الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
52 - باب الصلاة على من قتلتْه الحدودُ
3186 -
حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بشْرٍ، حدَّثني نفرٌ من أهل البصرةِ عن أبي بَززَةَ الأسلميِّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ على ماعزِ بن مالكِ، ولم ينْه عن الصلاةِ عليه
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. ولا يضر إبهام هؤلاء النفر البصريين، لأنهم جمع. أبو بشر: هو جعفر بن إياس، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو كامل: هو الفُضيل بن الحُسين الجَحْدري.
وأخرجه ابن الجوزي في "التحقيق"(904) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
وقد جاءت قصة ماعز عند البخاري (6820) عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله وفيها زيادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على ماعز الأسلمي. قال الخطابي في "مختصر السنن" 4/ 321: خالف محمودَ بن غيلان في هذه الزيادة -يعني لم يذكروها- ثمانية من أصحاب عبد الرزاق. وفيهم هؤلاء الحفاظ: إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه، ونقل عن البيهقي قوله [وهو في "معرفة السنن والآثار" 12/ 302]: ورواه البخاري عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، إلا أنه قال:"فصَلى عليه" وهو خطأ لاجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه، ثم إجماع أصحاب الزهرى على خلافه.
وقد خرَّج الحافظ في "الفتح" 12/ 130 هذا الحديث يعني حديث جابر من طرق ثم قال: فهؤلاء أكثر من عشرة أنفُس خالفوا محموداً، منهم من سكت عن الزيادة، ومنهم من صرح بنفيها.
قلنا: جاء التصريح بنفيها في رواية المصنف الآتية برقم (4430) من طريقين عن عبد الرزاق. وهو في "مسند أحمد"(14462) عن عبد الرزاق.
ويخالفُ حديث أبي برزة وحديث جابر حديثُ عمران بن حصين عند مسلم (1696) وسيأتي عند المصنف (4440) في قصة الجهنية التي زنت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى عليها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 131 في حل هذا التعارض عن ابن العربي قوله: لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على ماعز، قال: وأجاب من منع عن صلاته على الغامدية لكونها عرفت الحكم وماعزٌ إنما جاء مُستفهماً، قال: وهو جواب واهٍ، وقيل: لأنه قتله غضباً لله وصلاته رحمة فتنافيا، قال: وهذا فاسد لأن الغضب انتهى. قال: ومحل الرحمة باقٍ، والجواب المُرضي أن الإِمام حيث ترك الصلاة على المحدود كان ردعاً لغيره. قلتُ [القائل ابن حجر]: وتمامه أن يُقال: وحيث صلَّى عليه يكون هناك قرينة لا يحتاج معها إلى الردع، فيختلف حينئذٍ باختلاف الأشخاص.
وذهب الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/ 379 إلى أن عدم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز إنما كان لأن ماعزاً لما هرب من الرجم يحتمل أن يكون ذلك الهرب كان منه لرجوع كان عما أقر به أو فراراً من إقامة العقوبة التي قد لزمته عليه، وكان مذموماً في كل واحدة من هاتين الحالتين، فترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه لذلك، لأن من سنته أن لا يصلي على المذمومين من أمته كما لم يصلّ على قاتل نفسه، وإن كان مسلماً، وكما لم يصلّ على الغالِّ من الغزاة معه بخيبر.
قال الحافظ في "الفتح" 12/ 131: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فقال مالك: يأمر الإمام بالرجم ولا يتولاه بنفسه، ولا يرفع عنه حتى يموت، ويُخلى بينه وبين أهله يغسلونه ويصلون عليه، ولا يصلي عليه الإمام ردعاً لأهل المعاصي إذا علموا أنه ممن لا يُصلَّى عليه، ولئلا يجترئ الناس على مثل فعله، وعن بعض المالكية: يجوز للإمام أن يصلي عليه، وبه قال الجمهور، والمعروف عن مالك أنه يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم، وهو قول أحمد، وعن الشافعي: لا يُكره، وهو قول الجمهور، وعن الزهري: لا يُصلَّى على المرجوم ولا على قاتل
نفسه، وعن قتادة: لا يُصلَّى على المولود من الزنى، وأطلق عياض فقال: لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنى وما ذهب إليه الزهري وقتادة.