الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يستوي المؤمن والكافر في الجزاء، وكيف يستوي المؤمن بكتاب الله، المصدّق بوعده، المتأمّل فضل الله وملاقيه، والكافر الكذوب، المتمتّع بحطام الدنيا أياما قليلة، ثم يحضره الله يوم القيامة، ليتلقى العذاب المهين؟! وهذه الآية: أَفَمَنْ وَعَدْناهُ.. نزلت كما أخرج ابن جرير عن مجاهد في النبي صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل بن هشام. وقيل: في حمزة وأبي جهل.
أسئلة تقريع للمشركين يوم القيامة
ناقش القرآن الكريم المشركين في عقائدهم الفاسدة، مبيّنا لهم ما يتعرّضون له من أسئلة، وهذا غاية الصراحة والإخلاص والبيان السابق، إنهم عبدوا الأصنام والأوثان، فهل تستطيع مناصرتهم؟ ودعوا تلك الآلهة المزعومة لتخليصهم من العذاب، فلم يجيبوا، وسئلوا عن توحيد الله عز وجل وإجابتهم رسلهم، فلم يجدوا جوابا مقنعا، فأفلسوا ووقعوا في اليأس والإحباط. إن هذه المناقشة تستدعي التأمل والوعي والتفكّر، إن كان الوثنيون من ذوي العقل والرّشد، وأرادوا النّجاة والخير لأنفسهم، ولكنهم بعدوا عن مقتضى العقل، فخابوا وخسروا. قال الله تعالى واصفا هذه الحال:
[سورة القصص (28) : الآيات 62 الى 67]
وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (66)
فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)
«1» «2» [القصص: 28/ 62- 67] .
(1) دعوناهم إلى الغي، فاتّبعونا.
(2)
المراد: فعموا عن الأنباء، فقلب الأسلوب، أي خفيت عليهم.
.
هذه مواقف ثلاثة مثيرة للخجل والندم، موقعة في العجز والإحباط، مفادها التوبيخ والتأنيب للمشركين في يوم الحساب، والإشارة لقريش:
الأول- اذكر أيها النّبي يوم ينادي الله المشركين عبّاد الأصنام، إما بواسطة أو بغير واسطة، فيقول لهم: أين الآلهة التي زعمتم أنها شركاء في الألوهية؟ بمقتضى قولكم وزعمكم. والمقصود من السؤال: التوبيخ والتقريع، إذ لا جواب عندهم، وكأن ذلك موجّه أصالة للأعيان والرؤوس منهم، الذين أوقعوا غيرهم في الغواية والضّلال، تأكيدا لاستحقاقهم العذاب المضاعف، لكنهم طمعوا في التّبري من الأتباع، فأجابوا وقد ثبت عليهم مقتضى القول، ولزمهم العذاب: ربّنا هؤلاء هم الأتباع الذين آثروا الكفر على الإيمان باختيارهم وإرادتهم، وهؤلاء أضللناهم كما ضللنا نحن باجتهاد لنا ولهم، وأحبّوا الكفر كما أحببناه، فنحن نتبرأ إليك منهم، وهم لم يعبدونا، إنما عبدوا غيرنا. وهذا يعمّ جميع الكفرة، لكن الجواب من المغوين من الشياطين: الجنّ، ومن الإنس: الرؤساء والسّادة.
الثاني- نداء آخر للكفار لمعرفة ما أجابوا المرسلين الذين دعوهم إلى توحيد الله تعالى، فيقال لهم: ادعوا شركاءكم الآلهة لتخليصكم مما أنتم فيه، كما كنتم ترجون في الدنيا، فدعوهم لفرط الدهشة والحيرة، فلم يجيبوهم عجزا عن الجواب، وتيقنوا أنهم صائرون إلى عذاب النار، وودّوا حين معاينة العذاب المحيط بهم، لو أنهم كانوا مهتدين إلى الإيمان بالحق والدين القويم. وهذا توبيخ وتقريع آخر، لكشفهم أمام الناس، والله يعلم كل ذلك سلفا.
الثالث- واذكر أيها النبي يوم ينادي الله سبحانه وتعالى أهل الشرك، لمعرفة جوابهم للمرسلين إليهم، وهل استجابوا لدعوتهم لتوحيد الله تعالى، وإلى أصول الأخلاق، وعبادة الله تعالى، وإصلاح الحياة. ولكن أظلمت الأمور عليهم،