الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرزق الحلال والرزق الحرام
الرزق محدود مقنن لكل إنسان في علم الله تعالى، لكن بعض الناس يكون رزقه حلالا طيبا مباركا فيه، ينفق منه على نفسه وأهله وأقاربه والمحتاجين من إخوانه، وبعض الناس الآخرين يكون رزقه حراما آتيا من غير كسب ولا عمل، من الربا أو الفائدة المضمومة إلى القرض، ولكن لا خير فيه ولا بركة، والرازق هو الله تعالى، والبشر وسائط، إما بعملهم وكدّهم وجهدهم، وإما بمساعيهم ووساطتهم، فهم وسائط خير وجسور منفعة، وليس لأحد من غير الله تعالى قدرة على الإطلاق على نفع إنسان أو رزقه، ولا على إلحاق الضر به وحرمانه من الرزق، ومن باب أولى ليس للأصنام والأوثان المتخذة شركاء لله في عقيدة الوثنيين أي دور أو مجال في رزق أحد أو حرمانه منه، قال الله تعالى مبينا هذه الأحوال:
[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 40]
فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)
«1» [الرّوم: 30/ 38- 40] .
إذا كان الرزق مصدره من الله تعالى وحده، وأن الرزق محدود لا يزيد ولا ينقص، فيكون التصرف فيه بحسب مرضاة الله، لذا أمر الله تعالى على جهة الندب بإيتاء ذوي القرابة حقوقهم، من صلة المال وحسن المعاشرة، ولين القول، وإعطاء المساكين المحتاجين وأبناء السبيل، أي المسافرين المنقطعين ما لهم حظ به، لأنهم إخوة إما في الدين وإما في الإنسانية، وذلك الإيتاء أو الإعطاء لهؤلاء القرابة والمحتاجين
(1) أي المضاعفون ثوابهم، أي يضاعف الله لهم الثواب.
خير محض في ذاته، ونفع عظيم، لكل من يقصد بعمله وجه الله تعالى، ووَجْهَ اللَّهِ هنا: جهة عبادته ورضاه.
وأولئك المعطون شيئا من أموالهم على سبيل البر وصلة الرحم، وإنقاذ النفس الإنسانية من الضرر أو الهلاك: هم لا غيرهم الفائزون ببغيتهم، البالغون لآمالهم، المحققون الخير لأنفسهم في الدنيا والآخرة.
أخرج الترمذي والدارمي في الزكاة عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في أموالكم حقا سوى الزكاة» .
وأما من أعطى عطية، يود الحصول على أكثر منها، من طريق الهدية أو الربا (الفائدة) في التجارات، فلا ثواب له عند الله تعالى، كما جاء في آية أخرى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)[المدثر: 74/ 6] . أي لا تعط عطاء تريد أكثر منه، وهذا لا خير فيه ولا ثواب. قال ابن عباس: نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى تمويلهم ونفعهم والتفضل عليهم، وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع لهم.
وأما العطاء الحسن الذي يحقق الثواب لصاحبه، فهو الزكاة، أي من أعطى صدقة، يقصد بها وجه الله تعالى وحده، بقصد عبادته وإرضائه، أو من أعطى زكاة، تنمية لماله وتطهيرا، يريد بذلك وجه الله تعالى، فذلك هو المحقق للثواب الجزيل، وهو الذي يجازى به صاحبه أضعافا مضاعفة على ما شاء الله تعالى له «1» .
وذلك كما جاء في آية أخرى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً [البقرة: 2/ 245] وقال الله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)[الحديد: 57/ 11] .
(1) ينبغي أن تظل هذه العقيدة معه وقت العبادة وفي كل الأحوال إن كان يعتقد أن الله هو رازقه.