الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاية النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين
النبي صلى الله عليه وسلم قائد الأمة ومنقذها، وأبوته المعنوية ورحمته شاملة لجميع المؤمنين، لا يختص بها أحد، وهذا يستدعي محبة النبي أكثر من محبة الإنسان نفسه، وأن يمتثل أوامره، أحبت نفسه ذلك أم كرهته، والنبي كغيره من الأنبياء أو الرسل السابقين ملزم بتبليغ رسالة ربه على الوجه الأكمل، بمقتضى العهد والميثاق الإلهي عليهم، وذلك لينقسم الناس فريقين: فريق الصادقين المصدقين برسالات الأنبياء، وفريق المكذبين الجاحدين الذين يتنكرون لدعوات الأنبياء، ويثيب الله أهل الصدق والإيمان، ويعاقب أهل الكفر والضلال. قال الله تعالى مبينا هذه الأحكام العامة:
[سورة الأحزاب (33) : الآيات 6 الى 8]
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَاّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (6) وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (7) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (8)
[الأحزاب: 33/ 6- 8] .
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرأف الناس بجماعة المؤمنين وأحرصهم على مصالحهم وإنقاذهم، فهو يدعوهم إلى النجاة، وهم يتجهون إلى الهلاك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري وابن جرير وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه حين نزلت هذه الآية: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ: «من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي، أنا وليه، اقرؤوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» .
وقد أزال الله تعالى بهذه الآية أحكاما كانت في صدر الإسلام، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على ميت عليه دين، فذكر الله تعالى أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وأزواج (زوجات) النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة الأمهات في الحرمة والاحترام والتعظيم
والتقدير، وفي تحريم الزواج بهن بعد النبي، وفي غير ذلك هن أجنبيات، فلا يحل النظر إليهن، ولا الخلوة بهن، ولا ارثهن ونحو ذلك.
والقرابة ذوو الأرحام أو العصبات أولى بعضهم ببعض في الميراث وغيره، وفي منافع بعضهم، فهم أولى وأحق من بقية المؤمنين المهاجرين والأنصار، وهذا إبطال لحكم التوارث بالنصرة بعد الهجرة الذي كان مقررا في بداية الأمر، حيث كانت الشريعة تقرر التوارث بأخوة الإسلام وبالهجرة، فإنه كان بالمدينة توارث في صدر الإسلام بهذين الوجهين: الهجرة والنصرة.
لكن إذا ذهب الميراث بالتآخي، بقي حكم الوصية عند الموت، والإحسان في الحياة، والصلة والود، وهذا الحكم وهو توريث ذوي الأرحام حكم من الله تعالى مقرر في اللوح المحفوظ، لا يبدّل ولا يغير.
ثم أخبر الله تعالى عن ميثاق النبيين بتبليغ الرسالة الإلهية، والمعنى: اذكر أيها الرسول أننا أخذنا العهد المؤكد على جميع الأنبياء، وبخاصة أولو العزم منهم، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام، أنهم يبلّغون رسالة ربهم إلى أقوامهم. وتخصيص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر للتشريف والتعظيم، لأنهم أصحاب الكتب والشرائع والحروب الفاصلة من أجل التوحيد. وقدّم الله في الآية ذكر محمّد صلى الله عليه وسلم، على الرغم من تأخر زمانه، تشريفا خاصا له أيضا،
وروى ابن جرير الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث» .
وكرّر الله في الآية أخذ الميثاق لمكانته. ووصف الميثاق بأنه غليظ أي شديد: إشعار بحرمة هذا الميثاق وقوته.
وأخذ الميثاق على الأنبياء في التبليغ بعد بعثتهم، لكي يجعل الله خلقه فرقتين- فاللام في «ليسأل» : لام كي وهو الأصوب من جعلها لام الصيرورة- فرقة يسألها الله عن