الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في تعدد العلل
(1)
ص: يجوز تعليل الحكم الواحد (2) بعلتين منصوصتين (3) خلافاً لبعضهم، نحو وجوب الوضوء على مَنْ بَالَ ولَامَسَ (4) ، ولا (5) يجوز بمستنبطتين؛ لأن الأصل عدم الاستقلال (6) فيُجْعلان علةً واحدة (7) .
الشرح
حجة الجواز في المنصوصتين (8) : أن لصاحب الشرع أن يربط الحكم بعلة،
(1) لشيخ الإسلام كلام نفيس جداً في هذه المسألة يجدر الرجوع إليه، ومفاده أن النزاع في هذه المسألة تنوعي لفظي. انظر: مجموع الفتاوى 20 / 167 - 175، المسودة ص 416 - 418. وانظر: سلم الوصول للمطيعي بحاشية نهاية السول 4 / 196 - 202.
(2)
ساقطة من س.
(3)
في س: ((منصوصين)) وهو خطأ نحوي؛ لأن الصفة تتبع الموصوف " علتين " في التأنيث والتذكير.
(4)
هذا استدلال بالوقوع الشرعي، وهو أقوى دليل على الجواز. أما مسألة وجوب الوضوء من الملامسة فممَّا وقع فيها خلاف الفقهاء. انظر: الحاوي 1 / 189، بدائع الصنائع 1 / 244، المغني 1 / 256، الذخيرة 1 / 225.
(5)
ساقطة من س، وهو سقط قبيح؛ لأنه يقلب المعنى.
(6)
في ق: ((الاستقبال)) وهو تحريف.
(7)
الخلاف في تعدد العلل لمعلولٍ واحد تشعَّب إلى أربعة مذاهب، الأول: يجوز مطلقاً، وهو للجمهور. الثاني: لا يجوز مطلقاً، اختاره الآمدي في الإحكام (3 / 341)، وابن السبكي في جمع الجوامع بحاشية البناني (2 / 245) . الثالث: يجوز في المنصوصة دون المستنبطة، وهو مذهب الرازي في المحصول
(5 / 271) ، وتبعه المصنف هنا، الرابع: عكسه، يجوز في المستنبطة دون المنصوصة. انظر: البرهان 2 / 537، المستصفى 2 / 364، شرح مختصر الروضة للطوفي 3 / 339، كشف الأسرار للبخاري
4 / 78، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 223، التمهيد للإسنوي 467، البحر المحيط للزركشي 7 / 221، التوضيح لحلولو ص 357، شرح الكوكب المنير 4 / 71، فواتح الرحموت
2 / 342، نشر البنود 2 / 139.
(8)
في س: ((المنصوصين)) وهو خطأ نحوي لما ذكر في هامش (3) ص (363) .
وبعلتين فأكثر، [وبغير علة](1) وبعلتين فأكثر، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ثم إن المصالح قد تتقاضى ذلك في وصفين، كما قلنا في الصغر والبكارة، فينص الشرع (2) عليهما، وعلى استقلال كل واحد (3) منهما تحصيلاً لتلك المصلحة وتكثيراً لها.
حجة المنع: أنه (4) لو عُلِّل الحكم بعلتين لاجتمع على الأثر الواحد مؤثران مستقلان وهو محال، وإلا لاسْتُغْني بكل واحد منهما عن كل واحد (5) منهما، فيلزم أن يقع بهما حالة عدم وقوعه بهما، [وأن لا يقع بهما حالة وقوعه بهما](6) ، وهو جمع بين النقيضين؛ لأن [الوقوع بكل](7) واحد منهما سَبَّبَ (8) عدم الوقوع من الآخر، فلو حصل العلتان وهو الوقوع بهما لحصل المعلولان وهو عدم الوقوع بهما.
ولأن تعليل الحكم بعلتين يفضي إلى نقض العلة وهو خلاف الأصل (9) .
(1) ساقطة من س، ن. ومسألة جواز خلو الحكم عن علّة يقول بها من يجوّز خلو أفعال الله تعالى وأحكامه عن الحِكَم والمصالح، وهم الأشاعرة والظاهرية. انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص 470، الإرشاد للجويني ص 247، الفصل في الملل والنِحَل لابن حزم 3 / 210. وهذا القول منهم أوقعهم في التناقض إذ مبنى القياس على العلّة، أشار إليه الشاطبي في الموافقات (2 / 11) . بل إن ابن الحاجب
- وهو أشعري - حكى الإجماع على أن حكم الأصل لابد له من علّة، انظر: منتهى السول والأمل
ص (181) . والحق أن أفعال الله تعالى وأحكامه جميعها معللة، خَلَق وأمر لغاياتٍ مقصودة وحِكَمٍ محمودة ولو خفيت علينا، لكن لا يخلو حُكْم عن علة أو حكمة، وهذا قول السلف وأكثر أهل
الحديث، ونسبه ابن تيمية إلى أكثر الناس من أتباع المذاهب الأربعة، ونسبه ابن القيم إلى أهل التحقيق من الأصوليين والفقهاء والمتكلمين، وبه قالت المعتزلة، لكن ليس على طريقة أهل السنة. انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 509، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 8 / 89، مفتاح دار السعادة لابن القيم 2 / 410، المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين للشيخ د. محمد العروسي ص 71.
(2)
في ق: ((الشارع)) .
(3)
في ق: ((الواحدة)) والمثبت أولى؛ لأنه صفة " للوصف " وهو مذكر.
(4)
هذا الدليل الأول
(5)
في ق: ((واحدة)) وهو خطأ؛ لأنها لم تأتِ على نسقٍ واحد مع ما قبلها وما بعدها، والأولى التذكير وصفاً للأثر.
(6)
ما بين المعقوفين ساقط من س.
(7)
في ق: ((وقوع كلّ)) .
(8)
في ق: ((يُسبِّب)) ، وفي ن:((سَلَب)) وكلاهما متَّجه.
(9)
هذا الدليل الثاني.
بيانه: أنه إذا وجدت إحدى العلتين ترتَّب عليها (1) الحكم، فإذا وُجِدت
الأخرى بعدها لا يترتب عليها شيء، فقد وجدت العلة الثانية بدون الترتُّب (2) لتقدُّم الترتّب (3) عليها بناء على العلة الأخرى، فيلزم وجود العلة بدون مقتضاها، وهو نقض
عليها (4) .
والجواب عن الأول: أن علل الشرع معرِّفات لا مؤثرات (5) ، والمحال المذكور إنما يلزم من المؤثرات، ويجوز اجتماع معرِّفين (6) فأكثر على مدلول واحد، كما يُعرَف (7) الله تعالى وصفاته العُلا بكل جزء من أجزاء العالم (8) .
(1) ساقطة من س.
(2)
في س، ن:((الترتيب)) وهو صحيح أيضاً، لكن مصدر ترتَّبَ هو الترتُّب، والترتيب هو اسم المصدر منه. انظر قاعدة اشتقاق المصدر واسم المصدر في: شرح التسهيل لابن مالك 3 / 122.
(3)
في ن: ((الترتيب)) .
(4)
في ق: ((عِلِّيَّتها)) وهو صواب أيضاً.
(5)
سبقت الإشارة في تعريف العلة أن الاختلاف في تعريفها مبني على مسألة تعليل أفعال الله وأحكامه. انظر: هامش (1) ص (320) ، وهامش (1) ص (364) . فالتعبير عن العلة الشرعية بأنها مؤثرة وموجبة للحكم بجعل الله لها ذلك، أو باعثة على الحكم، أو معرِّفة له كل هذه المعاني صحيحة ومقبولة، ومن قال بأنها مؤثرة بذاتها - وهو منسوب إلى المعتزلة - فقوله باطل؛ لأن فيه سلباً لقدرة الله تعالى، وربما كان هذا مبالغةً منهم في مقابل خصومهم الأشاعرة الذين نفوا تعليل أحكام الله وأفعاله، وتأثير الأسباب في مسببَّاتها. ولهذا لا يرتضي أهل السنة أن تكون علل الأحكام مجردَ علاماتٍ معرِّفةٍ وأماراتٍ سَاذَجةٍ عاطلةٍ عن الإيجاب، مسلوبةِ التأثير، بل هي موجِبةٌ للمصالح ودافعةٌ للمفاسد. أما وجه كون هذه الإطلاقات للعلة مقبولة فبالنظر إلى اعتبارات مختلفة، فمن حيث إن المكلف يتعرف بواسطتها على الحكم فهي معرِّفة وعلامة وأمارة، ومن حيث إن الحكم المبني عليها يحقق مصلحة للعباد فهي موجبة ومؤثرة وباعثة على الحكم لكن بجعل الله لا بذاتها. والله أعلم. انظر: المسودة ص 385، بحث:
" حقيقة الخلاف في التعليل بالحكمة وأثره في الفقه الإسلامي " لفضيلة شيخنا الدكتور علي الحكمي، بمجلة جامعة أم القرى، السنة السابعة، العدد التاسع 1414 هـ، المسائل المشتركة للشيخ الدكتور / محمد عبد القادر.
(6)
في س: ((معرفتين)) .
(7)
في ن: ((نَعْرِف)) .
(8)
في س: ((العلة)) وهو تحريف.
وعن الثاني: أن النقض لقيام المانع لا يقدح في العلة (1) كما تقدَّم (2) في النقض (3) ، فنقول به.
هذا في المنصوصتين، أما المستنبطتان فلا سبيل إلى التعليل بهما؛ لأن الشرع إذا ورد بحكم مع أوصاف مناسبة وجب جعل كل واحد منهما (4) جزءَ علةٍ لا علةً
مستقلةً؛ لأن الأصل عدم الاستقلال حتى ينص صاحب الشرع على استقلالهما، أو
[أحدهما فيستقل](5) .
(1) في ق: ((العلية)) .
(2)
في س: ((يقدم)) وهو تصحيف.
(3)
انظره في ص 352.
(4)
ساقط من ن.
(5)
في ق: ((إحداهما فتستقل)) .