الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه، ثُمَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه، ثُمَّ عَلِيٌّ رضي الله عنه.
وَأَمَّا الْخَوَارجُ وَالرَّوَافِضُ فَطَعَنُوا فِيهِ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الْغَفْلَةِ، وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي التَّحْكِيمِ بِصِفِّينٍ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِي وَغَيْرُهُ: وَالْحَقَّ أنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي وَصْفَهُ بِذَلِكَ، وَغَايَةُ مَا وَقَعَ مِنْهُ رضي الله عنه أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَدَّاهُ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَنَحْوِهِمْ؛ لَمَّا شَاهَدَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِصِفِّينٍ، وَآلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ (1).
*
وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه
-:
رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ (2) أَمْوَالهمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ"(3).
(1) انظر فتح الباري (8/ 387).
(2)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (4/ 81): الكرائم جمع كريمة أي نفيسة، والمراد نفاس الأموال من أي صنف كان.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الزكاة - باب أخذ الصدقة من الأغنياء - رقم =
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالنَّسَائيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ (1)، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً (2)، وَمِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا (3) حَوْليًّا (4)، وَأَمَرَنِي فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ، وَمِمَّا سُقِيَ بِالدَّوَالِي (5) نِصْفَ الْعُشْرِ (6).
وَرَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: آخِرَ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ (7) أَنْ قَالَ: "يَا مُعَاذٌ، أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ"(8).
= الحديث (1496) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام - رقم الحديث (19).
(1)
المعافر: هي برود باليمن منسوبة إلى معافر: وهي قيلة باليمن. انظر النهاية (3/ 237).
(2)
الْمُسِنَّة: أي أتمت سنتين. انظر النهاية (2/ 370).
(3)
التبِيع: من أتم سنة من البقر. انظر النهاية (1/ 176).
(4)
الْحَوْل: السنة. انظر النهاية (1/ 445).
(5)
الدَّوَالي: جمع دالية، وهو شيء يُتخذ من خُص وخشب يُستقى به بحبال تشد في رأس جذع طويل. انظر لسان العرب (4/ 398).
(6)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22037) - وأخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب الزكاة - باب زكاة البقر - رقم الحديث (2242) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (2697).
(7)
الْغَرْزُ: بفتح العين وسكون الراء: رِكاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب. انظر النهاية (3/ 322).
(8)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ - كتاب حسن الخلق - باب ما جاء في حسن الخلق - رقم =
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ:"كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاء؟ ".
قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل؟ ".
قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟ ".
= الحديث (1) -بغير إسناد- وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (1972) بغير إسناد.
قال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى محقق جامع الأصول (4/ 4): هذا أحد الأحاديث التي وردت في الموطأ بغير سند، وذكر العلماء أنها ليست موصولة في كتاب.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: كذا ليحيى وابن القاسم، والقعنبي، ورواه ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ رضي الله عنه، وهو مع هذا منقطع جدًّا، ولا يوجد مُسندًا من حديث معاذ رضي الله عنه ولا غيره بهذا اللفظ، لكن ورد معناه، قاله ابن عبد البر.
ومن شواهد هذا الحديث: ما رواه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (21988) - بسند حسن عن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رَسُول اللَّهِ! علمني ما ينفعني، قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اتق اللَّه حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 396): وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وَصّى بهذه الوصية -أي وصية تقوى اللَّه وحسن الخلق- معاذًا وأبا ذر رضي الله عنهما من وجوه. . . وهذه الوصية وصية عظيمة جامعة لحقوق اللَّه وحقوق عباده.
قال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله: فالحديث حسن بطرقه وشواهده التي تشهد له بالمعنى.