الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عمه: أنه مرَّ بقوم فأتوْهُ، فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارْقِ لنا هذا الرجل، فأتوه برجل معتوهٍ في القيود، فرقاه بأمِّ القرآن ثلاثة أيام غُدْوَةَ وعشيةً كلما ختمها جمع بُزَاقَه، ثم تَفَلَ، فكأنما أُنْشِطَ مِن عِقال، فأعطَوه شيئاً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كُلْ، فَلَعَمْري لَمَنْ أكَلَ برقْيَةِ باطل، لقد أكلتَ برقْيَةِ حق"
(1)
.
39 - باب في كسْب الحجام
3421 -
حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، عن يحيى، عن إبراهيمَ ابنِ عبد الله -يعني ابن قارظٍ-، عن السائب بن يزيد
عن رافع بن خديج، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"كَسْبُ الحَجَّامِ خبيث، وثمنُ الكلب خبيث، ومهر البَغِىِّ خبيثٌ"
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل خارجة بن الصَّلْت، فقد روى عنه الشعبي وعبد الأعلى ابن الحكم وقيس بن أبي حازم، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال ابن معين: إذا روى الحسن والشعبي عن رجل فسمياه فهو ثقة يحتج به، وقال الذهبي: محله الصدق. فهو كما قال الذهبي.
وهو في "مسند أحمد"(21835)، و"صحيح ابن حبان"(6110) و (6111). وسيأتي برقم (3896) و (3897) وانظر تمام تخريجه هناك.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2691) عن محمد بن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عن خارجة بن الصلت قال: مر رجل بأهل ماء
…
فذكر نحو الحديث. وجعله من مسند خارجة بن الصلت والصحيح رواية الشعبي، لأن خارجة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وإنما الصحبة لعمه.
(2)
إسناده صححِح. يحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطار.=
3422 -
حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن مُحَيِّصَةَ عن أبيه: أنه استأذن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في إجَارة الحجامِ، فنهاه عنها، فلم يَزَلْ يسألُه ويستأذِنُه حتى أمره: أن اعْلِفهُ ناضِحَكَ ورقيقَك
(1)
.
= وأخرجه مسلم (1568)، والترمذي (1322)، والنسائي في "الكبرى"(4668) و (4669) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. إلا أن النسائي في الموضع الثاني قلب اسم إبراهيم بن عبد الله إلى: عبد الله بن إبراهيم، والصحيح الأول.
وأخرجه مسلم (1568)، والنسائي في "الكبرى"(4663) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، والنسائي (4665) من طريق يزيد ابن عبد الله بن خُصيفة، كلاهما عن السائب بن يزيد.
وأخرجه النسائي (4664) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، عن السائب بن يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعله من مسند السائب، والسائب صحابي صغير، ولا يؤثر ذلك بصحة الحديث، لأنه قصارى أمره أن يكون مرسلَ صحابي، ومراسيل الصحابة حجة.
وهو في "مسند أحمد"(15812)، و"صحيح ابن حبان"(5152).
وانظر ما بعده لبيان فقه الحديث.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف نيه على الزهري في وصله وإرساله كما هو مبين في "المسند"(23690) و (23692) و (23693) و (23695) وأصح طرقه ما رواه محمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حرام بن سعد -أو ساعدة- بن محيصة، عن أبيه، عن جده. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 79: ولا يتصل هذا الحديث عن ابن شهاب إلا من رواية ابن إسحاق هذه، ورواية ابن عيينة مثلها.
وهو في "موطأ مالك" برواية أبي مصعب الزهري (2053)، ومن طريقه أخرجه التر مذي (1323).
وهو في "الموطأ" بِرواية يحيى الليثي 2/ 974 عن ابن شهاب، عن ابن محيصة، أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره. ولم يتابع يحيى الليثيَّ على هذا من رواة "الموطأ" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سوى ابن القاسم فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 77، قال: وذلك من الغلط الذي لا إشكال فيه على أحد من أهل العلم، وليس لسعْد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، ولا يختلفون أن الذي روى عنه الزهري هذا الحديث وحديث ناقة البراء هو حرام بن سند بن مُحيِّصة.
وهو في "مسند أحمد"(23690)، و "صحيح ابن حبان"(5154).
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند".
قال الخطابي: حديث محيصة يدل على أن أجرة الحجام ليست بحرام، وأن خبثها من قبل دناءة مَخرجها، وقال ابن عباس: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره. ولو علمه محرما لم يعطه.
قال الخطابي: وقوله: "اعلفه ناضحك ورقيقك" يدل على صحة ما قلناه، وذلك أنه لا يجوز له أن يطعم رقيقه إلا من مال قد ثبت له ملكه، وإذا ثبت له ملكه فقد ثبت أنه مباح، وإنما وجهه التنزيه على الكسب الدنيء والترغيب في تطهير الطعم والإرشاد فيها إلى ما هو أطيب وأحسن، وبعض الكسب أعلى وأفضل، وبعضه أدنى وأوكح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كسب الحجام إن كان حراً فهو محرم، واحتج بهذا الحديث بقوله: إنه خبيث، وإن كان عبداً فإنه يعلفه ناضحه وينفقه على دوابه.
قال الخطابي: وهذا القائل يذهب في التفريق بينهما مذهبا ليس له معنى صحيح، وكل شيء حل من المال للعبيد حل للاحرار، والعبد لا ملك له ويده يد سيده وكسبه كسبه، وإنما وجه الحديث ما ذكرته لك، وإن الخبيث معناه الدنيء، كقوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] أي: الدون.
فأما قوله: "ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث" فإنهما على التحريم، وذلك أن الكلب نجس الذات محرم الثمن، وفعل الزنى محرم، وبدل العوض عليه وأخذه على التحريم مثله، لأنه ذريعة إلى التوصل إليه، والحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان.
وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ الواحد، ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب وبعضه على الندب وبعضه على الحقيقة وبعضه على المجاز، وإنما يُعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبغي: الزانية، وفعلها البغاء، ومنه قوله تعالى:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور:33].
فقال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 398 وما بعدها تعليقاً على حديث "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن": في هذا الحديث ما اتفق عليه وما اختلف فيه، فاما مهر البغي -والبغي: الزانية ومهرها ما تأخذ على زناها- فمجتمع على تحريمه وأما حُلوان الكاهن فمجتمع أيضاً على تحريمه. قال مالك: وهو ما يعطى الكاهن على كهانته، والحلوان في كلام العرب: الرشوة والعطية.
وأما ثمن الكلب فمختلف فيه.
وقال الحافظ في "الفتح" 4/ 426 تعليقاً على النهي عن ثمن الكلب: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب معلماً كان أو غيره مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازم ذلك أن لا قيمة على متلفه، وبذلك قال الجمهور، وقال مالك: لا يجوز بيعه، وتجب القيمة على متلفه، وعنه كالجمهور، وعنه: كقول أبي حنيفة: يجوز وتجب القيمة، وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره، ونقل عن القرطبي: أن مشهور مذهب مالك جواز اتخاذ الكلب، وكراهية بيعه، ولا يفسخ إن وقع.
ونقل العيني في "البداية" 8/ 378 عن صاحب "الإيضاح": أن بيع كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير جائز معلماً كان أو غير معلم في رواية الأصل، أما الكلب المعلم، فلا شك في جواز بيعه، لأنه آلة الحراسة والاصطياد (وكشف الجريمة) فيكون محلاً للبيع، لكونه منتفعاً به حقيقة وشرعاً فيكون مالاً، وأما غير المعلم، فلأنه يمكن أن ينتفع به بغير الاصطياد، فإن كل كلب يحفظ بيت صاحبه ويمنع الأجانب عن الدخول فيه، ويخبر عن الجاني بنباحه، فساوى المعلم في الانتفاع به.
وقال أبو يوسف: لا يجوز بيع الكلب العقور، لأنه غير منتفع به.
قلنا: والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة يحل شرعاً، فإن بيعه يجوز لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان بدليل قوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة:29]. =
3423 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيد بنُ زُرَيع، حدَّثنا خالد، عن عِكرمة عن ابن عباس، قال: احتجم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأعطى الحجامَ أجرَه، ولو علِمَه خبيثاً لم يُعطِه
(1)
.
3424 -
حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن حُمَيدٍ الطويلِ
= وقال صاحب "التمهيد" 8/ 403: وأجاز الشافعي بيع كل ما فيه منفعة في حياته نحو الفهد والجوارح المعلمة حاشا الكلب.
وقال ابن القاسم: يجوز بيع الفهود والنمور والذئاب إذا كانت تذكى لجلودها، لأن مالكاً يجيز الصلاة عليها إذا ذُكيت. وفي "الاستذكار" 20/ 124: وبيع الفهد والصقر جائز، وكذلك بيع الهر، وكل ما فيه منفعة، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين في بيع كل ما ينتفع به أنه جائز ملكه وشراؤه وبيعه.
وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوزي": وأما ثمن الكلب، فكل ما جاز اقتناؤه وانتفع به، صار مالاً، وجاز بذل العوض عنه، واختلف أصحابنا -يعني المالكية- في بيعه: هل هو محرم أو مكروه؟، وصرح بالمنع مالك في مواضع، والصحيح في الدليل جواز البيع، وبه قال أبو حنيفة
(1)
إسناده صحيح. خالد: هو ابن مِهران الحذَّاء، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه البخاري (2103) و (2279) من طريق خالد الحذاء، به.
وهو في "مسند أحمد"(3284).
وأخرجه البخاري (2278)، ومسلم بإثر (1577)، وبإثر (2208)، وابن ماجه (2162)، والنسائي في "الكبرى"(1580) من طريق طاووس اليماني، عن ابن عباس. دون قوله: ولو كان خبيثاً لم يعطه.
وهو في "مسند أحمد"(2249) و (2337)، و"صحيح ابن حبان"(5150).
وأخرجه مسلم بإثر (1577) من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال: حجم النبي صلى الله عليه وسلم عبدٌ لبني بياضة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أجره، وكلّم سيّده فخفف عنه من ضريبته، ولو كان سحتاً لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو في "مسند أحمد"(2155) و (3457).