الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوع النسخ في القرآن
ص: ويجوز عندنا وعند الكافة نسخ القرآن (1) خلافاً لأبي مُسْلِمٍ الأصفهاني (2) ؛
(1) أي وقوع النسخ في بعض آياته.
(2)
هو: محمد بن بَحْر الأصفهاني، من كبار المعتزلة، كان نحوياً كاتباً بليغاً كان يتصرف للسلطان بأصبهان ثم تاب عن ذلك، له كتاب في التفسير سماه: جامع التأويل لمحكم التنزيل، وله: الناسخ والمنسوخ، وكتاب في النحو، توفي عام 322 هـ. انظر: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للبلخي والقاضي عبد الجبار ص 299، 323، معجم الأدباء لياقوت الحموي 18/ 35، بغية الوعاة للسيوطي 1/59.
* تحرير القول في مذهب أبي مسلم الأصفهاني:
اتفق العلماء على أنه يجيز النسخ عقلاً، ثم اختلفوا في مذهبه في جواز النسخ سمعاً على أقوالٍ ثلاثة:
الأول: ينكره سمعاً مطلقاً، وهو ظاهر نقل ابن عقيل عنه في: الواضح في أصول الفقه 4 / 197، والآمدي في: الإحكام 3 / 115، وابن الحاجب في: منتهى السول والأمل ص 154.
الثاني: ينكر وقوعه في الشريعة الواحدة. ذكره الجصاص في: أحكام القرآن 1 / 71، والرازي في: التفسير الكبير 20 / 93.
الثالث: ينكر وقوعه في القرآن فقط.. ذكره أكثر العلماء، ومنهم: النحَّاس في: الناسخ والمنسوخ
1 / 400، وانظر فواتح الرحموت 2 / 168.
أما النقل الأول: فإنه لا يصح عنه؛ لأنه لا يعقل. قال الشوكاني: ((فإنه إن اعترف بأن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع؛ فهذا بمجرده يوجب عليه الرجوع عن قوله، وإن كان لا يعلم ذلك فهو جاهل بما هو من الضروريات الدينية، وإن كان مخالفاً لكونها ناسخة للشرائع، فهو خلاف كفري لا يلتفت إلى قائله. نعم، إذا قال: إن الشرائع المتقدمة مُغيَّاةٌ بغايةٍ هي البعثة المحمدية، وأن ذلك ليس بنسخ، فذلك أخف من إنكار كونه نسخاً غير مقيد بهذا القيد)) إرشاد الفحول 2 / 76.
وأما النقل الثاني: فإنه مستبعدٌ أيضاً؛ لأنه ما من أحدٍ إلا ويعلم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام وأن نكاح المتعة حُرم أبداً بعد الإباحة.
وأما النقل الثالث: فهو الأظهر في نسبته إليه. انظر: النسخ بين الإثبات والنفي د. محمد فرغلي
ص 87 - 98.
يلاحظ بأن المصنف ذكر في أول الفصل الثاني في حكم النسخ: أن بعض المسلمين أنكره مؤولاً لما وقع بالتخصيص. وهنا ذكر بأن أبا مسلم ينكر النسخ في القرآن. فصنيع المصنف أولاً يُشعر بأن أبا مسلم ينكر وقوع النسخ مطلقاً؛ لأنه لا يُعلم أحدٌ من المسلمين ينكر النسخ غير أبي مسلم، ثم صرَّح هنا بأن أبا مسلم ينكر النسخ في القرآن.
ثم لست أدري! لماذا تكلم المصنف عن مسألة نسخ القرآن هنا مع أن مكانها الصحيح في الفصل الثالث: " في الناسخ والمنسوخ " بدليل أنه أعاد ذكرها هناك؟ إلا أن يكون قد تابع الرازي عليها كما في المحصول 3 / 307. والله أعلم.
لأنَّ الله تعالى نسخ وجوب (1) وقوف الواحد للعشرة في الجهاد بثبوته للاثنَيْن، وهما في القرآن (2) .
الشرح
وثانيها: أن الله تعالى أوجب على المُتَوَفَّى عنها زوجُها الاعْتِدادَ (3) حَوْلاً بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (4) ثم نُسِخ بقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (5) .
(1) ساقطة من ق، متن هـ.
(2)
هذا الدليل الأول من أدلة وقوع النسخ عند الجمهور، فالآية المنسوخة هي قوله تعالى: {
…
إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ..}
[الأنفال: 65] . والآية الناسخة هي قوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] وقد سبق الكلام عن الخلاف في وقوع النسخ فيها في هامش (6) ص 51.
(3)
الاعتداد لغة: مصدر اعتدَّ، واعتدَّت المرأة عِدَّتها من العدد والحساب. وعِدة المرأة: هي الأيام التي بانقضائها يحل لها التزوج. انظر: المصباح المنير، مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني كلاهما مادة
" عدد ". والعِدَّة اصطلاحاً: مدة منع النكاح لفَسْخِه أو موتِ زَوْجٍ أو طلاقِهِ. حدود ابن عرفة مع شرحه للرصَّاع 1 / 305.
(4)
البقرة، من الآية:240.
(5)
البقرة، من الآية: 234 وأولها {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} .
ويشار هنا إلى وقوع خلافٍ في نسخ عِدَّة المتوفَّى عنها زوجُها: فقد نقل القرطبي عن القاضي عياض بأن الإجماع منعقد على أن الحول منسوخ، وأن عدتها أربعة أشهر وعشر، ورُوي فيه خلاف عن مجاهد، قال القرطبي: ثم روى ابن جريج عن مجاهد مثل ما عليه الناس، فانعقد الإجماع وارتفع الخلاف. انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3 / 226، وانظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن العربي 2 / 31 - 32. وقيل: إن هذا ليس بنسخ، وإنما هو نقصان من الحول فلم يُنسخ الحولُ كله. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي ص 153، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 213، وقد أطال الحديث عن هذه الآية أبو جعفر النحاس في كتابه: الناسخ والمنسوخ 2 / 70. والراجح هو القول بالنسخ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول)) البخاري (5336) مسلم (1488) . انظر أدلة كل فريق ومناقشتها في كتاب: الآيات المنسوخة د. عبد الله الشنقيطي ص 115.
ونسخ وجوب (1) التصدق [قبل النجوى](2) الثابت (3) بقوله تعالى: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} (4) .
احتجَّ أبو مُسْلمٍ رحمه الله: بأن الله تعالى وصف كتابه بأنه (5) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (6) ، فلو نُسِخ لبَطَل.
وجوابه (7) : أن معناه لم يتقدمه (8) من (9) الكتب ما يبطله، [ولا يأتي](10) بعده ما يبطله ويبين أنه ليس بحق، والمنسوخ والناسخ حق، فليس هو (11) من هذا الباب.
(1) ساقطة من ق.
(2)
ساقط من س، ن.
(3)
ساقطة من ق.
(4)
المجادلة، من الآية: 12 وأولها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} ، وهي الآية المنسوخة. أمَّا الآية الناسخة فهي قوله تعالى:{أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَه} المجادلة، آية (13) . حكى ابن جزي المالكي في تفسيره الاتفاق على نسخ آية المجادلة. انظر كتابه: التسهيل لعلوم التنزيل 4 / 105، وانظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس 3/ 53، قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن لمرعي الكرمي ص 202، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17 / 301.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41 - 42] .
(7)
انظر حجة أبي مسلم ودحضها في: المحصول للرازي 3 / 311، الإحكام للآمدي 3 / 120، 124، الإبهاج للسبكي وابنه 2 / 233، وانظر: التفسير الكبير للرازي 27 / 114، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 15 / 367.
(8)
في ن: ((يتقدَّم)) .
(9)
في ق: ((في)) .
(10)
في ق: ((ولم يأت)) والمثبت أولى؛ لأنه تعبير القرآن.
(11)
ساقطة من ق.