الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
90 - باب في تضْمين العاريَّة
3561 -
حدَّثنا مُسَدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ، عن الحسنِ
عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"على اليَدِ ما أخذت حتى تُؤَدِّيَ". ثم إن الحسن نسِيَ، فقال: هُوَ أمِينُكَ، لا ضَمَانَ عَلَيهِ
(1)
.
3562 -
حدَّثنا الحسنُ بن محمدٍ وسلمةُ بن شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، حدَّثنا شَريكٌ، عن عبدِ العزيز بنِ رُفَيع، عن أُميَّةَ بن صفوان بن أمية
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدْراعاً يَومَ حُنَينٍ، فقال: أغَصْبٌ يا محمد؟ فَقَالَ: "لا، بل عاريَّةٌ مضمونَةٌ"
(2)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وابن أبي عَروبة: هو سعيد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان.
وأخرجه ابنُ ماجه (2400)، والترمذي (1312)، والنسائي في "الكبرى"(5751) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وهو في "مسند أحمد"(20086).
ويشهد له حديث صفوان بن أمية وحديث أبي أمامة الآتيان بعده.
قال الخطابي: في هذا الحديث دليل على أن العارية مضمونة، وذلك أن "على" كلمة إلزام، وإذا حصلت اليد آخذة صار الأداء لازماً لها، والأداء قد يتضمن العين إذا كانت موجودة والقيمة إذا صارت مُستهلكة، ولعله أملكُ بالقيمة منه بالعين.
وانظر كلام الخطابي في خلاف أهل العلم في تضمين العارية عند الحديث (3565).
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وجهالة حال أمية بن صفوان، فإنه لم يوثقه أحد ولم يرو عنه غيْر اثنين، ولاضطرابه كما سيأتي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5747) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(15302).
وأخرجه النسائي كذلك (5748) من طريق إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية مرسلاً.
وسيأتي عند المصنف بعده من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان، مرسلاً.
وبرقم (3564) من طريق أبي الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ناس من آل صفوان، مرسلاً كذلك.
وأخرجه النسائي (5746) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً أيضاً.
وانظر تمام الاختلاف فيه وتخريجه في "مسند أحمد"(15302).
وانظر ما سيأتي برقم (3566).
ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند الحاكم 3/ 48 - 49، والبيهقي 6/ 89، وفيه: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية، فسأله أدراعاً مئة درع، وما يُصلحها من عدتها، فقال: أغصباً يا محمد؟ قال: "بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك" ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سائراً. وإسناده حسن وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي.
قال الخطابي: وهذا يؤكد ضمان العارية، وفي قوله:"عارية مضمونة" بيان ضمان قيمتها إذا تلفت، لأن الأعيان لا تضمن، ومن تأوله على أنها تؤدّى ما دامت باقية فقد ذهب عن فائدة الحديث. وقال قوم: إذا اشترط ضمانها صارت مضمونة، فإن لم يشترط لم يضمن، وهذا القول غير مطابق لمذاهب الأصول، والشيء إذا كان حكمه في الأصل على الأمانة فإن الشرط لا يغيره عن حكم أصله، ألا ترى أن الوديعة لما كانت أمانة كان شرط الضمان فيها غير مخرج لها عن حكم أصلها، وإنما كان ذكر الضمان في حديث صفوان لأنه كان حديث العهد بالإسلام جاهلاً بأحكام الدين فأعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من حكم الإسلام أن العواري مضمونة ليقع له الوثيقة بأنها مردودة عليه غير ممنوعة منه في حالٍ.
قال أبو داود: وهذه رواية يزيدَ ببغدادَ، وفي روايته بواسطٍ على غير هذا
(1)
.
3563 -
حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن عبدِ العزيز بنُ رفيع عن أُناس من آلِ عبدِ الله بنِ صفوان: أن رسولَ ال صلى الله عليه وسلم قال: "يا صَفوانُ، هل عندَكِ من سلاحٍ؟ " قال: عَارِيَّةً أم غصباً؟ قال: "لا، بَلْ عاريَّةٌ" فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين دِرعاً، وغزا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حُنيناً، فلما هُزِمَ المشركون جُمِعَتْ درُوعُ صفوانَ، ففَقَدَ منها أدراعاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لصفوان:"إنَّا قَدْ فقَدْنا مِنْ أدراعِكَ أدراعاً، فهل نَغْرَمُ لكَ؟ " قال: لا يا رسولَ الله، لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ
(2)
.
(1)
ذكر أبو نعيم في "الحلية" 9/ 163 خبراً مفادُه أن يزيد بن هارون كان يرى أن العاريّة ليست بمضمونة، وأنه حينما التقى بالإمام أحمد بن حنبل ودار الحديث فيما بينهما عن العارية أنه صار إلى قول أحمد بن حنبل بأنها مؤداة. وهاك النص في ذلك، قال أبو نعيم: حدَّثنا سليمان بن أحمد، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه، قال: رأيت يزيد بن هارون يصلي، فجاء إليه أبو عبد الله أحمد بن حنبل، فلما سلم يزيد من الصلاة، التفت إلى أحمد بن حنبل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في العارية؟ قال: مؤداة، فقال له يزيد: أخبرنا حجاج عن الحكم قال: ليست بمضمونة، فقال له أحمد بن حنبل: قد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية أدرُعاً، فقال: عاريَّة مؤداة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "العارية مؤداة" فسكت يزيد وصار إلى قول أحمد بن حنبل.
(2)
حديث حسن كسابقه. وهذا إسناد مرسلٌ. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبّي.
وهو في "مصنف ابنُ أبي شيبة" 6/ 143 - 144، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (2957) والبيهقي 6/ 89 و 7/ 18، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4459) من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، به. وقد أُقحم عند الدارقطني اسم عطاء بعد عبد العزيز.
وانظر ما قبله.
قال أبو داود: وكان أعاره قبل أن يُسلم، ثم أسلم
(1)
.
3564 حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا عبد العزيز بنُ رَفيعٍ، عن عطاء، عن ناسٍ مِنْ آلِ صفوان، قال: استعار النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر معناه
(2)
.
3565 حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن نجْدةَ الحَوْطيُّ، حدَّثنا ابنُ عيّاشٍ، عن شُرحبيلَ بن مسلم
سمعتُ أبا أُمامة، قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: "إنَّ الله عز وجل قد أعطى كلَّ ذي حق حقهُ، فلا وصيةَ لِوارثٍ. لا تُنفِقِ المرأةُ شيئاً مِن بيتها إلاَّ بإذن زوجها" قيل: يا رسولَ الله ولا الطعامَ؟ قال: "ذَلكَ أفضَلُ أموالنا" ثم قال: "العاريَّةُ مؤدَّاةٌ"، والمِنْحَةُ مردُودةٌ، والدَّينُ مَقْضِي، والزَّعِيم غارمٌ"
(3)
.
(1)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه.
(2)
حديث حسن، هذا إسناد كسابقه. عطاء: هو ابن أبي رباح، وأبو الأحوص: هو سلاَّم بن سُلَيم، ومُسَدَّد: هو ابنُ مُسَرْهَد.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4457)، والبيهقي 6/ 89 من طريق مُسدَّدٌ، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي (4458) من طريق مسدّد، عن أبي الأحوص، عن عبد العزيز، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان، به.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5746) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح، مرسلاً.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3562) و (3563).
(3)
صحح لغيره، هذا إسناد حسن من أجل ابن عياش -وهو إسماعيل- فهو حسن الحديث فيما يرويه عن. أهل بلده، وهذا منها، وقد توبع على بعض الحديث.
وأخرجه الترمذي (2253) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وقال: حديث حسن. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد سلف الشطر الأول من الحديث في الوصية للوارث عند المصنف برقم (2870) وذكرنا هناك متابعة لإسماعيل بن عياش إسنادها صحيح.
وأخرج الشطر الثاني منه، وهو إنفاق المرأة من مال زوجها بإذنه: ابن ماجه (2295)، والترمذي (676) من طريق إسماعيل بن عياش، به.
وأخرج الشطر الثالث منه، وهو قوله: " العارية مؤداة، والمنحة مردودة
…
" ابن ماجه (2398)، والترمذي (1311) من طريق إسماعيل بن عياش، به.
وأخرجه أيضاً النسائي في "الكبرى"(5749) من طريق أبي عامر لقمان بن عامر الحمصي، و (5750) من طريق حاتم بن حريث، كلاهما عن أبي أمامة وإسناداهما حسنان. وزاد النسائي في رواية أبي عامر: قال رجل: يا رسول الله، أرأيت عهدَ الله عز وجل؟ قال:"عهد الله عز وجل أحقُّ ما أُدِّي".
وهو في "مسند أحمد" بتمامه (22294).
وفي "صحيح ابن حبان"(5094) مقتصراً على ذكر العارية والمنحة.
ويشهد للشطر الثاني: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف عند المصنف برقم (3547). وإسناده حسن.
ويشهد لقوله: "الزعيم غارم، والدين مقضي" حديث سعيد بن أبي سعيد عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم عند أحمد (22507). هو حديث حسن لغيره.
قال الخطابي: قوله: "مؤداة" قضية إلزام في أدائها عيناً حال القيام، وقيمة عند التلف.
وقوله: "المنحة مردودة" فإن المنحة: هي ما يمنحه الرجل صاحبه من أرض يزرعها مدة ثم يردُّها أو شاة يشربُ درَّها ثم يردُّها على صاجها أو شجرة يأكل ثمرها.
وجملتها أنها تمليك المنفعة دون الرقبة، وهي من معنى العواري، وحكمها الضمان كالعارية.
قال: "والزعيم": الكفيل، والزعامة: الكفالة، ومنه قيل لرئيس القوم: الزعيم، لأنه هو المتكفل بأمورهم. =
3566 -
حدَّثنا إبراهيمُ بن المُستَمِرِّ العُصْفُريّ، حدَّثنا حَبّان بن هلال، حدَّثنا همامٌ، عن قتادةَ، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن يعلى
عن أبيه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتتك رُسُلي، فأعطِهِم ثلاثين درعاً، وثلاثين بعيراً" قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعارِيَّةٌ مضمونةٌ أو عاريَّةُ مؤدَّاة؟ قال:"بل مُؤدَّاة"
(1)
.
قال أبو داود: حَبَّان خالُ هلال الرأي
(2)
.
= وقد اختلف الناس في تضمين العارية، فروي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما سقوط الضمان فيها، وقال شريح والحسن وإبراهيم: لا ضمان لها، وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي وإسحاق بن راهويه.
وروي عن ابن عباس وأبي هريرة أنهما قالا: هي مضمونة، وبه قال عطاء والشافعي وأحمد بن حنبل، وقال مالك بن أنس: ما ظهر هلاكه كالحيوان ونحوه غير مضمون، وما خفي هلاكه من ثوب ونحوه فهو مضمون.
قلنا: قد خالف ابنُ قدامة في "المغني" 7/ 341 الخطابيَّ في نسبة القول بعدم ضمان العارية لإسحاق بن راهويه، فقد ذكر ابنُ قدامة إسحاق فيمن يقول بضمانها، والقول قول ابن قدامة، فقد ذكر إسحاق بن منصور الكوسج في "مسائله"(2561) أن إسحاق يقول كقول أحمد بن حنبل.
وأضاف ابنُ قدامة قيداً مهماً لم يذكره الخطابيّ للفريق الثاني القائل بعدم الضمان، وهو أن لا يكون تلفُ العاريّة بتَعدٍّ من المُستعير، وهو قيد مهم للغاية.
(1)
إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5744) و (5745) من طريق حبان بن هلال، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(17950)، و"صحيح ابن حبان"(4720).
وانظر ما سلف برقم (3562).
(2)
مقالة أبى داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من روايتي أبي عيسى الرملي وابن الأعرابي.