الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعلت في تدمير الأمم أو الأقوام الغابرة، وذلك قبل أن يموت الإنسان ويفاجأ بقيام القيامة، وهذا ما أخبر عنه القرآن الكريم في الآيات الآتية:
[سورة النجم (53) : الآيات 42 الى 62]
وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (46)
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (50) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (51)
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (53) فَغَشَّاها ما غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (55) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (56)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (61)
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» [النجم: 53/ 42- 62] .
- إن المرجع والمصير إلى الله تعالى يوم القيامة، لا إلى غيره، فيجازي المخلوقات بأعمالهم، وهذا ترهيب للمسيء، وترغيب للمحسن.
- والله هو الذي أضحك من شاء في الدنيا بأن سرّه، وأبكى من شاء بأن غمّه.
والمراد أن الله خلق ما يسرّ من الأعمال الصالحة، وما يسوء ويحزن من الأعمال السيئة، وهذا دليل القدرة الإلهية.
أخرج الواحدي عن عائشة قالت: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يضحكون، فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا، فنزل عليه جبريل عليه السلام بقوله: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (43) فرجع إليهم، فقال: ما خطوت أربعين
(1) المرجع والمصير يوم القيامة إلى الله تعالى.
(2)
تصب في الرحم.
(3)
الخلقة الأخرى بعد البعث.
(4)
أعطى المال وأكسب ما يقتنى كالأثاث وغيره، وقيل: أفقر.
(5)
الكوكب المضيء، نجم في السماء، وهما شعريان: الغميصاء والقبور لأنها عبرت المجرّة، وكانت خزاعة ممن يعبد هذه الشعرى.
(6)
قرى قوم لوط قد قلبها وخسف بها.
(7)
لاهون وغافلون.
خطوة، حتى أتاني جبريل عليه السلام، فقال: ائت هؤلاء، وقل لهم: إن الله عز وجل يقول: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (43) .
- وأنه تبارك وتعالى أمات من شاء وأحيا من شاء.
- وأنه هو الذي خلق الصنفين: الذكر والأنثى من كل إنسان أو حيوان، من قطرة ماء يصبّ في الرحم، ويتدفق فيه. ثم ينفخ الله الروح في النطفة فتصير شيئا حيا.
- وأن على الله تعالى إعادة الأرواح إلى الأجساد عند البعث والنشور والحشر، فكما خلق الله الإنسان من البداءة، هو قادر على الإعادة، وهي النشأة الأخرى يوم القيامة.
- وأنه سبحانه وحده الذي أغنى من يشاء من عباده، وأفقر من يشاء منهم، بحسب الحكمة والمصلحة للخليقة. وكلمة أَغْنى قال حضرمي: معناه أغنى نفسه.
ووَ أَقْنى أفقر عباده إليه. وقال الأخفش: أغنى: أفقر. قال ابن عطية: وهذه عبارات لا تقتضيها اللفظة، والوجه فيها بحسب اللغة: أكسب ما يقتنى. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أقنى: أقنع.
- وأنه تعالى رب هذا النجم المضيء الذي يطلع خلف الجوزاء في شدة الحر، وهما شعريان: إحداهما الغميصاء «1» ، والأخرى: العبور، لأنها عبرت المجرّة، وكانت خزاعة ممن يعبد هذه الشعرى. وأول من سن عبادتها أبو كبشة من أشراف العرب، وكانت قريش تطلق على الرسول صلى الله عليه وسلم:(ابن أبي كبشة) تشبيها له به، لمخالفته دينهم، كما خالفهم أبو كبشة، وكان من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه.
- وأنه تعالى دمر وأفنى قوم هود عليه السلام، وهم عاد القدماء، وهي أول أمة
(1) سميت بذلك لأنها بكت على إثر العبور حتى غمصت، أي صغرت، وهذا كناية عن قلة ضوئها.
أهلكت بعد نوح، وكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله ورسوله، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية، وعاد الأخرى: هي ثمود قوم صالح.
- وأهلك قبيلة ثمود، كما أهلك عادا، ودمرهم بذنوبهم، فلم يبق منهم أحدا.
- وأهلك الله قوم نوح من قبل هذين الفريقين: عاد وثمود، إنهم كانوا هم أظلم من عاد وثمود، وأشد طغيانا منهم، وأكثر تمردا وتجاوزا للحد من الذين أتوا من بعدهم، لأنهم بدؤوا بالظلم.
- وخسف الله مدائن قوم لوط، بجعل عاليها سافلها، أسقطها جبريل عليه السلام بعد أن رفعها، ثم أمطر عليها حجارة من سجيل منضود، فغطاها بالعذاب على اختلاف ألوانه، وهذا أسلوب فيه تفخيم وتهويل لأمر العذاب.
- فبأي نعم ربك أيها الإنسان المكذب تتشكك وتمتري.
- هذا القرآن ورسول الله نذير مخوف محذّر من جملة النذر المتقدمة، لأن القرآن منذر كالكتب السماوية السابقة.
- اقتربت القيامة، ليس هناك أحد قادر على كشفها والاعلام عنها إلا الله تعالى، لأنها من أخفى المغيبات، فاستعدوا لها قبل مجيئها بغتة، وأنتم لا تشعرون.
- كيف تعجبون من صحة القرآن، تكذيبا منكم، وتضحكون منه استهزاء، وتسخرون من آياته، ولا تبكون كما يفعل الموقنون، وأنتم لاهون عنه، غافلون معرضون؟! فاسجدوا أيها المؤمنون شكرا على الهداية، واخضعوا لله، وخصوه بالعبادة، فهو المستحق لذلك.