الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما نجى نوحا ومن آمن معه من الغرق، وهذه آي تبين جهود إبراهيم في دعوته ومصيره:
[سورة الصافات (37) : الآيات 83 الى 101]
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (83) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ (85) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (87)
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (91) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (92)
فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (96) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97)
فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101)
«1» «2» [الصافات: 37/ 83- 101] .
المعنى: وإن إبراهيم عليه السلام من شيعة نوح عليه السلام، أي على منهاجه في الدين والتوحيد. واذكر أيها النبي محمد حين أقبل إبراهيم على ربه بقلب مخلص سليم من الشك والشرك وجميع النقائص التي تلحق قلوب بني آدم كالغلّ والحسد والكبر ونحوه. وحين قال لأبيه وقومه: ما الذي تعبدونه من هذه الأصنام من دون الله تعالى؟ وهو توبيخ على منهجهم.
أتريدون آلهة من دون الله تعبدونها إفكا وكذبا، دون حجة ولا دليل، وما ظنكم حين تلقون ربكم أنه فاعل بكم، وقد عبدتم معه غيره؟ وهو استفهام بمعنى التقرير، لا النفي، أي أكذبا ومحالا آلهة دون الله تريدون؟
ثم أخبر الله تعالى عن نظرة إبراهيم عليه السلام في نجوم السماء، فإنه تأمل في علوم النجوم وفي معانيها، مريدا بذلك إيهام قومه أنه يعلم ما يعملون ويعلمون.
روي أن علم النجوم كان عندهم منظورا فيه مستعملا، فأوهمهم هو من تلك الجهة،
(1) أي أتباعه وأنصاره في الدين والتوحيد.
(2)
أي مال إليها.
وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم، وبعد أن نظر إبراهيم في النجوم قال لقومه: إني مريض عليل، فتولوا عنه وتركوه مدبرين لكفرهم به واحتقارهم لأمره. وهي في الظاهر كذبة من أجل رضوان الله، وفي الحقيقة إنه مرض قلبي معنوي بسبب عبادة قومه الأصنام والأوثان.
ومراعاة للظاهر في أنها كذبة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات، ثنتين في ذات الله: قوله: إني سقيم، وقوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [الأنبياء: 21/ 63] وواحدة في شأن سارّة، قال عنها: هي أختي»
أي أختي في الإسلام ليخلصها من اعتداء ملك جبار في مصر.
فمال إبراهيم خفية إلى أصنام القوم، وقد خرجوا خارج البلد في عيد لهم، ووضعوا الطعام للأصنام لتباركه، فقال لها تهكما وسخرية: ألا تأكلون من هذا الطعام المقدم لكم؟ وذلك على جهة الاستهزاء بعبدة تلك الأصنام، ما الذي يمنعكم من النطق والجواب عن سؤالي؟ ومراده: التهكم والاحتقار، لأنه يعلم أنها جمادات لا تنطق.
فمال عليهم يضربهم بقوة وشدة، حتى حطّمهم إلا كبيرا لهم، فأقبل إليه القوم بعد عودتهم من عيدهم مسرعين، يسألون عمن كسرها، وقد قيل: إنه إبراهيم، وعرفوا أنه هو، فقالوا له: نحن نعبدها وأنت تكسرها؟! فقال: أتعبدون من دون الله أصناما أنتم تصنعونها من حجر وعود، وتنحتونها بأيديكم؟ والله الذي خلقكم وخلق أعمالكم هو الأحق بالعبادة، وأجدر بالتعظيم، فكيف تعبدون غيره؟ وقوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (96) دليل على أن الله تعالى هو خالق أفعال العباد وهو مذهب أهل السنة، وهو أن الأفعال خلق لله عز وجل واكتساب للعباد. وفي