الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض، للجلوس عليها أو الاستناد إليها، وفيها بسط مبسوطة في المجالس، وطنافس (سجاد) لها خمل رقيق ناعم، مفرّقة في المجالس، كثيرة، تغري بالجلوس عليها، ويستمتع الناظر إليها، وفيها الأبهة والمتعة والجمال والفخامة. والأكواب: أوان كالأباريق لا عرى لها ولا آذان ولا خراطيم، وموضوعة: معناه بأشربتها معدة، والنّمرقة: الوسادة، والزرابي، واحدتها: زربيّة، وهي كالطنافس لها خمل، وهي ملونات، ومبثوثة: كثيرة متفرقة.
مظاهر القدرة الإلهية
أقام الله تعالى الحجة في آيات كثيرة على منكري قدرته على بعث الأجساد، بأن حدد لهم مواضع العبرة في مخلوقاته، ولفت أنظارهم إلى التأمل في المشاهد الحسية المحيطة بهم، من عظمة السماء وعلوها، وما فيها من كواكب عظيمة، والأرض وما تشتمل عليه من سهول وبقاع مسطحة، يسهل الانتفاع بها والعيش عليها، والجبال الثوابت الراسخات فوقها لتثبيتها، والحيوانات ذات الأحجام المتفاوتة من الإبل الكبيرة إلى الزلاحف الصغيرة، فمن خلق هذه الأشياء وغيرها، فهو القادر على خلق الناس مرة أخرى وإعادتهم أحياء للحساب والجزاء، كما يتضح في هذه الآيات:
[سورة الغاشية (88) : الآيات 17 الى 26]
أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَاّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26)
«1» «2» [الغاشية: 88/ 17- 26] .
(1) بمتسلط مسيطر على الناس، بقهر وتكبر.
(2)
رجوعهم.
أخرج ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، عن قتادة قال: لما نعت الله ما في الجنة، عجب من ذلك أهل الضلالة، فأنزل الله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) هذه طائفة من الأدلة على وجود الله ووحدانيته وقدرته، على الناس أن ينظروا فيها، ويتأملوا بعجيب خلقها، ليهتدوا إلى الإيمان باليوم الآخر. كيف يصح للمشركين إنكار البعث واستبعاد وقوعه؟ وهم يشاهدون الإبل التي هي غالب مواشيهم وأكبر مخلوقاتهم في بيئتهم، كيف خلقها الله على هذا النحو البديع، من عظم الجثة، وقوة الجسد، وجمال الوصف، فهي خلق عجيب، وتركيب غريب. ومع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للولد الصغير، وتؤكل بعد الذبح، وينتفع بأوبارها، وألبانها، وجلودها، وتصبر على الجوع والعطش.
ودليل آخر هو: ألا يشاهدون السماء كيف رفعت فوق الأرض بلا عمد؟! وينظرون إلى الجبال الضخمة العالية المنصوبة على الأرض، فإنها ثابتة لئلا تميد الأرض بأهلها أثناء دورانها.
وينظرون إلى الأرض كيف بسطت ومدت ومهّدت، ليستقر عليها سكناها، وينتفعوا بما فيها من خيرات ومعادن دفينة، وما تخرجه من نباتات وزروع وأشجار متنوعة، بها قوام الحياة والمعيشة.
وتسطيح الأرض إنما هو بالنسبة للناظر إليها من كثب (أي قرب) ، والمقيم عليها في بعض نواحيها، ولا يعني ذلك أنها ليست بكروية، لأن الكرة- كما ذكر الفخر الرازي- إذا كانت في غاية العظمة، يكون كل قطعة منها كالسطح.
وإنما ذكرت هذه المخلوقات دون غيرها، لأنها أقرب الأشياء إلى الإنسان الناظر فيها.
ثم أمر الله نبيه بالتذكير بهذه الأدلة والبراهين الحسية، فقال فَذَكِّرْ أي فذكر أيها النبي الناس بما أرسلت به إليهم، وعظهم وخوفهم، ووجّههم للتأمل بهذه الشواهد الدالة على قدرة الله على كل شيء، ومنها البعث والمعاد، وليس عليك إلا التذكير فقط، فإنما بعثت لهذا الغرض، ولا سلطان ولا سيطرة لك عليهم، لحملهم على الإيمان بالله تعالى ربا واحدا لا شريك له، وتصديقهم بجميع رسالتك، رسالة الخير والإنقاذ والسعادة والنظام، فإن آمنوا فقد اهتدوا، وإن أعرضوا فقد ضلوا وكفروا وشقوا.
لكن من تولى عن الوعظ والإرشاد والتذكير، وكفر بقلبه ولسانه، فيعذبه الله في الآخرة بعذاب جهنم الدائم، عدا عذاب الدنيا من قتل وأسر واغتنام مال، لأنه إذا كان لا سلطان لك عليهم، فإن الله تعالى هو المسيطر عليهم، لا يخرجون عن قبضته وقوته وسلطانه. والعذاب الأكبر: عذاب الآخرة، لأنهم قد عذّبوا في الدنيا بالجوع والقتل وغيرهما. فقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى الصحيح أن الاستثناء منفصل أو منقطع.
ثم أكد الله تعالى وقوع البعث والحساب والعذاب، سواء اعتقد المشركون ذلك أم لم يعتقدوا، فقرار الله تعالى حاسم، وهو: إن إلينا مرجعهم ومصيرهم، ونحن نحاسبهم على أعمالهم بعد رجوعهم إلى الله بالبعث، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فلا مفر للمعرضين، ولا خلاص للمكذبين من العقاب.
إن توكيد قرار وقوع البعث والقيامة دليل على أنه لا مفر لأحد من تطبيق قانون العدالة المطلق، حتى لا يغبن أحد في عمله، فليس من الحق والعدل والمعقول أن يتساوى المحسنون والأشرار، والمستقيمون والفجار، والمؤمنون والكفار، فمن آمن وأطاع، حق له الإنعام والتقدير والإحسان، ومن كفر وعصى كان بدهيا أن يلقى جزاءه العادل على عمله الذي اختاره في الدنيا.