الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
مَهَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
-:
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعَهُ، فَأَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ مِنْ مَهَابَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّما أَنَّا ابْنُ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَأكُلُ القَدِيدَ (1) بِمَكَّةَ"(2).
*
خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ يَوْمِ الفَتحٍ:
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ فِي قِتَالِ بَنِي بَكْرٍ حَتَّى أَصَبْنَا مِنْهُمْ ثَأْرَنَا، وَهُوَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَفْعِ السَّيْفِ، فَلَقِيَ رَهْطٌ
= الإِمَامُ مالك فِي الموطأ بلاغًا عن الإمام ابن شهاب الزهري - كتاب النكاح - باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله - رقم الحديث (44) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (9085) - وابن إسحاق في السيرة (4/ 66) - والبيهقي فِي دلائل النبوة (5/ 46) - وإسناده منقطع.
قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهلها، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء اللَّه، وقد روى بعضه مسلم.
(1)
القَديد: بفتح القاف: هو اللحم المَمْلُوح المجفَّف فِي الشمس. انظر النهاية (4/ 20).
(2)
أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الأطعمة - باب القديد - رقم الحديث (3312) - وأخرجه الحاكم فِي المستدرك - كتاب المغازي والسرايا - باب دخول الناس في دين اللَّه أفواجًا - رقم الحديث (4423) - وإسناده صحيح.
مِنَّا الغَدَ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ فِي الحَرَمِ يَؤُمُّ (1) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُسْلِمَ، وَكَانَ قَدْ وَتَرَهُمْ (2) الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَهُ، فَقَتَلُوهُ، وَبَادَرُوا أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْمَنَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَشَدَّ مِنْهُ، . . . فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العَصْرَ، قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عز وجل بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ مِنْ حَرَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ (3) بِهَا شَجَرًا، لَمْ تَحْلُلْ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ يَكُونُ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلُلْ لِي إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ (4)، غَضَبًا عَلَى أَهْلِهَا، أَلَا ثُمَّ قَدْ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، أَلَا فَلْيُبَلَغِّ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ، فَمَنْ قَالَ لَكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَاتَلَ بِهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَحْلُلْهَا لَكُمْ.
يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ، ارْفَعُوا أَيْدِيكُمْ عَنِ القَتْلِ، فَقَدْ كَثُرَ أَنْ يَقَعَ، لَئِنْ قَتَلْتُمْ
(1) يَؤُمُّه: يقصده. انظر لسان العرب (1/ 212).
(2)
يُقَال: وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلًا وأخذت له مالًا. انظر لسان العرب (15/ 206).
(3)
يَعْضِد: أي يقطع. انظر النهاية (3/ 227).
(4)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (4/ 518): يستفاد منه أن قتل من أذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتلهم -كابن خطل- وقع في الوقت الذي أُبيح للنبي صلى الله عليه وسلم فيه القتال، وهو من طلوع الشمس إلى صلاة العصر.
قَتِيلًا لَأَدِيَنَّهُ، فَمَنْ قُتِلَ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا فَأَهْله بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ شَاؤُوا فَدَمُ قَاتِلِهِ، وَإِنْ شَاؤُوا فَعَقْلُهُ" (1)، ثُمَّ وَدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ الهُذَلِيَّ الذِي قتَلَتْهُ خُزَاعَةُ (2).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ فِي الحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ (3) الجَاهِلِيَّةِ، لَا دِعْوَةَ (4) فِي الإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الجَاهِلِيَّةِ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ (5) الأَثْلَبُ"، قَالُوا: وَمَا الأَثْلَبُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "الحَجَرُ، وَفِي الأَصَابِعُ عَشْرٌ عَشْرٌ، وَفِي المَوَاضِحِ (6) خَمْسٌ خَمْسٌ، لَا صَلَاةَ بَعْدَ الغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا
(1) العَقْل: الدية، وأصله: أن القاتل كان إذا قتل قتيلًا جمع الدية من الإبل، فعقلها بفناء المقتول، أي شدَّها فِي عُقُلها ليُسلمها إليهم ويقبضوها منه، فسُميت الدية عَقْلًا بالمصدر. انظر النهاية (3/ 252).
(2)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (7242)(16376)(16377) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4901)(4903)، وأصله في صحيح البخاري - كتاب العلم - باب ليبلغ الشاهد الغائب - رقم الحديث (104) - وباب كتابة العلم - رقم الحديث (112) - وكتاب جزاء الصيد - باب لا يعضد شجر الحرم - رقم الحديث (1832) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب تحريم مكة وصيدها وخلاها - رقم الحديث (1355)(448).
(3)
الذَّحل: فتح الذال المشددة: العداوة. انظر النهاية (2/ 144).
(4)
الدِّعْوَةُ: بكسر الدال وسكون العين هو أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه، فنهى عنه، وجعل الولد للفراش. انظر النهاية (2/ 114).
(5)
العاهر: الزاني. انظر النهاية (3/ 294).
(6)
المواضح: جمع موضحة: وهي التي تُبدي وضح العظم: أي بياضه، والتي فُرض فيها خمس من الإبل، هي ما كان منها في الرأس والوجه. انظر النهاية (5/ 170).
تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّة إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا" (1).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ حِلْفٍ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ (2)، وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، يَدُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (3)، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَدِيَةُ الكَافِرِ كنِصْفِ دِيَةِ المُسْلِمِ، أَلَا وَلَا شِغَارَ (4) فِي الإِسْلَامِ، وَلَا جَنَبَ (5) وَلَا جَلَبَ (6)، وتُؤْخَدُ صَدَقَاتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ، يُجِيرُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ
(1) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (6681) - وأبو داود في سننه - كتاب البيوع - باب في عطية المرأة بغير إذن زوجها - رقم الحديث (2274) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (9244) - وأورده الحافظ في الفتح (13/ 523) وحسن إسناده.
(2)
تقدم قبل قليل معنى الحلف في الجاهلية والإسلام.
(3)
تتكافأ دماؤهم: أي تتساوى فِي القصاص والديات. انظر النهاية (4/ 156).
(4)
نِكاح الشغار: هو نكاح معروف فِي الجاهلية، كان الرجل يقول للرجل: شاغرني: أي زوجني أختك أو بنتك، أو من تلي أمرها، حَتَّى أزوجك أختي أو بنتي أو من أبي أمرها، ولا يكون بينهما مهرًا. انظر النهاية (2/ 432).
(5)
الجَنَب: بالتحريك في الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، أي تُحضر، فنهوا عن ذلك. انظر النهاية (1/ 292).
(6)
الجلب في الزكاة: هو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعًا، ثم يُرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنُهي عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. انظر النهاية (1/ 272).
عَلَى المُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ" (1).
فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاهٍ، قَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ (2)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اكْتبوا لِأَبِي شَاهٍ"(3).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا (4) بَعْدَ هَذَا اليَوْمِ، إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"(5).
قَالَ العُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ الإِعْلَامُ بِأَنَّ قُرَيْشًا يُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَلَا يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَمَا ارْتَدَّ غَيْرُهُمْ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ حُورِبَ وَقُتِل صَبْرًا، وَلْيَس المُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ ظُلْمًا صَبْرًا، فَقَدْ جَرَى عَلَى قُرَيْشٍ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ (6).
(1) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (7012) - وإسناده حسن.
(2)
قال الإمام البخاري في صحيحه (1/ 278): أي أكتب لي هذه الخطبة.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب العلم - باب كتابة العلم - رقم الحديث (112) - وأخرجه فِي كتاب الديات - باب من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين - رقم الحديث (6880) - وأحرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب تحريم مكة وصيدها وخلاها - رقم الحديث (1355).
(4)
كلُّ من قُتل في غير معركة ولا حرب، ولا خطأ فإنه مقتول صبرًا. انظر النهاية (3/ 8).
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب لا يقتل قرشي صَبرًا بعد الفتح - رقم الحديث (1782) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل مكة - رقم الحديث (3718).
(6)
انظر صحيح مسلم بشرح النووي (12/ 113).