لا يحلُّ رمي التُّرس، إذ لا ضرورة، فَبنا غُنيةٌ عن القلعة، فنعدل عنها)) المستصفى
1 / 421. وأمّا الاحتراز بالكلية فما ذكره هو: ((وليس في معناها: جماعةٌ في سفينة لو طرحوا واحداً منهم لنجوا وإلا غرقوا بجملتهم؛ لأنها ليست كُلِّية، إذ يحصل بها هلاك عددٍ محصورٍ. وليس ذلك كاستئصال كافة المسلمين
…
وكذلك جماعةٌ في مَخْمصةٍ لو أكلوا واحداً منهم بالقرعة لنجوا، فلا رخصة فيه؛ لأن المصلحة ليست كُليِّة)) المصدر السابق.
(15)
في ن: ((احترازاً)) انظر وجهها في: هامش (4) ص (45) .
باستيلاء الكفار علينا إذا لم نقصد الترس، وعن المضطر يأكل قطعة من فخذه (1) ،
والضرورية: احتراز (2) عن المناسب الكائن في محل الحاجة (3) والتتمة* (4) .
لنا أن الله تعالى إنما بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام لتحصيل مصالح العباد
[عملاً بالاستقراء](5) ، فمهما وجدنا مصلحة غلب على الظن أنها مطلوبة للشرع.
الشرح
قد تقدَّم (6) أن المصلحة المرسلة في جميع المذاهب عند التحقيق (7) ؛ لأنهم يقيسون ويفرِّقون بالمناسبات ولا يطلبون شاهداً بالاعتبار، [ولا نعني بالمصلحة المرسلة إلا
ذلك.
ومما يؤكد العمل بالمصالح المرسلة أن* الصحابة رضوان الله عليهم عملوا أموراً
(1) عبارة المستصفى (1 / 422) أوضح مما ها هنا ((وكذا قطْع المضطّر قطعةً من فخذه إلى أن يجد الطعام
- فهو كقطع اليد - لكن ربما يكون القطع سبباً ظاهراً في الهلاك، فيمنع منه؛ لأنه ليس فيه يقين
الخلاص، فلا تكون المصلحة قطعية)) .
(2)
في ن: ((احترازاً)) انظر وجهها في: هامش (4) ص (45) .
(3)
في ن: ((الحاجات)) .
(4)
في اشتراط هذه القيود الثلاثة للحمل بالمصلحة نظر، وهو أمر لا يُتصوَّر ولا وقوع له في الشريعة. انظر: الضياء اللامع لحلولو 3 / 46 - 47.
(5)
ساقط من متن هـ.
(6)
انظر: ص 336.
(7)
قال الزركشي: ((
…
والمشهور اختصاص المالكية بها، وليس كذلك، فإن العلماء في جميع المذاهب يكتفون بمطلق المناسبة، ولا معنى للمصلحة المرسلة إلا ذلك)) البحر المحيط 7 / 274، وانظر أيضاً ما نقله عن غيره في (8 / 84) . وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:((والحق أن أهل المذاهب كلهم يعملون بالمصلحة المرسلة وإن قرَّروا في أصولهم أنها غير حجة..)) مذكرة أصول الفقه ص 304، وانظر مذاهب العلماء في هذه المسألة في: البرهان للجويني 2 / 721، قواطع الأدلة 4 / 492، شفاء الغليل للغزالي ص 207، المحصول للرازي 6 / 165، 167، المسودة ص 450، نفائس الأصول 9 / 4095، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 320، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 289، التقرير والتحبير 3 / 381، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية د. محمد سعيد البوطي ص 307 - 357، نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي د. حسين حامد ص 47، 307، 466، 569، أصول الإمام أحمد د. عبد الله التركي ص 471.
لمطلق المصلحة لا لتقدم شاهدٍ بالاعتبار] (1) نحو: كتابة المصحف (2) ، ولم يتقدَّم فيها أمر ولا نظير، وولاية العهد من أبي بكر لعمر رضي الله عنهما (3) ولم يتقدم فيه أمر ولا نظير، وكذلك ترك الخلافة شورى (4) ، وتدوين الدواوين (5) ، وعمل السِّكَّة (6) للمسلمين، واتخاذ السجن (7) فعل ذلك عمر رضي الله عنه، وهَدّ (8)
الأوقاف التي بإزاء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتوسعة بها في المسجد عند ضيقه (9) فعله عثمان رضي الله عنه (10) ، وتجديد الأذان في الجمعة بالسوق، وهو الأذان الأول فعله (11) عثمان رضي الله عنه (12) ثم نقله هشام (13) إلى المسجد (14) ، وذلك كثير جداً لمطلق المصلحة.
(1) ما بين المعقوفين ساقط من ق.
(2)
كُتِبَ المصحف في عهد عثمان رضي الله عنه. انظر: صحيح البخاري (4987)، الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 280. وقد جُمِع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه. انظر: صحيح البخاري (4986) ، الاعتصام للشاطبي 2 / 135، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1 / 181.
(3)
انظر: المصنف لعبد الرزاق 5 / 449، السنن الكبرى للبيهقي 8 / 149، تاريخ الأمم والملوك للطبري
2 / 618، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 86، 144.
(4)
انظر: المصنف لعبد الرزاق 5 / 480، تاريخ الأمم والملوك 3 / 392، تاريخ الخلفاء ص 146.
(5)
الدواوين: جمع ديوان وهو مجتمع الصحف، والسجل أو الدفتر يُكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية، وهو فارسي معرّب. انظر مادة " دون " في: لسان العرب. وانظر تدوين الدواوين في عهد عمر رضي الله عنه في: الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 294، الأحكام السلطانية للماوردي ص 307، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 236.
(6)
انظر: مقدمة ابن خلدون تحقيق د. علي عبد الواحد وافي 2 / 700.
(7)
انظر: الطرق الحكمية لابن القيم ص 149.
(8)
في ن: ((هدم)) وهو صحيح؛ لأن الهدّ هو الهدم الشديد. انظر: لسان العرب، مادة " هدد "،
وفي س: ((هذه)) وهو تحريف.
(9)
انفردت نسخة ق هنا بزيادة: ((بدور الأوقاف)) .
(10)
انظر: تاريخ الأمم والملوك 3 / 310، 322، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 172. وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (3 / 283) أن عمر رضي الله عنه قام بتوسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(11)
في ق: ((أحدثه)) .
(12)
انظر: صحيح البخاري (912) ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 182.
(13)
هو أبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي، كانت خلافته 20 سنة، توفي سنة 125 هـ.
انظر: شذرات الذهب 1 / 163، تاريخ الخلفاء ص 285.
(14)
انظر: المدخل لابن الحاج 2 / 380، 404، 406، الاعتصام للشاطبي 2 / 20، الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة للألباني ص 17 - 31.