الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حال الكفار يوم القيامة
إذا لم يستجب الكافر لمنطق العقل ودلالة الحجة والبرهان، كان جاهلا غبيا، فلا ينفع معه الا التهديد والوعيد، لذا سلك القرآن الكريم هذا المسلك حينما لم يصغ المشركون لنداء العقل والمنطق، وأصروا على الكفر والضلال، فاستحقوا الوعيد والإنذار، والتخويف بالعذاب الشديد يوم القيامة، لا على مجرد تكذيبهم النبي، بل على افترائهم ووصفهم الوحي والنبوة بالإفك المفترى، أو السحر الواضح، دون أن يكون لهم دليل مقبول على ذلك من كتاب منير، أو منذر مبين، وكانوا مثل من تقدمهم من الأقوام الذين كذبوا الرسل، مع أنهم لم يبلغوا في القوة والنعم والتفوق وكثرة المال عشر معشار من قبلهم، وصف الله تعالى هذه الأوضاع بما يأتي:
[سورة سبإ (34) : الآيات 40 الى 45]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (40) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلَاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (45)
«1» [سبأ: 34/ 40- 45] .
هذه آيات وعيد للكفار، فيوم يجمع الله تعالى العابدين والمعبودين، والقادة والأتباع، ثم يسأل الله الملائكة الذين عبدتهم جماعات وثنية: أهؤلاء كانوا يعبدونكم، وأنتم أمرتموهم بعبادتكم؟ وهذا سؤال تقريع وتوبيخ أمام الخلائق،
(1) المعشار: بمعنى العشر، وقيل: عشر العشر أي واحد بالمئة، أو عشر العشر الذي هو عشر العشر، أي واحد بالألف.
ليسمع الآخرون. فقالت الملائكة: سبحانك، أي تنزيها لك يا رب عن الشريك وعما فعل هؤلاء الكفرة، نحن عبيدك، وأنت مولانا وناصرنا، ومتولي أمورنا، ونتبرأ إليك منهم، ولم نتخذهم عابدين، بل إنهم كانوا يعبدون الشياطين، أكثرهم مصدّقون بهم، فيما يلقون إليهم من الوساوس والأكاذيب. فقولهم أَنْتَ وَلِيُّنا يريدون به البراءة من أن يكون لهم علم أو رضا أو مشاركة في أن يعبدهم البشر.
ثم يعلن الله إفلاس المشركين، ففي يوم القيامة لا يملك أحدهم للآخر نفعا ولا ضرا، ولا يتحقق لهم منفعة من الأصنام والمعبودين، ولا يجلبون لهم ضررا أو سوءا.
وحينئذ يقول الله توبيخا وتقريعا للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والضلال: ذوقوا عذاب جهنم، الذي كنتم تكذبون بوقوعه في الدنيا، فأنتم الآن في حميم النار، وفي لظى السعير.
وأسباب استحقاق الكفار نار جهنم ثلاثة: الطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن المجيد، وبالإسلام كله.
أما الطعن بالنبي: فإذا تليت عليهم آيات القرآن الواضحة الدالة على إثبات التوحيد، وإبطال الشرك قالوا: ما هذا الرجل، أي محمد إلا رجل يريد صرفكم عن دين الآباء والأجداد من عبادة الأصنام.
وأما الطعن بالقرآن: فإنهم يقولون أيضا: ما هذا الكتاب، أي القرآن إلا إفك مفترى، أي كذب مختلق من قبل محمد، ويدعي أنه من عند الله.
وأما الطعن بالإسلام كله: فإنهم يقولون: ما هذا الدين أو الإسلام إلا سحر ظاهر، بما اشتمل عليه من استجلاب النفوس واستمالة الأسماع. تعالى الله عن أقوالهم، وتنزه شرع الله عن طعنهم.
إنهم يقولون بآرائهم الباطلة هذه الأقوال، من وصف كتاب الله بالسحر أو