الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذراعه؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول، ثم ساورهم، فأتاه جبريل فقال مثل مقاله، وأتاه بجواب ما سألوه عنه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية.
نفخة الصور وتوابعها
لكل شيء مخلوق نهاية، والدوام والخلود ابتداء وبقاء هو لله تعالى، والنهاية الحتمية للمخلوقات جميعها تكون يوم القيامة، وهي أمر سهل على الله تعالى، لأن من ملك البدء في الخلق، أمكنة الإعادة، وهما سواء بالنسبة للخالق عز وجل، ونهاية الكون تكون بنفخات ثلاث: الأولى صعقة الفزع، وهي ليست مذكورة في الآيات الآتية، ثم نفخة الصور للإماتة، ثم نفخة البعث من القبور، وهاتان النفختان مذكورتان في الآيات الآتية، ويتبع ذلك فصل الخصومات أو المنازعات بين الناس، على منهج الحق التام والعدل المطلق، ثم إيصال الحق لصاحبه. قال الله تعالى واصفا هذه الأحداث الجسام:
[سورة الزمر (39) : الآيات 68 الى 75]
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (75)
«1»
(1) الصور: القرن أو البوق الذي ينفخ فيه قبل القيامة.
[الزمر: 39/ 68- 75] .
من تمام مظاهر قدرة الله تعالى: النفخ في الصور ليصعق الأحياء من أهل الدنيا والسماء، والنفخات ثلاث كما ذكرت: نفخة الفزع «1» ، ولم تتضمنها هذه الآية، فاذكر أيها النبي حين ينفخ إسرافيل في الصور للإماتة، والصور قرن أو بوق، فيخرّ ميتا جميع أهل السماوات والأرض، إلا من شاء الله ألّا يموت حينئذ كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل حيث يموتون بعد ذلك، ثم ينفخ إسرافيل نفخة أخرى للبعث من القبور، فيقوم الناس أحياء من قبورهم، ينظرون أهوال يوم القيامة، وينتظرون ماذا يفعل بهم، بعد أن كانوا عظاما بالية، ورفاتا مفتتة كالتراب.
روي أن بين النفختين أربعين سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة، لا يدري الراوي أبو هريرة ذلك، كما روى البخاري.
وتكون أحوال القيامة على النحو التالي:
1-
4: تضيء الأرض في المحشر بتجلي الحق للخلائق لفصل القضاء، ويوضع سجل أو صحائف الأعمال لبني آدم بين يدي أصحابها، إما باليمين أو بالشمال ويجاء بالأنبياء إلى الموقف ليسألوا عما أجابتهم به أقوامهم، ويجاء أيضا بالشهود الذين يشهدون على الأمم، من الملائكة الحفظة التي تقيّد أعمال العباد. والشهداء: جمع شاهد، والمراد بالشهود: أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين جعلهم الله تعالى شهداء على الناس.
(1) ثبت في بعض الأحاديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قبل الموت صعقة الفزع
وتكون توابع الحشر والنشر والحساب والجزاء كما يلي:
1-
4: يقضي الله بين العباد بالحق والعدل والصدق، ولا يظلم ولا ينقص شيء من ثوابهم، ولا يزاد في عقابهم، ويكون الجزاء على قدر أعمالهم، وتوفى أو تعطى كل نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، والله أعلم من كل أحد بما يفعل العباد في الدنيا، من غير حاجة إلى كاتب أو حاسب أو مسجل، ولكن وضع الكتاب أو صحف الأعمال وشهادة الشهود والأنبياء لإلزام الناس بالحجة وقطع المعذرة. ثم أبان الله تعالى حال الأشقياء وحال الأتقياء.
فيساق الكافرون سوقا عنيفا بزجر وتهديد إلى جهنم، جماعات متفرقة، حتى إذا وصلوا إليها، تفتح لهم أبوابها السبعة، ليدخلوها ويعاقبوا فيها. وتقول لهم خزنة النار من الملائكة، على وجه التقريع والتوبيخ: ألم يأتكم رسل من جنسكم تأخذون عنهم، ويتلون عليكم آيات الله التي أنزلها لإقامة الحجة على صحة ما دعوكم إليه، ويحذرونكم شر هذا اليوم، فأجابوا بقولهم: بلى، جاءونا وأنذرونا، ولكن كذبناهم وخالفناهم، ووجبت كلمة العذاب على من كفر بالله وأشرك. فتقول لهم الملائكة:
ادخلوا في أبواب جهنم التي فتحت لكم، مقدّرا لكم فيها الخلود والبقاء والدوام إلى الأبد، فبئس المقر الدائم جهنم، بسبب تكبركم في الدنيا عن اتباع الحق.
وأما الأتقياء الذين اتقوا الشرك، وهم كل من يدخل الجنة من المؤمنين:
فتسوقهم الملائكة إلى الجنة بإعزاز وتكريم، جماعات متعاقبة، حتى إذا وصلوا إلى أبواب الجنة الثمانية، بعد تجاوز الصراط فتفتح لهم أبوابها الثمانية، والواو في قوله:
وَفُتِحَتْ واو الحال، للدلالة على فتح الأبواب سابقا، وعلى الترحيب بهم، ولاستعجال السرور قبل الدخول إذا رأوها مفتوحة، وصيانة لهم عن المذلة التي يلقاها من يجد الباب مغلقا في وجهه. وتقول لهم خزنة الجنة: سلام لكم من كل آفة ومكروه، طابت أعمالكم وأقوالكم وسعيكم في الدنيا، فادخلوا الجنة ماكثين فيها على الدوام.
وقال هؤلاء المؤمنون الأتقياء: الحمد لله الذي أنجز لنا وعده على ألسنة الرسل، وجعلنا ورثة جنان الخلد، ننزل فيها أي مكان شئنا، فنعم الأجر أجرنا على عملنا ونعم أجر العالمين: وهو الجنة.
وترى أيها السعيد أن الملائكة تحيط بالعرش المجيد، ينزهون الله عن أي نقص أو شبيه، ويمجدونه ويعظمونه، ويفصل بينهم فصلا بالحق والعدل، ويقولون: سبحان الله وبحمده، فهو رب جميع العالمين من إنس وجن.