الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما المصلحة المرسلة: فالمنقول أنها خاصة بنا، وإذا افتقدْتَ (1) المذاهب وجدْتَهم إذا قاسوا أو جمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا أو فرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، [وهذه هي](2) المصلحة المرسلة، فهي حينئذٍ في جميع المذاهب (3) .
ومن المعلوم أن المصلحة المرسلة أخص من مطلق المناسب* ومطلق المصلحة؛ لأن مطلق (4) المصلحة قد تلْغى كما تقدَّم في زراعة العنب، فإن المناسبة تقتضي ألَاّ يُزْرع سدّاً لذريعة الخمر، لكن أجمع المسلمون على إلغاء ذلك (5) ، وكذلك المنع من التجاور في البيوت خشية الزنا فإنه مناسب، لكن أجمع المسلمون على جواز المجاورة بالنساء في الدُّوْر الجامعة وإلغاء هذا المناسب (6) ، فالمناسب حينئذٍ أعم من المرسلة، لأن المرسلة مصلحة بقيد (7) السكوت* عنها فهي أخص.
المسلك الرابع: الشبه
ص: الرابع: الشَّبَه (8) قال القاضي أبو بكر: هو الوصف الذي لا يناسب
(1) في ق: ((اعتبرت)) .
(2)
في ق، ن:((وهذا هو)) .
(3)
سيأتي مزيد بحثٍ لهذه المسألة. انظر هامش (7) ص (496) .
(4)
ساقطة من ق.
(5)
سيأتي ذلك في مبحث سد الذرائع. انظر ص (503، 505) .
(6)
انظر: نفائس الأصول 9 / 4086.
(7)
في ق: ((تفيد)) وهو تحريف.
(8)
الشبه لغة: المماثلة والشبيه والمثيل، وهو المشاركة بين اثنين في أمرٍ من الأمور حسياً أو معنوياً. انظر: مادة ((شبه)) في لسان العرب، المصباح المنير.
أما حقيقته الاصطلاحية فقال حلولو: ((فقد شكا صعوبته جماعة من المحققين
…
)) التوضيح ص (344)، وقال الجويني:((لا يتحرّر في ذلك عبارة خِدْبة (مُحكمة) مستمرة في صناعة الحدود
…
)) البرهان 2 / 561، وقال الغزالي:((عبارة الشبه مستكرهة)) شفاء الغليل ص (373)، وقال الأبياري:((لست أرى في مسائل الأصول مسألةً أغمض من هذه)) البحر المحيط للزركشي (7 / 293) ، وقال ابن
السبكي: ((وقد تكاثر التشاجر في تعريف هذه المنزلة، ولم أجد لأحدٍ تعريفاً صحيحاً فيها)) . انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية البناني 2 / 287.
قيل في حَدِّه: ما يوهم المناسبة من غير اطلاعٍ عليها بعد البحث التام ممن هو أهل الاطلاع عليها. قال الآمدي: ((هذا أقربها إلى قواعد الأصول، وهو الذي ذهب إليه أكثر المحققين)) الإحكام 3 / 296، وكذا قال الهندي في نهاية الوصول 8 / 3342. وانظر: الوصول لابن بَرْهان 2 / 294، نهاية السول 4 / 106، البحر المحيط للزركشي 7 / 293، شرح الكوكب المنير 4 / 187، تيسير التحرير 4 / 53، فواتح الرحموت 2 / 363، نشر البنود 2 / 186، نبراس العقول ص 330.
لذاته (1) ويستلزم المناسب لذاته (2) ، وقد شهد الشرع لتأثير (3) جنسه القريب (4) في جنس الحكم القريب (5) .
والشبه يقع في الحكم (6) :
كمشابهة (7) العبد المقتول بالحُرِّ، أو شَبَهِهِ (8) بسائر المملوكات. وعند ابن عُلَيَّة (9) يقع الشَّبَه في الصورة كرد الجلْسة الثانية إلى
(1) في متن هـ: ((بذاته)) .
(2)
انظر حدّ القاضي أبي بكر في: البرهان 2 / 565 فقرة (832) ، المحصول للرازي 5 / 201، البحر المحيط للزركشي 7 / 295. لكن قال الآمدي عن هذا الحدِّ بأنه تفسير له بقياس الدلالة. انظر: الإحكام 3 / 295. وقياس الدلالة: هو الجمع بين الأصل والفرع بلازم من لوازم العلة أو بأثر من آثارها أو بحكمٍ من أحكامها. انظر: البحر المحيط 7 / 64، الشرح الكبير للورقات للعبادي 2 / 474، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص 467.
(3)
في ق: ((بتأثير)) .
(4)
الجنس القريب، ويسمى بالجنس السافل هو: ما كان فوقه جنس ولا جنس تحته بل أنواع. كالحيوان، فإن فوقه الجسم النامي وهو جنس، وتحته: إنسان وهو نوع. انظر: حاشية الصبان على شرح السُّلَّم للملَّوي ص 71، شرح المطلع على متن إيساغوجي لأبي زكريا الأنصاري ص 27.
(5)
ساقطة من ن.
(6)
هذا بيانٌ لأقسام الشبه، وهو على قسمين؛ شبهٌ في الصورة أو الشبه الصوري (الخَلْقي) ، وشبهٌ في الحكم أو الشبه الحكمي (المعنوي) . فإذا اجتمعا كما في العبد المقتول، فبأيهما يقع الاعتبار؟ . ذكر المصنف فيه ثلاثة مذاهب، وفي البحر المحيط للزركشي (7 / 301) ستة مذاهب. انظر: المعتمد
2 / 298، شرح اللمع للشيرازي 2 / 812، البرهان 2 / 562، المحصول لابن العربي ص 530، المحصول للرازي 5 / 202، مفتاح الوصول ص 706، التوضيح لحلولو ص 345، الآيات البينات للعبادي 4 / 146، شرح الكوكب المنير 4 / 188.
(7)
في متن هـ: ((كشبه)) .
(8)
ساقطة من ق.
(9)
ابن عُليَّة يطلق على الأب: إسماعيل، وعلى ابنه: إبراهيم، فأيهما المراد هنا؟ أغلب كتب الأصول التي ذكرتْهُ أطلقتْ التسمية هكذا، بينما في شرح الكوكب المنير (4 / 189) صرَّح بأنه أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن عُلية، أي الأب وهكذا في: نشر البنود (2 / 193) ، ونثر الورود (2 / 514) . وفي التمهيد للإسنوي ص (479) أنه أبو بكر بن عُلية، وهو أحد أولاد إسماعيل واسمه محمد (سير أعلام النبلاء 9 / 112) ثم إني وجدتُ في: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي أنه إبراهيم بن علية أي الابن، وهو الظاهر عندي لما له من شذوذات فقهية كهذه المسألة.
ولهذا قال الأستاذ أبو منصور: ((ذهب قوم من أهل البدع إلى اعتبار المشابهة في الصورة، وهو قول
الأصم، ولهذا زعم أن ترك الجلسة الأخيرة من الصلاة لا يضر كالجلسة الأولى، ولا يعتد بخلافه)) نقله