الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمعجزات والأدلة على صدقهم، وبالكتب المكتوبة، كصحف إبراهيم وموسى، وبالكتاب الإلهي النير الواضح، كالتوراة والإنجيل.
ومع كل هذا، كذبوا وعصوا، فاستوجبوا العقاب والتهديد، لذا أخذ الله الكافرين بالعقاب والتنكيل، فكيف رأيت أيها النبي إنكاري عليهم بشدة وقوة؟!.
أدلة أخرى على قدرة الله وتوحيده
ما أكثر الأدلة الدالة على وجود الله تعالى وقدرته ووحدانيته، ففي الكون مشاهد وألوان مختلفة، منها العلوم الأرضية، كإخراج الثمار ذات الألوان المتعددة بماء المطر، وإيجاد الناس والدوابّ والأنعام المختلفة الألوان، وبها يدرك العلماء عظمة الكون، ويؤمنون بوجود الله تعالى، ويعرف المؤمنون الذين يتلون القرآن الكريم، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة وينفقون من أموالهم في السر والعلانية: أن هذه الأعمال تحقق لهم القبول والثواب من الله تعالى على طاعتهم، بل إنهم ينتظرون المزيد من فضل الله وإحسانه، قال الله تعالى مبينا هذه الأدلة والبراهين:
[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 30]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)
«1» «2» [فاطر: 35/ 27- 30] .
(1) الجدد: الطرق المختلفة الألوان.
(2)
أي وطرق سود غرابيب، شديدة السواد.
المعنى: ألم تشاهد أيها الإنسان أن الله خلق الأشياء المتفاوتة من الشيء الواحد، فإنه سبحانه أنزل الماء من السماء، وأخرج به ثمارا مختلفة الألوان والطعوم والأنواع، والرؤية في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ رؤية القلب، وهي المراد في آيات القرآن.
وموضوع هذه الآية مثل آية: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)[الرعد: 13/ 4] . وجعل الله بين الجبال طرقا ذات ألوان مختلفة، بيضاء وحمراء وسوداء شديدة السواد، وخلق الله أيضا الناس والدوابّ والأنعام (وهي الإبل والبقر والغنم) مختلفة الألوان في الجنس الواحد، والنوع الواحد، والحيوان الواحد، كاختلاف الثمار والجبال.
وإنما يخاف الله بالغيب أهل العلم، فهم الذين يتأملون في هذا الاختلاف بين المخلوقات، ويدركون عظمة الصانع، وقدرته على صنع ما يشاء، وفعل ما يريد، فمن كان أعلم بالله، كان أخشى له، ومن لم يخش الله فليس بعالم، فالعلم رأس الخشية وسببها، أخرج القضاعي عن أنس:«خشية الله رأس كل حكمة..» .
وأخرج الحكيم الترمذي وابن لال عن ابن مسعود: «رأس الحكمة مخافة الله» .
وقال الله تعالى: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (10)[الأعلى: 87/ 10] .
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد بن حميد وابن أبي ليلى: «أعلمهم بالله أشدهم له خشية» .
وقال مجاهد والشعبي: «إنما العالم من يخشى الله» .
إن الله قوي قادر قاهر في كل شيء، ومنها انتقامه من الكافرين، وواسع المغفرة لذنوب عباده التائبين المؤمنين. والمراد بالعالم: هو عالم الطبيعة وطبقات الأرض، والحياة، والاجتماع، والفلك ونحو ذلك. وأما العلماء بكتاب الله تعالى: فهم الذين
يتلون آيات القرآن الكريم، ويعملون بما اشتمل عليه من الفرائض والطاعات، كإقامة الصلاة في أوقاتها، والإنفاق من رزق الله وفضله في السر والعلانية، والنفقة: الصدقات ووجوه البر، فالسر من ذلك: التطوع، والعلانية: هو المفروض.
وهؤلاء يطلبون ثوابا جزيلا من الله على طاعتهم. وقوله: يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ معناه يطمعون في تجارة رابحة بما يعملون من عمل، لن تكسد ويتعذر ربحها وهذا إشارة إلى الإخلاص في العمل.
ثم ذكر الله تعالى كيفية إيفائه الأجور، فقال: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ.. والفعل لِيُوَفِّيَهُمْ متعلق بفعل مضمر تقديره: وعدهم بألا تبور تجارتهم إن فعلوا ذلك.
والمعنى: إن الله تعالى يوفي المؤمنين العاملين أجورهم كاملة، ويزيدهم من فضله، إما بمضاعفة الحسنات من العشر إلى السبع مائة، وإما النظر إلى وجه الله الكريم، وإما الشّفاعة في غيرهم لقوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس:
10/ 26] ، إن الله تعالى واسع المغفرة لذنوبهم، وافي الشكر لطاعتهم وللقليل من أعمالهم. والغفور: المتجاوز عن الذنوب الساتر لها. والشكور: المجازي على اليسير من الطاعة، المقرب لعبده منه.
إن من أعجب الأدلة وأقواها على وجود الله ووحدانيته وقدرته: عظمة خلق المخلوقات من الجمادات والأراضي والجبال والطرقات، وأنواع الحيوان، والإنسان.
وهذه الآية تتعلق بالعلوم العملية الطبيعية، ويقصد بها إقامة الحجة على كفار قريش.
وأما أهل الإيمان والعمل الصالح العاكفون على تلاوة القرآن، المقيمو الصلاة، والمنفقون من طيبات الرزق بأداء الفريضة علنا، وهي الزكاة، والتطوعات والصدقات سرا، فهم الراجون الثواب من الله ومزيد الفضل الإلهي، والله سبحانه