الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستحسان
ص: الاستحسان (1)، قال الباجي: هو القول بأقوى الدليلين (2) ، وعلى هذا يكون حجة إجماعاً، وليس كذلك (3) . وقيل: هو الحكم بغير دليلٍ، وهذا (4) اتباع (5) للهوى، فيكون حراماً إجماعاً. وقال الكرخي: هو العدول عما حُكِم به في نظائر مسألة (6) إلى خلافه لوجهٍ أقوى منه (7) ،
وهذا يقتضي أن يكون العدول عن (8) العموم إلى الخصوص استحساناً (9)، ومن [المنسوخ إلى النَّاسِخ] (10) . وقال أبو الحسين:((هو ترك وجه من وجوه الاجتهاد (11) غير شاملٍ شمولَ الألفاظ لوجه أقوى منه وهو في حكم الطاريء على الأول)) (12)، فبالأول: خرج العموم، وبالثاني: تُرِك القياس المرجوح للقياس الراجح لعدم طريانه عليه.
(1) الاستحسان لغةً: استفعال مأخوذ من الحُسْن وهو نقيض القبح. والاستحسان عَدُّ الشيء حسناً. انظر مادة " حسن " في: لسان العرب، وتاج العروس.
(2)
هذا القول ليس للباجي نفسه، وإنما نقله عن محمد بن خُوَيْزمِنْداد المالكي. انظر: إحكام الفصول
ص 687، الإشارة في معرفة الأصول له ص 312.
(3)
أي: لم يقع الإجماع على حجية الاستحسان، فلا يصحّ حدُّه بما ذكر.
(4)
في ن: ((وهو)) ، وفي ق:((فيكون)) .
(5)
في ق: ((اتباعاً)) وهي مستقيمة بحسب سياق هذه النسخة.
(6)
في ق: ((مثلٍ)) وهي لا تُعطي وضوحاً في معنى الحدّ.
(7)
انظر تعريفه في: بذل النظر ص 648، كشف الأسرار للبخاري 4 / 7، التلويح إلى كشف حقائق التنقيح للتفتازاني 2 / 182، الأقوال الأصولية للإمام الكرخي لشيخنا الدكتور / حسين الجبوري
ص 112.
(8)
في ق: ((من)) .
(9)
في نسخة ق انتقلت هذه الكلمة إلى ما بعد كلمة: ((الناسخ)) ، وهو صحيح أيضاً.
(10)
في س: ((الناسخ إلى المنسوخ)) وهو انقلاب لعلّه وقع من الناسخ.
(11)
في ن: ((الاستدلال)) وهي ليست في تعريف أبي الحسين. انظر: المعتمد 2 / 296.
(12)
انظر: المعتمد 2 / 296.
وهو حجة (1)
عند الحنفية (2) وبعض المصريين (3) منا، وأنكره العراقيون (4) .
الشرح
حجة الجواز: أنه راجح على ما يقابله على ما تقدَّم تحريره (5) ، فيعمل به كسائر الأدلة الراجحة، ولقوله عليه الصلاة والسلام ((نحن نقضي بالظاهر)) (6) .
حجة المنع: أنه لم تتحقق له حقيقة في الحقائق الشرعية فيعمل به، إنما هو
شيء يهجس (7) في النفس، وليس قياساً ولا مما دلَّت النصوص عليه حتى
(1) الجمهور على حجية الاستحسان، وقال الشافعي بعدم حجيته، ونُقِل عنه: من استحسن فقد شرَّع. ورغم هذا الخلاف المشهور والجدل الطويل يظهر أن النزاع بين الفريقين لفظي، وأن الجميع قائلٌ به؛ لأن الاستحسان الذي أنكره المنكرون ليس هو الذي أثبته القائلون به. ولهذا قال الشيرازي وغيره:((إن كان مذهبهم - أي الأحناف - على ما قال الكرخي فنحن نقول به وارتفع الخلاف)) شرح اللمع 2 / 970. وانظر: الرسالة ص 503، كتاب إبطال الاستحسان للشافعي (بذيل الأم: طبعة بولاق) 7 / 267، المعتمد 2 / 295، الإحكام لابن حزم 2 / 195، التلخيص 3 / 308، أصول السرخسي 2 / 199، قواطع الأدلة 4 / 514، التمهيد لأبي الخطاب 4 / 87، المحصول للرازي 6 / 123، شرح مختصر الروضة للطوفي 3 / 190، تقريب الوصول ص 399، الموافقات 5 / 193، جامع الأسرار
4 / 1054، 1063، التوضيح لحلولو ص 409، قاعدة في الاستحسان لشيخ الإسلام ابن تيمية
ص 47، الاستحسان عند علماء أصول الفقه د. السيد صالح عوض ص 57، نظرية الاستحسان لأسامة الحموي ص 99، الاستحسان بين النظرية والتطبيق د. شعبان محمد إسماعيل ص 57.
(2)
انظر: الغنية في الأصول للسجستاني ص 176، بديع النظام (نهاية الوصول) لابن الساعاتي 2 / 619، كشف الأسرار للبخاري 4 / 7، فتح الغفار 3 / 30، فواتح الرحموت 2 / 384.
(3)
هكذا في ن، س، و، متن د، وهو ما أُرجِّحه، بينما في باقي النسخ:((البصريين)) . أما سبب الترجيح؛ فلأن المدارس المالكية هي: المدنيّة، والمصرية، والعراقية، والمغربية (القيروانية) ، والأندلسية، ولم أجد من جعل من المدارس: البصرية في مقابلة الكوفية أو العراقية. والمراد بالمصريين: ابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وأصبغ، ونظرائهم، وبالعراقيين: القاضي إسماعيل، وابن القصار، وأبي بكر الأبهري، والقاضي عبد الوهاب ونظرائهم. انظر هذه المدارس وأصحابها في بحث: اصطلاح المذهب عند المالكية د. محمد إبراهيم ص 59 - 73 في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة - السنة (4) ، العدد
(15)
، عام 1413 هـ.
(4)
انظر: الإشارة للباجي ص 313.
(5)
تقدَّم تحريره يحتمل أن يكون في المتن، ويحتمل أن يكون في حجية الاستصحاب: أنه قضاء بالطرف الراجح ص 499.
(6)
سبق تخريجه.
(7)
ساقطة من ق.
يُتَّبع (1) ، وقد قال به مالك (2) رحمه الله في عدة مسائل في تَضْمِين الصناع المؤثرين في الأعيان بصنعتهم (3) ،
وتضمين الحَمَّالين للطعام والإدام دون غيرهم من الحَمَّالين (4)، وهو الذي قاله أبوالحسين (5) ((تَرْك وجهٍ من وجوه الاجتهاد)) : وهو ترك عدم التضمين الذي هو شأن الإجارة. ((غير شامل شمول الألفاظ)) ؛ لأن عدم التضمين قاعدة لا لفظ. ((لوجه أقوى منه)) : إشارة إلى الفرق الذي لوحظ في صورة الضمان، اعتبارُه راجح على عدم اعتباره وإضافة الحكم* إلى المشترك الذي هو قاعدة الإجارة و (6) عدم التضمين، وهذا الفرق في حكم الطاريء على قاعدة الإجارات؛ فإن المستثنيات (7) طارئات على الأصول، وأما أحد القياسين مع (8) الآخر، فليس أحدهما أصلاً للآخر (9) حتى يكون في حكم الطاريء عليه.
(1) حجة المنع هذه غير متَّجهة؛ لأن الكل مجمعٌ على بطلان التقوّل في الشريعة بمجرد التشهّي، ثم إن المستحسنين لا يستحسنون بغير مستندٍ أو حقيقة شرعية، بل لابد أن يكون منزع استحسانهم نصاً أو إجماعاً أو قياساً أو مصلحةً أو عرفاً ونحو ذلك. انظر: المعتمد 2 / 295، اللمع للشيرازي ص 445، الموافقات 5 / 194، إرشاد الفحول 2 / 261 - 263.
(2)
قال مالك عن الاستحسان بأنه تسعة أعشار العلم. انظر: الاعتصام للشاطبي 2 / 164، الموافقات
5 / 198.
(3)
للفقهاء تفريقٌ بين يد الأجير الخاص والأجير المشترك، فالأول لا ضمان عليه إذا تلفت العين عنده من غير تعدٍّ ولا تفريط. والثاني - ومنهم الصُّنَّاع - اختلفوا في تضمينهم، فمن قال به إنما قاله استحساناً بعد أن شاع الفساد بينهم؛ لأنهم يَخْتَلُون بما يصنعونه عن أعين أصحابها، وليس من شأنهم الاحتياط في حفظ ما يصنعون. انظر: المدونة 3 / 373 - 374، بداية المجتهد 5 / 153، الذخيرة 5 / 502، 517، 523، القوانين الفقهية ص 349، الحاوي 7 / 425، المغني 8 / 103، ردّ المحتار لابن عابدين
9 / 88.
(4)
لأن حمّالين الطعام تُسرع أيديهم إليه غالباً بالأكل، بخلاف من يحمل غير الطعام. انظر: المدونة 3/ 413، الذخيرة 5 / 512.
(5)
أي: عبارة أبي الحسين في تعريف الاستحسان هي التي تنطبق على ما قاله الإمام مالك في تضمين الصنَّاع وحمَّالين الطعام.
(6)
في ق: ((من)) بدلاً من الواو.
(7)
في ن: ((المثبتات)) وهو تحريف.
(8)
في ن: ((على)) .
(9)
ساقطة من ن.