الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّ رجالَا يكْرَهُ أحدُهُم أن يفعل هذا، وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعلُ مثلَ ما رأيتموني فعَلْتُ (
1).
15 -
باب الشُّربِ من في السِّقاء
3719 -
حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا قتادةُ، عن عِكرِمَة
عن ابنِ عباسِ، قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الشُّرب مِن فِي السِّقاء، وعن رُكوبِ الجَلاّلَة، والمُجثَّمة
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد.
وأخرجه البخاري (5615) و (5616)، والنسائي (130) من طريقين عن عبد الملك ابن ميسرة، به.
وهو في "مسند أحمد"(583)، و"صحيح ابن حبان"(1057).
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز الشرب قائماً، وكرهه قوم، والأمر في حديث أبي هريرة بالاستقاء لا خلاف بين أهل العلم في أنه ليس على أحد أن يستقيء والأظهر أنه موقوف على أبي هريرة، قال المازري: والذي يظهر لي أن أحاديث شربه قائماً تدل على الجواز، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب، والحث على ما هو أولى وأكمل، وانظر "الفتح" 10/ 83 - 85.
(2)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه البخاري (5629)، وابن ماجه (3421)، والترمذي (1929)، والنسائي (4448) من طريقين عن عكرمة، به. واقتصر البخاري وابن ماجه على ذكر النهي عن الشرب من فم السقاء.
وهو في "مسند أحمد"(1989)، و"صحيح ابن حبان"(5316)(5399).
قال الخطابي: "المجثمة" هي المصبورة، وذلك أنها قد جُثِّمت على الموت أي: حُبست عليه، بأن تُوثق وتُرمى حتى تموت، وأصل الجثوم في الطير، يقال: جثم الطائر وبرك البعير، وربضت الشاة، وبين الجاثم والمجثَّم فرق، وذلك أن الجاثم من الصيد يجوز لك أن ترميه حتى تصطاده، والمجثَّم هو ما ملكته فجثَّمته وجعلتَه غرضاً ترميه حتى تقتله، وذلك محرَّم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلنا: فالنهي متجه إلى أمرين: الأول: تجثيم الدابة، والثاني: أكلُها، وقد جاء التصريح بالنهي عن أكلها من حديث أبي الدرداء عند الترمذي (1541) ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل المجثمة وهي التي تصبر بالنبل. ومن حديث ابن عباس عند الحاكم 2/ 34، وعنه البيهقي 9/ 334 قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبن الجلالة، وعن أكل المجثمة، وعن الشرب مِن في السِّقاء.
وأما الشرب مِن في السقاء: فإنما يكره ذلك من أجل ما يُخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل جوفه، فاستحب أن يشرب في إناء ظاهر يبصره.
وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 316: نهى عن الشرب من في السقاء، أي: فم القِربة، لأن انصباب الماء دفعة واحدة في المعدة ضارٌّ جداً، وقد يكون ما لا يراه الشارب فيدخل جوفه فيؤذيه، ولأنه قد يُنتِنُه بتردد أنفاسه فيُعاف، ولأن الشرب كذلك يملأ الجوف من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء ويزاحمه أو يؤذيه.
ثم قال: ثم إن ما تقرر لا ينافيه ما في "الشمائل" أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قام إلى قربة معلقة فشرب من فمها فقطعت ميمونة أو أم سليم موضع فمه فاتخذته عندها تبركاً، لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ليس كغيره تبركاً وطهارة وعطرية وأمناً من الغوائل والحوادث.
ونحو ذلك ما قاله ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 8/ 82 حيث قال: النبي صلى الله عليه وسلم أعطر من المسك فلا يدخل في النهي.
والحديث الذي أورداه بشرب النبي صلى الله عليه وسلم من في القربة أخرجه ابن ماجه (3423) والترمذي (2001) وإسناده صحيح.
قلنا: وأما النهي عن ركوب الجلالة، فقد قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 313: وأخذ بظاهره جمع من السلف، فمنعوا ركوبها، قال عمر لرجل له إبل جلالة: لا تحج عليها ولا تعتمر، وقال ابنه: لا أصاحب أحداً ركبها وحمل ذلك في "المطامح" على التغليظ، قال: وليس في ركوبها معنى يوجب التحريم. قال المناوي: ومن زعم أن ذلك لنجاسة عرقها فيجسه فقد وهم إذ الرواية مقيدة في الصحيح بالأبل وعرقها طاهر.
قلنا: الجلالة: قال ابن الأثير في "النهاية": الجلالة من الحيوان: التي تأكل العَذِرة.
والجَلَّة: البعر، فوضع موضع العَذِرة، يقال: جلَّت الدابة الجَلَّة، فهي جالّة وجلالة: إذا التقطتْها.