الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة غافر (40) : الآيات 56 الى 65]
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (65)
«1» «2» «3» [غافر: 40/ 56- 65] .
أخبر الله تعالى عن أولئك المشركين الكفرة الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان، وهم يريدون بذلك طمسها، أنهم ليسوا على شيء فلا حجة لهم ولا سلطان أو برهان مقبولا لهم، ليس في صدورهم وضمائرهم إلا التكبر والتعاظم عن قبول الحق، وحسد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من الفضل والنبوة، ولا يستطيعون بلوغ آمالهم بسبب ذلك الكبر، ولا محققي إرادتهم في أن تكون لهم الرياسة والنبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فاستعذ بالله أيها النبي والتجأ إليه في كل أمورك، من كل
(1) أي إن في نفوس قريش كبرا وأنفة على النبي حسدا منهم على فضل الله عليه، وليسوا ببالغي آمالهم وإرادتهم فيه.
(2)
صاغرين أذلاء.
(3)
أي تصرفون.
مستعاذ منه، ومن شرورهم، لأن الله يسمع أقوالك وأقوال مخالفيك، وهو بصير بمقاصدهم ونياتهم، ومجاز كل واحد بما استوجبه.
ثم وبخ الله تعالى هؤلاء الكفار المتكبرين على ضلالهم، وذكّرهم بعظمته وقدرته، بأدلة كثيرة، منها أن خلق السماوات والأرض وما فيهما أكبر بكثير من خلق الناس، بدءا وإعادة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون بعظيم قدرة الله، ولا يتأملون بهذه الحجة الدامغة الدالة على قدرة الله تعالى.
ومثل المجادل بالباطل في مواجهة المحق والمتفكر والمتعظ كمثل الأعمى والبصير، ولا يتساوى الاثنان، فلا يتساوى المجادل بالباطل أو الكافر الذي لا يتأمل بآيات الله الكونية، ولا المجادل بالحق أو المؤمن الذي يتفكر في آيات الله ويتعظ بها.
وكذلك لا يستوي المحسن بالإيمان والذي يعمل الصالحات من أداء الفرائض والطاعات، والمسيء بالكفر والعاصي الذي يغفل دور الآيات ويتنكر للطاعات، فما أقل ما يتذكر كثير من الناس ويتعظ بهذه الأمثال! ثم أخبر الله تعالى عن وقوع القيامة حتما، فإن يوم القيامة آت لا ريب في مجيئه ووقوعه، فآمنوا أيها الناس به إيمانا قاطعا، لا شك فيه، ولكن مع الأسف أكثر الناس لا يؤمنون ولا يصدقون بالآخرة.
وطريق النجاة في الآخرة واضح وهو طاعة الله وعبادته، وقال الله: من دعاه أجابه، فالدعاء مخ العبادة، وإن الذين يتكبرون ويتعاظمون عن دعاء الله وعبادته وحده، سيدخلون حتما جهنم صاغرين أذلاء.
ومن أدلة قدرة الله على البعث وغيره: أنه سبحانه أوجد تعاقب الليل والنهار وجعل الليل للسكن والهدوء والراحة، وجعل النهار مضيئا منوّرا لإبصار الحوائج، وطلب المعايش، ومزاولة الصناعة والتجارة والزراعة وغيرها من الحرف والمهارات