الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاختيارهم بأنفسهم طريق الغواية والضلال، ومعاداة هداية الله السابغة. وهذه الآيات لبيان حال الكفرة وتوعدهم بالنار على أفعالهم، ثم بيان أحوال المؤمنين وما وعدهم به الله من جنات النعيم، ليتبين الفرق.
خلق السماوات والأرض
يتكرر في القرآن الكريم إيراد الأدلة والبراهين الحسية المشاهدة على إثبات قدرة الله تعالى ووجوده ووحدانيته، مثل إنزال المطر، وخلق الإنسان ومروره بأطوار معينة، وخلق السماوات والأرض وما بينهما، والخلق والإبداع دليل قاطع على وجود الله وقدرته، لذا تحدى الله به عبدة الأوثان وغيرهم من المشركين لإدراك الفرق الواضح بين أوثانهم العاجزة عن إيجاد شيء، وعن جلب النفع لأحد أو دفع الضّر عنه، وبين الله القادر على كل شيء، ومنها الخلق والإحياء، والإماتة والبعث، ويؤدي ذلك كله لإثبات الوحدانية لله تعالى، وإبطال الشرك والوثنية، والدعوة لاتباع الحق الذي جاءت به الرسل، قال الله تعالى مبينا قدرته في خلق السماوات والأرض:
[سورة لقمان (31) : الآيات 10 الى 11]
خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)
[لقمان: 31/ 10- 11] .
من أدلة القدرة الإلهية الفائقة كل حد أن الله تعالى خلق السماوات السبع بغير أعمدة، مرئية أو غير مرئية، فلا يرى أحد بالعين المجردة ولا بالمكبرات السماوية الدقيقة وجود أعمدة للسماوات، وهي قائمة بقدرة الله تعالى، ويظن الناظر أن السماوات كالأرض في الظاهر مبسوطة، وهي في الحقيقة مستديرة، لقول الله عز
وجل: كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء: 21/ 33] . والفلك: اسم لشيء مستدير. وهي على أي حال مخلوقة بقدرة الله تعالى، لا بالمصادفة ولا بالطبيعة، وهي فضاء، والفضاء لا نهاية له، ولا تزول إلا بقدرة الله تعالى.
وجعل الله في الأرض جبالا شوامخ ثوابت، بثّت في الأرض وأرستها وثقّلتها، لئلا تضطرب بأهلها، وتغمرها مياه البحار والمحيطات المحيطة بها، ومن المعلوم أن المياه أربعة أخماس الأرض، واليابسة هي الخمس.
ونشر الله في الأرض كل نوع من أنواع الحيوان التي لا يحصى عددها، ولا يعلم أشكالها وأنواعها إلا خالقها، والمخلوقات البحرية كما قرر العلماء أكثر من المخلوقات البرية. وأنزل الله من السماء أو السحاب مطرا يكون سببا لإنبات كل صنف كريم، أي حسن المنظر، كثير المنفعة، وافر العطاء والخير متقن الصنعة والتحكم.
أمام هذه المخلوقات العجيبة، والأصناف البديعة، والخيرات الإلهية العميمة، كيف يليق بالإنسان جحود خالقها، وترك عبادته، لذا وبخ الله تعالى المشركين الذين يشركون مع الله إلها آخر، ونبههم بقوله: هذا المذكور من المخلوقات: هو من خلق الله وفعله وتقديره وحده لا شريك له في ذلك. والخلق: بمعنى المخلوق. فأخبروني أيها المشركون: ماذا خلق الذين تعبدونهم من غيره من الأصنام والأنداد والجمادات التي لا نفع فيها ولا ضر؟! وبعد توجيه هذا التوبيخ وإظهار الحجة: وصف الله أولئك المشركين بالضلال، فهم الظالمون الضالون في إشراكهم مع الله غيره، حيث قال الله تعالى: بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي بل إن هؤلاء المشركين الذين عبدوا مع الله إلها آخر، في جهل وعمى، وانحراف وكفر واضح ظاهر، لا خفاء فيه ولا شبهة لكل من تأمله. إنه