الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب* عن (1) رأي أبي الحُسَين: أن ذلك القيد لم ينقل لوقوع الخلل في اليهود في زمن بُخْتُنَصَّر (2) فإنه أباد اليهود حتى لم يبق منهم من يصلح للتواتر (3) ،
وبه يظهر (4) الجواب عن شرعنا نحن لسلامته (5) عن الآفات.
وعن الثاني: أن (6) هذا النقل أيضاً (7) لا يصحُّ الاعتماد عليه لانقطاع عدد اليهود كما تقدَّم، ولأن لفظ " الأبد " منقول في التوراة وهو على خلاف ظاهره (8) .
أمثلة من التوراة على أن لفظ " الأبد " لا يراد به الدوام
(9) قال في العبد: يُسْتخدم ست سنين ثم يُعْتق في السابعة، فإن أبى العتق فَلْتُثْقَبْ (10) أذنه ويُستخدم أبداً (11) . مع تعذر الاستخدام أبداً، بل العمر، فأطلق الأبد على العمر فقط.
(1) في ق، ن:((على)) ولست أعلم لها وجهاً. انظر هامش (10) ص (8) .
(2)
بُخْتُنَصَّر قيل هو: بُخْتُرشه وقيل: نَبُوخَذْنَصَّر، وبُوخت: ابن، ونَصَّر: صنم، وكان وُجد عند صنم ولم يُعْرف له أب، فقيل هو: ابن الصنم. كان في خدمة ملوكٍ من الفرس في زمن " زرادشت " مُدَّعِي النبوة ومشرع دين المجوس، حَكَمَ بابل (605 - 562) قبل الميلاد. سار إلى بيت المقدس " أورْشَلِيم " ودمَّرها وقتل بعض اليهود ونفى بعضهم الآخر، وهو ما يعرف عند اليهود بالأسر البابلي. انظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري 1 / 534 - 565، الكامل لابن الأثير 1 / 175، المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 1 / 42، لسان العرب مادة " نصر "، الموسوعة العربية الميسرة 2 / 1821.
(3)
ذكر المصنف فائدة في " نفائس الأصول "(6 / 2434) بأن مناظرة وقعت بينه وبين بعض اليهود. قال
بعضهم: كيف تَدَّعون أن شرعنا غير متواتر بسبب بُخْتُنَصَّر، والمنقول عندنا أن جمعاً منهم نحو الأربعين سلموا منه، وخرجوا إلى بعض الأقطار، ومثلهم يمكن أن يحصل به عدد التواتر؟ . فردَّ عليهم القرافي: أولاً: بعدم التسليم بصحة هذا النقل. وثانياً: سلَّمْنا، لكن لا يلزم أن يكون هذا الجمع حافظين للتوراة فلعلهم لا يعلمون شيئاً. وإذا شككنا في حالهم شككنا في التواتر، ويكفي في عدم الوثوق بأصل الشرائع الشك في بعض شروط التواتر.
وذكر المصنف في " الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة " ص (108 - 109) بأن بُخْتُنَصَّر قتل اليهود وحرق التوراة، ثم بعد سنين متطاولة لفَّق لهم عَزْرَا هذه التوراة الموجودة الآن مِنْ فصولٍ جمعها، لا يُدرى هل أصاب أو أخطأ؟ ، وفيها مالا يليق بالنبوات، وأين القطع بخبر الواحد؟!
(4)
في ن: ((أظْهِر)) والمثبت أليق.
(5)
في ص، ن:((بسلامته)) .
(6)
ساقطة من ن، س.
(7)
ساقطة من ن، ق.
(8)
قال الشوشاوي: ((إن لفظ " الأبد " ظاهر في عموم الأزمنة لا نَصٌّ
…
)) رفع النقاب القسم
2 / 389. وسيأتي مثل هذا في كلام المصنف ص 80.
(9)
هذا أول الأمثلة من التوراة على أن لفظ الأبد لا يراد به الدوام بل يأتي على خلاف ظاهره.
(10)
في س، ن:((فتثقب)) ، وفي ق:((فليثقب)) . والمثبت من نسخة ص.
(11)
انظر: سفر الخروج، الإصحاح: 21 الفقرتان: 2، 6، سفر التثنية، الإصحاح: 15 الفقرتان:
15 -
17.
وثانيها: قال في البقرة التي أمِروا بذبْحها تكون لكم سُنَّةً أبداً (1) ، ومعلوم أن ذلك ينقطع بخراب العالم وقيام الساعة.
وثالثها: أمِرُوا في قصة (2) دم الفِصْح (3) أن يذبحوا الحَمَل (4) ويأكلوا لحمه مُلَهْوَجاً (5)
ولا يكسروا منه عَظْماً ويكون لهم (6) هذا الحَمَل (7) سُنَّةً أبداً، ثم زال التعبد بذلك
أبداً (8)(9) .
(1) انظر: سفر اللَاّويين، الإصحاح: 17 الفقرات: 1 - 7.
(2)
في س: ((قضية)) ، وهي ساقطة من ق.
(3)
في ق: ((الفسخ)) وهو تحريف. والفِصْح: مثل الفِطْر وزناً ومعنى، وهو الذي يأكلون فيه اللحم بعد الصيام، وهو عيد عند اليهود والنصارى. أما النصارى فبمناسبة قيام المسيح عليه السلام من القبر بزعمهم، ويسمى عيد القيامة، وهو يوافق ما بين 22 مارس و 25 إبريل حسب التقويم الميلادي ويُسبق هذا اليوم بالصيام لمدة أربعين يوماً. أما عند اليهود فيوافق 15 من الشهر السابع حسب التقويم العبري، ويسمى بعيد الفطير، وفي مثل هذا اليوم خرج بنو إسرائيل من مصر هرباً من فرعون الذي أنجاهم الله منه. انظر: العهد القديم: سفر التثنية الإصحاح: 16 الفقرات: 1 - 8، سفر اللاويين، الإصحاح: 23 الفقرة: 5، العهد الجديد إنجيل مَتَّى الإصحاح: 26 الفقرة: 5، إنجيل لوقا الإصحاح: 22 الفقرات: 7 - 23، الأجوبة الفاخرة ص 192، المصباح المنير مادة ((فصح)) ، كلمات غريبة: منصور الخميس ص 101.
(4)
هكذا في نسخة و، وهو الصواب، خلافاً لجميع النسخ ففيها ((الجَمَل)) وهو خطأ؛ لأن الجمل من الحيوانات المحرَّمة على اليهود في شريعتهم جاء في سفر اللَاّويين، الإصحاح: 11 الفقرتان: 3 - 4 قوله: ((تأكلون كلَّ حيوانٍ مشقوقِ الظِّلْف ومُجْترٍّ. أما الحيوانات المجترَّة فقط أو المشقوقة الظلف فقط فلا تأكلوا منها، فالجَمَل غير طاهرٍ لكم؛ لأنه مجترٌّ ولكنه غير مشقوق الظلف)) .
(5)
في ق: ((مملوحاً)) وهي ليست في التوراة.
والمُلَهْوَج: مفعول من لَهْوَج: بمعنى خَلَطَ، ولَهْوَج اللَّحْمَ: لم يُنْعِم شَيَّهُ. واللحم المُلَهْوَج: المَشْوي على النار من غير نُضْجٍ. قال الشاعر:
خير الشِّوَاء الطيِّبُ المُلَهْوَجْ قد هَمَّ بالنُّضْج ولَمَّا يَنْضَجْ
انظر: لسان العرب مادة " لَهَجَ ".
(6)
في ق: ((لكم)) وهي غير مناسبة؛ لأن السياق ليس فيه توجيه الخطاب لهم.
(7)
هكذا في نسخة و، وهو الصواب خلافاً لباقي النسخ. انظر هامش (4) من هذه الصفحة.
(8)
كلمة ((أبداً)) ساقطة من ق.
(9)
انظر: سفر الخروج، الإصحاح: 12 الفقرات: 1 - 17.
وقال في السِّفْر الثاني (1) : قَرِّبُوا إليَّ كل يوم خروفين، خروفاً غَدْوةً وخروفاً عَشِيَّةً قُرْباناً دائماً لأحْقَابكم (2) .
ثم مذهبهم منقوضٌ بصور، إحداها (3) : أن في التوراة أن السارق إذا سرق في المرَّة الرابعة تُثْقَب أذنه ويباع، وقد اتفقوا (4) على نسخ ذلك (5) .
وثانيها: اتفق اليهود والنصارى على أن الله تعالى فَدَىَ ولد إبراهيم من الذبح، وهو نص التوراة (6) ، وهو أشد أنواع النسخ؛ لأنه قبل الفعل الذي منعه المعتزلة (7) ، وإذا جاز في الأشدِّ جاز في غيره بطريق الأولى.
وثالثها: في التوراة أن الجمع بين الحُرَّة* والأمَة في النكاح كان
جائزاً في شرع إبراهيم عليه السلام لجمعه عليه السلام بين سارة (8) الحُرَّة
(1) السفر الثاني هو سفر الخروج؛ لأن السفر الأول هو سفر التكوين. انظر: سفر الخروج، الإصحاح: 29 الفقرات: 38 - 42.
(2)
وهم لا يفعلون ذلك لكونه منسوخاً. والأحْقَاب: جمع حُقُب وحُقْب وهو الدهر. والحُقُب: ثمانون سنة، وقيل أكثر من ذلك. قال الراغب: والصحيح أن الحِقْبة مدة مبهمة. انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، القاموس المحيط كلاهما مادة " حقب ".
(3)
هكذا في ق. وفي جميع النسخ بالتذكير ((أحدها)) ، والصواب ما في نسخة ق:((إحداهما)) بالتأنيث موافقةً للمعدود وهو: ((صور)) ومفرده: صُورة. وهكذا يقال في بقية الأعداد الآتية، ففي كلِّ النسخ كُتبت: ثانيها، ثالثها، رابعها، خامسها. والصواب: ثانيتها، ثالثتها
…
خامستها. بالتأنيث فإن العدد إذا كان اسم فاعل وجب فيه أبداً أن يُذكَّر مع المذكر ويُؤَنَّث مع المؤنَّث. انظر هذه القاعدة في: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام 4 / 243، 248.
(4)
في ن: ((اتفقنا)) والمثبت أوجه؛ لتستقيم الدعوى عليهم.
(5)
انظر: سفر الخروج، الإصحاح: 22 الفقرات: 1 - 4، وانظر: نفائس الأصول 6 / 2430.
(6)
انظر: سفر التكوين، الإصحاح: 22 الفقرات: 1 - 14، وانظر: الأجوبة الفاخرة ص 91، نفائس الأصول 6/2430. والذبيح - عند اليهود والنصارى كما هو عند بعض المسلمين - هو إسحاق عليه السلام، والصحيح أنه إسماعيل عليه السلام وقد سبق تفصيل الكلام في ذلك في حاشية رقم (1) ص 49.
(7)
مسألة: النسخ قبل التمكن من الفعل وخلاف المذاهب فيها بحثها المصنف في ص 64.
(8)
سارة: هي زوجة إبراهيم عليه السلام، وابنة عَمِّه: هاران الأكبر، وقيل: كانت ابنة ملك حرَّان، وكانت من أحسن النساء وجهاً، وكانت مُنِعَت الولد حتى أسنَّتْ، فوهبها الله إسحاق عليه السلام، ولها قصة - في البخاري برقم (3358) - مع فرعون مصر آنذاك. توفيت بالشام ولها 124 سنة. وسارة: اسم سامي، ومعناه: السيدة أو الأميرة. انظر: الكامل في التاريخ 1 / 88، فتح الباري لابن حجر 6 / 481.
وهاجر (1) الأمَة وحرمته التوراة (2) .
ورابعها: أن التوراة قال الله تعالى فيها لموسىعليه السلام: اخْرُجْ أنت وشعبك (3) لِتَرثوا الأرض المُقَدَّسة (4) التي وَعَدْتُ بها أباكم إبراهيم أن أورثها نَسْلَه. فلما ساروا إلى التِّيْهِ (5) قال الله تعالى: لا تدخلوها؛ لأنكم عصيتموني (6) . وهو عين النسخ.
وخامسها: تحريم السبت، فإنه لم يزل (7) العمل (8) مباحاً إلى زمن موسىعليه السلام وهو عين النسخ (9) .
(1) هاجر: وقيل بالهمز: آجر، وهو اسم سرياني، معناه: المهاجرة. يقال: إن أباها كان من ملوك القبط، وهبها فرعون مصر آنذاك لسارة لتخدمها، فوهبتها لإبراهيم عليه السلام لعل الله يرزقه منها الولد، فولدت له إسماعيل عليه السلام، فحزنت سارة حزناً شديداً فوهبها الله تعالى إسحاق عليه السلام. وقعت الغيرة في قلب سارة وقالت في هاجر: لا تساكِنُنِي في بلد. فأوحى الله إلى إبراهيم أن يأتي مكة، وليس بها يومئذ زَرْعٌ ولا ضَرْعٌ. والقصة في البخاري برقم (3364) . انظر: الكامل في التاريخ 1 / 88، فتح الباري لابن حجر 6 / 485.
(2)
انظر: سفر التكوين، الإصحاح: 16 الفقرة: 3، الأجوبة الفاخرة ص 91، نفائس الأصول
6 / 2430.
(3)
في ق: ((شيعتك)) .
(4)
اختلف المفسرون في تحديد الأرض المقدسة، فقيل: هي بيت المَقْدِس، وقيل: أريْحا، وقيل: الطُّوْر، وقيل: إيليا، وقيل: الشام، وقيل: فلسطين ودمشق وبعض الأردن. واختار الطبري عدم القطع بتحديدها غير أنها لا تخرج عن أن تكون من الأرض التي بين الفرات وعريش مصر. وصحح ابن كثير القول بأنها: بيت المقدس، وكذا الشيخ السعدي. انظر: جامع البيان للطبري مجلد: 4 / جزء: 6 / 234، تفسير البحر المحيط لأبي حيان 3 / 469، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1 / 139، 3 / 69، تيسير الكريم المنان للسعدي 1 / 473.
(5)
التِّيْه: هي الأرض التي تاهوا فيها وهي بين مصر والشام، اخْتُلِف في طولها وعرضها، فقيل طولها: ثلاثون ميلاً، وقيل: ثلاثون فَرْسخاً، وقيل: اثنا عشر فَرْسخاً. أما عرضها: فقيل: ستة فراسخ، وقيل: تسعة فراسخ. انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان 3 / 473، والفرسخ:5.04 كيلو متراتٍ،
والميل: 1.68 كيلو متراً. انظر: المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها لمحمد نجم الدين الكردي
ص 310.
(6)
وردت هذه القصة في سورة المائدة، الآيات (20 - 26) . وانظر: سفر الخروج، الإصحاح:
6 الفقرات: 6 - 8، سفر العدد، الإصحاح: 14 الفقرات: 22 - 23، نفائس الأصول 6/2431.
(7)
في ن: ((يدل)) وهو تحريف، لا معنى لها.
(8)
ساقطة من س.
(9)
انظر: سفر الخروج، الإصحاح: 20 الفقرة: 10، والإصحاح: 31 الفقرات: 12 - 17، الأجوبة الفاخرة ص 91 نفائس الأصول 6 / 2431.
وقد ذَكَرْتُ [صوراً كثيرةً](1) غير هذه في: " شرح المحصول "(2)، وفي كتاب:" الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة "(3) في الرد على اليهود والنصارى.
وأما من أنكر النسخ من المسلمين فهو مُعْترفٌ بنسخ تحريم الشحوم (4) ، وتحريم السبت (5) وغير ذلك من الأحكام، غير أنه يفسر النسخ في هذه الصور (6) بالغاية، وأنها انتهت بانتهاء غايتها (7) ، فلا خلاف في المعنى (8) .
(1) ساقط من ن.
(2)
انظرها في: نفائس الأصول في شرح المحصول 6 / 2430 - 2432. وقد تقدم التعريف به في القسم الدراسي.
(3)
انظرها فيه ص 90 - 92. وقد تقدَّم التعريف به في القسم الدراسي.
(4)
لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] . وانظر أيضاً: سفر اللاويين، الإصحاح: 7 الفقرات: 22 - 25.
(5)
لقوله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 154]، وانظر أيضاً: سفر الخروج، الإصحاح: 20 الفقرة: 10.
(6)
في ق: ((الصورة)) وهي في الحقيقة عدة صور كما مرَّ.
(7)
في ن: ((نهايتها)) .
(8)
هذا هو وجه التأويل الذي ذكره المصنف في المتن ص (50) في قوله: ((وبعض المسلمين مؤولاً لما وقع من ذلك بالتخصيص)) أي التخصيص بالغاية. قال ابن السبكي في " رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب "(4 / 47) : ((وأنا أقول: الإنصاف أن الخلاف بين أبي مسلم والجماعة لفظي، وذلك أن أبا مسلم يجعل ما كان مغياً في علم الله تعالى كما هو مغياً باللفظ، ويسمى الجميع تخصيصاً، ولا فرق عنده بين أن يقول: وأتموا الصيام إلى الليل، وأن يقول: صوموا، مطلقاً، وعلمه محيط بأنه سينزل: لا تصوموا وقت الليل. والجماعة يجعلون الأول تخصيصاً والثاني نسخاً
…
)) فالنسخ تخصيص في الأزمان كتخصيص الأشخاص. وانظر: شرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية البناني 2 / 89.
قال الشيخ الزُّرْقاني: ((إن أبا مسلم على فرض أن خلافه مع الجمهور لفظي لا يعدو حدود التسمية، نأخذ عليه أنه أساء الأدب مع الله في تحمسه لرأيٍ قائمٍ على تحاشي لفظٍ اختاره جَلَّتْ حكمته ودافع عن معناه بمثل قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] . وهل بعد اختيار الله اختيار؟! وهل بعد تعبير القرآن تعبير؟!)) . مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني 2 / 162. ثم إن هناك فروقاً كبيرة بين النسخ والتخصيص.
والذي يظهر لي أن الخلاف مع أبي مسلم خلاف معنوي لمخالفته نصَّ الكتاب وإجماعَ الأمة، يدل على ذلك تعسفه الشديد في تأويل الآيات الدالة على وقوع النسخ كما تعسَّف في تأويل الآيات الناسخة والمنسوخة بما لا يقبله العقل ولا يتفق مع النقل. وما اعتذار العلماء له وأنه يُسمِّي النسخ تخصيصاً إلا خشية الإثم من مخالفة الإجماع، إذ كيف لمسلمٍ - فضلاً عن عالمٍ - أن يجحد وقوعه في القرآن مع قيام الحجج القاطعة على وقوعه؟! فلا مانع من تخطئته مع كونه متأولاً باجتهاده. انظر: حاشية رقم (5) للدكتور: سليمان اللاحم محقِّق كتاب: الناسخ والمنسوخ للنحاس 1 / 400.