الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فِي يَدهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمحٍ طَوِيلٍ لَهُ أَمَامَ النَّاسِ، وَهوَازِنُ خَلْفَهُ، فَإِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ لِمَنْ وَرَاءه فَاتَّبَعُوهُ، فَرَصَدَ (1) له عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كِلَاهُمَا يُرِيدُهُ، فَضَرَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عُرقُوبَي (2) الجَمَلِ، فَوَقَعَ عَلَى عَجُزِهِ (3)، وَضَرَبَ الأَنْصَارِيُّ سَاقَهُ، فَطَرَحَ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَوَقَعَ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى كَانَتِ الهزِيمَةُ (4).
*
أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه وَقَتِيلُهُ:
وَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ أَبَا قتَادَةَ الحَارِثَ بنَ رِبْعِيٍّ رضي الله عنه، سَلَبَ رَجُلٍ قتَلَهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي قتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا (5) رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرتُ إِلَيْهِ حَتَّى آتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ؟ ، قُلْتُ: أَمرُ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ
(1) رَصَدَهُ: راقبه. انظر لسان العرب (5/ 223).
(2)
العُرْقُوبُ: هو الوَتَرُ الذي خلفَ الكعبينِ بين مفصل القدم والساق. انظر النهاية (3/ 200).
(3)
العَجُز: بفتح العين وضم الجيم: هو مؤخر الشيء. انظر النهاية (3/ 168).
(4)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15027) - وابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخروج وكيفية الجهاد - رقم الحديث (4774) - وإسناده حسن.
(5)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 355): على: ظهر.
رَجَعُوا (1)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّانِيَةَ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهدُ لِي؟ ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَالَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ"؟ ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ القَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: لَا هَا اللَّهُ (2) إِذًا لَا يَعْمَدُ (3) إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم، فيعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ".
قَالَ أَبُو قتَادَةَ: فَأَعْطَانِي، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ (4) بِهِ مَخْرَفًا (5) فِي بَنِي سَلِمَةَ (6)، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ (7) فِي الإِسْلَامِ (8).
(1) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 356): في السياق حذف، بينته الرواية الثانية حيث قال: فتحلل ودفعته، ثم قتلته، وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، فإذا عمر بن الخطاب.
(2)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 357): المعنى: لا واللَّه.
(3)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 359): أي لا يقصد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى رجل كأنه أسَدٌ في الشجاعة يُقاتل عن دين اللَّه ورسوله فيأخذ حقه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه.
(4)
ابتَاعَ الشيءَ: اشتراه. انظر لسان العرب (1/ 557).
(5)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 360): المَخْرَف: بفتح الميم والراء: أي بستانًا.
(6)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 260): سلِمة: بكسر اللام: وهم بطن من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة.
(7)
تأثلته: أي جمعته. انظر النهاية (1/ 27).
(8)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ =