الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنا سمعنا قرآنا عجبا، فأنزل الله على نبيّه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ وإنما أوحي إليه قول الجنّ. وهذه ستة أخبار عن الجن في مطلع سورة الجن:
[سورة الجن (72) : الآيات 1 الى 7]
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4)
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [الجنّ: 72/ 1- 7] .
هذه حكاية أخبار ستة عن الجن:
- أولها إيمان فريق منهم بالقرآن وبمنزله، مضمون هذا الخبر: قل أيها النّبي مخبرا أمتك: بأن الجنّ استمعوا القرآن، فآمنوا به وصدّقوا به وانقادوا له، فقالوا لقومهم حين سماع سورة الجنّ: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً لما رجعوا إليهم: سمعنا كلاما مقروءا مثيرا للعجب في فصاحته وبلاغته، ومواعظه وبركاته. والجنّ: عالم مستتر عنا، لا نعرف عنه إلا ما أخبر به الوحي، وهم مخلوقون من النار.
وهذا القرآن يهدي أو يرشد إلى الحق والصواب ومعرفة الله تعالى، فصدّقنا به أنه من عند الله، ولن نشرك مع الله إلها آخر من خلقه، ولا نتخذ إلها آخر. وهذا يدلّ على أن أعظم ما في دعوة النّبي صلى الله عليه وسلم: هو توحيد الله تعالى ومحاربة الشّرك وأهله.
- وأنه تعاظم جلال ربّنا وعظمته، ولم يتخذ صاحبة وولدا، لاستغنائه عن ذلك، والمعنى: أنهم كما نفوا عن أنفسهم الإشراك بالله، نزّهوا الرّب تعالى- حين أسلموا
(1) الوحي: ما يلقى إلى الأنبياء والرّسل من عند الله تعالى.
(2)
مثيرا للعجب داعيا للغرابة.
(3)
جلال ربّنا وعظمته.
(4)
السفيه: الجاهل والذي عنده خفة وطيش.
(5)
غلوّا في الكذب وتجاوزا حدّ العدل والحق.
(6)
شيئا مكذوبا تبيّنا كذبه.
(7)
يطلبون النجاة والعون.
(8)
زادوهم طغيانا وكبرا وعتوّا.
وآمنوا بالقرآن- عن اتّخاذ الصاحبة والولد، فأثبتوا وحدانية الله، وامتناع وجود شريك له، ثم أثبتوا له القوة والعظمة، ونزّهوه عن الحاجة والضعف، باتّخاذ الصاحبة والولد.
- وأن بعض سفهاء الجنّ (الجهلة الطائشين) كانوا قبل إسلامهم يقولون قولا متجاوزا الحدّ، بعيدا عن الرشد والصواب، وعن الحق والعدل.
- وأننا حسبنا أن الإنس والجنّ كانوا لا يكذبون على الله، حينما قالوا: بأن له شريكا وصاحبة وولدا، فصدّقناهم في ذلك، ثم لما سمعنا القرآن تبيّنّا كذبهم وبطلان قولهم.
- وكنا نرى أن بعض الإنس كانوا يستعيذون في القفار ببعض الجنّ، أو يطلبون النجاة والعون، فزادوا رجال الجنّ طغيانا وغيّا، وكبرا وعتوّا. روى جمهور المفسّرين أن الرجل كان إذا أراد المبيت والحلول في واد، صاح بأعلى صوته: يا عزيز هذا الوادي، إني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك. فيعتقد بذلك أن الجنّي الذي بالوادي يمنعه ويحميه. وكانت الجن تقول عند ذلك: ما نملك لكم ولا لأنفسنا من الله شيئا. قال مقاتل: أول من تعوّذ بالجنّ قوم من أهل اليمن، ثم بنو حنيفة، ثم فشا ذلك في العرب. وأضاف قتادة قائلا: كانت الجنّ لذلك تحتقر بني آدم وتزدريهم، لما يرون من جهلهم، فكانوا يزيدونهم مخافة، ويتعرضون للتخيل لهم بمنتهى طاقتهم، ويغوونهم في إرادتهم، لمّا رأوا رقّة أحلامهم، فهذا هو الرّهق الذي زادته الجنّ بني آدم.
- وأن الإنس بني آدم الكفار ظنّوا كما ظننتم أيها الجن أنه لا بعث ولا جزاء، أو أنه لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولا يدعو إلى التوحيد والإيمان بالله ورسله واليوم الآخر. (وأن) في قوله تعالى: أَنْ لَنْ يَبْعَثَ مخففة من الثقيلة، وهي تسدّ مسدّ المفعولين لفعل (ظنّ) .