الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 170]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَاّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (161) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (162) إِلَاّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163)
وَما مِنَّا إِلَاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)
«1» «2» «3» [الصافات: 37/ 149- 170] .
هذه مناقشات للقرشيين المشركين في مكة في عقائدهم، حول إثبات التوحيد، ونفي الشرك، وإثبات البعث يوم القيامة. بدأت بعبارة الاستفتاء أي السؤال بمعنى التوبيخ والتقريع على أقوالهم المفتراة، فاسألهم يا محمد على سبيل التوبيخ والتأنيب:
كيف تجعلون لله البنات، وأنتم تكرهونهن أشد الكره، ولكم البنون الذين تحبونهم وتعتمدون عليهم في الغزو وتقوية القبيلة؟
إنها قسمة جائرة، وتوزيع عجيب غريب، ينسبون لله النوع الذي لا يختارونه لأنفسهم، كما جاء في آية أخرى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (22)[النجم: 53/ 21- 22] أي جائرة.
بل كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث، وما شاهدوا خلقهم؟ فمثل ذلك الحكم يحتاج لمشاهدة، وهم لم يشاهدوا بدء خلق الملائكة، فلا دليل لهم على مزاعمهم. ألا إن قولهم هذا من محض الكذب والافتراء، الذي لا دليل عليه ولا شبهة دليل، وإن
(1) أي الملائكة، سموا بذلك لاستتارهم عن الأبصار، جعلوا بينهم وبين الله مصاهرة وصلة.
(2)
بحاملين على الفتنة والإضلال.
(3)
أي الداخل النار. [.....]
حكمهم في غاية الجور، فأي شيء يجعل الله مختارا البنات دون البنين؟! ما لكم تتورطون في هذا الحكم الظالم؟ أفلا تتدبرون بعقولكم وتتفكرون في أنفسكم، فتتذكروا بطلان قولكم؟! بل ألكم حجة واضحة على هذا القول، فإن كان لكم برهان، فهاتوا برهانكم على ذلك، إن صدقتم في ادعائكم؟
وتكرار هذه الاستفهامات لتكرار التوبيخ والتبكيت والإنكار الشديد على أقوال المشركين في مكة. ومن أعظم افتراءات بعضهم وهم بنو مدلج أنهم جعلوا مصاهرة ونسبا بين الله تعالى وبين الجنّة، أي الملائكة، فقالوا: الملائكة بنات الله، ووصفوا بالجنّة، لاستتارهم عن الأبصار. وتالله لقد علمت الملائكة علما يقينيا أن أولئك المشركين لمجموعون للحساب والعذاب في النار، لكذبهم وافترائهم هذا.
تنزيها لله تعالى، وتقديسا له، عن كينونة ولد له، وعما يصفه به الظالمون المشركون، من أوصاف مفتراة.
نزلت هذه الآية كما نقل الواحدي عن المفسرين في قريش وأجناس من العرب:
جهينة وبني سلمة وخزاعة، وبني مدلج أو بني مليح قالوا: الملائكة بنات الله. لكن عباد الله المخلصين وهم المتبعون للحق المنزل على رسله الكرام هم ناجون، فلا يساقون إلى عذاب النار، وهذا استثناء منقطع.
ثم أعلن الله تعالى مدى عجز المشركين عن إضلال أحد، حيث خاطبهم: فإنكم وآلهتكم التي تعبدونها من دون الله لا تقدرون على فتنة أحد عن دينه، وإضلاله، إلا من هو أضل منكم، ممن هو داخل نيران الجحيم، في علم الله تعالى، وهم المصرّون على الكفر.
ثم نزّه الله تعالى الملائكة مما نسبوا إليه من الكفر بهم والكذب عليهم، حيث أورد الله تعالى ذلك على لسان الملائكة بما قالوه: ليس منا ملك إلا له مرتبة معلومة