الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
تَعْبِئَةُ مَالِكِ بنِ عَوْفٍ جَيْشَهُ:
وَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ عَمِدَ مَالِكُ بنُ عَوْفٍ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَعَبَّأَهُمْ فِي وَادِي حُنَيْنٍ، وَكَانَ قَدْ سَبَقَ المُسْلِمِينَ إِلَيْهِ، وَفَرَّقَ النَّاسَ فِيهِ، وَأَوْعَزَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَرْشُقُوا المُسْلِمِينَ بِالنَّبْلِ أَوَّلَ مَا يَطْلُعُونَ، ثُمَّ يَحْمِلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
*
تَعْبِئَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ:
وَفِي السَّحَرِ عَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشَهُ، وَعَقَدَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ، وَرَتَّبَ جُنْدَهُ فِي هَيْئَةِ صُفُوفٍ مُنْتَظِمَةٍ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ -التِي أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بنُ نُفَاثَةَ الجُذَامِيُّ-، وَلَبِسَ دِرْعَيْنِ، وَالمِغْفَرَ وَالبَيْضَةَ، وَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ، وَطَافَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى القِتَالِ، وَبَشَّرَهُمْ بِالفَتْحِ إِنْ صَبَرُوا وَصَدَقُوا.
وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ خَالِدَ بنَ الوَليدِ رضي الله عنه، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ حَتَّى وَرَدَ الجِعْرَانَةَ (1).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: وَعَلَى مَجْنَبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ رضي الله عنه (2)
*
هَزِيمَةُ المُسْلِمِينَ وَفِرَارُهُمْ:
بَدَأَ المُسْلِمُونَ يَنْحَدِرُونَ فِي وَادِي حُنَيْنٍ -وَكَانَ مُنْحَدَرًا شَدِيدًا- وَذَلِكَ
(1) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 325).
(2)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام - رقم الحديث (1059)(136).
فِي عِمَايَةِ الصُّبْحِ (1)، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ بِوُجُودِ كُمَنَاءَ العَدُوِّ فِي مَضَايِقِ هَذَا الوَادِي وَأَحْنَائِهِ (2) وشِعَابِهِ، فَمَا رَاعَهُمْ (3) وَهُمْ يَنْحَطُّونَ إِلَّا الكتَائِبُ قَدْ شَدَّتْ عَلَيْهِمْ شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَبَدَأَ الضَّرْبُ بِخَالِدِ بنِ الوَليدِ رضي الله عنه حَتَّى سَقَطَ، وَانْكَشَفَتْ خَيْلُ بَنِي سُلَيْمٍ مُوَلِّيَةً، وَتَبِعَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَهُمُ الطُّلَقَاءُ، وَبَدَأَ الفِرَارُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ (4).
قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ مِنْ هَزِيمَتِهِمْ حَتَّى وَجَدُوا الأَسْرَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ رضي الله عنه: فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاة لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ (6) رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ (7).
فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ هَزِيمَةَ المُسْلِمِينَ -وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ هُوَ وَصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمُ بنُ حِزَامٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَرَاءَ تَلٍّ يَنْظُرُونَ
(1) عماية الصبح: بقية ظلمة الليل. انظر النهاية (3/ 276).
(2)
أحنَاء الوادي: منعطفه. انظر النهاية (1/ 437).
(3)
فما راعهم: أي فما فاجأهم.
(4)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15027) - وابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخروج وكيفية الجهاد- رقم الحديث (4774) - وإسناده حسن.
(5)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15027) - وإسناده حسن.
(6)
رشَقَهُ رشقًا: إذا رماه بالسهام. انظر النهاية (2/ 206).
(7)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب في غزوة حنين - رقم الحديث (1776)(78).