الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب نَسْخ الضِّيق في الأكل من مال غيره
(1)
3753 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المَزوَزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ الحُسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكْرمَة
عن ابنِ عباس، قال:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29] فكان الرجل يتحرَّجُ أن يأكُلَ عندَ أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخَ ذلك الَايةُ التي في النور، قال:{ليس عليكم جُناح أن تأكُلُوا من بُيوتكم}
(2)
إلى قوله: {أشْتَاتاً} كان الرجلُ الغنيُّ يَدْعُو الرَّجلَ مِن أهله إلى الطعام، فقال: إني لأتجَنَّحُ أن آكُلَ منه -والتَّجَنُّح: الحرج- ويقول: المسكينُ أحقُّ به مني، فاُحِلَّ في ذلك أنْ يأكُلُوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه، وأُحِلَّ طعامُ أهلِ الكتاب
(3)
.
(1)
هكذا جاءت ترجمة هذا الباب في (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها رواية ابن العبد. قلنا: ونسخة (هـ) عندنا برواية ابن داسه، فالمثبت إذاً هو رواية ابن العبد وابن داسه. قال العظيم آبادي في "شرحه": هذه النسخة أولى النسخ المذكورة كلها، قال: وهذه أعم النسخ، لأن الحُرمة في هذه النسخة مطلقة غير مقيدة بالضيافة بخلاف النسخ الأخرى، وهذه النسخة التي ينطبق عليها حديث الباب انطباقاً تامّاً.
(2)
قال في "عون المعبود": ليست التلاوة هكذا، فهذا النقل الذي في الكتاب إنما هو نقل بالمعنى لا باللفظ. قلنا: والتلاوة:
…
{وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} .
(3)
إسناده حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، فقد روى عنه جمع من الحفاظ. وقال النسائي: ليس به بأس، ووصفه الحافظ الذهبي في "السير" بالإمام المحدث الصدوق، وبأنه كان عالماً صاحب حديث كأبيه، ويغلب على ظننا أن تضعيف أبي حاتم والعقيلي له للإرجاء، كالذي نقله البخاري عن إسحاق بن راهويه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وليس ذلك بجرح، لأن الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة مِسعَر بن كدام من "الميزان"، والله تعالى أعلم.
يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد أبو الحسن القرشي مولاهم، وأحمد بن محمد المروزي: هو أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، ابن شبُّويه.
وأخرجه البيهقي 7/ 274 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 31 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي ضعيف الحديث.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(443)، والطبري 18/ 168، وأبو جعفر النحاس في معاني القرآن، 4/ 558، وفي "الناسخ والمنسوخ" ص 236 - 237، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 334 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
وقد خالف ابنَ عباس في دعوى النسخ عبدُ الله بن مسعود كما رواه عنه ابن أبي حاتم، والطبراني في "الكبير"(10061)، فقال في قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] قال: إنها محكمة ما نُسخت. وصحح إسناده الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 494، وهو كما قال.
وقال مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص 225: روي من طريق ابن عباس، وهو غير صحيح عنه. قلت [القائل مكي]: وهذا لا يجوز أن يُنسخ، لأن أكل الأموال بالباطل لا يُنسخ إلا إلى جواز ذلك، وجوازه لا يحسُن ولا يحل، فأما من أكلت ماله بطيب نفسه من قريب أو صديق فهو جائز، وليس ذلك من أكل الأموال بالباطل في شيء. والآية في النساء وهي في النهي عن أكل مال غيرك من غير طيب نفسه، فهو من أكل المال بالباطل. والآية في النور هي في جواز أكل مال غيرك عن طيب نفسه، وذلك جائز.
فالآيتان في حكمين مختلفين، لا تنسخ إحداهما الأخرى، فلا مدخل لذكرهما في هذا الباب.=