الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغير ذلك، فصار معنى الآية (1) : يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة - التي (2) هذا شأنها - من يوم الجمعة فاسعوا* إلى ذكر الله. وإذا كان البيان يُعدُّ منطوقاً (3) به في المبيَّن [كان حكمه حكم ذلك (4) المبيَّن](5) : إن كان (6) واجباً فواجب، أو (7) مندوباً فمندوب، أو مباحاً فمباح.
أدلة القائلين بوجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم إن لم يكن فعله بياناً وفيه قُرْبة
حجة الوجوب: القرآن، والإجماع، والمعقول.
أما القرآن: فقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (8) والفعل [مأتيٌّ به](9) فوجب أخذه؛ لأن ظاهر الأمر للوجوب.
وقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (10) جعل تعالى اتباع نبيَّه من لوازم
[محبَّتِنا لله](11) تعالى، ومحبَّتُنا لله تعالى واجبة، ولازم الواجب واجب، فاتباعه صلى الله عليه وسلم واجب (12) .
وقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ} (13) والأمر للوجوب.
(1) في ق: ((آية الجمعة)) .
(2)
ساقطة من ن.
(3)
في ن: ((منطوق)) وهو خطأ نحوي؛ لعدم انتصابه على المفعولية.
(4)
ساقطة من ق.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(6)
ساقطة من س، ق.
(7)
في ق: ((وإن)) وهو تكرار لا داعي له.
(8)
الحشر، من الآية:7.
(9)
في س "ما يأتي". وهي غير موفية بالمراد، وفي ن:((مما أتى به)) .
(10)
آل عمران، من الآية:31.
(11)
في ن: ((محبة الله)) .
(12)
انظر مزيداً من توضيح هذا الاستدلال في: نفائس الأصول 5 / 2320.
(13)
هكذا في نسخة ش، جاءت في سياق قوله تعالى: {
…
فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] . وفي جميع النسخ الأخرى قوله تعالى {فاتبعوه} وهي من الآية (153) الأنعام، قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} وكذا من الآية (155) الأنعام، قال تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} الآية. والمثبت من نسخة (ش) أليق بالاستدلال؛ لأن عود الضمير عليه صلى الله عليه وسلم أولى من عوده على الصراط أو الكتاب. والله أعلم.
وأما الإجماع: فلأن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لما أخبرتهم عائشة رضي الله عنها بأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل من التقاء الخِتَانَيْن (1) ، رجعوا إلى ذلك بعد اختلافهم، وذلك يدلُّ على أنَّه عندهم محمول على الوجوب. ولأنهم (2) واصلوا الصيام لمَّا (3) واصل (4) ،
وخلعوا نِعَالهم لمَّا (5) خلع صلى الله عليه وسلم (6) ، وكانوا شديدين الاتباعَ له صلى الله عليه وسلم في أفعاله.
وأما المعقول فمن وجهين:
الأول: أن فعله صلى الله عليه وسلم يجوز أن يكون المراد به الوجوب، ويجوز أن لا يكون، والاحتياط يقتضي حمله على الوجوب (7) .
(1) حديث اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في الغسل من التقاء الختانين واحتجاج عائشة رضي الله عنها بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، انظره في: المصنّف لعبد الرازق 1/249، شرح معاني الآثار للطحاوي (1/58)، كما ورد موقوفاً على عائشة رضي الله عنها قولها: ((إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل
…
)) . أخرجه النسائي (196)، والترمذي (108) وقال:((حسن صحيح)) ، وابن ماجه (608) وغيرهم، وصححه ابن كثير في كتابه: تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ص 114، وانظر: المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر للزركشي ص 53، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 1/121.
(2)
في س: ((وأنهم)) .
(3)
في ن: ((كما)) .
(4)
في س: ((وصل)) . وحديث الوِصَال ورد بألفاظٍ مختلفةٍ من طرقٍ عِدَّةٍ في مصادر جَمَّةٍ. منها: ما رواه البخاري (1192) ومسلم (1102) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل، فواصل الناس فشقَّ عليهم، فنهاهم. قالوا: إنك تواصل. قال: ((لست كهيئتكم، إني أظَلُّ أطْعَم وأسْقَى)) . قال النووي في معنى الوصال:
((
هو صوم يومين فصاعداً من غير أكل أو شرب بينهما)) شرح صحيح مسلم (7/183) .
(5)
في ق: ((كما)) .
(6)
حديث خلع النعال من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بينما رسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال:» ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ «قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله:» إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قَذراً، أو قال أذىً
…
«الحديث. رواه الإمام أحمد (3/20، 92)، وأبوداود (650) والحاكم (955) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه النووي في: المجموع شرح المهذب 30/140، والألباني في: إرواء الغليل 1/314.
(7)
ذكر القرافي في نفائس الأصول (5/2322) بأن الاحتياط والرجحان تارة يكون في أفعال المكلفين، وتارة يكون في أدلة المجتهدين. ففي الأول: الاحتياط والرجحان يقتضي الندب. وفي الثاني: يقتضي الوجوب؛ لإجماع الأمة على أن المجتهد يجب عليه الفتيا بالراجح والعلم به. والاحتياط المذكور هنا هو احتياط في الدليل لا في الفعل.