الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كون الأذان لا يكون إلا في واجب فظاهر، فإذا بَلَغَنا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالأذان لصلاةٍ، قلنا: تلك الصلاة واجبة لوجود خصوصية (1)
الوجوب.
وإذا بَلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذر صلاة أو غيرها من المندوبات وفعلها قضينا على ذلك الفعل بالوجوب، لأن فعل المنذور واجب.
فهذه وجوهٌ من الاستدلال (2) على حكم أفعاله صلى الله عليه وسلم إذا وقعت.
تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله، وتعارض الفعلين
ص: تفريع (3) :
إذا وَجَب الاتباع، وعارض [فِعْلُه صلى الله عليه وسلم قَوْله] (4) : فإن تَقَدَّم القولُ وتَأَخَّر الفعلُ نسخ (5) الفعلُ القولَ، كان القولُ خاصاً (6) به أو بأمته أو عمهما، وإن (7)
(1) في ق، ن:((خَصِيْصَة)) . لم أجدها فيما اطلعت عليه من المعاجم حاشا " المعجم الوسيط ". ففيه
((
الخَصِيصة: هي الصفة التي تميز الشيء وتحدده)) .
(2)
في ن: ((الاستلالات)) ، وفي ق:((الاستدلات)) وهو تحريف.
(3)
فرَّع المصنف مسألة تعارض الأفعال على القول بوجوب التأسي به صلى الله عليه وسلم، لكنه اختصر عرض هذه الصور واقتصر على بعضها دون بعض.
قال حلولو: ((التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجهٍ يمنع كلُّ واحدٍ منهما مقتضى الآخر أو بعض مقتضاه. وهو إما بين القولين، ومحله الترجيح، وإما بين الفعلين أو بين القول والفعل)) . التوضيح ص247. ثم حصر صور التعارض في (36) صورة. أما الحافظ العلائي في كتابه: تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال ص (121-123) فحصرها في (60) صورة بطريق التقسيم العقلي وقال: ((وأكثرها لا يقع له مثالٌ في السنة، ولهذا لم يعتمد هذا التقسيم أحدٌ في مصنفه مجموعاً هكذا، بل يذكر كلٌ واحدٍ شيئاً - ثم قال - وإنما تُذكر للتمرين وبيان الأحكام)) وأما ابن النجار الفتوحي في كتابه: شرح الكوكب المنير (2 / 200) فحصرها في (72) صورة. وأكثر ما وقفت عليه من حصر هذه الصور ما ذكره الدكتور / محمد الأشقر في كتابه النفيس: أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم 2/206 حيث حصرها في (144) صورة وقال: ((إلَاّ أن بعضها لا يُعقل، وبعضها لا فائدة في تفصيله، وبعضها لا يُعرف له أمثلة في السنة)) . ثم اختصرها في (18) صورة ذات أهمية وأثر.
(4)
ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((قوله صلى الله عليه وسلم فعله)) بتقديم وتأخير.
(5)
سيأتي مبحث " النسخ " في الباب التالي لهذا الباب. انظر تعريفه ص 42.
(6)
الخَاصُّ لغة: المُنْفَرِد وهو ضِدّ العام. انظر مادة " خصص " في: لسان العرب. واصطلاحاً: هو لفظ وضع لمعنى واحدٍ على سبيل الانفراد. انظر: كشف الأسرار للبخاري 1/88.
(7)
في ن: ((وإذا)) وهي أداة شرط للمحقَّق، بينما ((إنْ)) أداة شرط للمُمْكن، وتأتي ((إنْ)) في موضع ((إذا)) وكلاهما سائغ هنا. انظر: مادة " أنن " في لسان العرب، ومادة " إنما " في: المصباح المنير.
تأخَّر القولُ - وهو عامٌّ (1) له ولأمته صلى الله عليه وسلم أَسقَطَ (2) حُكمَ الفعلِ عن الكل، وإن اخْتَصَّ بأحدهما خصَّصهُ عن عمومِ حكمِ الفعل.
وإِنْ تَعَقَّبَ الفعلُ القولَ من غير تراخٍ وعَمَّ القولُ له ولأمته عليه الصلاة والسلام خصَّصه عن عموم القول، وإن اخْتَصَّ بالأُمَّةِ تَرَجَّح القول [على الفعل، وإنْ اختصَّ به جاز إن جوَّزْنا (3) نسخ الشيء قبل وقته (4) ](5) ، [وإلاّ فلا (6) .
وإنْ لم يتقدَّم واحدٌ منهما رجح القول] (7) ؛ لاستغنائه [بدلالته عن غيره](8) من غير عَكْسٍ (9) .
فإن عارض الفعلُ الفعلَ بأنْ يُقِرَّ شَخْصاً على فِعْلٍ فَعَلَ - هو صلى الله عليه وسلم ضِدَّه فيُعْلَم خروجُه عنه. أو يفعل صلى الله عليه وسلم ضِدَّه في وقتٍ يُعْلم [لزومُ مِثْلِه له](10) فيه فيكونُ نَسْخاً للأول (11) .
(1) العَامُّ لغة: الشامل، من عمَّ الشيءُ: بمعنى شَمِل. انظر مادة " عمم " في: القاموس المحيط. واصطلاحاً هو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وَضْعٍ واحدٍ دفعةً مِنْ غير حَصْرٍ. انظر: مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ص 359.
(2)
انظر: نفائس الأصول 6/2348 وما بعدها، لتعرف لماذا عبر المصنف بالسقوط بدلاً من النسخ
والتخصيص.
(3)
في ن: ((جُوِّز)) .
(4)
في ق: ((وقوعه)) .
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من س، متن هـ.
(6)
توضيح العبارة السابقة: أن القول إذا اختص بالأمة، وجاء الفعل عقيبه، فلا نجوِّز احتمال اختصاص القول به، صيانةً له من الوقوع في المخالفة والمعاندة. وإن جوزنا احتمال اختصاص القول به فهو بناءً على تجويزنا نسخ الشيء قبل حضور وقته.
(7)
ما بين المعقوفين ساقط من س، ق، متن هـ.
(8)
ساقط من ن.
(9)
هذا ما اختاره المصنف، وفي مسألة:" جَهْل المتقدم والمتأخر من القول والفعل " أقوال أخرى، منها: الفعل مقدَّم؛ لأنه أقوى في البيان، ومنها: الوقف حتى يتبيّن التاريخ. قال ابن العربي: ((ومالك رحمه الله تختلف فتاويه، فتارةً يقدِّم القول، وتارةً يقدِّم الفعل، وذلك بحسب ما يعطيه الدليل المغاير لهما. فدلّ على أن مذهبه يقتضي أنهما متعارضان تعارضاً مستوياً، فيجب طلب الدليل في غيرهما)) . المحصول له ص 478. انظر: إحكام الفصول ص315، قواطع الأدلة 2 / 194، المحصول للرازي 3/256-259، نفائس الأصول 6/2346، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 26 - 27، شرح الكوكب المنير 2/199، تيسير التحرير 3/148.
(10)
ما بين المعقوفين في ن هكذا: ((لزومه)) .
(11)
انظر الأمثلة على هذه الصور السالفة الذكر في: رفع النقاب للشوشاوي القسم 2 / 338 - 347.