الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- كما تقدم-: نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان ارتدت، فتزوجها رجل ثقفي، ولم ترتدّ امرأة من قريش غيرها.
وفي الجملة: على الكفار ردّ مهر المرأة العائدة إلى دار الكفر، فإن ردّوه تحقّق المطلوب، وإلا فمن غنائم الحرب العائدة منهم.
بيعة المهاجرات
من المعلوم أن رسالة الإسلام عامة للإنس والجن، للعرب وغيرهم، وللعالم كله، ذكورا وإناثا، لإصلاح الحياة البشرية بنمو متوازن، فتعمّ الاستقامة، ولا يبقى فيها زاوية في المجتمع دون ترميم أو إصلاح، لذا كانت بداية دعوة النّبي صلى الله عليه وسلم إلى دين الله وتوحيده، موجهة للرجال والنساء معا، عن طريق البيعة أو المعاهدة، فكانت بيعة الرجال أولا، ثم بيعة النساء، قبل فرض شريعة القتال، ولما فرغ النّبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعمر أسفل منه يبايع النساء، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبلغهن عنه. وهذا ما أخبرت به الآيات الآتية:
[سورة الممتحنة (60) : الآيات 12 الى 13]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13)
«1» «2» «3» «4» [الممتحنة: 60/ 12- 13] .
(1) البهتان: أسوأ الكذب، والمراد هنا: أن تنسب المرأة إلى زوجها ولدا ليس له.
(2)
يختلقن نسبة الولد إلى الزوج.
(3)
المعروف: كل ما ندب إليه الشرع من الحسنات، ونهى عنه من المستقبحات.
(4)
عامة الكفار ومنهم اليهود. [.....]
نزلت الآية الأولى يوم فتح مكة، فإنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء.
أخرج البخاري عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجرن إليه بهذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ.. الآية، فمن أقرّت بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«قد بايعتك» كلاما، ولا، والله ما مسّت يده يد امرأة في المبايعة قط، ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك» .
والمعنى: إذا جاءك أيها النّبي المؤمنات بالله ورسوله، يعاهدنك ويقصدن مبايعتك على الإسلام والطاعة، فبايعهن على ألا يشركن بالله شيئا من وثن أو حجر أو ملك أو كوكب أو بشر، ولا يسرقن من أموال الناس شيئا، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، أي بالوأد وغيره، وهو ما كانت تفعله الجاهلية من وأد البنات، ولا يلحقن بأزواجهن أولادا ليسوا لهم.
ولا يعصينك في أمر معروف: وهو كل ما وافق طاعة لله، أي كل ما أقرّ به الشّرع، أو نهى عنه، كالنهي عن النّوح وتمزيق الثياب، وجزّ الشعر، وشقّ الجيب، وخمش الوجوه، والدعاء بالويل، والخلوة بالأجنبي غير المحرم، فبايعهن، واطلب من الله المغفرة لهن، بعد هذه المبايعة منك، إن الله واسع المغفرة لذنوب عباده التائبين، رحيم بهم، فلا يعذبهم بما اقترفوه قبل الإسلام.
وكانت بنود بيعة النساء هذه، قد بويع بها الرجال أيضا.
روى البخاري عن عبادة ابن الصامت قال: كنا عند النّبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا» ؟ قرأ آية النّساء، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا، فعوقب، فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا، فستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له منها» .
لقد أجمع الصحابة على أن النّبي صلى الله عليه وسلم لم تمسّ يده الشريفة يد امرأة أجنبية،
أخرج
البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت- كما تقدم-: فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد بايعتك» كلاما، ولا والله ما مسّت يده يد امرأة في المبايعة قط، ما يبايعهن إلا بقوله:«قد بايعتك على ذلك» .
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والنّسائي وغيرهم عن أميمة بنت رقيقة: «.. قلن: يا رسول الله، ألا تصافحنا؟ قال: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» . وفي لفظ آخر: «إني لا أصافحكن، ولكن آخذ عليكن ما أخذ الله» .
ثم أكّد الله تعالى النّهي عن موالاة الكفار الأعداء كما بدأ سورة الممتحنة، فقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً.. أي يا أيها المؤمنون برسالة الإسلام لا تتخذوا اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليهم، ولعنهم، واستحقّوا الطرد والإبعاد من رحمته أنصارا وأصدقاء، وقد يئسوا من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عز وجل، وأصبحوا لا يوقنون بالآخرة، بسبب كفرهم وعنادهم، كيأس ذلك الكافر من الرحمة في قبره، وذلك لأنه قد رين (غطّي) على قلوبهم، وحملهم الحسد على ترك الإيمان، وغلب على ظنونهم أنهم معذّبون، وهذه كانت صفة كثير من معاصري النّبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ القوم: إما كفار قريش في رأي ابن عباس، ويكون معنى قوله تعالى: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ كما يئس بقية الكفار في قبورهم من لقاء بعضهم بعضا، لأن اعتقاد أهل مكة في الآخرة كاعتقاد الكافر في البعث ولقاء موتاه. وإما أن المراد بهم هم اليهود في رأي ابن زيد والحسن البصري ومنذر بن سعيد، ويكون معنى قوله تعالى: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ: كما يئس الكفار من الرحمة إذا مات وكان صاحب قبر.
والآية نزلت، كما أخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن عمر، وزيد بن الحارث يوادّان رجلا من يهود، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية.