المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم نسخ الكتاب بالسنة المتواترة - جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير - جـ ٢

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشرفي فِعْله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأولفي دلالة فعله صلى الله عليه وسلم

- ‌أدلة القائلين بوجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم إن لم يكن فعله بياناً وفيه قُرْبة

- ‌دليل القائلين باستحباب اتباعه صلى الله عليه وسلم، إن لم يكن فعله بياناً وفيه قُرْبة

- ‌حجة القائلين بأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا قُرْبة فيها أنها على الإباحة

- ‌حجة القائلين بأن أفعاله صلى الله عليه وسلم فيما لا قُرْبة فيها على الندب

- ‌إقرار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثانيفي اتباعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طرق معرفة صفات أفعاله صلى الله عليه وسلم

- ‌حجة ابن خلَاّد

- ‌سؤال:

- ‌تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله، وتعارض الفعلين

- ‌مسألة تقدُّم القول وتأخُّر الفعل

- ‌مسألة تقدُّم الفعل وتأخُّر القول

- ‌مسألة تعقُّب الفعلِ القولَ

- ‌مسألة تعارض الفعلين

- ‌فائدة:

- ‌سؤال:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثالثفي تأسِّيه صلى الله عليه وسلم

- ‌مسألة تعبُّد النبي صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل نبوته

- ‌حجة النّافين لتعبُّده صلى الله عليه وسلم بشرع مَنْ قبله قبل نبوته

- ‌حجة المثبتين لتعبده صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله قبل نبوته

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌مسألة تعبُّد النبي صلى الله عليه وسلم بشرع من قبله بعد نبوته

- ‌فائدة

- ‌الباب الرابع عشرفي النسخ

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌الحجة العقلية للشمعونية من اليهود المنكرين للنسخ عقلاً وسمعاً

- ‌حجة منكري النسخ سمعاً

- ‌أمثلة من التوراة على أن لفظ " الأبد " لا يراد به الدوام

- ‌وقوع النسخ في القرآن

- ‌حكم نسخ الشيء قبل وقوعه

- ‌حكم النسخ لا إلى بدل

- ‌حكم النسخ بالأثقل

- ‌أنواع النسخ في القرآن وأحكامها

- ‌حكم النسخ في الأخبار

- ‌حكم نسخ الحكم المقيّد بالتأبيد

- ‌الفصل الثالثفي الناسخ والمنسوخ

- ‌حكم نسخ الكتاب بالآحاد

- ‌حكم نسخ السنة بالكتاب

- ‌حكم نسخ الكتاب بالسنة المتواترة

- ‌حكم نسخ الإجماع والنسخ به

- ‌حكم نسخ الفحوى والنسخ به

- ‌حكم نسخ القياس والنسخ به

- ‌حكم النسخ بالعقل

- ‌حكم الزيادة على النص

- ‌حكم الزيادة غير المستقلة على النص

- ‌حكم النقص من النص

- ‌الفصل الخامسفيما يُعْرف به النسخ

- ‌الباب الخامس عشرفي الإجماع

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌حكم إجماع الأمم السالفة

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌حكم إحداث قولٍ ثالثٍ إذا أجمعت الأمة على قولين

- ‌حكم الفَصْل فيما أجمعوا على الجَمْع فيه

- ‌حكم الإجماع على أحد القولين بعد الاتفاق على القول بهما

- ‌مسألة: اشتراط انقراض عصر المجمعين

- ‌حجية الإجماع السكوتي

- ‌إذا قال بعض المجتهدين قولاً ولم ينتشر ولم يعلم له مخالف، هل يكون إجماعاً سكوتياً

- ‌حكم الاستدلال بدليل أو تأويل لم يتعرض أهل العصر الأول لهما في إجماعهم

- ‌حكم إجماع أهل المدينة

- ‌حكم إجماع أهل الكوفة

- ‌حكم إجماع العِتْرة

- ‌حكم إجماع الخلفاء الراشدين

- ‌حكم إجماع الصحابة مع مخالفة التابعي

- ‌هل يعتبر أهل البدع من أهل الإجماع

- ‌هل ينعقد الإجماع بالأكثر مع مخالفة الأقل

- ‌تقدُّم الإجماع على الكتاب والسنة والقياس

- ‌حكم المخالف أو المنكر للإجماع القطعي

- ‌سؤال:

- ‌الدلالة على قطعية الإجماع

- ‌الفصل الثالثفي مُسْتَنَدِه

- ‌حجة الجواز بالأمارة:

- ‌الفصل الرابعفي المجمعين

- ‌هل يعتبر العوام من أهل الإجماع

- ‌المعتبر في الإجماع بحسب المجتهدين في كل فنٍ

- ‌حكم اشتراط التواتر في المجمعين

- ‌حكم إجماع غير الصحابة

- ‌الكلام في اشتراط التواتر في المجمعين

- ‌العبرة في الإجماع بأهل كلِّ فنٍّ

- ‌الفصل الخامسفي المُجْمَع عليه

- ‌الإجماع في العقليات

- ‌الإجماع في الدنيويات

- ‌حكم اشتراك الأمة في الجهل بشيءٍ ما

- ‌الكلام على الإجماع في العقليات

- ‌الإجماع في الحروب والآراء

- ‌الكلام في اشتراك الأمة في الجهل بشيءٍ ما

- ‌تنبيه

- ‌الباب السادس عشرفي الخبر

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌شروع في شرح القيد " لذاته " المذكور في تعريف الخبر

- ‌سؤال:

- ‌هل توجد واسطة بين الصدق والكذب في الخبر

- ‌هل يشترط في الخبر إرادة الإخبار

- ‌الفصل الثانيفي التواتر

- ‌إفادة المتواترِ العلمَ والقَطعَ

- ‌إفادة المتواتر العلم الضروري

- ‌{اشتراط العدد في التواتر}

- ‌انقسام التواتر إلى: لفظيّ ومعنويّ

- ‌شرط المتواتر

- ‌الفصل الثالثفي الطرق المُحصِّلة للعلم غير التواتر

- ‌الفصل الرابعفي الدالِّ على كذب الخبر

- ‌الفصل الخامسفي خبر الواحد

- ‌شروط قبول خبر الآحاد المتعلِّقة بالراوي

- ‌حكم رواية الصبي

- ‌حكم رواية الكافر

- ‌حكم رواية المبتدع

- ‌اشتراط العدالة في الراوي

- ‌تعريف الصحابي وعدالته

- ‌تعريف العدالة

- ‌فائدة

- ‌حكم رواية الفاسق

- ‌حكم رواية المجهول:

- ‌طرق معرفة العدالة

- ‌إبداء أسباب الجرح والتعديل:

- ‌حجة اشتراط العدد في الجميع:

- ‌تعارض الجرح والتعديل

- ‌الفصل السادسفي مستند الراوي

- ‌الفصل السابعفي عدده

- ‌هل يشترط في الراوي الفقه

- ‌أمور لا تقدح في الراوي:

- ‌هل العبرة في الراوي بما رأى أم بما روى

- ‌حكم قبول الخبر في مسائل الاعتقاد

- ‌حكم الخبر فيما تعمُّ به البلوى

- ‌الفصل التاسعفي كيفية الرواية

- ‌مراتب رواية الصحابي

- ‌مراتب رواية غير الصحابي

- ‌الفصل العاشرفي مسائل شتى

- ‌حجية الحديث المرسل

- ‌المراسيل التي يقبلها الشافعي

- ‌سؤال:

- ‌حكم رواية الحديث بالمعنى

- ‌حكم زيادة الثقة

- ‌الباب السابع عشرفي القياس

- ‌الفصل الأولفي حقيقته

- ‌حقيقة القياس اللغوية

- ‌الفصل الثانيفى حكمه

- ‌أدلة المثبتين لحجية القياس

- ‌أدلة النافين لحجية القياس

- ‌القياس القطعي والظني والقياس في الدنيويات

- ‌تعارض القياس مع خبر الواحد

- ‌تنقيح المناط وتخريجه وتحقيقه

- ‌الفصل الثالثفي الدال على العلة

- ‌المسلك الأول: النص

- ‌المسلك الثاني: الإيماء

- ‌المسلك الثالث: المناسب

- ‌الكليات الخمس:

- ‌تقسيم المناسب

- ‌المسلك الرابع: الشبه

- ‌مثال الشبه عند القاضي:

- ‌المسلك الخامس: الدوران

- ‌حجة المنع:

- ‌المسلك السادس: السَّبْر والتقسيم

- ‌السبر معناه في اللغة:

- ‌المسلك السابع: الطرد

- ‌المسلك الثامن: تنقيح المناط

- ‌الفصل الرابعفي الدال على عدم اعتبار العلة

- ‌القادح الأول: النّقض

- ‌القادح الثاني: عدم التأثير

- ‌القادح الثالث: القَلْب

- ‌القادح الرابع: القول بالمُوجب

- ‌القادح الخامس: الفرق

- ‌الفصل الخامسفي تعدد العلل

- ‌الفصل السادسفي أنواعها

- ‌حكم التعليل بالمحل

- ‌حكم التعليل بالحكمة

- ‌حكم التعليل بالعدم

- ‌حكم التعليل بالإضافات

- ‌حكم التعليل بالحكم الشرعي

- ‌حكم التعليل بالأوصاف العُرْفيَّة

- ‌حكم التعليل بالعلة المركبة

- ‌حكم التعليل بالعلَّة القاصرة

- ‌حكم التعليل بالاسم وبالأوصاف المقدَّرة

- ‌حكم التعليل بالمانع

- ‌الفصل السابعفيما يدخله القياس

- ‌القياس في العقليات

- ‌القياس في اللغات

- ‌القياس في الأسباب

- ‌حكم القياس في العدم الأصلي

- ‌حكم إثبات أصول العبادات بالقياس

- ‌القياس في المقدرات والحدود والكفارات

- ‌القياس في الرخص

- ‌القياس في العاديات ونحوها

- ‌الفصل الأولهل يجوز تساوي الأمارتين

- ‌تعدد أقوال المجتهد في المسألة الواحدة

- ‌الفصل الثانيفي الترجيح

- ‌الترجيح في العقليات

- ‌الترجيح بكثرة الأدلة:

- ‌العمل عند تعارض الدليلين

- ‌الفصل الثالثفي ترجيحات الأخبار

- ‌ترجيح الأخبار في الإسناد

- ‌ترجيح الأخبار في المتن

- ‌الفصل الرابعفي ترجيح الأقيسة

- ‌الفصل الخامسفي ترجيح طرق العلة

- ‌الباب التاسع عشرفي الاجتهاد

- ‌تعريف الاجتهاد

- ‌الفصل الأولفي النظر

- ‌الفصل الثانيفي حكمه

- ‌الصور المستثناة من تحريم التقليد:

- ‌التقليد في أصول الدين:

- ‌التقليد في الفروع

- ‌فروع ثلاثة:

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفرع الثالث:

- ‌الفصل الرابعفي زمانه

- ‌الفصل الخامسفي شرائطه

- ‌تجزُّؤ الاجتهاد:

- ‌الفصل السادسفي التصويب

- ‌الفصل السابعفي نقض الاجتهاد

- ‌الفصل الثامنفي الاستفتاء

- ‌التقليد في أصول الدين:

- ‌الباب العشرونفي جميع أدلة المجتهدين وتصرفات المكلفين

- ‌الفصل الأولفي الأدلة

- ‌قول الصحابي

- ‌المصلحة المرسلة

- ‌الاستصحاب

- ‌البراءة الأصلية

- ‌العُرْف والعادة

- ‌الاستقراء

- ‌سد الذرائع

- ‌علاقة الوسائل بالمقاصد

- ‌قاعدة

- ‌تنبيه:

- ‌عذر العالم في مخالفة الدليل

- ‌القاعدة الأولى: في الملازمات

- ‌الاستحسان

- ‌الأخذ بأقل ما قيل

- ‌تفويض الحكم إلى المجتهد

- ‌إجماع أهل الكوفة

- ‌قاعدة في التعارض

- ‌تعارض الدليلين

- ‌تعارض البينتين

- ‌تعارض الأصلين

- ‌تعارض الظاهرين

- ‌تعارض الأصل والظاهر

- ‌فائدة

- ‌أدلة وقوع الأحكام

- ‌الفصل الثانيفي تصرفات المكلفين في الأعيان

- ‌النقل

- ‌الإسقاط

- ‌القبض

- ‌الإقباض

- ‌الالتزام

- ‌الخلط

- ‌إنشاء المِلْك

- ‌الاختصاص

- ‌الإذن

- ‌الإتلاف

- ‌فائدة:

- ‌ مسألة

- ‌التأديب والزجر

- ‌خاتمة متن الكتاب

- ‌خاتمة شرح الكتاب

الفصل: ‌حكم نسخ الكتاب بالسنة المتواترة

‌حكم نسخ الكتاب بالسنة المتواترة

ص: ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة لمساواتها له في الطريق العلمي عند أكثر أصحابنا (1)، وواقع كنسخ الوصية للوارث (2) بقوله عليه الصلاة والسلام:((لا وصية لوارث)) (3)(4) .

ونسخ آية (5) الحبس (6) في البيوت

(1) في المسألة ثلاثة أقوال، الأول: الجواز عقلاً والوقوع سمعاً، وهو مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين والحنفية والمالكية وبعض الشافعية ورواية عن أحمد وبعض الحنابلة. الثاني: عدم الجواز سمعاً، وهو قول الشافعي وأكثر أصحابه ورواية عن الإمام أحمد، وقول ابن بكير من المالكية. الثالث: يجوز سمعاً لكنه لم يقع، وهو قول ابن سُرَيج من الشافعية، وقواه أبو الخطاب من الحنابلة. انظر: الرسالة للشافعي ص 106، المقدمة في الأصول لابن القصار ص 141، المعتمد 1 / 392، الإحكام لابن حزم 1 / 518، إحكام الفصول ص 417، التبصرة ص 264، التمهيد لأبي الخطاب 2 / 379، المسودة ص 202، كشف الأسرار للبخاري 3 / 335.

(2)

آية الوصية المنسوخة هي قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] .

(3)

الحديث روي عن جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ متقاربة، وأوردها كلها الشيخ الألباني مع تخريجاتها، ثم قال:((وخلاصة القول: أن الحديث صحيح لاشك فيه بل هو متواتر..)) إرواء الغليل 6 / 87 - 96، وانظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني ص (179) . والحديث أخرجه أبو داود (2870، 3465) ، والترمذي (2121) ، وابن ماجة (2713) وغيرهم. وانظر تحفة الطالب لابن كثير ص 3342، نصب الراية للزيلعي 4 / 403.

(4)

اختلف العلماء القائلون بنسخ آية الوصية - في تعيين الناسخ لها على أقوال منها:

أ - أنها منسوخة بآية المواريث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ..}

[النساء: 11] ، وبه قال ابن عمر وعكرمة ومجاهد وغيرهم، وهو رواية عن مالك.

ب - أنها منسوخة بحديث: ((لا وصية لوارث)) وهو الرواية الأخرى عن مالك، وبه قال القرطبي.

جـ - أنها منسوخة بالحديث مع ضميمة الآية وبه قال الشافعي وابن جزي من المالكية. انظر: الرسالة للشافعي 137 - 139، الإحكام لابن حزم 1 / 524، الناسخ والمنسوخ للنحاس 1 / 480، الناسخ والمنسوخ لابن العربي 2 / 18، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 / 263، التسهيل في علوم التنزيل

4 / 105، التوضيح لحلولو ص 267.

(5)

ساقطة من متن هـ.

(6)

وهي قوله تعالى: {وَاللَاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] .

ص: 90

بالرجم (1) . وقال الشافعي رضي الله عنه: لم يقع، لأن آية الحبس في البيوت نُسِختْ بالجلد (2) .

الشرح

واحتجوا أيضاً [على الوقوع](3) بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا وصية

لوارث)) (4) . نَسَخت الوصيةَ للأقربين الذين في الكتاب، وبقوله عليه الصلاة والسلام:

((

لا تُنْكَح المرأة على عَمَّتِها)) (5) الحديث ناسخ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} (6) .

وأما قول الشافعي رضي الله عنه إن آية الحبس نُسختْ بالجلد، فذلك يتوقف على تاريخٍ لم يتحقَّقْ، ومن أين لنا أن آية الجلد نزلت بعد آية الحبس؟! بل ظاهر السنة يقتضي خلاف ما قاله، لأنه عليه الصلاة والسلام قال: ((خذوا عني قد جعل الله لهنَّ سبيلاً:

(1) سبق تقرير الخلاف في القول بالنسخ في آية الحبس. واختلف القائلون بالنسخ في الناسخ لها على أقوال منها:

أ - أنها منسوخة بآية الجلد في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ

} .

[النور: 2] وقد حكى ابن عطية الإجماع على ذلك.

ب - أنها منسوخة بآية الجلد وبحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ((خذوا عني قد جعل الله لهن

سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم

)) الحديث رواه مسلم (1690) .

جـ - أنها منسوخة بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه السابق، وحديث رجمه صلى الله عليه وسلم لماعزٍ رواه البخاري (6824) وغيره. انظر: الرسالة للشافعي 128 - 132، 248، أحكام القرآن للجصاص 2 / 135، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 262، المحرر الوجيز لابن عطية 4 / 48.

(2)

انظر: الرسالة للشافعي ص 129، وانظر: المحصول للرازي 3 / 349.

(3)

في س: ((بالوقوع)) .

(4)

تقدَّم تخريجه.

(5)

سبق تخريجه. ومن الغريب أن المصنف أورد هذه الحجة في مسألة نسخ الكتاب بخبر الآحاد، ثم يوردها هنا على مسألة نسخ الكتاب بالخبر المتواتر، فلعلّ هذا عائد إلى اختلاف كل قوم في طريق ثبوته. قال الفخر الرازي:((وهذا خبر مشهور مستفيض، وربما قيل: إنه بلغ مبلغ التواتر)) التفسير الكبير 10 / 35.

(6)

النساء، من الآية: 24، وهي آية المحرمات من النكاح.

ص: 91

الثيِّب بالثيِّب رَجْمٌ بالحجارة والبكْر بالبكْر جَلْدُ مائة جلدة وتَغْريبُ عام)) (1)

فظاهره يقتضي أنه (2) الآن نُسِخ ذلك الحكم (3) .

ويرد على الأول: أن الوصية (4) جائزة لغير الوارث إذا كان قريباً فدخله (5) التخصيص، والمُدَّعَى النسخ (6) .

وعلى الثاني (7) : أنه أيضاً تخصيص دخل في الكتاب لا نسخ؛ لأن بعض ما أحِلَّ حرم ولا تنازع فيه.

(1) الحديث من رواية عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهنَّ سبيلاً، البكْر بالبكْر جَلْد مائةٍ ونفي سنة، والثيّب بالثيّب، جلدة مائة جلدة والرجم)) رواه مسلم

(1690)

وغيره.

لم أطلع في روايات حديث عبادة أن الثيب عليه الرجم فقط، كما ذكر ذلك المصنف، بل جميع ما اطلعتُ عليه أن الثيب عليه جلد مائة جلدة والرجم.

وقد ذكر الحازمي في كتابه " الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار " ص (473) اختلاف العلماء في حديث عبادة أهو مُحْكم أم منسوخ في حق الزاني المحصن؟ والأكثرون على الثاني، وتمسكوا بأحاديث تدلُّ على النسخ، منها حديث رجمه صلى الله عليه وسلم ماعزاً دون الجلد. البخاري (6824) ، والله أعلم.

(2)

في س: ((أن)) ، وهي غير مفيدة للمعنى.

(3)

انظر: نفائس الأصول للمصنف 6 / 2494. وقال أبو بكر الجصاص: ((وأن آية الجلد التي في سورة النور لم تكن نزلت حينئذٍ، لأنها لو كانت نزلت كان السبيل متقدماً لقوله: ((خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً..)) ولما صحَّ أن يقول ذلك، فثبت بذلك أن الموجب لنسخ الحبس والأذى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت وأن آية الجلد نزلت بعده)) أحكام القرآن له 2 / 135.

(4)

الوصية في اللغة: من أوصى الرجل ووصَّاه: عهد إليه وسُميت وصيّةً لاتصالها بالميت. انظر: لسان العرب مادة: وصي، واصطلاحاً: عَقْدٌ يُوجب حقاً في ثلُث عاقده، يلزم بموته أو نيابةً عنه بعده. حدود ابن عرفة مع شرحه للرصَّاع 2 / 681.. وفي مواهب الجليل للخطاب (8 / 513) هي: تمليكٌ مضافٌ لما بعد الموت بطريق التبرع. وحكمها: الوجوب عند بعض العلماء، والجمهور على الندب. انظر: الذخيرة للقرافي 7 / 6.

(5)

في س: ((فيدخله)) .

(6)

من العلماء من رجَّح أن آية الوصية محكمة غير منسوخة، بل هي عامة دخلها التخصيص في الوالدين من غير رقٍّ أو اختلاف دِيْن وفي الأقربين الوارثين. أما ما عدا ذلك فلهم الوصية، وهو رأي الطبري في تفسيره 2 / 158، والنحاس في الناسخ والمنسوخ 1 / 486، والسعدي في تيسير الكريم الرحمن

1 / 218.

(7)

وهو ادِّعاء أن حديث ((لا تُنْكح المرأة على عمتها)) نسخ قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} وقد مرَّ جوابٌ للمصنف نحواً من هذا في ص (86) ، وانظر هامش (8) ص (85) .

ص: 92